علم الانسان

سيكولوجية الضمير



سيكولوجية الضمير

سيكولوجية
الضمير

ان
اول ما يمثل الضمير فانه يمثل صور الوالدين والمربين ومحرماتهم ومثلهم العليا. وهو
يقتضى تمثل هذه الصور والتأثر بها وانعكاسا على هيئة سلوك. وهذه المثل العليا لها
جانب اجتماعى بالاضافة الى الجانب الفردى وما يدعى عادة ” بالضمير ”
فانه يشمل الجزء الشعورى من ” الآنا ” الاعلى اما الجزى اللاشعورى منه
فمتصل ” بالهو ” وهذا الجزء (الذى يتصل بالهو) يستطيع ان يدرك المنبهات
اللاشعورية
قبل ان تصل الى وعى ” الأنا “. وهذا الجزء الذى هو ” الضمير ”
يعمل على كبت الحوافز التى يحرمها الدين وهو يعمل ايضا على تعطيل عمل ” الأنا
” فهو يعتبر حارس النفس الذى يتوقع استجابة البيئة على سلوك الفرد وهذا
” الانا الاعلى ” يتغير طوال الحياة بتأثير الاشخاص ذوى الخطر والمعلمين
والمرشدين ورجال الدين والكتب المقدسة وغير ذلك، مما يعتبر الفرد المثل الاعلى الذى
يحتذى به (الاطار والمرجع) والانسان المسيحى اعتبارا من سن المراهقة وردت في
امتثال الوصايا التى وردت في العهد القديم وجميع ما جاء من وصايا وأيات في العهد
الجديد يبدأ الضمير في التكون حوالى سن الثالثة من العمر حينما يكون الطفل بحيث
يتمكن من فهم واستيعاب كل ما يطلب منه او كل ما يسأل هو عنه ويكون ايضا نموه
الانفعالى قد وصل الى درجة من النضج تجعله قادرا على عطاء الحب من جهة ومن جهة
اخرى يجب ان يكون محبوبا.

على
ضوء ما سبق فان الوالدين يبدآن في معاملة الطفل باعتبار انه يستطيع ان يتقبل كل ما
يفضر عليه من اوامر ونواهى وهكذا يبث الوالدين في الطفل ما يعرف بالتنشئة
الاجتماعية بالوضع الذى يتلائم مع البيئة. ومن المعروف ان التشئة الاجتماعية تستقى
معاييرها قوانينها واسسها من البيئة التى يحيا فيها الانسان وبهذا يعود الوالدين
الطفل في هذا السن (سن الحضانة من 3 – 5 سنوات) الخضوع لهذه المعايير وقيود الواقع
وجميع التحريمات والممنوعات والنواهى التى تتطلبها البيئة ويطلبها المجتمع وتتمشى
مع القيم الدينية والروحية والمقصود بالبيئة هنا ” البيئة الاجتماعية،
والبيئة الكنسية ” حيث لا يوجد تعارض بين الحياة الكنسية والحياة الاجتماعية
السليمة، وان ادخال هذه القيود يكون تبعا لمبدأ الثواب والعقاب وعناصر الحرمان
والتأجيل وبعد ان كانت حياة الطفل كلها تسير في يسر وسهولة اصبحت نفسه تضيق من
القيود والنواهى واصبح يدخله القلق النفسى والاضطراب والانفعال ثم يصبح الطفل بعد
هذا يعانى من الصراع النفسى، هل يقبل ما يفرض عليه ام يرفضه؟ ولكن يعود ويبدأ في
قبول النواهى والتحرمات خوفا من العقاب وحبا في ان يكون محبابا ولما كانت الام قبل
هذه الفترة من السن هى وسيلة العطاء والغذاء والحب والحنان تصبح في هذه السن موضوع
الحب لذاتها فهو يخشى غضبها ويخشى فقدانها أو ان توجه حبها الى غيره خاصة ابيه
لذلك يضطر الطفل الى قبول الواقع وقبول ما تفرضه الام عليه وبعد ان كان الطفل يكره
اباه لغيرته على امه منه وانه يبدأ في قبول الواقع وتقمص شخصية هذا الاب نزول عنه
لضعفة امام ابيه ولما كان هذا التقمص يقتضى اعجاب الطفل بابيه فانه يضطر الى قبول
ما يفرضه عليه الاب وهكذا يبدأ طفل في قبول اوامر ونواهى ونصائح الوالدين ويصبح
صوتهما الخارجى هو الصوت الداخلى الذى يعبر عنه باسم ” الضمير ”

وظيفة
الضمير: ان وظيفة الضمير الاساسية ان يحول دون اندلاع الرغبات الغريزية والرغبات المكبوتة
والانفعالات الشريرة (الغيرة والعدوان) ويصبح هو المعظم للسلوك الصادر من الطفل
وبهذا يكون الضمير نابعا من لا شعور الطفل ويصبح هو ما سميى باسم ” الانا
الاعلى ” الذى يستخدمه الطفل للحصول على تصاريح المرور الوجدانى والسلوك
الشخصى له ويصبح هذا الضمير هو مصدر الخوف من العقاب او فقدان الحب ويظهر هذا
الخوف (اللاشعورى) اثناء نومه في كسل احلام مزعجة كالعفاريت والوحوش والكلاب
والمشى في الظلام.. الخ. وهكذا فبعد ان كان الطفل يخاف من امور واقعية حقيقية يصبح
الخوف من امور وهمية ينسجها خيالة نتيجة التكوين الجديد لحياته الانفعالية. وحينما
يصبح الطفل مراهقا يبدأ حياته الدينية التى تكون امتداد لحياته الاسرية وتنشئته
الاجتماعية ويكون قدرة الضمير ومشاعر الذنب طبقا لاصول الثواب والعقاب التى تلقاه
في مرحلة الحضانة ولما كان التفتح الذهنى والنمو العقلى وتلقين الدين ووصاياه هى
المؤثر التالى والبناء القائم على الاساس الطفلى يكون مقدار مشاعر الذنب التى تحدد
سلوكه سواء في هذا السن او في سنوات العمر التالية.

مقالات ذات صلة

قوة
الضمير: ويكون الدين بعد هذه المرحلة من التكوين النفسى هو بمثابة المكون للاطار
المرحلى للسلوك الشخصى لديه والدين هو الذى يشكل القواعد السلوكية للفرد فالدين
عند القبائل البدائية يختلف في عمقه عن الدين في العهد القديم، والدين في العهد
القديم يختلف ايضا في عمقه عن الدين في العهد الجديد، فمثلا في القبائل البدائية
لا توجد تحرمات معينة محدودة ولكن هو شكل عام وعلاقة بالالهة لاسباب شخصية (كما
سنرى). اما الدين في العهد القديم ففيه تحرمات واولها الوصايا العشرة وهى محرمات
عامة لا تدخلها الدقة والعمق بعكس ما حدث او يحدث في العهد الجديد ” فمثلا
” الزنى محرم في العهد القديم اما في العهد القديم ليس الزنى وحسب هو المحرم
ولكن ايضا مجرد النظرة ذاتها ” الاشتهاء ” (قد سمعتم انه قبل للقدماء لا
تزنى اما انا فاقول (لكم ان كل من ينظر الى امراة ليشتهيها فقد زنى بها في قلبه)
مت 5: 27. ومثال اخر (سمعتم انه قيل عين بعين وسن بسن واما انا فاقول لكم لا
تقاوموا الشر بالشر بل من لطمك على خدك الايمن فحول له الآخر ايضا) مت5: 28 وهكذا
نجد ان الضمير هو صورة من الدين يتعمق بعمقه ويستد بشدته وعلى هذا فان الضمير هو
تكون نفسى يبدا من الطفولة ويتلقى اصوله من الوالدين وبنائه من الدين. ويرى يونج
ان هناك ضميرا جميعا يسعى الناس جميعا عن طريقة الى عمل الخير هاربين من الشر والخطية
كما ان يونج ذاته يذكر انه سبق ان استخدم طريقة في علاج حالة عصبية ” سمى هذه
الطريقة ” لا طريقة ” وهى استخدام الخوف من الله لعلاج حالة عصبية وذلك
اثناء تحليلة لبعض الاحلام لهذه الحالة مستخدما الرمزية في التفسير.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى