اللاهوت الدستوري

نعم أم لا لكهنوت المرأة



نعم أم لا لكهنوت المرأة

نعم
أم لا لكهنوت المرأة

الأب
منيف حمصي

فهرس الكتاب

المقدمة

الفصل الأول

الجواب الأول يأتي من فهم التقليد الشريف

الجواب الثاني يأتي من الأسفار المقدسة

يسوع المسيح معيارنا ومرتكزنا

الفصل الثاني

المرأة في الكتاب المقدس

الكهنوت الملوكي

شموسية المرأة

الأمومة الروحية

الفصل الثالث

مسائل ذات صلة

الطمث

المرأة في الهيكل

خاتمة: هل تستطيع المرأة أن تكون كاهنة؟

قائمة بالمراجع العربية والأجنبية

 

المقدمة

الرب
له المجد، لم يطالب كنيسته بأن تكون المرأة كاهنة(1). والكتاب المقدس، وبعد الدرس
والتمحيص، ليس فيه كلام على هذا الصعيد، فالمرأة دائماً تبدو معفاة من الكهنوت في
الكتاب المقدس. ورغم سطوع نجم عدد من النساء في الكتاب المقدس، لا يبدو أن الكهانة
طلبت منهن. وإذا كانت القيم الشخصية قادرة أن ترسم معالم الاستحقاق لهذه الدرجة
المقدسة، فلا أظن أن هناك في الوجود من تسبق العذراء الكلية القداسة إلى هذه
المكانة أعني إلى إلى الكهنوت. ومع ذلك كالعذراء أم المؤمنين، ووالدة الإله،
الأرحب من السماوات والكلية القداسة، لم تجد في إعفائها من الكهنوت الكرازي
ministrial priesthood غضاضة وإهانة، فإذا كان هذا حال مريم من الكهنوت، فأين كل النساء
في الأرض منه؟

 

بعد
هذا أرى أن طرح مسألة كهنوت المرأة، في هذا الزمان، زمان الجنس الواحد
unisex، ليس مطلباً وقضية، كما يزعم البعض. كما وليس هو طرحاً في أوانه،
وذلك لأن زماننا متخم بالمطالبين والمتكلمين عن حرية المرأة وحقوق المرأة بغموض
وابهام. وقد ولدت من أجل هذا الغرض حركات وحركات، اتحادات، ونقابات، ومؤسسات، وغير
ذلك، وكلها معاً تعمل وتدعوا إلى إعلان شأن المرأة. وقد رأى البعض في زج المرأة في
ميدان السياسة وجهاً تَحضُّري، وعلامة حداثة، وتعبير احترام لها ينبغي أن نضطلع
به، فكانت المرأة هنا وهناك، وعلى انحسار هذه الظاهرة، رئيسة لدولة ووزيرة ونائبة
وغير ذلك. وكل هذه الاختراعات، وتحلولي اللفظة كثير، تأتي في العمق لتتعامل مع
المرأة في غير الدعوة التي دعيت إليه، وعلى خلاف المواهب والطاقات التي جعلها الله
في كيان حواء. إن حركات التحرر النسائي، كما هي في نطاق المدهرن (
secularised)، هي مساع تنطوي على تنكر للأعجاز الالهي في الخلق وتنكر لحكمة
الله التي لا توصف، فهي -أي حركات التحرر النسائي، وفي بعض اطلالاته، تدعو، مباشرة
ومداورة، إلى اخراج المرأة من الاطار لذي ترعرت فيه وعملت فيه، واطلقت مواهبها
فيه. فالمرأة،أم، والأم هي الأرض التي تحضن غرسة الكيان فترعاها وتحنوعليها.
بالطبع لا ننسى أن حركات التحرر الانثوي، أسهمت في رفع الحيف والغبن عن المرأة،
وساعدت في اطلاقها ايجابياً وعلى غير صعيد ولكن على نحو محدود.

 

ومن
قراءة الحضارات، نجد أن أسمى مكانة يمكننا أن نكرم بها المرأة، فنرفعها إليه، هي
أن نقول لها: يا أمي(2). وقد تعلمنا أن الأم قادرة على أن تهز العالم بيد والسرير
بيد، وأنها مدرسة إذا أعددته، أعددت شعباً طيب الأعراق. نحن بحاجة إلى معرفة
كينونة المرأة قبل أن نرميها بسهام الكهنوت ونطالبها بموقع قيادي من هذا القبيل.

 

وتأكيد
ذلك أننا عندما نطالع العهد الجديد، نجد أن بولس الالهي يرى خلاص المرأة كما يقول
هونفسه في رسالته الأولى إلى ولده تثموثاوس، على النحوالتالي “أريد أن يصلي
الرجال في كل مكان رافعين أيادي طاهرة بدون غضب ولا جدال. وكذلك أن النساء يُزّين
ذواتهن بلباس الحشمة لا بضفائر وذهب ولآلئ وملابس كثيرة الثمن. بل كما يليق بنساء
متعاهدات بتقوى الله بأعمال صالحة. لتتعلم المرأة بسكوت في كل خضوع. ولكن لست آذن
للمرأة أن تعلم ولا تسلط على الرجل، بل تكون في سكوت. لأن ادم جبل أولاً قبل حواء.
وآدم لم يغوَ، لكن المرأة أغويت فحصلت في التعدي. ولكنها ستخلص بولادة الأولاد إن
هي ثبتت في الإيمان والمحبة والقداسة مع التعقل “(1تيموثاوس2: 8-14).

 

بكل
تأكيد لا نستغرب إذا سمعنا أن عند فلان من الناس ملاحظات وانتقادات، لا بل مآخذ
على موقف بولس الرسول من المرآة، ولكن يجب أن نعرف، من ناحية أخرى، أن أحكام بولس
على هذا الصعيد، (في المرأة)، تنبع من اطار تاريخي. غير أن التشديد على مسألة
التاريخي لا يعني أن رأي بولس في المرأة عتيق وبال، فرأي بولس في المرأة، هوفي
الوقت نفسه رأي الكنيسة وموقفها اليوم وذلك مدون في الكتاب المقدس، والصفات التي
يطالب الرسول المرأة به، هي نفسها الصفات التي تطالبها بها الكنيسة أيضاً.

 

بيد
أن الكنيسة لا تماشي بولس على قاعدة الاطار التاريخي في ما قاله لجهة صمت المرأة،
لأن الصمت هذ، هو كلام أطلق في إطار تاريخي، غير أن المرأة اليوم متعلمة، وربما
تبدو متفوقة على الرجل في ميادين كثيرة، لا بل ربما قيادة لعائلة هي اليوم في يد
المرأة لا في يد الرجل. وكم من بيوت كان يجب أن تهدم لوترك مصيرها لرجالها. غير أن
الدعوة إلى صمت المرأة عند بولس الرسول، لا تعني أن المرأة بدون كرامة وهذا ما يجب
أن نفهمه جيداً.

 

والمرأة
تستطيع أن تتعمق في الأمومة عندما تربي أسرة فاضلة كل أفرادها شموع الهية ملتهبة.
كما تستطيع أيضاً أن تقلع عن الزواج لتكون في الدير راهبة لله تدفع عشقاً بعشق على
حسب قول القديس يوحنا الدمشقي. ليس عندنا أنصاف حلول، كما ولا عندنا غير هذين
الخيارين وهذين الوضعين للمرأة.

 

ترى
ماذا نعرف عن واقع المرأة اليوم؟ وما هي حالتها مع نهاية القرن العشرين؟ إن قراءة
دقيقة لواقع المرأة اليوم تجعلنا نراها في الصورة التالية: إنها أداة لترويج السلع
في الاعلام المعاصر. في الحقيقة لقد أصبحت المرأة إطار الاستهلاك والمروّجة له…

 

المرأة
في العصر الشهواني القائم اليوم، هي مجرد جسد يجذب الأنظار، ويدعو الناظرين إليه،
ومن خلاله، إلى الاستهلاك. لقد أصبحت المرأة سلعة في سوق الشهوة كما يقول الدكتور
كوستي بندلي، وبالتالي أصبحت شيئاً في مجتمع اليوم، دون أن تدري. لقد أصبحت المرأة
النافذة التي يطل منها العالم على الجنس، لا بل أصبحت هي إطار الجنس والمجسدة
للفعل الجنسي الذي كان قبل عقود محاطاً بتابو كشفته المرأة عن سابق إصرار وترصد،
وبعد تربية خَدّاعة أعدت لها. وعلى هذا الأساس صارت المرأة إناءً مستضعفاً بمعنى
أوسع لا بل زاد إغراؤها بمقدار استضعافها في عالم الذكور، وهكذا فنحن لا نقرأ
اليوم جريدة إلا وفيها حادثة اغتصاب لقاصرة وبالغة.

 

المرأة
اليوم تغري بشدة، وفي الوقت نفسه تسقط تحت ضربات الاغتصاب المتزايد. ومن ناحية
ثانية فإنها قد تختبر الضغط في بيت أبويه، وسرعان ما ينتقل هذا الضغط معه، عندما
تنتقل إلى بيت زوجها بحيث أنها تربى تباعاً على استخدام الاغراء بإزاء الضغط
الذكوري. يضاف إلى ذلك، الضيق الكبير الذي تختبره في أعماقها عندما تقف لتتأمل في
حصتها من الميراث. فكم وكم من بيت ظلم أصحابه بناتهم وأكرموا صبيانهم. ويزداد
الغبن ويترسخ، عندما تجد المرأة نفسها شخصاً محتقراً لا تؤخذ افادته ولا تقبل شهادته
في الدوائر الحكومية. فإذا كانت حالة المرأة هكذ، فماذا يبقى في أعماقها من قوة
تنطلق بها إلى الدعوة التي أرادها الله أن تضطلع بها؟ في الحقيقة لقد أوغلت بنات
حواء في لعبة الغواية اليوم. لقد حسنت الغواية وحَلَتْ في عيون بنات هذا الزمان
وذلك لأن المرأة شعرت أنها في تطوير الإغراء وتوظيفه، يمكنها أن تحظى بشيء من
توازن مع الرجل. باختصار، ما أشقى بنات اليوم!.

 

من
هنا تحتاج المرأة اليوم، أكثر من أي وقت مضى، إلى جهد يفوق طاقتها -اذا جاز
التعبير- وذلك كي تخرج من هذا الغبن وهذه التبعية. تحتاج إلى قوة تفوق قدرتها كي
تكف عن لعبة تشييء الذات وتحويلها إلى سلعة. تحتاج إلى تربية بيتية مشكورة في
العمق وذلك كي تكون على مستوى الدعوة التي دعيت إليها. تحتاج إلى قوة عظيمة كي
ترفع عنها صفة الثرثرة التي يصفها بها المثل الشعبي. تحتاج إلى قوة هائلة كي لا
يقال أنها شر لا بد منه. تحتاج إلى قوة فوق قدرتها كي لا يعود جسدها لعبة يطلبها
الرجال إلى حين. تحتاج إلى قوة هائلة كي تمحوالأمثال الشعبية التي قيلت فيها
للإهانة لا للتكريم. ويستطيع من يرغب بالاطلاع على هذه الأمثال أن يتأمل في
التالي:

 ·المر
كلّ ما بهدلتها حبّتك، وكل ما دلّلتها سبتك

 ·المرا
مثل السجادة ما بتنظف إلا بالخبيط

 ·البيت
يلي ربوا مرا كل مالولورا

 ·ما
بيسمع للمرا إلا كل خ…

 ·المرة
اسمها حرمة لأن الله حرمها من العقل

 ·المرا
متل المعزاية إن تركتها على هواها أكلت الأخضر واليابس

 ·الله
يلعن البنت، مصيبة في بيت أهله، ومصيبة عند زوجه، ومصيبة إذا تزوجت، ومصيبتان إذا
لم تتزوج

للوقوف
على التعليق والشرح على هذه الأمثال الشعبية، راجع كتاب الدكتور كوستي بندلي
“المرأة في موقعها ومرتجاها” ص 143-144.

 

في
الحقيقة إذا أرادت المرأة الكرامة الحقيقة، تحتاج إلى جهاد يفوق الطاقة لا سيما في
هذا الزمان ومغرياته، فالمجتمع ظلمها فوق حدود الوصف، والنظام الأبوي ظلمه،
وإخوتها الذكور ظلموه، وزوجها ظلمه، والمجتمع تبنى هذا الظلم ثم كرسته الدولة
باحتقار شهادتها وإفادتها في المعاملات الرسمية.

 

والكتاب
المقدس لا يتنكر لمعاناة المرأة في دنيا الأرض، فهو يراها ويدركه، لكن مع ذلك،
فالمرأة في يسوع الفادي صاحبة رسالة ودعوة مقدسة، ومقدسة جداً. <ولا أنا
أرجمك>.<هذه أمك>، <وكان مطيعاً لوالديه>.

 

بعد
هذ، يخطئ من يتمسك بظلم المرأة، فقد عرفتُها أنا أذكى مني، عرفت المرأة اللامعة
والمرأة المضحية والمرأة المبذولة والمرأة الحنونة. رأيتها في كثيرات ممن هن حولي.
رأيتها في المقربات. رأيتها في براءة الطفلات. رأيت عظمة المرأة في احتضان والديها
في شيخوختهما. رأيت عظمتها في هذ، بإزاء فوقية الذكور لا سيما عندما يطلب منهم
العناية بوالديهم. رأيت عظمة المرأة في حاملات الطيب وفي القديسة تقلا والقديسة
بيلاجيا والقديسة بربارة، والقديسة أوفيميا والقديسة صوفيا وبناتها إيمان ورجاء
ومحبة. رأيت عظمة المرأة في لقمة طيبة تعدها بسكب دم القلب. رأيت المرأة في حنان
وصبر تبذله على وليدها المريض. رأيت عظمة المرأة في سهرها على شؤون أولادها بحب
ورصانة (3). لكني رأيت ضعف المرأة في عاطفة تبذلها تحيل أولادها إلى أناس فئويين.
رأيت عظمة المرأة في امرأة ترشد المتعبين والمتعبات. رأيت عظمتها في قوة حدس
النساء اللواتي أعرفهن. غير أني رأيت ضعفها في من تخاف أن يفوتها قطار الزواج.
رأيت ضعف المرأة في كل امرأة تقول في أعماقها: أنا عانس دون أن تصرح بذلك. رأيت
عظمة المرأة في جدة تحنو وترشد. رأيت عظمة المرأة في كل امرأة أمسكت حزنها
وعاطفتها بمقود الإيمان. رأيت المرأة العظيمة في من تقاوم التجارب، وتتصدى للصعاب.
لقد رأيت المرأة أعظم من الرجل مرات ومرات لا سيما في هذا الزمان ومع كبير الأسف،
يائس من مسيرة أغلبية بنات حواء مع الإعلام، فهن في نظري يتنقلن من دونية فرضتها
فوقية ذكورية مزيفة، إلى دونية يصبحن فيها جسداً يشتهى وحسب. وها هي حواء الآن
تزرح تحت أشكل من دناءة ودونية وذلك عندما تعرض جسدها ومفاتنها. ولكن واحسرتاه ممن
تستعرض مفاتنها لكنها تخشى الاغتصاب. واحسرتاه ممن تبيع جسدها لغرائز الرجال الذين
تشمئز منهم في قرارتها. واحسرتاه ممن تبيع جسدها لعيون المارة وكل عابر سبيل،
لكنها تدّعي القيم والأخلاق. واحسرتاه ممن زوّجت ابنتها وبقيت أصغر من كل بناتها.
واحسرتاه ممن ترى الزواج جميلاً لكنها تجهل شروط السعادة. واحسرتاه ممن لا تحب ولا
تحاور. واحسرتاه من امرأة لا تعرف شروط الحب. واحسرتاه من امرأة تعرض نفسها دون أن
تدري أنها تسقط أغلب الناظرين في شباكها. واحسرتاه من امرأة، تصر أنها مظلومة
لكنها مجرد جسد ومجرد نبع ثورة لشهوة الكثيرين من الذكور! واحسرتاه من امرأة تطلب
الأمومة ولا تعرف شروط تحقيقها والوصول إليها. واحسرتاه من أم زوّجت ابنتها وهي
نفسها لا تعرف لماذا تزوجت. واحسرتاه من امرأة تبدوجميلة للعين لا للعقل والقلب.
واحسرتاه من امرأة لم تدرك بعد أن الرصانة الناتجة والنابعة من الإيمان بالرب حررتها
من عبوديات كثيرة. واحسرتاه من امرأة تتزوج لمجرد أن الزواج سنة الحياة. واحسرتاه
من انسانة تنجب وهي ما تزال طفلة. واحسرتاه من إنسانة تربي، وهي نفسها بحاجة إلى
من يربيها.

 

إن
كل هذه التنهدات والحسرات وغيرها كثير، ترتسم أمام أذهاننا مراراُ كل يوم. ففي كل
يوم نكتشف وجهاً لضعف بشري ضائع في حنايا الغرائز والشهوات عند الرجل والمرأة بآن.
في كل يوم نرى ترابية الإنسان تتفجر عبث، وفي كل يوم يُهدر الكثيرون من جراء
التفاهات. ولكن أين المرأة اليوم في زاوية الإيمان؟ أين هي من مثالها العظيم أعني
بها والدة الإله مريم كلية القداسة؟ في الحقيقة شتان بين الثريا والثرى، فأين بنات
اليوم من مريم العذراء؟ ترى هل سمع الرب مريم والدة الإله تقول رأيها في ابنة هذا
الزمان؟ ترى ماذا تقول لو تكلمت؟

 

إنها
ستقول لو أُعطينا شرف سماعها: يا أبنتي إن قلبي يتفطّر حزناً عليكِ. لقد ضاع
كيانكِ وأخشى أن تسقطي إلى أقصى الدركات. يا أبنتي ماذا جرى حتى صار الجسد إلهاً
عليكِ؟ ما قيمة المفاتن تبذلين كيانكِ كله من أجلها؟ أهكذا تستعد الفتاة في زمانكِ
كي تدخل في قانا جليل أخر؟ أهكذا علمكن بولس في رسالته إلى أهل أفسس التي تتلى على
مسامعكن في العرس؟

 

بإختصار،
الكلام على كهنوت انثوي في هذا الزمان يبدوشبه نكته ومزحة تحرك فينا الكثير الكثير
من الضحك والقهقهات، فبالاضافة إلى أن الكنيسة لا تأخذ به، هناك مقهورية المرأة
وواقعها وامكانياتها التي لا تسمح لها بالمطالبة بكهنتها.

 

الكلام
عن كهنوت المرأة، يبدو أمراً لا معنى له؛ ومطلباً لا طائل تحته ولا جدوى من
تفعيله. وفي قناعتي أن الإنسان هو هو نفسه في كل مكان وزمان. فالمرأة في الغرب
ليست على حالة أفضل، والهموم الإنسانية عندها هي نفسها في كل مكان. المرأة في
الغرب ما تزال حتى اليوم تُضرب كما هو حالها في الشرق. وفي دراسة أُعلن عنها في
برنامج تلفزيوني، قيل أن أكثر من 60% من نساء الغرب يتعرضن للضرب من أزواجهن. ما
معنى هذا؟

 

هذا
كله يطرح عندي-من وجهة واحدة-عدم جدوى مسألة كهنوت المرأة. لماذا؟. أيعقل أن يكون
طرح موضوع الكهنوت الأنثوي مكافأة للمرأة على صبرها على ضيم الرجال وجورهم؟ أيعقل
أن يكون الكهنوت الأنثوي ثمناً لاحتمال الدونية؟ وكهنوت الرجال نفسه يُتعب جسد
المسيح، فماذا لو تكلمنا عن كهنوت النساء؟ الشيطان قائم في الأكليروس يقول الذهبي
الفم. والشكوى من الاكليروس كبير اليوم كما في الماضي. لقد وصف الأب شميمان رحمه
الله حالة الاكليريكيين فقال: “الناس يحبون الكهنة محبتهم للقبور(4)”.

 

لكن
عندما تتعامل مع الاكليروس في الصميم، فإنك ترى في الوقت نفسه مقدار عبوديتهم لما
يمكن أن يسمى فوقية الأكليروس. إنها عيب ومعاناة. ونحن نريد للكاهن كل الاشراق
لأننا نكن له كل حب.

 

ونعرف
أيضاً ظلم الرعية ومظلومية الكهنة. وهذه الظاهرة يقال بها الكثير إذا أردنا. كما
قد يظن بعض من ضاقت أفاقهم وصُغرت رؤيتهم أن الكهنة وظيفة لا معنى لها.

 

إن
مجتمعنا لا بل عالمنا لا يحتمل كهنوت المرأة وفي الوقت نفسه هومتعوب ومرهق من
الكهنة، وهذا ليس للإهانة، فالكهنوت نار ونور. وإذا كنا نقول هذا عن الرجال فماذا
عن النساء؟

 

لقد
أعفى ربنا نفسه المرأة من الكهنوت، أعفاها منه، رغم أنه جعلها أول المبشرات
بالقيامة. ربنا أحب المرأة لكنه في حكمته اللامتناهية لم يشأ أن يجعلها كاهنة.
والجواب على مسألة عدم كهانة المرأة، قائم في أعماق الله ومع ذلك فقد أحبها الله،
وفيها قال الرسول: “… لا ذكر ولا أنثى بل الكل واحد في المسيح”
(غلاطية3: 28).إن مريم كلية القداسة نسميها في أعماق القلب: “الأرحب من
السماوات”، ومع ذلك فالمرأة معفاة من الكهنوت دون أن ينقص ذلك من حب الرب له،
ودون أن يلحق هذا عيباً بأنوثتها وكرامتها وفرادتها. ترى كيف نجيب على كهانة
المرأة؟ هذا ما سوف نراه في الصفحات التالية من هذا الكتاب.

—————-

(1)
كهنوت المرأة ليس عقيدة، ولا وجود له في الكتاب المقدس

(2)
عندنا في الكنيسة مكانتان للمرأة، تستطيع حواء أن تختار هذه وتلك منهم، أعني بذلك:
الأم، والراهبة. نحن لا نعرف في الكنيسة مكانة للمرأة خارج هذين النطاقين

(3)
الفئوية والانعزالية من ثمار تربية خانقة ومخنوقة

(4)
راجع كتاب “من أجل حياة العالم” الأب الكسندر شميمان ص: 137 – منشورات
النور تعريب الارشمندريت توما بيطار

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى