تذكرنــي
التسجيل التعليمـــات التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة
يمكنك البحث فى الموقع للوصول السريع لما تريد



القصص النصية هنا هتلاقى قصص جميلة نصية وممكن تكون مواضيع حلوة ونتعلم منها الكثير والكثير

مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع أرسل هذا الموضوع إلى صديق أرسل هذا الموضوع إلى صديق


بكاء شعب كنيسة بأكمله!

X كان يسير "فادى" في طرقات مدينة القاهرة الواسعة والمبهجة المنظر، فهو نادراً جدااا ما كان ينزل ليزورها، وهذه المرة سيستقر بها لمدة قصيرة. ظل يسير بنشاط الشباب الى ان

اضافة رد

 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع

رقم المشاركة : ( 1 )
الصورة الرمزية Dr.PeRO
Dr.PeRO
ارثوذكسي متألق
Dr.PeRO غير متواجد حالياً
 
رقم العضوية : 14307
تاريخ التسجيل : Jan 2008
مكان الإقامة : شبرا- القاهرة
عدد المشاركات : 719
عدد النقاط : 28
قوة التقييم : Dr.PeRO is on a distinguished road
بكاء شعب كنيسة بأكمله!

كُتب : [ 04-10-2011 - 03:42 PM ]


بكاء كنيسة بأكمله! 1301594082731.gif

X كان يسير "فادى" في طرقات مدينة القاهرة الواسعة والمبهجة المنظر، فهو نادراً جدااا ما كان ينزل ليزورها، وهذه المرة سيستقر بها لمدة قصيرة. ظل يسير بنشاط الشباب الى ان اخذته قدماه لكنيسة فخمة المنظر ذو هيبة وعظمة وابداع فى تصميمها. كانت الساعة تقترب من السابعة والنصف صباحاً، وما ان دخلت قدماه ساحة الكنيسة الواسعة حتى شعر وكأنه عاد لوطنه وهجر غربته، فالكنيسة هى أهله حيث يجد ملاذه بين احضانها المُحبة.
X أسرع فادى ليكون أول الحاضرين للقداس الإلهى، فهو يعلم ان اليوم هو الجمعة وحسب تخيله فإن الكنيسة ستكون مكتظة بالناس، وما ان دخل حتى تسلل بعض الحزن الى قلبه، فلم يجد سوى أقلية ضئيلة من الشعب، وعندما دقق النظر لهؤلاء الحاضرين فلم يجد اي شاب أو شابة سواه! ظل فادى واقفاً ولم يشأ الجلوس مطلقاً، والكاهن كان يصلي صلاة رفع بخور باكر ولم يبدأ فى صلاة القداس نفسه.
X ظل فادى واقفاً ووجه يبدو عليه علامات الاندهاش، بدأ الكاهن فى اختيار الحمل، فلقد بدأ القداس و لم يزد عدد الحضور سوى القليل جدا!! ظل فادى واقفاً لأنه يحترم ويوقر القداس الإلهي بشدة فهو يدرك جيداً انه تجسيد وإعلان لعمل الآب الفدائي لأجل البشرية أجمعها.
X وما هى إلا لحظات ولمح فادى شابين يهرعان نحو الهيكل ومع كل منهما حقيبة بلاستيكية، كانا الشابين قد تأخرا عن ميعاد القداس ولكن الكاهن وافق وصلى لهما ليرتدوا التوني.
أستمرت صلاة القداس حتى وصلت "للكاثيليكون" فنظر فادي مرة آخرى للكنيسة فرأي ان الكنيسة قد أمتلأ نصفها فقط، وهذا ما أحزنه ثانية...
X أسترد تركيزه وخشوعه المعتاد فى الصلاة .. ثم كان الشماس القارئ يتلو فصل من إنجيل يوحنا الإصحاح السادس: "من يأكل جسدي و يشرب دمي فله حياة ابدية و انا اقيمه في اليوم الاخير. لان جسدي مأكل حق و دمي مشرب حق. من ياكل جسدي و يشرب دمي يثبت فيّ و انا فيه. كما ارسلني الاب الحي و انا حي بالاب فمن ياكلني فهو يحيا بي" دمعت عيناه حينئذ لأنه تأمل في مدي محبة الله وتدابيره الكاملة الحكمة لأجل خلاص أولاده، فهو يعرف جيداً ان أقرب مكان يتقرب فيه الله للإنسان هو أحشائه، لذلك يريد الله ان يكون بداخل كل ابن له، روحياً وجسدياً: فيبارك روحه ويغسلها ويتحد بجسده فيجعله نيراً.
X استمر الكاهن يتلو صلواته ويرد الشمامسة والمعلم مرداتهم، ولكن كثيراً ما كان ينتفض فادى ويبرق بعينيه الجميلتين نحو المذبح متحيراً مما يفعله الكاهن من التعجل الملحوظ فى كثير من الصلوات بطريقة مهينة، أما الشمامسة والمعلم والشعب فكساهم الضجر والملل فاصبحوا كأفواه تتحرك وألسنة تصيح، أما قلوبهم فميته! فكثيرا ما كان يسمع اصوات تتحدث وآخري تضحك وأخرى تتمتم ... مرت دقائق آخرى حتى انتبه فادي لصوت الكاهن القائل: "ارفعوا قلوبكم"، فرد عليه الشعب بفتور ورياء شديدين: "هى عند الرب"! استعجب كثيراً وامتزج شعوره بالاشمئزاز من تلك الصلاة الطقسية الروتينية البحتة!
X انتهى القداس و ابتدأ الحضور فى الانصراف، وهم فادي ايضاً لينصرف لكنه لمح شاب فى مقتبل العشرينات يبدو عليه بعض علامات الفقر وهو يسند بيمينه رجل عجوز ويحمل بيساره تونيته. ظل فادي يراقب الشاب عن كثب وظل يسير من وراءه وكأنه يمني نفسه بالتحدث إليه، ولكنه يمتنع!
أحس الشاب بأن شاب آخر (فادي) يتعقبه الى ان وصل بوابة الكنيسة الخارجية، حينئذ تلفت إليه بشاشة ووداعة قائلاً: "تعيش وتصلي يا أخى، مبروك عليك النعمة"، اكتفي فادي بابتسامه رقيقة وكلمة "شكراً". ثم سأله الشاب عما إذا كان يريد شيئاً منه، فأشار فادي بالايجاب، وقال له: "نعم، انا غريب عن القاهرة وسأمكث فقط فترة قليلة أقضى فيها بعض الأمور ثم أرحل، وأريد ان اتمتع بأكبر قدر وشبع من الكنيسة، أيمكنك مساعدتى وإخباري بمواعيد وأنشطة الخدمات هنا؟"، رد عليه الشاب: "بالطبع هذا من دواعي سرورى، يمكنك المجئ هنا فى تمام الساعة الخامسة ظهراً، فهذا ميعاد اجتماع الشباب ويوجد به أيضاً عظة ممتعة بعنوان (الشباب والمسيح)، سأحضر وأتمنى رؤيتك" عندئذ شكره فادى وانصرف كل واحد لسبيله.
X عاد فادي ثانية فى تمام الخامسة للكنيسة وقابل هناك الشاب الذي حياه قائلاً: "سعدت برؤيتك أخى"، شكره فادي وأتخذ لنفسه مقعداً أمامياً وهو منتظر بدأ الاجتماع.
بدأ الاجتماع بصلاتى الغروب والنوم من الأجبية، ووقف الجميع يصلي ولكن الغريب فى الأمر ان فادي لم يشأ ان يكمل صلاته معهم وظل واقفاً وهو صامت ووجه به علامات الغضب! فلم يعتاد على مثل هذه الصلاة من قبل مطلقاً .. كانت الصلاة كمثل صوت "البغبغنات"، خالية من أى روح وخشوع، وما قد مرت بعض الدقائق حتى تم الانتهاء من "نسف" الصلاة. هنا جلس فادى ولازال يبدو غاضباً. ثم بدأ خدام الاجتماع فى الترتيل والتسبيح ولكن العدد كان قليل بعض الشئ، حينئذ قاطع الشاب افكار فادي وسأله عن ملامح وجه الغاضبة ثم جلس بجواره.
X تهرب فادي من السؤال، فلم يشأ إحراج الشاب، فوجه له سؤال: "انا اسمي فادي، وحتى الآن لم اتعرف عليك، فما هو اسمك؟" أجاب الشاب: "أنجيلوس"، هنا ابتسم فادي وقال له "اسم على مُسمي، أنجيلوس تعنى (ملاك) وانت فقط تحتاج لبعض الاجنحة لتطير"، ضحك أنجيلوس وأحمر وجهه واستطرد قائلا: "لست شيئاً يا فادي، فلم أعش يوماً واحداً على الارض بدون خطية حتى أكون كملاك". ابتسم فادي لأنه رأي تواضع الشاب ثم صمتا كليهما لأن العظة أوشكت على البدأ.
استهل الخادم الواعظ حديثه ببعض الآيات من الكتاب المقدس مثل: "أذكر خالقك فى أيام شبابك" ثم ابتدأ يتعمق رويدأ رويداً حتى رفع فادي يديه وسأله سؤال غريب: "أين الشباب الذي تخاطبه؟" فاحمر وجه الخادم من جرأة السؤال، فحتى تلك اللحظة لم يكن سوى القليل من الشباب، أما الباقى فكانوا يقفون خارج الكنيسة فى الساحة يتحدثون ويلهون ويضحكون، فتهرب الخادم من السؤال ورد قائلاً: "انهم فى طريقهم للاجتماع الآن، لحظات وسيمتلئ الاجتماع، لا تتعجل". ثم أشار الخادم وهمس لبعض الخدام الآخرون، وهم بدورهم خرجوا خارجاً كى يطلبوا الشباب للدخول، وفعلاً لم تمض سوى لحظات حتى امتلأت الكنيسة -رغم وسعها- من شباب الجنسين، فتلفت فادي لهم وعيناه حزينتين مما يحدث، ومن مظهر هؤلاء الشباب، فملابسهم توحى بأنهم على مشارف الدخول لملهى ليلي وليس إجتماع روحى! تعجب فادي بشدة وأحس ان قلوبهم لا يسكنها الروح القدس، وأدرك ان تناولهم من الأسرار المقدس ما هو إلا تناولهم لدينونة إضافية تضاف لخطاياهم.
X مرت ساعة ونصف حتى انتهى الخادم من عظته، ولكنه أعلن فى النهاية ان نيافة الأسقف سيحضر اليوم للكنيسة فى تمام الثامنة والنصف، ليبارك صلاة إكليل أمين خدمة شباب، الاستاذ يعقوب، فاليوم هو يوم زفافه على تاسونى عفاف الخادمة بالكنيسة فى المرحلة الثانوية.
هم الجميع بالانصراف كى يستريحوا ويستعدوا لحضور الاكليل، فالجميع يريدون المجاملة في هذه المناسبة الفريدة. حينئذ هم فادي للانصراف ولكن أنجيلوس قاطعه قائلاً: "هل لك فى الساعات المقبلة أى مشغوليات ستفعلها؟" فأجاب فادي بالنفي، وأوضح أن أموره يمكنه فعلها لاحقاً، فسأله انجيلوس ان يحضر اليوم الاكليل ليأخد بركة سيدنا الاسقف، ثم يذهبا معاً للتنزه على الكورنيش، فهو لديه بعض الاسئلة التى يود توجيهها لفادى. حينئذ وافق فادي وابتسم ثم انصرف ووعده بالحضور فى الموعد المحدد.
X لكن فادي لم يترك الكنيسة لأنه لاحظ ان سيارة فخمة قد دخلت ساحة الكنيسة ونزل منها أب كاهن عرفه فادي على الفور، فهو من صل القداس باكراً. أسرع الكاهن بخطى نشيطة الى حجرة بالدور الأرضى لمبنى الخدمات الملحق بالكنيسة، فراقب فادي الوضع عن قرب ولاحظ تعالى بعض الاصوات، فاقترب أكثر فوجد ان هناك مشاجرة كلامية بين بعض النسوة وبين رجل يبدو أنه المسئول هناك عن إحدي خدمات الكنيسة، فسأل فادي عن سبب المشاجرة، فأجابته إحدى الواقفات هناك قائلة: "الاستاذ مجدى لم يعطينا الزيادات التى وعد لنا بها أبونا متياس، فانت تعلم ان الحال أصبح صعباً للغاية فالذي تعطيه لنا الكنيسة لا يكفينا على الاطلاق، وكثيرين منا لا يتحمل مشاق العمل والبحث عنه، فنحن أغلبنا أرامل كما تعلم ولا نستطيع هجر أطفالنا وحدهم فى المنزل"، ثم ضحكت ضحكة تبدو عليها الألم واستطردت حديثها قائلة: "الناس بتقول عن استاذ مجدى انه من الآخر (حرامى) وبيأخذ لنفسه من مال إخوة الرب، وأغلبنا يصدق هذا الكلام لأننا لا نرى منه إلا المعاملة الجافة واليد الجافة أيضاً، ولما بنتكتف عليه ونحيطه بوابل من الأسئلة المحرجة يتهرب ويصيح لنا بأنه يعطى فقط بحسب المال المخصص لنا (لا أكتر ولا أقل) ويتعلل بأن أبونا راتبه الشهري بيصل لسبعة آلاف جنيه والدليل هو تغييره للمرة الثالثة على التوالى لسيارته الفخمة، بخلاف مسكنه المترف وأولاده الذين يدرسون بالمدارس الخاصة! ولكن البعض الآخر يقول ان أساسى راتب أبونا هو ألفين فقط والباقى يتقاضاه عن طريق التبرعات والهدايا وصلوات الاكاليل وتبريك المنازل وخدمات أخري".
X أشتد غضب فادي للغاية وامتزج بحزن شديد على ما يراه وما يسمعه، فهناك أيضاً مشاجرة حادة بين استاذ مجدى وبين أبونا متياس فيها يرشق كل أحد الثاني بتعبيرات جارحة بل واتهامات مخجلة!
ترك فادي الجميع ومضى حزيناً وهو يتمتم بداخله الآيه القائلة: "بيتي بيت صلاى يُدعى وأنتم جعلتموه مغارة لصوص"، وذلك لأنه رأي أن الجميع يرضخون لغربلة إبليس ولا من أحد ليستفيق! ومن شدة تأثره قرر ان يترك الكنيسة ولا يأتى ثانية لكنه تذكر وعده لأنجيلوس، وفيما هو واقف سمع أصوات تراتيل جميلة خارجة من أحد الأدوار العلوية لمبنى الخدمات، فقرر ان يذهب ليتمتع بتلك الأغانى الروحية أو "الصلوات المُلحنة" كما يحب أن يطلق عليها، فصعد حتى دخل قاعة وعلم انها "بروفة نهائية" لكورال الكنيسة، بعدها سيتوجهون مباشرة لإحياء حفل روحى بإحدى كنائس المنطقة، كان يحضر البروفة بعض أهالى المرنمين، فجلس فادي وسطهم ليسمع، وبعد فترة تعجب لأنه يري أن أغلب التراتيل الفردية، أى "الصولو" تؤديها "مارتينا القس" وهى إحدى بنات أبونا متى الكاهن الأكبر بالكنيسة، ورغم ان صوت مارتينا لم يكن بالصوت الرائع، لكنها أدت ثلاث ترانيم فردية لم يعاونها فيها باقى الكورال سوى فى مقاطع بسيطة! وزاد تعجبه بأن أغلب الصف الأمامى يقف فيه المرنمات بزي موحد وهو تنورات قصيرة بعض الشئ، هنا تذكر فادي قول الرسول: "احكموا فى انفسكم هل يليق بالمرأة ان تصلي الى الله وهى غير مغطاة؟" وفيما هو مستمع سمع صوت أجراس الكنيسة تدق فعلم ان الاسقف قد حضر، فنزل ليحضر الاكليل ويقابل انجيلوس كما عزم.
X اندهش عندما وجد كل من بالكنيسة يهرع راكضاً كى يحظى بيد الأسقف ليقبلها، وكأنه سيعطيهم الحياة الأبدية!! بينما هم لا يفعلون بالمثل عندما تدق أجراس الكنيسة لتعلن بدأ صلاة القداس! بل وأكثرهم يتكاسلون ويرفضون الحضور حتى ولو مرة إسبوعياً.
دخل فادي الكنيسة وجلس فى المقاعد الخلفية، فهو غير مدعو فى هذه المناسبة، ونظر ليلقى نظرة على العروسين، فرأى العروس ترتدى "صدرة" فوق فستانها الأبيض الغالى الثمن، فعلم ان هذه الصدرة ليست طقساً كنسياً وانما هى لتغطية نصفها العلوى لأنه عارى وهى واقفة أمام الهيكل للصلاة. بدأت الصلاة منذ لحظات ولكن أحد لم يصمت لسماعها بل لازال هناك أحاديث ومقابلات وتحيات وضحكات بداخل الكنيسة، فكان الاسقف يقاطع الشعب ويحثهم للهدوء، فيهدئون قليلا ثم يعودون مرة أخرى لضوضائهم! حزن فادي مما يراه، ولكنه لحظات ورأي ما هو مخجل بالحقيقة، رأى السيدات والشابات وهم يرتدون ملابس عارية وقصير أو ملابس تبرز أجسادهن، وكأنه إحتفال دنيوى وليس سر مقدس، غير مباليات لآية الرسول: "وكذلك ان النساء يزين ذواتهم بلباس الحشمة مع ورع وتعقل لا بضفائر أو ذهب أو لآلئ أو ملابس كثيرة الثمن". حينئذ ذهب فادي وألتقى بأنجيلوس واعتذر له بأنه لا يستطيع استكمال الاكليل فهو حزين ويود الانصراف، حينئذ بادره أنجيلوس وعرض عليه ان يوصله لمنزله لكى يتحدث معه فى الطريق، ألح أنجيلوس عليه لأنه يمتلك الكثير من الأسئلة التى يريد اجاباتها من فادي.
X حينئذ وافق فادي وخرجا كليهما خارج الكنيسة، ودار بينهما حديث شيق للغاية، بدأ الحديث بأن سأل انجيلوس فادي عما فعله طوال اليوم وعما رآه وعن انطباعه عن الكنيسة وشعبها... اجابه فادي وقص له اليوم من بدايته لحظة بلحظة، لكنه سرد كل كلماته بحزن عميق.
أنجيلوس: "ما سر حزنك المتواصل الذي أراه فى عينيك منذ الصباح حتى الآن؟"
أجاب فادي: "لقد حكيت لك كل ما مر في يوم واحد فى كنيستك، وانت مازلت تتعجب عن سبب حزني!! ولكنى سأجيبك عن السبب بثلاثة كلمات، وهي: عدم – احترام – الله" ثم قاطعه أنجيلوس: "ليس معنى انه يوجد سلبيات، انه لا يحترم الناس الله!"
رد فادي: "الاحترام ليس بالقول يا انجيلوس، الاحترام فعل مثل أي فضيلة آخرى كالحب أو العطف أو العدل، لقد أحب الله العالم، فقال لهم هذا ولكنه لم يكتف بالقول بل جسده بظهور أقنوم الابن، كذلك يجب على البشر الكف عن مخاطبة الله بالاقوال فقط، فيخاطبونه بالاقوال والأفعال معاً".
أراد انجيلوس ان يكسر حزن فادي فقال له: "اذن ما رأيك بعظة اليوم باجتماع الشباب؟" فتفاجأ انجيلوس من رد فادي القاسي: "ليس لها أية قيمة، فالمتكلم يُخرج روحيات لا يعيشها ولم يختبرها هو، كمثل ساكني الصحراء وهم يتحدثون عن الجليد!! أما الشباب والشابات، فهم لا يأتون من أجل كلمة الله بل من أجل مقابلة بعضهم البعض، فهم مثل الارض المملوءة شوكاً كمثل الزارع الذي قاله المسيح، اذا روتها البذور خنقها الشوك، فهم بمجرد خروجهم من الاجتماع بلحظات، يتناسون تلك الكلمة! فالله سيحاسب الاثنين، الرعية والراعي أيضاً لأنه سمح لكل هذه الخطايا ان تحدث تحت سلطته وانه تهاون بحياتهم وبحياته الروحية فاصبح (فم) يتحرك دون إدراك روحي.. صدقنى ما أبعد قلوب هؤلاء الشباب عن الله، أهل تستطيع ان تؤت لي بأحد يضع الله فى أولى أولوياته؟! أهل من أحدهم يحب الله من كل قلبه، فيكون حبه له أعظم من حبه لوالديه؟! أما نسيت الآيه القائلة: من أحب اباً أو أماً أكثر مني فلا يستحقني؟!"
بهت أنجيلوس من تلك الكلمات وسأله سؤال آخر: "اذن مالك انت وكل هذا؟ لماذا تهتم بهؤلاء؟ اهتم بنفسك أولا؟" أجاب فادي: "انا اهتم بما لأبي السماوى لأن همى هو همه ومناي هو مناه، وحزنى هو حزنه"
استطرد فادي حديثه بنغم حزين: "يؤسفنى ان يعبد الناس الله بشفاههم، اما قلوبهم فهي متشبثه فى العالم وشهواته وهمومه، يؤسفنى ان أرى هؤلاء الشباب مغلوبون من خطاياهم، بل ومنهم من لا يرى ذلك، فيظنوا انهم يحذون طريق الحق ولهم مكان فى الملكوت، يؤسفنى ان أغلبكم لا تفتشون الكتب ولا تؤنبون أنفسكم على شروركم اليومية، فلا غفران بدون توبة حقيقية نابعة من قلب نادم بحرقة ... لا يخاف الناس الله ولا يتصرفون بحكمة فى كل أمورهم لأن رأس الحكمة مخافة الله".
X أنزعج انجيلوس من هذا الكلام القاسي، وكتم دموعه لأنه نسب كل الخطايا لنفسه، فنظر اليه فادي بوجه بشوش قائلاً: "لا تنزعج يا حبيبي، فقلبك الرقيق الشفوق الذي يملأه الحنان الإلهى هو ما جذبني إليك صباحاً وجعلنى أمشى وراءك حتى ألتفت لي، انا أعلم ان خدام الكنيسة يهربون من توصيل العجوز الذي كان بصحبتك بعد القداسات وبعد الاجتماعات!! اعلم بالرغم من رائحته الكريهة وبرغم من فقره الشديد ولسانه الجارح لكبر سنه فأنت تتحمله بصبر وفرح لأن قلبك يشع حناناً، أعلم ان برغم فقرك لكنك مفتخر بغناك بأبيك السماوى الذي ينعم عليك دائماً ويملأ قلبك سلام، بل وتعطي من هم أفقر منك ومن إعوازك، أعلم انه كثيراً ما سكبت دموعك فى حجرتك من أجل خلاص نفسك وخلاص أناس آخرين ضربهم الشيطان بسقطات متنوعة، أعلم أيضاً انك مراراَ حاولت مع جارك مايكل كثيراً كى يبتعد عن طريق الإدمان والرذيلة، أعلم انـ .." هنا قاطعه أنجيلوس بتعجب قد بلغ أقصاه قائلاً: "كيف علمت كل هذا، من أنت؟"
لم يرد عليه بل صمت، أما أنجيلوس فبدأ يرتجف وعيناه واسعتين تحدقان بفادي، وأخذ يتمتم هذه الجملة مرات عدة متتالية وكأنه يهذي، بينما دموعه بدأت تسيل وقلبه يخفق .. فأراد فادي طمئنته وأيضاً توديعه، فامسك بوجه انجيلوس بكلتا يديه ثم قبّل جبهته برفق ومحبة وخشوع معاً، ثم قال: "كم أود أن أكون معك أكثر من ذلك ولكني سأنتظر ميعاد زيارتك لى، حينئذ لن نترك بعضنا بعض".
ثم ابتسم وأكمل فادي بحنان ليس له مثيل: "حبيبي تفحص عيناي وانت تعلم من انا"، ففعل انجيلوس هكذا ودقق لعيناه بشدة فشعر وكأن طاقتين من نور ناري رهيب قد انفجرا فى عينيه ورأي وقتها المسيح بهيبة عظيمة لم يراها أو يتخيلها فى أي صورة بشرية، ومن شدة النور عُميت عيناه للحظات، وما ان عاد إليه بصره، وجد فادي قد اختفي، فخر على الأرض باكياً وتلفت حوله فوجد انه أمام منزله، فحواره مع فادي أنساه الطريق الذي يسلكه، فظن انه يقود فادي لبيته بينما كان العكس صحيحاً! تجمع بعض المارة يسألون انجيلوس عما اذا كان قد أصابه مكروه، فطمئنهم ونفي ذلك. ولكنهم لازالوا يتعجبون.
X ثم نظر انجيلوس لساعته فوجدها لم تتخط التاسعة والربع بعد، فركض مسرعاً لكنيسته، فكان الاسقف فى أواخر صلاته للاكليل، فهرع الى الهيكل وأمسك بالميكروفون وقاطع الكل صارخاً: "اسمعونى من فضلكم، اسمعـــــــــــونى جيداً ..." اندهش الجميع وصمت ليسمع ما يقوله هذا المخبول، "اليوم حدث شيئاً يفوق الخيال، لقد زار كنيستكم من انتم غير مستحقين تقبيل قدميه!! لقد كان هنا معكم وكنت انا معه منذ لحظات و.. و.." أجهش انجيلوس فى البكاء كالمصاب بصدمة عصبية، لكنه جمع ما بقى من قواه وأكمل: "المسيح ... المسيح كان هنا ... الله المتجسد كان هنا ... المسيح ...". ظل يبكى وهو يتكلم ومراراً حاول الجميع تهدئته لكنهم فشلوا ... وأخيراً استطاع انجيلوس تكملة حديثه ولكنه كان يبكى وهو يتكلم كثيراً .. فروى تفاصيل اليوم من أوله لآخره حتى اللحظة التى فارقه فيها فادي، فانخرط جميع من بالكنيسة ومعهم الاسقف فى البكاء لهول ما حدث ولأجل خطاياهم، فأحد من كل الحاضرين لم يكن مستحقاً ان يري فادي ويعلم حقيقته سوى أنجيلوس، لأن أعين الله النارية تفحص القلوب والكلي، ولا تنظر إلى المظهر الخارجى فقط!



رد مع إقتباس
Sponsored Links
بياناتي
 رقم المشاركة : ( 2 )
Team Work®
ارثوذكسي ذهبي
رقم العضوية : 2
تاريخ التسجيل : Oct 2008
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 15,720
عدد النقاط : 34

Team Work® غير متواجد حالياً

افتراضي رد: بكاء شعب كنيسة بأكمله!

كُتب : [ 04-10-2011 - 03:57 PM ]


اشكرك على القصه وربنا يفرح قلبك امين


رد مع إقتباس
بياناتي
 رقم المشاركة : ( 3 )
aymonded
ارثوذكسي ذهبي
رقم العضوية : 527
تاريخ التسجيل : Jun 2007
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 21,222
عدد النقاط : 58

aymonded غير متواجد حالياً

افتراضي رد: بكاء شعب كنيسة بأكمله!

كُتب : [ 04-10-2011 - 04:17 PM ]


المسيح إلهنا حاضر بغنى مجده ومجد ابيه والروح القدس على المذبح المقدس ، وكثيراً ما يزورنا في مخادعنا وأوقات نومنا وقيامنا وفي الأحداث اليومية ومن وراء كل ضيق وفي وسط الأفراح والأحزان والفشل والنجاح ، ويهمس بحنانه في القلب ، ولكننا لا نعرفه ، وكثيراً ما نغفله عن قصد كثيراً وعن دون قصد قليلاً ....
آه يالشقاء كل من لا يلتفت للرب ويخلص ، لأنه هو حياتنا كلنا ورجاء نفوسنا الحي ، وقد تحولت لنا الأماكن المقدسة لغفلة قلب وعدم شعور واضح بحضور الله القدوس الحي الذي يلتفت إلينا ويُنادي ونحن مشغولون باشياء أخرى ، بل نتجاسر وتكون لنا التقوى تجارة والممارسات الدينية شكل ومظهر خارجي ، فنكرمه بشفتينا أما قلبنا فهو مبتعد بعيداً عنه ، فليتنا نستفيق ونطلبه لأنه على الأبواب قادم لعله يجد الإيمان على الأرض ...

أشكرك يا محبوب الله الحلو على هذه القصة الرائعة كنداء حي للتوبة لعل أحد يقرأ ويتعلم ويفهم ويستفيد ، ومن له آذان للسمع فليسمع ما يقوله الروح .... النعمة معك كل حين

رد مع إقتباس
بياناتي
 رقم المشاركة : ( 4 )
Dr.PeRO
ارثوذكسي متألق
رقم العضوية : 14307
تاريخ التسجيل : Jan 2008
مكان الإقامة : شبرا- القاهرة
عدد المشاركات : 719
عدد النقاط : 28

Dr.PeRO غير متواجد حالياً

افتراضي رد: بكاء شعب كنيسة بأكمله!

كُتب : [ 04-10-2011 - 05:22 PM ]


اقتباس
اشكرك على القصه وربنا يفرح قلبك امين
متشكر لردك الجميل، ربنا يبارك حياتك

رد مع إقتباس
بياناتي
 رقم المشاركة : ( 5 )
Dr.PeRO
ارثوذكسي متألق
رقم العضوية : 14307
تاريخ التسجيل : Jan 2008
مكان الإقامة : شبرا- القاهرة
عدد المشاركات : 719
عدد النقاط : 28

Dr.PeRO غير متواجد حالياً

افتراضي رد: بكاء شعب كنيسة بأكمله!

كُتب : [ 04-10-2011 - 05:24 PM ]


اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة aymonded مشاهدة المشاركة
المسيح إلهنا حاضر بغنى مجده ومجد ابيه والروح القدس على المذبح المقدس ، وكثيراً ما يزورنا في مخادعنا وأوقات نومنا وقيامنا وفي الأحداث اليومية ومن وراء كل ضيق وفي وسط الأفراح والأحزان والفشل والنجاح ، ويهمس بحنانه في القلب ، ولكننا لا نعرفه ، وكثيراً ما نغفله عن قصد كثيراً وعن دون قصد قليلاً ....

آه يالشقاء كل من لا يلتفت للرب ويخلص ، لأنه هو حياتنا كلنا ورجاء نفوسنا الحي ، وقد تحولت لنا الأماكن المقدسة لغفلة قلب وعدم شعور واضح بحضور الله القدوس الحي الذي يلتفت إلينا ويُنادي ونحن مشغولون باشياء أخرى ، بل نتجاسر وتكون لنا التقوى تجارة والممارسات الدينية شكل ومظهر خارجي ، فنكرمه بشفتينا أما قلبنا فهو مبتعد بعيداً عنه ، فليتنا نستفيق ونطلبه لأنه على الأبواب قادم لعله يجد الإيمان على الأرض ...

أشكرك يا محبوب الله الحلو على هذه القصة الرائعة كنداء حي للتوبة لعل أحد يقرأ ويتعلم ويفهم ويستفيد ، ومن له آذان للسمع فليسمع ما يقوله الروح .... النعمة معك كل حين
فعلا كلامك جميل وسليم يا استاذنا، أشكرك على مرورك وردك الرائع، اذكرنى فى صلاتك

رد مع إقتباس
بياناتي
 رقم المشاركة : ( 6 )
اشرف وليم
ارثوذكسي ذهبي
رقم العضوية : 104304
تاريخ التسجيل : Apr 2010
مكان الإقامة : الاسكندرية
عدد المشاركات : 7,428
عدد النقاط : 23

اشرف وليم غير متواجد حالياً

افتراضي رد: بكاء شعب كنيسة بأكمله!

كُتب : [ 04-10-2011 - 09:44 PM ]


شكرا لتعب محبتك
الرب يبارك حياتك

موضوع اكثر من رائع

رد مع إقتباس
بياناتي
 رقم المشاركة : ( 7 )
ابومينا1
ارثوذكسي جديد
رقم العضوية : 128257
تاريخ التسجيل : Apr 2011
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 1
عدد النقاط : 10

ابومينا1 غير متواجد حالياً

افتراضي رد: بكاء شعب كنيسة بأكمله!

كُتب : [ 04-10-2011 - 10:09 PM ]


ربنا موجود الرب يعوض تعبكم


رد مع إقتباس
بياناتي
 رقم المشاركة : ( 8 )
nagy magdy31
ارثوذكسي جديد
رقم العضوية : 77700
تاريخ التسجيل : Sep 2009
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 15
عدد النقاط : 10

nagy magdy31 غير متواجد حالياً

افتراضي رد: بكاء شعب كنيسة بأكمله!

كُتب : [ 04-11-2011 - 01:11 AM ]


جميله جدا وشكرا علي القصه الجميله دي


رد مع إقتباس
بياناتي
 رقم المشاركة : ( 9 )
Dr.PeRO
ارثوذكسي متألق
رقم العضوية : 14307
تاريخ التسجيل : Jan 2008
مكان الإقامة : شبرا- القاهرة
عدد المشاركات : 719
عدد النقاط : 28

Dr.PeRO غير متواجد حالياً

افتراضي رد: بكاء شعب كنيسة بأكمله!

كُتب : [ 04-11-2011 - 02:19 AM ]


متشكر لردودكم الجميلة، ربنا يبارك حياتكم


رد مع إقتباس
بياناتي
 رقم المشاركة : ( 10 )
elphilasouf
ارثوذكسي ذهبي
رقم العضوية : 15515
تاريخ التسجيل : Feb 2008
مكان الإقامة : ismailia , egypt
عدد المشاركات : 12,328
عدد النقاط : 81

elphilasouf غير متواجد حالياً

افتراضي رد: بكاء شعب كنيسة بأكمله!

كُتب : [ 04-11-2011 - 09:43 AM ]


الخطيه تبرد القلب ، اليهود اكثر الناس تشديد لاحترام الناموس و المقداسات لكنهم جعلوا بيت الله مغاره لصوص ، إذا تشبعت قلوبهم بالخطيه

الموضوع رائع في هدفه و اسلوبه و مأثر جدا
لكن
علينا أن نكون ايضا إشخاص إيجابيه نتحرك نحن لنكون الشمعه المنيره بنور المسيح التي تنير الظلام


رد مع إقتباس

اضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
شعب, بأكمله!, بكاء, كنيسة

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
حقيقة النور المقدس في كنيسة القيامة Team Work® المنتدى العام 2 04-19-2014 09:16 PM
++تذكار دخول العائله المقدسه مصر(موضوع متكامل صوره ومعلومه) ماروجيرافك صور وخلفيات مسيحية 8 01-15-2012 07:44 PM
تاريخ الاباء البطاركة من القديس مارمرقص الرسول حتى قداسة البابا شنودة الثالث..ز Hanyking وثائق ودراسات تاريخية 6 10-03-2011 05:03 AM
موضوع متكامل عن ابو مقار ( كوكب الاسقيط) فايز فوزى سير القديسين 6 08-09-2010 11:16 PM
المعلم ابراهيم الجوهرى Team Work® سير القديسين المعاصرين 12 11-09-2009 10:48 PM

Rss  Rss 2.0 Html  Xml Sitemap SiteMap Info-SiteMap Map Tags Forums Map Site Map


الساعة الآن 02:54 PM.