الأنوثة حينما يمسحها الروح القدس
يُخطأ كل من يحتقر الأنوثة أو يحصرها في الاتجاه الذي يخص الجسد من جهة انزالها لشهوة ميل القلب الخفي حسب دنس السقوط الذي مرر حياة الإنسان حتى أن كل شيء بدى له مقلوباً، لذلك دعونا اليوم يا إخوتي ندخل بعمق سرّ التقوى لمفهوم الأنوثة الحقيقية التي للمرأة المقدسة في الرب، والتي لها دور فعال في كنيسة الله بسرّ عجيب عميق لا يدركه سوى الحكماء الذي اتخذوا طريق التقوى منهجاً لهم:
(مزمور 111: 10)
(أمثال 9: 10)
(سيراخ 1: 16)
(1تيموثاوس 3: 16)
(تيموثاوس 1: 1)
(2بطرس 1: 3و 4)
نشكر الله الحي الذي عرفنا على شخصية عذراء الدهور القديسة مريم الدائمة البتولية ، نتعرف على الأنوثة الحقيقية في هدوءها وقوة طاعتها لله الحي…
أرجوكم يا إخوتي تعمقوا قليلاً في شخصية العذراء القديسة مريم، واعرفوا سمو دعوتكم يا بنات الله الأحباء، لأن أنوثتكم لم تُعطى لكم جزافاً، ووجودكم في جسد المسيح الحي لم يكن اعتباطاً، لأنكم تمثلون النفس العذراء التي تتقدم لتستقبل النعمة من يد مخلصها الصالح لتكتسي بالبرّ وتحيا عمق الأنوثة في طهارة عظيمة وفي تقديس دائم، حتى للمتزوجات في سرّ الحب ورباط الروح القدس…
فالمرأة حينما تتقدس بقبولها دعوة الله لها وتتلقف النعمة، تبرُز في الكنيسة قوة انوثتها التي قصد الله أن يُميزها بها كإكليل مجد يلمع فوق رأسها، لأننا عرفنا المرأة في الكتاب المقدس ومن خلال قديسات الكنيسة، أنها مُميزة في قبولها لدعوة الله بطاعة وخجل ووداعة وهدوء أنثوي عجيب واتضاع عظيم يُبكت أعظم الرجال شئناً بل وأعظم القديسين قداسة، فانظروا لأنوثتكم في عذراء الدهور، واعلموا من أنتم وحققوا أنوثتكم في سرّ التقوى ومحبة الله الصادقة في طاعة الإيمان.
فالمرأة حينما يأتيها صوت الله في كلمته، تتأمل فيها بقلبها بكل مشاعرها وأحاسيسها التي تتميز بها، وأن وثقت في كلمة الله، تُصبح كلمته بالنسبة لها، كنز إلهي يتحول في داخلها لزرع يُنبت فيها حياة الله، لأنها تقبل في داخلها تقدمة الله، لأن الله بشخصه هو الذي يُقدم نعمته مجاناً لها ويمنحها سرّ الإيمان لو قبلت صوته…
والمرأة في حين استسلامها لعمل الله بجديه، نجد أنها ترتفع فوق الأعمال الصبيانية، وإيمانها لا تعتريه السخافة، وعبادتها لا تشوبه الميوعة، لأن المرأة معروفة بطبيعة الأمومة وشعلتها التي تسكنها حسب الغريزة التي غرسها الله فيها، فهي تتجه بكل مشاعرها نحو خالقها فتبذل بذلاً منقطع النظير، ولكي تتأكدوا من هذا أنظروا لكل أم كيف ممكن لها أن تعطي حياتها ووقتها لطفلها بدون تردد وبدون أدنى تفكير، ونراها تحمله بلطف في وسخه وبريحته المقززة وتحممه وتنظفه في حين أن الرجل لا يحتمل هذا أو يقبله، إلا في إطار ابوته فقط، لأن حنان المرأة يفوق حنان الرجل من نحو الأبناء، وكلاهما يكملون بعضهما البعض، لأن لكل واحد غريزة في داخله حسب عطية الله ليكونوا معاً كاملين في انسجام عجيب، لو استلمه الروح القدس يصيران قوة تشع نور الله ومجده، ولا يستهان بهما أبداً…
أيتها المرأة السعيدة التي تقبلت دعوة الله لها، وايتها الفتاة الحلوة التي تقدست في طاعة الله بطهارة الروح القدس الذي يعمل في داخلها، أنتِ أيقونة الله المقدسة، لأنك صرتي صورة وانعكاس لوجه الله المُنير المشرق، والذي من خلال إنائك الأنثوي يُظهر الله غريزة الأمومة التي تشع مجد خاص بالبذل حتى الموت والتخلي عن حياتها، لأن صليب الرب مزروع في كيانك الذي تقدس في المسيح يسوع الذي جعل العذراء مثالاً لك لتكوني أنتِ حاملة الإله الحي، لذلك أُناشدك أن تظلي في هذا العلو الحلو وتتمسكي به، لأنه منارة تعليم صامت عن حياة التقوى في سرّ الإيمان الحي الذي من الله، لتُعلمي المسكونة كلها كيف تكون الطاعة والخضوع لعمل الله ليظهر مجد الله في كل إنسان يعيش على هذا المثال الحي …
فيا إخوتي الفتيات والأمهات والسيدات، أقبلوا عمل الله في أنوثتكم المُطَهَرَّة بدم حمل الله رافع خطية العالم، لتكونوا قادرين – بنعمة الله – على أن تلتصقوا بالمثال العظيم الذي لكم، وهي عذراء الدهور، لتكونوا منارة تقوى في القداسة تعلن مجد الله وعظيم خَلقه أمام العالم كله، لأن العالم اليوم لا يحتاج كلام بل مثال ومناره تهديه لطريق الحياة… فكونوا مقدسين في الحق ملتصقين بالرب الذي هو حياتكم الخاصة آمين