علم الكتاب المقدس

السماوات الجديدة والأرض الجديدة



السماوات الجديدة والأرض الجديدة

السماوات
الجديدة والأرض الجديدة

(من
له أذنان فليسمع ما يقول الروح للكنائس من يغلب فإني أوتيه أن يأكل من شجرة الحياة
التي في وسط فردوس الله).(رؤ 7: 2)

قلنا
في مقدمتنا لهذا الكتاب أن تاريخ الخلاص يقع بين مشهدين اثنين يؤلفان مقدمة
المأساة وخاتمتها أعني مشهد الفردوس المفقود ومشهد مدينة الله، وبعبارة أخرى مشهد
ما كان يمكن أن يكون ومشهد ما سوف يكون حين يفرغ الله من عمله الخلاصي. ولكننا
أضفنا فوراً أن هذين المشهدين هما بمثابة منارتين تلقيان النور على كل ما يقع
بينهما.

 

وقد
رأينا في الحقيقة خلال جولتنا في ما يسميه التقليد عن حق (التاريخ المقدس) أن
انتظار ملكوت الله يعطي هذا التاريخ معناه الحقيقي من أوله إلى آخره. فالآباء
والأنبياء (انتظروا الوعود ورأوها وحيّوها من بعيد) (عب13: 11). وفي يسوع اقترب
الملكوت من البشر ونعمت الكنيسة بعربونه، فصارت تنتظر بيقين كلي (السماوات الجديدة
والأرض الجديدة حيث يسكن البر).

 

وفي
الصفحات الأخيرة من الكتاب المقدس محاولة لوصف المجد الآتي. أقول (محاولة) لأن
اللغة البشرية تصبح تعتعة كلما كانت القضية وصف الحقائق الأبدية. فأورشليم الجديدة
تلبس بهاء الحجارة الكريمة وهي مصنوعة من ذهب نقي شفاف. أما الظلمات فقد ابتلعها
النور وليس بعد من ليل (ولا حاجة للمدينة إلى الشمس ولا إلى القمر ليضيئاها لأن
مجد الله أنارها والخروف مصباحها) (رؤ32: 21). (والأمم يحملون إليها مجدهم) (رؤ24:
21) فيُفتح لهم من جديد سبيل إلى شجرة الحياة (رؤ1: 22- 2، أنظر تك 22: 3).

 

فما
معنى مجد الحمَل هذا؟

إن
سر الحمل هو سر المحبة التي تقدم نفسها وسر الله بالذات. هذه المحبة هي التي تهيمن
على كل تاريخ العالم وهي التي أوحت عملية الخلق التي دعا الله بها العالم إلى
الوجود، كما كانت في أساس أفعال النعمة المتوالية التي رأيناها في التاريخ. وأخيراً
المحبة هي سبب العملية النهائية التي فيها يُزال آخر مظهر من مظاهر الموت ويُقام
مقامه مُلك المحبة المنتصرة.

 

ويسوع
المسيح هو الحمَل الذي لا عيب فيه ولا دنس، الذي اختير (منذ إنشاء العالم) (1بط 19:
1- 20) ليُعِلن للناس، بذبيحته الطوعية، قصدَ الله الخلاصي بالنسبة إليهم والمحبة
غير المحدودة التي أغدقها الله عليهم.

 

وهكذا
فإن مأساة الحرية الإنسانية تنتهي بانتصار الله، أعني المحبة التي تقدم ذاتها إلى
المنتهى وتُفلح في إثارة الجواب الذي تلتمسه، والذي ما كانت تستطيع أن تفرضه فرضاً
مخافة أن تخون ذاتها: فهي تدعو إلى الوجود بشرية جديدة حرة وابنة الحرية، بشرية
(على صورة الله).

 

ويمكن
لهذه البشرية أخيراً أن تتأمل ربها وجهاً لوجه وتعرفه كما عرفها هو أيضاً (1كور12:
13).

 

(آنئذ
نصبح شبيهين به لأننا سنشاهده كما هو) (1يو 2: 3).

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى