صلاة الوردية (2 )
من الرسالة الباباويّة التي صدرت في 16 تشرين الأول 2002
Rosarium VIrginis Mariae
Du Pape Jean Paul II
“بعد انتقالنا من طفولة يسوع ومن حياته في الناصرة إلى حياته العلنيّة، نصل إلى التأمل بالأسرار التي يمكننا أن ندعوها باسم خاص “أسرار النور”. وبالواقع فإنّ كلّ سرّ المسيح هو نور: إنّه “نور العالم” (يوحنا 8/ 12). ولكن هذا البعد هو منظور بصورة خاصة خلال سنوات حياته العلنيّة عندما أعلن إنجيل الملكوت. وإذا أردنا أن ندلّ الجماعة المسيحيّة على خمس مراحل نعني “الأسرار المنوّرة” في هذه الحقبة من حياة المسيح، يبدو لي أنّه يمكننا أن نبرزها بهذا الشكل:
1. عماده في الأردن.
2. الكشف عن ذاته في عرس قانا.
3. إعلانه ملكوت الله والدعوة إلى التوبة.
4. تجلّيه على الجبل.
5. تأسيسه الأفخارستيا وهو التعبير الأسراري للسرّ الفصحي.
كلّ واحد من هذه الأسرار هو كشف عن الملكوت الحاضر منذ الآن في شخص يسوع.
1. إنّ العماد في الأردن هو قبل كلّ شيء سرّ النور. في هذا المكان، في اللحظة التي نزل فيها المسيح إلى مياه النهر كالبار الذي جعل ذاته “خطيئة” من أجلنا (2 قور 5/21) إنفتحت السماء، وأعلن صوت الآب إبنه الحبيب (متى 3/17)، فيما حلّ عليه الروح يقلّده الرسالة التي تنتظره.
2. إن بدء الآيات في قانا هو سرّ نورٍ (يوحنا 2/1-12) عندما حوّل يسوع الماء إلى خمر فتح قلب التلاميذ على الإيمان بواسطة تدخّل مريم، الأولى بين المؤمنين.
3. إنّه أيضاً سرّ نور في التبشير الذي به أعلن يسوع مجيء ملكوت الله ودعى إلى التوبة (مرقس 1/ 51) غافراً خطايا الذين يتقرّبون منه بإيمان متواضع (مرقس 2/3-13)، و (لوقا 7/47-48) وخدمة الرحمة هذه التي باشرها سيُتابعها حتى نهاية الأزمنة خاصةً في سرّ المصالحة الذي استودعه كنيسته (يوحنا 20/ 22-23).
4. والتجلّي هو سرّ نور بامتياز. لقد حصل ذلك حسب التقليد على جبل طابور. إنّ مجد الألوهة تألقّ على وجه المسيح في حين أنّ الآب يقدّمه للرسل في حال إنخطاف “ليسمعوا له” (لوقا 9/35). وليتأهّبوا للعيش معه في أوقات آلامه لكي يصلوا معه إلى فرح القيامة وإلى حياة تتجلّى بالروح القدس.
5. وأخيراً، إنّه نور تأسيس الافخارستيا التي بها جعل يسوع ذاته طعاماً بواسطة جسده ودمه تحت أعراض الخبز والخمر، مُعطياً “حتى النهاية” شهادة حبّه للبشريّة (يوحنا 13/1) التي بها قدّم ذاته ذبيحة من أجل خلاصها.
في كل هذه الأسرار، باستثناء قانا، لم تكن مريم حاضرة إلاّ بطريقة ضمنيّة. فالأناجيل لم تقدّم لنا سوى تلميحات قصيرة إلى حضورها في بعض مناسبات تبشير يسوع (مرقس 3/ 31-35؛ يوحنا 2/12) ولا تقول (أي الأناجيل) شيئاً عن حضورها في العليّة وقت تأسيس الأفخارستيا. ولكن المهمّة التي قامت بها في قانا ترافق، على نوعٍ ما، كلّ مسيرة المسيح. فالوحي الذي حصل يوم المعموديّة في الأردن والذي أعطاه الآب وكان المعمدان صدىً له، هو على شفتيها في قانا وقد أصبح الوصيّة الكبرى التي وجّهتها إلى الكنيسة في كلّ الأزمنة “إعملوا ما يقوله لكم” (يوحنا 2/5). إنّها وصيّة تجعلنا ندخل في كلمات يسوع وآياته طوال حياته العالميّة وهي الأساس المريمي لكل “أسرار النّور”.
أسرار النّور ليوم الخميس
في السرّ الأول : نتأمّل بمعموديّة يسوع على يد يوحنّا، وإعلان الآب عنه بأنّه إبنه الحبيب.
الثمرة الروحيّة: البنوّة للآب.
في السرّ الثاني : نتأمّل بيسوع يستجيب طلب أمّه ويجترح أولى معجزاته في قانا، ويُظهر مجده، فيؤمنَ به تلاميذه.
الثمرة الروحيّة: التجدّد بالروح القدس.
في السرّ الثالث : نتأمّل بيسوع يُعلن مجيء ملكوت الله، ويدعو إلى التوبة ومغفرة الخطايا للذين يؤمنون به.
الثمرة الروحيّة: التوق إلى الملكوت.
في السرّ الرابع : نتأمّل بصورة الآب تتلألأ على وجه إبنه على الجبل، ونُصغي إلى صوته يدعونا “إسمعوا له”.
الثمرة الروحيّة: اتّباع تعاليم يسوع.
في السرّ الخامس: نتأمّل بيسوع يقدّم ذاته طعاماً لنا في مسيرتنا على الأرض حتى لقائنا به في مجيئه الثاني.
الثمرة الروحيّة: المشاركة في الذبيحة الإلهيّة.
أسرار الحزن .. ليومَي الثلاثاء والجمعة.
السرّ الأول : صلاة يسوع في بستان الزيتون. ثمرة هذا السرّ الندامة. لوقا 22/ 39-46
“أقدّم لك أيتها البتول الطوباويّة جزيل الحزن الذي حزنتِه لمّا صلّى ابنك في البستان وكان عرقه ينحدر على الأرض كعبيط الدم”.
السرّ الثاني: الجلد. ثمرة هذا السرّ إماتة الحواس. يوحنا 19/ 1
“أقدّم لكِ ايتها البتول الطوباويّة جزيل الحزن الذي حزنته لمّا جُلِدَ إبنك على العامود بالسياط”.
السرّ الثالث: إكليل الشوك. ثمرة هذا السرّ تواضع القلب والعقل وإخضاع الذات بإيمان ليسوع وإحتقار المجد العالمي. متى 27/ 27-31
“أقدّم لك ايتها البتول الطوباويّة جزيل الحزن الذي حزنته لأجل تكليل إبنك بإكليل من شوك على هامته المقدّسة”.
السرّ الرابع: يسوع يحمل صليبُه. ثمرة هذا السرّ الشجاعة والتسليم في حمل صليبنا. يوحنا 19/ 17-22
“أقدّم لكِ أيتها البتول الطوباوية جزيل الحزن الذي حزنتِه لمّا حمل إبنك صليبه وكان من ثقله يتحني ساقطاً على الأرض كالميت”.
السرّ الخامس: الموت على الصليب. ثمرة هذا السرّ إماتة الذات والمحبة والمغفرة للأعداء. لوقا 23/ 44-49
“أقدّم لك ايتها البتول الطوباوية جزيل الحزن الذي حزنته لما مات إبنك على الصليب
سرار المجد… ليومي الأربعاء والأحد.
السرّ الأول: القيامة. ثمرة هذا السرّ الإيمان والنهوض من الخطيئة. يوحنا 20/ 1-18
“أقدّم لك ايتها البتول الطوباوية جزيل المجد الذي تمجّدته لأجل قيامة ابنك من بين الأموات.”
السرّ الثاني: الصعود. ثمرة هذا السرّ الرجاء والشوق ألى السماء. لوقا 24/ 50-53
“أقدّم لك أيتها البتول الطوباوية جزيل المجد الذي تمجدته لأجل صعود ابنك إلى السماء وجلوسه عن يمين الله الآب”.
السر الثالث: حلول الروح القدس. ثمرة هذا السر الغيرة الرسولية. والإصغاء لإلهامات الروح القدس. رسل 2/ 1-13
“أقدّم لك ايتها البتول الطوباوية جزيل المجد الذي تمجدته لما أرسل ابنك روحه القدوس وحلّ عليكِ وعلى تلاميذه الأطهار”.
السرّ الرابع: الإنتقال. ثمرة هذا السرّ التعبّد للعذراء والميته الصالحة. من إعلان عقيدة انتقال السيدة العذراء البابا بيوس 12 – 1950
“أقدم لك ايتها البتول الطوباوية جزيل المجد الذي تمجدته لما انتقلتِ بالنفس والجسد إلى ملكوت السماء”.
السر الخامس: إكليل المجد. ثمرة هذا السرّ تكريم السيدة العذراء والثبات في محبة الله. رؤيا 12/ 1
“أقدم لك ايتها البتول الطوباوية جزيل المجد الذي تمجدته لما كُلِلتِ بالمجد من الثالوث الأقدس سلطانةٍ على السماء والأرض.
– لكي نستحق مواعيد المسيح.