الأبــــــــــــداع
” فاض قلبي بكلام صالح . متكلم أنا بإنشائي للملك . لساني قلم كاتب ماهر . أنت أبرع جمالاً … انسكبت النعمة على شفتيك … كل ثيابك مُرٌّ وعُود وسليخة ( أنواع مختلفة من العطور الطبيعية الثمينة ) ” (مز45 : 1و2و8 )
” كالتفاح بين شجر الوَعر كذلك حبيبي بين البنين .. شماله تحت راسي ويمينه تعانقني … حبيبي شبيه بالظبي أو بَغُفْر الآيائل … حبيبي ابيض وأحمر . مُعلم بين ربوة . رأسه ذهب إبريز . قُصصهُ مسترسلة حالكة كالغراب . عيناه كالحمام على مجاري المياه مغسولتان باللبن ..” (راجع نشيد الأناشيد )
من منطلق الكتاب المقدس وبالتحديد سفر نشيد الأناشيد والمزامير ، نستطيع أن نقول بكل تأكيد ، أن الإنسان أستطاع – بالنعمة – أن يُجسد أحساسة عن اللاهوت أي الله ، مستخدماً إحساسه الفني والشعري – بمنتهى الدقة – بحس مرهف ومشاعر فياضة من حب أصيل ” الحب المنسكب في قلوبنا بالروح القدس المعطى لنا (رو5: 5 ) ” ، وعلى الأخص في العهد الجديد ، عهد تجديد الطبيعة والميلاد من فوق ونوال سرّ الروح القدس وسكناه ، أصبح قادر أن يفصح عن جمال الله وانسجامه مع البشر وسائر المخلوقات .
الفن ، هو فن مصنوع باليد إنما نابع من حركات النفس الممتلئة بالروح ، أي الجسد تحرك بالحب وأصبح مملوكاً بروح الله الذي مسح الموهبة ونقاها لتخرج إبداع فني يعبر عن حلاوة مجد الله في الإنسان …
لذلك الفن الكنسي يتطلب من صانعه أن يكون لاهوتياً من الدرجة الأولى ، إنسان يحيا التوبة بكل أتساعها ممتلئ بالروح وحياة التقوى ، ويحيا في جو الليتورحيا وشركة الإفخارستيا وكما يقول سمعان اللاهوتي :
لذلك الفن الحقيقي والأصيل هو : ” صلاة تأمل ”
والفنان المسيحي يعتني بنقل حرارة الروح القدس والجو الإلهي الذي يتدفق كالسيل في حياته ، ويجتهد في أن يشع إيمانه من خلال عمله الذي يتجرد فيه من نظرته الخاصة للأشياء ، بل يُعلن بفنه الأمور كما هي في جوهرها ، التي تعكس صورة الله وبهاء مجده التي رآها بنفسه ، وخطت على جدران قلبه بنور الله وعمل الروح القدس …
عموماً الفن هو الوجه المنظور لعمل الله غير المنظور في أعماق القلب البشري بالروح القدس .
فالفن مرآة التجسد الإلهي – في الكنيسة – والمثل الظاهر الحي لإعادة المادة إلى ما أراده الله منذ البدء من بهاء وتناسق وانسجام لتعكس صورته أمام الجميع في صمت المحبة التي تنطق بها .
شوقنا إليك يلهب قلوبنا ويشعلها ، فمن يطفئ هذا اللهيب المتقد سوى رؤياك
أعطنا نعمة البصيرة المفتوحة بنورك لنراك متجلياً في الخليقة كلها وكل ما تمتد إليه أيدينا ، وهبنا أن نُخبَّر بفضل نعمتك بمواهبك التي أنعمت بها علينا.
أيها الأحباء الغاليين جداً في ربنا يسوع
أنها الآن ساعة لنستيقظ ونطلب الله ، كي ما يكسينا ثوب النعمة ، ويجعلنا منقادين بروحه القدوس الذي أنسكب وتدفق على آبائنا العظام ، حتى نصير للعالم كله حركة وبركة وقوة ونور وقيادة صالحة .
وأن يصير لنا الروح القدس عوناً وقائد عظيم نستسلم له ، وتيقنوا أن حتى في ضعفنا الشديد ستظهر قوة الله بوضوح ، فالروح القدس لا يبالي بضعفنا ، إذ كنا حقاً نطلبه ونشتاق إليه ونسعى في أثره …
يا أحبائي ، لا تنظروا إلى أنفسكم وكم أنتم ضعفاء أو خطاة ، بل أنظروا إلى شخص المسيح الحي وملامحه التي فيكم ، فأنتم جديرين بالله لأنكم صورته ومثاله بل وأبناءه …
لو نشعر بخطيئتنا الثقيلة ، فلنأتي إليه لأنه هو غفراننا ، لا تصدقوا أنفسكم وتظنوا أنكم غير مقبولين عنده ، هذا خداع الشر الزائف ، فإن أردتم يسوع تمسكوا بيه واصرخوا إليه لن نتركك أبداً مهما كنا من ضعف أو مرض أو موت …
لا تجعلوا مواهبكم بعيدة عن مسحة الروح القدس بل تقدموا لله بتوبة وإرادة واعية وبإصرار أن تتمسكوا به للنفس الأخير ، ودعوه يمسح مشاعركم ومواهبكم وكل حركات نفوسكم بالروح القدس
لنقوم بثورة على أنفسنا ولا نكف قط عن مناداته مهما كانت أحوالنا أو ظروفنا ، ولنتقدم للكتاب المقدس والإفخارستيا والصلاة بكل حب وإصرار وبلا توقف ، وإن توقفنا لا نخور بل نعود نمسك به مرة أخرى بإصرار .
يا أحبائي – أكرر ما قلته سابقاً آلاف المرات – لا تنظروا أبداً على أنفسكم وكم أنتم ضعفاء أو خطاه ، أنظروا لشخص المسيح وملامحه فيكم ، فأنتم حقاً جديرين بالله
كونوا جميعاً معاً معافين باسم الثالوث القدوس