(3) مبدأ التغصب :
سئل الأنباأغاثون ذات مرة : ( أية فضيلة أعظم فى الجهاد؟) فأجاب : ( ليس جهاد أعظم من أن تصلىدائما لله. لأن الإنسان إذا أراد أن يصلى كل حين حاولت الشياطين منعه لأنهم يعلمونأنه لاشئ يبطل قوتهم سوى الصلاة. كل جهاد يبذله الإنسان فى الحياة ويتعب فيه لابدوأن يحصد منه أخيرا الراحه ... إلا الصلاة. فإن من يصلى يحتاج دائما الى جهاد حتىآخر نسمه ) وهكذا علمنا السيد المسيح قائلا " ملكوت السموات يغصب والغاصبونيختطفونه". (مت 11 )
لذلك إذاوجدت يا أخى الحبيب إشتياقا للصلاة أشكر الرب واستثمر هذه المشاعر للثبات والنمو فىصلاتك ... أماإذا وجدت مشاعرك جافه فلا تستسلم بل إغصب نفسك.
وصدق القديس مار إسحق عندما قال : ( ‘ن عظمة الصلاة لا تقاس
بمقدار ما فيها من تعزيات . وإنما بمقدار ما فيها من جهاد ) وللقديسأنبا مقار الكبير قول رائع يقول : ( الصلاة الروحانية تتولد من الصلاة الجسدانية. فإن لم تكون لك صلاة الروح فجاهد فى صلاة الجسد وحينئذ ستعطى صلاة الروحإنمبدأالتغصب أيها الحبيب هو مبدأ هام وعام ... فالطالب والتاجر والزارع. كل منهم يحتاجأن يغصب نفسه ليتعب حتى يستمتع بثمرة تعبه.
إنه قانون إلهى :" الذين يزرعون بالدموع يحصدونبالإبتهاج " والله عندمايرى أمانة إنسان فى جهاده لإقتناء حياة الصلاة لابد وأن يعطيه معونة وتعزية حسبمشيئته ... وما أروع تشبيه القديسة سينكلتيكى فى هذا الشأن عندما قالت الذين يطلبون الله بكل قلبهم يتعبون فى البداية كثيرا وهم يغصبون أنفسهم فى الجهاد ثم بعدذلك يستريحون ... إنهم مثل أناس يوقدون نارا ... ففى البداية يصعد دخان وتدمععيونهم ... فإذا صبروا يحصلون بعد ذلك على المطلوب ... ولأنه مكتوب أن " إلهنا نارآكلة " عب 12 : 29 " لذلك علينا أن نغصب أنفسنا هكذا.
4) الهدوء والسكون :
هناك قصة رائعة معبرة فى بستان الرهبان عن شاب ذهب إلى أبيه الروحى يشكو إليه تشتيت فكره أثناء الصلاة وعدم شعوره بأية تعزية ..
أحضر الشيخ المختبر إناء ووضع فيه ماءا وألقى فيه حصاة فأحدثت تموجات فى الماء ... فأمر المعلم تلميذه أن ينظر بوجهه إلى الماء فى الإناء ... فلما سأله عما يرى أجاب : إنى أرى خيالات ... ثم انتظر المعلم حتى هدأت وأمر تلميذه أن ينظر ثانية وسأله ماذا يرى؟ فأجاب: إنى أرى وجهى كما فى مرآة ... فقال له المعلم : ( هكذا يا إبنى. إذهب وإهدأ مع نفسك وأنت تجد التعزية فى صلاتك ...)فالسكون أو الهدوء من أهم العوامل المساعدة على الوصول إلى الصلاة القوية ... والسيد المسيح مثلنا الأعلى فى هذا أحب الهدوء والسكون جدا وخاصة أثناء صلواته التى تعطينا مثالا لكى نتبع خطواته (1 بط 2 : 21 )
فقد قال الكتاب :" خرج إلى الجبل ليصلى. وقضى الليل كله فى الصلاة" (لو 6 : 12)
" وفى الصبح باكرا جدا قام وخرج ومضى إلى موضع خلاء وكان يصلى هناك (مر 1 : 35 )
فالصباح الباكر جدا أو الجبل نجد فيهما قمة الهدوء والسكون ... وكذلك الليل الذى إختبرالمرتل حلاوة الصلاة فيه قال :" فى الليالى إرفعوا أيديكم إلى القدس وباركوا الرب" (مز 134 : 2 )
حتى أن مار اسحق يقول :" الليل مفروز لعمل الصلاة" أى أن الله جعله خصيصا لأجل الصلاة.
إن أردت ياأخى الحبيب شبعا بصلاتك وفر لنفسك فرص السكون سواء بالمنزل حسب الظروف والمكان أو بالذهاب لفترا خلوة بالجبل
(5) الوضع الجسدى والصلاة :
نخطئ إذا ظننا أن الله يهمه فقط حالة القلب فى الصلاة دون النظر للجسد ... لا تنخدع ياأخى بهذا الفكر فكثيرون إنخدعوا به ... إن خشوع الجسد فى الصلاة من شأنه أن يعكس حالة وحرارة الروح والقلب ... فكما يقول قداسة البابا – حفظه الرب – ( الجسد هو الجهاز التنفيذى لمشيئة الروح الوقوف فى الصلاة هو الوضع الشائع ... فإذا وقفت فإجتهد أن يكون وقوفك بخشوع وإحترام يليقان بالواقف أمامه
... وغالبا ما يرتبط وقوف الجسد يرفع الأيدى ... ولمار اسحق قول عميق فى هذا المعنى يقول ) إبسط يديك للصلاة قبل أن يرخيهما الموت
والبعض الآخر قد يصلى جاثيا أو راكعا مثلما يقول الرسول:" أحنى ركبتى لدى أبى ربنا يسوع المسيح " ( أف 3 : 14 )
وقد ينسحق الإنسان جدا حسب مشاعره فيخر على وجهه ليلامس الأرض ... والسيد المسيح نفسه فى بستان جثيمانى ... " خر على وجهه وكان يصلى " ( مت 26 : 39)
على كل حال يا أخى ... الوضع الجسدى الذى يناسبك صل به ، ولكن إحذر خداعات الجسد ... فهناك قصة معبرة فى البستان عن أب راهب كان إذا عزم أن يقف ليصلى تأخذه حمى وقشعريره مقترنة بصداع شديد ... فكان يقول فى نفسه : ( يا شقى لعلك تموت هذه الساعة فإغتنم صلاتك قبل موتك ) وهكذا كان يتمم صلاته ... وبمجرد إنتهاءها كانت تسكن عنه هذه الأوجاع ، فلقد كانت من حيل العدو وخداعه ليعوقه عن الصلاة إذ يعلم العدو تماما أنها تبطل قوته
(6) كلمات الصلاة :
من أكثر الصعوبات التى تقابلنا فى الصلاة كمبتدئين هى أننا لا نجد كلاما نقوله ... ربما يحدث هذا لأننا نريد أن نرتب صلواتنا بالفاظ لغوية قوية .
ليست هذه هى الصلاة يا أخى ... إذا أردت أن تستمتع بصلاتك فإنطلق على طبيعتك فى الكلام مع الله كصديق بعيدا عن قيود اللغة وجمال الالفاظ .
ويمكنك كتدريب بسيط – ولكنه قوى – أن تحول كلمات الإنجيل إلى صلوات ... فما أروع تشبيه الكتاب المقدس والصلاة بالنورين العظيمين ( الشمس والقمر ) اللذين خلقهما الله فى اليوم الرابع. فالنور الأكبر (الشمس) هو الكتاب الذى يحكم علاقاتنا أثناء النهار أما النور الأصغر ( القمر ) فهو الصلاة التى تنير الليل ... فكما يستمد القمر نوره من الشمس هكذا الصلاة تستمد كلماتها من آيات وقصص الكتاب
ثم ماذا يا أخى عن صلاة المزامير!! لا يوجد شخص عبر التاريخمثل داود إجتاز مشاعر بشرية متباينة ما بين الفرح والحزن والضيق والمعونة ... الخ
وقد صب كل هذه المشاعر فى مزاميره. لذلك يقول مار اسحق : ( ليكن لك محبة بلا شبع لتلاوة المزامير لأنها غذاء الروح ) وسوف ترى حالتك فى المزامير وكأنها كلماتك
وأما بالنسبة للصلاة الدائمة ( صلاة يسوع ) فلا يعرف قيمتها إلا الذى إختبرها ... وهى طلبات قصيرة لأجل ظروفك واحتباجاتك وإحتياجات الغير وكلها مقترنة بذكر إسم ربنا يسوع المسيح مثل
( ياربى يسوع المسيح قدس فكرى
ياربى يسوع المسيح حررنى من خطية "كذا" ) ................. وهكذا
ياارب تناال اعجباكم
منقوول
صلواا من ااجلى