اللاهوت الروحي

شخصيات حول الصليب



شخصيات حول الصليب

شخصيات
حول الصليب

حاملي
الصليب خلفه

(20
وبعدما استهزأوا به نزعوا عنه الارجوان والبسوه ثيابه ثم خرجوا به ليصلبوه.21
فسخّروا رجلا مجتازا كان آتيا من الحقل وهو سمعان القيرواني ابو ألكسندرس وروفس
ليحمل صليبه.)

(مرقس
15: 20 – 21)

مقالات ذات صلة

كان
السيد المسيح حاملا الصليب، متوجها بخطوات بطيئة وثابتة نحو جبل الجلجثة (الذي
يترجم الجمجمة) حيث المكان الذي اختاره الله ليتم عليه الفداء، انه جبل (المريّا)
نفس الجبل الذي شرع ابراهيم ان يقدم ابنه ذبيحة بشرية عليه، وكان وهما صاعدين،
اسحق يسأل ابيه: ” هوذا النار والحطب واين الخروف للمحرقة؟”، وكانت
اجابة ابراهيم “الله يرى له الخروف للمحرقة يا ابني”، (تكوين 22) وكانت
استجابة الله في الوقت المعيّن، ان المسيح جاء ليكون “حمل الله الذي يرفع
خطية العالم ” (يوحنا 1: 29).

وفي
الطريق، تصادف ان رجلا اسمه سمعان (قيرواني) اي انه مهاجر حديثا من بلدة القيروان
(ليبيا حاليا)، ربما استقر حديثا في ارض الموعد واشترى حقلا لكي يؤسس عائلة ويستقر
ويكون ثروة، كان سمعان راجعا من الحقل، متعبا منهكا، لم يكن يهتم كثيرا او قليلا
بما يحدث حوله من ضجة او احداث، او ان بريئا مصحوبا مع اثنين من المجرمين لتنفيذ
حكم الاعدام صلبا فيهم!!!، واذ بالجند الروماني يسخرونه ليحمل الصليب ويسير خلف
المسيح!!!.

كيف
ترى ردة فعل انسان، يجد نفسه مسخّرا لحمل صليب؟ هل وضع الله عليك صليبا او حملا
لتحمله لاحد؟ هل تشعر انك في مكان تحمل فيه اثقالا او اعباء لآخرين وليست لك؟
البعض في هذه الاحوال قد يتذمر، وقد يزداد الجفاء بينه وبين السبب في جعله يحمل
هذه الاحمال، وفي حالتنا ربما كان سمعان عليه ان يحقد او يرفض ان يتعاطف مع سبب
حمل الصليب؟

ولكن
لم يكن هذا هو الحال مع سمعان القيرواني، فان الوحي المقدس عندما يذكر اسم انسان
في البشارة، فهذا لتكريمه على مدى الاجيال، يذكر التقليد المسيحي، ان سمعان ذكر
اسمه البشيرون، لانه آمن بالسيد المسيح مخلصا وربا، وقد اصبح مشهورا في الكنيسة
الاولى، حتى ان يذكر اسمه، لان الناس تعرفه، وليس هذا فقط، فقد اسس عائلة مؤمنة،
فهو (أبو ألكسندرس وروفس) وهما شخصيتان ايضا كانتا معروفتين في الوسط المسيحي
الاول، وكان لهما نشاطا كبيرا في الكرازة والتبشير.

 

فيذكر
سفر الاعمال تواجد ألكسندرس (المشهور باسم اسكندر كما يذكر التقليد)، وكانت له
خدمة مع الرسول بولس: (فاجتذبوا اسكندر من الجمع. وكان اليهود يدفعونه. فاشار
اسكندر بيده يريد ان يحتج للشعب)(اعمال الرسل 19: 33) بل ان اخوه روفس ايضا كان له
خدمة كبيرة مع الرسول بولس (سلموا على روفس المختار في الرب وعلى امه امي.) (روميه
16: 13)، ويذكر الرسول ان ام روفس هي امه، فحتى الام زوجة سمعان ايضا كان لها نشاط
وخدمة لرجال الله القديسين.

 

والآن،
هل هذا يجعلك تتذمر اذا ما وجدت نفسك تحمل الصليب وتسير خلف المسيح، هل يشير اليك
الناس بأنك مسيحي وتسير خلف المسيح، فتنظر اليهم بفخر ورضى، هل تنظر الى الاحمال
والاثقال في خدمة الآخرين بطريقة مختلفة؟

 

العاطفيين

(27
وتبعه جمهور كثير من الشعب والنساء اللواتي كنّ يلطمن ايضا وينحن عليه.28 فالتفت
اليهنّ يسوع وقال. يا بنات اورشليم لا تبكين عليّ بل ابكين على انفسكنّ وعلى
اولادكنّ.)

(لوقا
23: 27 – 28)

البعض
قد يكون عاطفيا لدرجة ان يتأثر من أن المسيح يحمل الصليب ويسير في درب الآلام
وطريق الصليب متألما وداميا، قد يشعر ان المنظر مؤلم، يستحق الشفقة؟ او تجد ان
دموعك تنهمر من عينيك غصبا عنك؟ ولكن المسيح يقول لك، لا تبكي عليه، فهو ذاهب الى
الصليب من اجلك، هو يعرف ان بعد الصليب والموت هناك القيامة المجيدة، ولكن المطلوب
ان تنظر الى نفسك، فاذا لم تكن حتى الان متمتعا بالفداء وبعمل الصليب، فابكي على
نفسك وحالك، فانت ذاهب الى طريق الحياة، وهو تماما عكس طريق الحياة الابدية مع
المسيح.

لا
تبك على المسيح، لانه قائم من الاموات، ابك على نفسك وعلى خطاياك، اذا لم تكن
مغفورة ومغسولة في دم المصلوب القائم من الاموات.

 

هيرودس

(8
واما هيرودس فلما رأى يسوع فرح جدا لانه كان يريد من زمان طويل ان يراه لسماعه عنه
اشياء كثيرة وترجى ان يرى آية تصنع منه. 9 وسأله بكلام كثير فلم يجبه بشيء. 10
ووقف رؤساء الكهنة والكتبة يشتكون عليه باشتداد. 11 فاحتقره هيرودس مع عسكره
واستهزأ به والبسه لباسا لامعا ورده الى بيلاطس.)

(لوقا
23: 8 – 11)

لقد
وضع هيرودس صورة معينة عن يسوع، انه صانع المعجزات والآيات، وكان ينتظر ان يتسلي
بأن يرى (آية) أي معجزة او علامة منه!!

ولكن
يبدو ان هيرودس لم يفهم ان السيد يسوع المسيح لم يكن صانع المعجزات للتسالي او
للابهار، فهو صانع المعجزات للمحتاجين والطالبين الله بصدق واخلاص، لم يصنع يسوع
المعجزات للتباهي او للتسليه، او لان احدهم يطلب منه ان يصنع معجزة لاي سبب كان.
استجابة المسيح لاجراء المعجزة كانت بحسب الاحتياج وليس حسب الرغبة او الطلبة.

ولهذا
فكان التحول العجيب والسريع بين فرحة هيرودس بلقاء يسوع، ثم احتقاره له لانه وجد
ان يسوع لا يوافق الصورة التي افترضها، او ربما لانه شعر بأن رفض المسيح اجراء
معجزات التسالي احتقارا له ولمكانته الملكية.

وللاسف
فان كثير من الناس اليوم هم هيردوس، يطلبون المعجزة لكي يؤمنوا، وكأن الانسان هو
الذي يأمر الله باجراء المعجزة، وعلى الله السمع والطاعة والتنفيذ.

لا
ياعزيزي، السيد المسيح مستعد لاجراء المعجزة لكل من يؤمن، ولكنه لا يصنع المعجزة
اولا لكي تؤمن، فالايمان هو الذي يصنع المعجزات، ولكن المعجزات لا تصنع ايمانا!!!!!

 

المجتازون

هذا
الموقف المتكرر للسيد يسوع المسيح نجده في اكثر من مشهد في الكتاب المقدس، فعندما
جاء الشيطان ليجربه قال له (ان كنت ابن الله فقل لهذا الحجر ان يصير خبزا) ولم
يستجب له المسيح باجراء هذه المعجزة المبهرة (بحسب فكر الشيطان)، فالمسيح لا يصنع
المعجزات للابهار، وعندما كان المسيح على الصليب كان الجميع يسخرون منه قائلين
ويسجل الانجيل: (39 وكان المجتازون يجدفون عليه وهم يهزون رؤوسهم40 قائلين يا ناقض
الهيكل وبانيه في ثلاثة ايام خلّص نفسك.ان كنت ابن الله فانزل عن الصليب. 41 وكذلك
رؤساء الكهنة ايضا وهم يستهزئون مع الكتبة والشيوخ قالوا 42 خلّص آخرين واما نفسه
فما يقدر ان يخلّصها.ان كان هو ملك اسرائيل فلينزل الآن عن الصليب فنؤمن به.).
(متى 27: 39 – 42)

عزيزي،
حول الصليب، ظهرت شخصيات لا تفهم ارادة الله، وكانت طلباتهم تتحدى الله وتطلب ما
لنفسها، بدون ان تفهم حقيقة عمل المسيح على الصليب، فالمسيح على الصليب لتتميم عمل
الفداء الذي اعده الله منذ تأسيس العالم، ولن ينزل المسيح عن الصليب، حتى ولو كان
التحدي (لكي نؤمن بك)، فعمل الله بالفداء هو الذي يجعل الايمان به وبخلاصه سبيلا
للتطهير والتبرير من الخطية.

 

حول
الصليب كان هناك المجتازون، العابرون فقط، الناظرون من بعيد الى ظواهر الامور ولم
يهتموا بالسؤال عن جوهر الحقائق، النبؤات التي نطقها الانبياء والتي اخبرت عن كل
شيء قبل تحقيقها، فهل انت مجتاز، ام واقف تحت الصليب محققا ومدققا لكل الاخبار
والاحداث؟

 

المعجزة
لا تصنع الايمان، ولكن الايمان يصنع المعجزات.

هذا
ما قاله ابراهيم للغني عندما طلب منه ان يقوم لعازر من الاموات ويذهب لاخوته
ويحذرهم من المصير الابدي في العذاب، فكان رد ابراهيم:

(ان
كانوا لا يسمعون من موسى والانبياء، ولا ان قام واحد من الاموات يصدقون)

(اقرأ
لوقا 16: 19 – 31)

 

تعال
الى المسيح واطلب منه بالايمان، لا بتحدي ولا بطلب البرهان، وقتها ستنال استجابة
طلبتك، ان كانت توافق ارادة الله الصالحة المرضية الكاملة.

(الحق
اقول لكم ان كان لكم ايمان ولا تشكّون فلا تفعلون امر التينة فقط بل ان قلتم ايضا
لهذا الجبل انتقل وانطرح في البحر فيكون. وكل ما تطلبونه في الصلاة مؤمنين
تنالونه)

(متى
21: 21 – 22)

 

الجموع
الهاتفة

(والجموع
الذين تقدموا والذين تبعوا كانوا يصرخون قائلين أوصنا لابن داود.مبارك الآتي باسم
الرب.أوصنا في الاعالي.10 ولما دخل اورشليم ارتجّت المدينة كلها قائلة من هذا)
(متى 21: 9 – 10)

عندما
دخل المسيح الى اورشليم الدخول الانتصاري، كان يحقق النبؤة الواردة في سفر زكريا
(ابتهجي جدا يا ابنة صهيون اهتفي يا بنت اورشليم.هوذا ملكك يأتي اليك هو عادل
ومنصور وديع وراكب على حمار وعلى جحش ابن اتان) (زكريا 9: 9)

وكانت
الجموع تهتف له فرحة (أوصنا)، والكلمة من أصل آرامي ومعناها (خلصّنا)، فمن اي شيء
كان يطلب الشعب الخلاص؟

يبدو
ان الامور كانت مختلطة على الجموع، فقد كانوا يطلبون الخلاص من الاحتلال الروماني،
الذي اغتصب حريتهم، واخذهم أسري وحدد ارادتهم، والسيد المسيح جاء ليخلصهم ويعطيهم
حريتهم، فهو القائل (ان حرركم الابن، فبالحقيقة تكونون احرارا) (يوحنا 8: 34 – 36)
ولكنه، كان يتكلم عن الحرية من عبودية ابليس والشيطان، ولم يكن لهذا طريق او وسيلة
الا طريق الصليب.

 

نعم
ففي الصليب، انتصر المسيح على مملكة الظلمة وعلى جميع رياساتهم وسلاطينهم (.14 اذ
محا الصك الذي علينا في الفرائض الذي كان ضدا لنا وقد رفعه من الوسط مسمرا اياه
بالصليب.15 اذ جرد الرياسات والسلاطين اشهرهم جهارا ظافرا بهم فيه) (كولوسي 2: 14
– 15)

هذا
ما لم تفهمه الجموع، فنفس الاصوات التي صرخت له (أوصنا) وهتفت له كملك، هي نفسها
التي صرخت ضده (اصلبه، دمه علينا وعلى اولادنا)، عندما لم تفهم كيف سيحررهم السيد
يسوع المسيح وكيف سيجعلهم بالحقيقة أحرارا.

والان،
فلننظر الى انفسنا، هل انت واحد من (الجموع الهاتفة) فاذا قالوا هو الملك، قلت
معهم، واذا قالوا فلنصلبه ونتخلص منه، صرخت ايضا معهم؟ هل انت واحد من الجموع
تتحرك بمن يحركك، ام انت واحد من الذين كان لهم فكرا مختلفا، وظل مع المسيح الملك
واقفا تحت الصليب، مع امه العذراء ويوحنا الحبيب؟

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى