هل يوجد للمؤمن الحقيقي بالمسيح حياتين حياة الجسد وحياة الروح وكيف يمكن الاتفاق بينهما
لكي يستفاد منه الجميع وكان السؤال كالآتي
كيف يتفق سعينا إلى الله وجهادنا الروحي مع أعمالنا اليومية على الأرض ، من مذاكرة أو عمل يدوي أو أي أعمال تخص الجسد وتسدد احتياجاته !!!!
فهل يوجد للمؤمن الحقيقي بالمسيح يسوع ومن يعيش الحياة المسيحية الحقيقية حياتين ، حياة حسب الجسد وحياة حسب الروح وكيف يمكن أن يتفقا معاً ؟!!!
_____الإجابة_____
لا يوجد للمؤمن الحقيقي بالله حياتين ، حياة روحية مظهرها الصلاة والتأمل وقراءة الكلمة والعبادة المشتركة في الكنيسة … الخ ، وحياة مظهرها العمل الجاد والمذاكرة وأداء المهام اليومية العادية المادية في كل شيء و حتى في المأكل والملبس …
بل هي حياة واحدة متصلة وغير منقسمة قط لا ترتبط بالمظاهر الشكلية بل ترتبط بالجوهر أي بعمل وحضور الله فينا وقربنا منه ، فكل حركة وفكر وكلمة ، يعيش الإنسان في محتواها كلياً في المسيح الرب الذي هو ساكن في قلبه وهو قريب منه ويطلبه بكل صدق القلب : ” به نحيا ونتحرك ونوجد ” ( أع 17: 28 ) ، ” وعن كل واحد منا ليس ببعيد ” ( أع 17 : 27 ) ، بل هو قريب متداخل إلى حد الإتحاد الإرادي أي نريد أن نعمل : ” الله العامل فيكم أن تريدوا وأن تعملوا ” ( في 2: 13 ) ؛ لذلك يفرح كل من يحيا مع الله بعمله وينجح فيه ، حتى لو أخفق ( أو بلغة الناس الغير دقيقة فشل ، مع أنه إخفاق وليس فشل ) مرة أو مرات ، بل سيتمسك بعمله لأنه يمسك بالمسيح الكلمة الحي فيه …
فالإيمان الحي والحقيقي يعني الثقة في الله والتمسك به والإتكال عليه في كل أمور الحياة ،والإيمان يستدعي أن نكون جادين صادقين في العمل لأننا نمجد الله فيه وبه !!!
الله موجود في العالم وحاضر معنا في كل حياتنا ، وليس هناك مفارقة بين عملنا على الأرض وطلب الحياة الأبدية ، لأن عملنا هنا تمجيد لله واستعلانه فينا ومن خلال عملنا ، فالعمل إما يكشف عن وجود الله فينا أو يكشف عن غيابه تماماً، ومن هنا يظهر سرّ الصبر في العمل ، بل واحتمال المشاكل والضيقات التي تفوق احتمال الإنسان العادي ، بل هو سرّ تجلي العمل الذي يسمى بالنجاح معلناً عن العنصر الإلهي الكامن فيه والذي يهدف للشهادة الحية لله في وسط العالم والمجتمع …
فما أعجب يد الإنسان عندما يحركها الله !
وما أعجب عقل الإنسان حينما يغشاه نور الله !
وفي الحقيقة أن كل عمل يقع في أيدينا مضمون بضمان حضور الله وهذا يشع فينا إحساساً عميقاً بالأمان لأن الله فينا ونحن فيه وبه نتحرك ونوجد …
المشكلة كلها تكمن في أن أحيانا كثيرة جداً حينما نتذوق عمل الله وعمله فينا ومعنا ، بل وسنده لينا وسط المحن والتجارب بل وأيضاً وسط نجاحنا ونحن في بداية الطريق مع الله ولم نكتسب بعد خبرة الطريق الروحي ونلنا موهبة الإفراز واستعجلنا في فهم الأمور ، نصاب – عادة – بالتواكل ونفتخر بأن الله سبب في نجاحنا بدون أي مجهود ، غير عالمين أنه مجرد تشجيع طفولي لنا لازم ننضج منه لئلا نخسر التحرك نحو الله وقوة تمجيده في حياتنا ونبتعد عن الطريق الروحي ، وعوض أن نمجد الله ، بسببنا يُجدف على الاسم الحسن بسبب إخفقنا وتواكلنا بسلبية غير سوية على الله القدوس الذي وهب كل إنسان عقل ومواهب ليعمل بها ولا يهملها !!!
فالرب نفسه يعمل مع ضعف الإنسان لا مع قوته ، فمن جهة يحس الإنسان بمنتهى ضعفه مُحجماً عن إقحام نفسه في الأعمال ويريد أن يتهرب منها ، ولكن يسوقه الرب ليتعب ويبذل كل طاقاته ليعمل رغماً عنه ، وعند النجاح يتيقن الإنسان وعن برهان أن الله هو العامل فينا أن نشاء وأن نعمل !!
فيا إخوتي لا تهملوا أعمالكم تحت اي حجة أو شكل أو بند ، بل انتبهوا لها وجاهدوا وابذلوا واجتهدوا بكل إخلاص وأمانة لنفس الأخير ، لأن المؤمن الحقيقي المتكل على الله يبذل حياتة ويفنيها لأجل مجد الله ولحساب ملكوته الخاص ، ويعمل كل الأعمال بنشاط ومحبة المسيح الرب من وهب لنا كل طاقات الجسد لنعمل بها باجتهاد ونشاط الروح لأجل مجد الله ولأجل أن كل من يرى جديتنا وأعمالنا يمجدوا أبانا السماوي ليشهدوا قائلين حقاً الله فيهم ، فنصير أمام الجميع الوجه المنظور لله الغير منظور …
أهديكم أرق مشاعر المحبة طالباً من الله أن يعطيكم ويعطي الجميع قوة العمل الحلو في حضوره وبقوته حتى يتمجد فينا وبنا كل حين آمين