علم التاريخ

9- بقية تاريخ مملكة إسرائيل حتى السبي (746- 721 ق



9- بقية تاريخ مملكة إسرائيل حتى السبي (746- 721 ق

9- بقية تاريخ مملكة إسرائيل حتى السبي (746-
721 ق.م)

بعد
موت يربعام الثاني 746 ق.م دخلت إسرائيل في كوارث لا تنتهي، وظهرت فضائحها على
السطح، وتبيَّنت هذه الفوضى التي كانت مستترة عندما بدأت تواجه بالفعل أخطر عدو
لها وهو أشور الذي ظل يهددها على مدى التاريخ. ففي أقل من خمس وعشرين سنة استطاعت
أشور أن تمسح إسرائيل من على خريطة الدول.

وضحت
هذه الفوضى بعد موت يربعام الثاني في كيفية قيام وسقوط الملوك، ففي مدى عشر سنوات
اعتلى العرش خمسة ملوك، ثلاثة منهم ليس فيهم أحد يمتلك أي نوع من الشرعية، ولكن
احتلوا العرش بالعنف والقتل.

زكريا
بن يربعام:
746745 ق.م

ملك
ستة شهور وقتلوه. قتله شلُّوم بن يابيش (2مل 10: 15).

شلُّوم
بن يابيش:
745
ق.م

ملك
شهراً واحداً واغتيل.

منحيم
بن جادي:
745738
ق.م

وكان
يناصره حاكم مدينة ترصة. وهذا أراد أن ينتقم لنفسه إذ يبدو أنهم منعوه من أن يصل
إلى المُلك فهاجم منحيم مدينته تفصح وضربها وكل تخومها (2مل 16: 15).

وعمل
منحيم الشر في عيني الرب.

وعلى
أيامه جاء الملك فول
Pul ربما سنة 738 ق.م، وبتحقيق الآثار والحفائر عُرف أن الملك فول Pul ملك أشور هو نفسه تغلث فلاسر Tiglath Pilaser (2مل 29: 15)، فقدَّم له منحيم جزية
ثقيلة على كل رجل
يملك أرضاً في إسرائيل،
ولم يكن لمنحيم اختيار فخضع صاغراً، فرجع ملك
أشور.

فقحيا
بن منحيم:
738737
ق.م

كان
يعتقد منحيم أن ملك أشور سيثبِّته على كرسيه المزعزع، ولكن لم يكن هذا ممكناً، إذ
قاومه الوطنيون من بني إسرائيل ولم يقبلوا وراثة ابنه، وسرعان ما اتحدوا ضده وقام
أحد قواده- وهو فقح بن رمليا- واغتاله.

فقح
بن رمليا:
737732
ق.م

يخبرنا
سفر إشعياء النبي أن “رصين ملك أرام صعد مع فقح بن رمليا ملك إسرائيل إلى
أُورشليم (اليهودية) لمحاربتها فلم يقدر أن يحاربها. وأُخبر بيت داود وقيل له قد
حلَّت أرام في أفرايم فرجف قلبه (قلب آحاز ملك اليهودية) وقلوب شعبه.. فقال الرب
لإشعياء: اخرج لملاقاة آحاز.. وقل له: احترز واهدأ لا تخف لا يضعف قلبك.. لا
يكون” (إش 7: 115)

ولكن
يخبرنا سفر أخبار الأيام الثاني (5: 28) أن يهوذا وقعت تحت غارة عنيفة من إسرائيل
تخلو من الرحمة على يد فقح بن رمليا، يبدو أنها محاولة أخرى لإخضاعهم غير التي
أُنقذوا منها، كما هو مدوَّن في سفر إشعياء. وكانت هذه الضربة عظيمة للغاية، ودفع
الرب آحاز (ملك يهوذا) ليد ملك إسرائيل “فضربه ضربة عظيمة، وقتل فقح بن رمليا
في يهوذا مئة وعشرين ألفاً في يوم واحد الجميع بنو بأس
” (انظر كيف أكل بنو إسرائيل بعضهم بعضاً)، ونهبوا أيضاً منهم
غنيمة وافرة وأتوا بالغنيمة إلى السامرة، “وسبى بنو إسرائيل من إخوتهم
مئتي ألف من النساء والبنين والبنات»
(2أي 28: 59). وقد وبَّخهم
نبي السامرة وكان اسمه عوديد توبيخاً شديداً حتى أعادوا المسبيين مرَّة أخرى
وألبسوهم لأنهم كانوا عراة:

+
“وألبسوا كل عراتهم من الغنيمة وكسوهم وحذوهم وأطعموهم وأسقوهم ودهنوهم
وحملوا على حمير جميع المُعيِين منهم وأتوا بهم إلى أريحا” (2أي 15: 28)

وكان
على أثر هذه الضربة المميتة التي تلقتها يهوذا من أختها إسرائيل في الشمال أن
تضعضعت قوة يهوذا، فانتهزت أدوم هذه الفرصة وكسرت نير الجزية وطردت الحامية
اليهودية واستعادت حريتها بعد أن كانت تحت خضوع يهوذا مائة سنة. وهذا الأمر نفسه
فعلته المدن الفلسطينية على الساحل إذ كسرت نير يهوذا وتحرَّرت مدن كثيرة، بل
وحاربت يهوذا واحتلت كثيراً من مدنها في الجنوب والسهل:

+
“واقتحم الفلسطينيون مدن السواحل وجنوبي يهوذا وأخذوا بيت شمس وأيلون وجديروت
وسوكو وقُراها وتمنة وقُراها وجمزو وقُراها وسكنوا هناك” (2أي 18: 28)

+
“والأدوميون أتوا أيضاً وضربوا يهوذا وسَبوا سبياً” (2أي 17: 28)

وهكذا
وجدت يهوذا نفسها وحيدةً ومهدَّدة من الشمال بإسرائيل ومن الجنوب بأدوم ومن الغرب
بالفلسطينيين، فأرسل الملك آحاز إلى ملوك أشور (تغلث فلاسر
Tiglath-Pilaser) لنجدته ووقف إشعياء النبي أمام آحاز يتوسَّل إليه أن لا يأخذ هذه
الخطوة ويتكل على إله إسرائيل، فرفض:

+
“وأرسل آحاز رُسلاً إلى تغلث فلاسر ملك أشور قائلاً: أنا عبدك وابنك. اصعد
وخلِّصني من يد ملك أرام ومن يد ملك إسرائيل القائمين عليَّ” (2مل 7: 16)

وصحَّ في هذا الملك القول المشهور واستجار من الرمضاء (شدة
الحَرِّ) بالنار، ولم يكن مجَّاناً أن يأتي ملك أشور لنجدة يهوذا؟ “فأخذ آحاز
الفضة والذهب الموجودة في بيت الرب وفي خزائن بيت الملك وأرسلها إلى ملك أشور هدية
” (2مل 8: 16). وهذه بحد ذاتها جريمة في حق المقدَّسات وحق
الشعب. ولم يكتفِ بهذا بل عندما سمع آحاز باقتراب الملك من دمشق أسرع إلى هناك
وقدَّم له الولاء مثل ياهو الذي سجد أمام الملك شلمنأسر (انظر اللوحة) وأخذ
مقدَّسات وأوصاف مذبح أصنام ملك دمشق وأمر رئيس الكهنة أن يعمل مثلها في الهيكل،
وكسَّر وغيَّر في بيت الرب ليلائم عبادة ملك أشور، وبالفعل قدَّم الذبائح لآلهة
دمشق: “وقطع الملك آحاز أتراس القواعد ورفع عنها المرحضة وأنزل البحر عن
ثيران النحاس التي تحته.. ومدخل الملك من خارج غيَّره في بيت الرب من أجل ملك أشور
” (2مل 16: 17و18) “فجاء عليه تغلث فلاسر ملك أشور
وضايقه ولم يشدِّده.. ولم يساعده.. وفي ضيقه ذبح لآلهة دمشق” (2أي 28: 20و23)

ويتقدِّم
ملك أشور تغلث فلاسر الثالث إلى دمشق ويأخذها ويقتل ملكها رصين ويعبرها، وينزل على
سوريا وفينيقية ويتجه نحو الساحل حتى الجنوب ويضرب الفلسطينيين ويستولي على غزة
ليقطع الطريق إلى مصر، وينزل حتى وادي العريش (نهر مصر) ويستولي على كل المدن
الحصينة هناك، وذلك حوالي سنة 733 ق.م([1]). ويعود إلى
إسرائيل فيضربها الضربة القاضية، كل الأرض والجليل وعبر الأُردن، ويسبي جزءاً
كبيراً من الشعب وينقله- ولا نعلم إلى أين نقل
شعب إسرائيل ربما إلى نينوى وجلب شعوباً أخرى لتستوطن
الجليل والبلاد التي أخلاها- وحطَّم المدن الحصينة
وجعل مَجدُّو قاعدة تحصين
لأشور:

+
“في أيام فقح ملك إسرائيل جاء تغلث فلاسر ملك أشور وأخذ عيون وآبل بيت معكة
ويانوح وقادش وحاصور وجلعاد والجليل وكل أرض نفتالي وسباهم إلى أشور” (2مل
29: 15)

وتشير
البعثات الحديثة للكشف والآثار إلى عثورهم على بقايا حصن خريطة غزو الأشوريين لمملكتي إسرائيل ويهوذا (734-732 ق.م)
تغلث فلاسر
في مدينة حاصور
Hazor في الجليل (2مل 29: 15). كما وجدوا قدراً من الفخار عليها ختم
الملك فقح
Pekah([2]). ولولا أن
قام شخص اسمه هوشع بن إيلة وقتل فقح بن رمليا (2مل 20: 15) وخضع ودفع الجزية لكان
ملك أشور قد خرَّب كل بلاد إسرائيل.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى