تذكرنــي
التسجيل التعليمـــات التقويم مشاركات اليوم البحث
يمكنك البحث فى الموقع للوصول السريع لما تريد



التأملات الروحية والخواطر الفكرية يتناول التأملات الروحية للأباء الأولين أو القديسين المعاصرين أو أعضاء المنتدى


مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع أرسل هذا الموضوع إلى صديق أرسل هذا الموضوع إلى صديق


بريء يُحاكم أمام خطاة

يسوع موثقاًً كأفاعى البحر التى تقبض على الفريسة بمقابض كثيرة، وتمتص دماءها بأفواه عديدة.. قبضوا على يسوع وأوثقوه (يو18: 12) وهو الذى جاء ينادى للمأسورين بالإطلاق (لو4 : 18)

اضافة رد

 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع

رقم المشاركة : ( 1 )
الصورة الرمزية Nana_English
Nana_English
ارثوذكسي بارع
Nana_English غير متواجد حالياً
 
رقم العضوية : 33606
تاريخ التسجيل : Jul 2008
مكان الإقامة : Egypt_Gizah
عدد المشاركات : 2,162
عدد النقاط : 12
قوة التقييم : Nana_English is on a distinguished road
افتراضي بريء يُحاكم أمام خطاة

كُتب : [ 04-11-2009 - 01:21 AM ]


يسوع موثقاًً

كأفاعى البحر التى تقبض على الفريسة بمقابض كثيرة، وتمتص دماءها بأفواه عديدة.. قبضوا على يسوع وأوثقوه (يو18: 12) وهو الذى جاء ينادى للمأسورين بالإطلاق (لو4 : 18) ويحل المربوطين بقيود الخطية ورباطات الشياطين!

ذاك الذى أعطى للإنسان سلطاناً أن يربط ما على الأرض ويحله، وكسّر مصاريع النحاس وقطع حديد الهاوية وفك أسرى الجحيم ربطوه بحبال! الذى فك لعازر من أربطة الموت ( يو11: 44) وحرر بطرس من قيود السجن الحديدية (أع 12 :7) ها هو الآن مربوط، مقيد من أناس خطاة قيدتهم أغلال الكراهية والحقد!

لو أراد لفك هذه الربُط أسرع مما فعل شمشون قديماً (قض15: 14)، لأنه يملك القوة وكانت الملائكة على أتم الاستعداد أن تقوم بهذا العمل، لكنهم امتنعوا لأن الرب يريد أن يوثق ويتألم، ولسنا نعرف لماذا أوثقوه وهو الذى قدم نفسه طواعية! ولكن لابد أن يتم قول الكتاب " أوثقوا الذبيحة بربُط إلى قرون المذبح " (مز118: 27).

وبعد أن أوثقوه قادوه إلى مجالس القضاء ليُحاكم وهو " المعّين من الله دياناً للأحياء والأموات " (أع 10 : 42) أما هو فكمسكين كان يمضى معهم من هنا إلى هناك دون أن يتذمر أو يفتح فاه، فانطبق عليه قول الكتاب " كشاة تساق إلى الذبح وكنعجة صامتة أمام جازيها فلم يفتح فاه " (إش53 : 7).

عن هذه المحاكمات تنبأ إشعياء قائلاً : " الرب يدخل فى المحاكمة مع شيوخ شعبه ورؤسائهم " (إش3: 14)، وبحسب ما كتبه البشيرون وقف يسوع أمام القضاة والحكام، ليُحاكم ست مرات، ثلاثاً أمام قضاة اليهود وهم (حنّان وقيافا ومجمع اليهود المعروف بالسنهدريم) واثنين أمام بيلاطس البنطى، وواحدة أمام هيرودس الملك ..

قال مار يعقوب السروجى:
"أدخلوا الابن إلى بيت الحكم كمشجوب.. صعد التراب الجبلة المنفوخة وجلس على الكرسى.. ودخل الخالق ووقف ليُسأل.. أمسك الطين قضيب الحكم على جابله.. وجلس القش ليسأل اللهيب.. انحنى ابن الله قدام الحاكم وشتمه وسلبه كهنة أبيه.. الناس المعيبون بالجراحات الكثيرة.. أدخلوا الطبيب الذى افتقدهم للحكم"!

المسيح أمام حنّان وقيافا

جرت أول محاكمات يسوع (يو18: 12،13) أمام قاضٍٍ من أشر الناس وأخبثهم، يحمل على جبهته سمة اللعنة، يتقلد سيف الرهبة، ويتشح بثوب الرياء، ينظر بعينيه إلى أعماق الموت، ويصغى بأُذنيه إلى أنّة الفناء، إنه حنّان حما قيافا، الذى لم يغير مركزه الدينى من أخلاقه، فصار كالأفعى التى لايمكن أن تصير حمامة حتى لو حُبست فى القفص، شأنها شأن الشوك لا يصير عنباً ولو غُرس فى كرم!

وقد كانت هذه المحاكمة فحصاً استعدادياً، بعدها أرسل حنّان يسوع مقيداً إلى قيافا رئيس الكهنة (يو18: 13) لأنه لم يكن رئيس الكهنة الفعلى، لأن الرومان كانوا قد عزلوه، إلا أنه كان لا يزال يحمل لقب رئيس الكهنة (لو2:3) (أع4 : 6).

" وَكَانَ قَيَافَا هُوَ الَّذِي أَشَارَ عَلَى الْيَهُودِ أَنَّهُ خَيْرٌ أَنْ يَمُوتَ إِنْسَانٌ وَاحِدٌ عَنِ الشَّعْبِ " (يو18 : 14) .

ويقف يسوع فى دار رئيس الكهنة أمام مجمع غير منظم، ولم يكتمل أعضاؤه، لعلهم يجدون تهمة زور يشهدون بها عليه، ويسأل رئيس الكهنة لكي يصطاده بكلمة، ويسوع يُجيب عن أسئلته بخصوص تعليمه، فهو لا يهمه هنا أن يدافع عن نفسه، حتى وإن كتب حياته لا بالحبر بل بدم قلبه! ولكنه يرى من واجبه أن يبرر تعاليمه التى تعاليم الله.

وبينما المسيح يتكلم إذا بواحد من عبيد رئيس الكهنة، يقوم ويلطم يسوع على وجهه قائلاً: " أَهَكَذَا تُجَاوِبُ رَئِيسَ الْكَهَنَةِ ؟ "، فلم يُخفَ على العبد أن سيده أُفحم من جواب المتهم البسيط، وكانت هذه اللطمة هى الوسيلة الوحيدة لتخليصه من الورطة المخزية (يو19:18ـ24) وها نحن نتساءل:

ماذا فعل يسوع ليُلطم من عبد حقير؟! ومن هو حنّان الذى يحاكم الإله القدير؟! إنه يصح أن يكون لصاً، دجالاً، لا قيمة له إلا فى عيون المدنّسين والفاسدين، ولكنه لا يصلح بأية حال أن يكون واحداً من رجال الدين..

لقد نظر إلى يسوع نظرة النسر الجائع، إلى عصفور مكسور الجناحين، سخر منه ومن شرائعه، وهزأ من طهارته وعفته، وضحك من وقاره ومن هيبته، وتمادى فى شروره ليقتله.. فها هو الذى يتلعثم لسانه ينطق بالحكم على سيده، وبلغة السفهاء والأدنياء يطلب أن يقتله!

أليس حنّان هو حارس الهيكل؟ أليس من واجبه أن يطبّق الشريعة؟ وماذا تقول الشريعة؟ " العَدْل العَدْل تَتَّبِعُ لِكَيْ تَحْيَا " (تث16: 20) فأين العدل هنا؟! لماذا نظر إلى يسوع على أنه يهذى ويجدف؟! لماذا عامله كما لو كان ابناً عاصياً للولاية، يجـب أن يوضع فى مقدمة الجيش، لتذهب به سهام العدو وتحررهم من كبريائه؟! لماذا صمّ أُذنيه عندما سمع صوت يسوع يدعوهم: كذّابين ومرائين وذئاب وحيات أولاد أفاعى..؟!

وقد كانت سقطة عظيمة، تلك التى سقطها بطرس أمام جارية، فى دار رئيس الكهنة أثناء محاكمة يسوع (لو22: 54ـ62) ولولا أنه تاب وبكى بكاءً مراً لصارت نهايته كيهوذا فى البحيرة المتقدة بالنار والكبريت، لكنه بصوت البكاء أسكت رعد الجحود، أفاض الدموع من عينيه ليسبح فيها ويتطهر، غسل نفسه بالمياه النقية التى للتوبة إلى أن ابيضت أكثر من الثلج.

هو الذى اعترف بلاهوت المسيح " أَنْتَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ الْحَيِّ" (مت16:16) وهو الذى جحده، وهو أيضاً الذى صار رئيساً للتائبين.

لقد صار مِرآة ينظر فيها الجاحدين الذين أنكروا المسيح فيتوبوا، فالذى نزل بالجحود إلى عمق الخطية، استطاع بالتوبة أن يصعد إلى درجة الكاملين، فعلّمنا أن خنق أشواك الخطية بالدموع، أفضل وسيلة لكى لا تأتى إلى الفكر وتقتله.

لقد انسابت دموع طرس، كما لو كانت خيوطاً فضية، طرحتها السماء من الأعالى فأخذتها الطبيعة ونمقت بها أوديتها، أو لآلئ نفيسة من تاج ملوكى، أخذتها رياح الصباح ورصّعت بها حقولها!

قال أحد الآباء:
" نظر بطرس نفسه صدأت بالإثم، فألقى المياه النظيفة وغسلها بحكمة، غسل النفس بالمياه النقية التى للتوبة، إلى أن بيضت لتكون لباساً للملكوت، أفاض الدموع من عينيه ليسبح فيها ويتطهر".

أمام السنهدريم

وينعقد مجمع السنهدريم بكامل أعضائه ليصدر حكماً نهائياً فى قضية يسوع، وهو يُعتبر هيئة القضاء العليا عند اليهود فى القديم، وكان يتكون من (72) عضواً من رؤساء الكهنة والشيوخ والكتبة، على نفس نظام شيوخ إسرائيل الـ (70) الذين جعلهم موسى معه، لإقرار العدالة أثناء ارتحال شعبه فى البرية، فكان لهم أن يقضوا ويصدروا أحكامهم فى المسائل التى بين اليهود خاصة الأمور الدينية.
وقد أشار معلمنا القديس لوقا إلى هذه الجلسة بقوله: " وَلَمَّا كَانَ النَّهَارُ اجْتَمَعَتْ مَشْيَخَةُ الشَّعْبِ: رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةُ وَأَصْعَدُوهُ إِلَى مَجْمَعِهِمْ " (لو22 :66-71).

وينتظم أعضاء المجمع فى أماكنهم، ويقف المتَّهم البريء كمجرم أمامهم، ويسأل القاضى الشرير: " هَلْ أَنْتَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ؟ "، أمَّا المسيح فأجاب: " أَنْتَ قُلْتَ " (مت63:26،64)، ويقول مرقس البشير: " فَسَأَلَهُ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ أَيْضاً: أَأَنْتَ الْمَسِيحُ ابْنُ الْمُبَارَكِ ؟ فَقَالَ يَسُوعُ: أَنَا هُوَ " (مر61:14،62).

ولمَّا قال يسوع: " َسَوْفَ تُبْصِرُونَ ابْنَ الإِنْسَانِ جَالِساً عَنْ يَمِينِ الْقُوَّةِ وَآتِياً فِي سَحَابِ السَّمَاءِ " ، يقول مُعلّمنا متى البشير: " فَمَزَّقَ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ ثِيَابَهُ وَقَـالَ: مَا حَاجَتُنَا بَعْدُ إِلَى شُهُودٍ؟ " (مت64:26،65)، وقد كان ذلك الفعل علامة خلعه الكهنوت وانتزاعه منه، لكي يبدأ كهنوت السيد المسيح فى الإنتشار، ولهذا قال مار يعقوب السروجيّ:

" انشقت الحبرية مع الثوب وتعرى الكاهن من الحبرية.. بيدي موسى أعطى الحبرية لهرون الكاهن وعراها بيد قيافا.. من هرون بدأت وإلى قيافا انتهت.. تعرى قيافا ونُزع من الحبرية ومن تقديم الذبائح.. "

وينهض المجلس فى هياج وسخط شديد وهم يصيحون قائلين: " مَا حَاجَتُنَا بَعْدُ إِلَى شَهَادَةٍ؟ لأَنَّنَا نَحْنُ سَمِعْنَا مِنْ فَمِهِ " (لو71:22)، ويأخذوا المتَّهم لكي يقدموه للوالى، ليحصلوا منه غصباً على تصديق، لكى يُنفّذوا حكمهم عليه بالموت!

فما أشقى هؤلاء الرؤساء وما أتعسهم!! فأنَّهم إذ يتيهون فى ظلمتهم يعثرون ويسقطون، ولكن هذه هى سمة الأشرار: يعقدون مجالسهم ويحكمون على الرجل الذي لم يولد بعد!! ويأمرون بموته قبل أن يرتكب الجريمة!! دون أن يدروا أنَّ نهار الأبرار يطول.

إن يسوع الذى اتهموه بأنَّه يُخالف الشريعة، وينقض الناموس، ويكسر السبت، هو نور العالم الذى قد جاء لكي يوقد ناراً يوم السبت لا لكي ينقضه بل لُينيره!! ويحرق بمشاعله كل القش اليابس!! أليست تعاليمهم قد جفت، ووصاياهم أصابها العطب؟!

المسيح أمام بيلاطس

ويسير الموكب الصاخب إلى أن يصل إلى دار الولاية، وهناك يمسكون بأسيرهم ويدفعونه بوقاحة إلى الداخل " وَلَمْ يَدْخُلُوا هُمْ إِلَى دَارِ الْوِلاَيَةِ لِكَيْ لاَ يَتَنَجَّسُوا فَيَأْكُلُونَ الْفِصْحَ " (يو28:18).

ويجلس بيلاطس على كرسيه العاجيّ المطعم بالذهب ويقف الجنود وكل من نبذهم الجنس البشرى محدّقين بالشاب المكتوف، الواقف بينهم برأس مرفوع وقوف الجبل الشامخ بين المنخفضات وفتح بيلاطس فمه، وظهرت حنجرته المسمومة مثلما تظهر حنجرة الوحش الكاسر عندما يفتح فكيه متثائباً! فحوّل الحاضرون أعينهم واشرأبت أعناقهم، كأنَّهم يريدون أن يسبقوا الشريعة بأعينهم، ليروا فريسة الموت خارجة من أعماق ذلك الفم أو قل ذلك القبر.

ويستفسر بيلاطس عن الأسباب التي جعلت اليهود أن يدفعوا أسيرهم داخل دار الولاية فيقول: " أَيَّةَ شِكَايَةٍ تُقَدِّمُونَ عَلَى هَذَا الإِنْسَانِ؟ "، فأجاب اليهود على سؤال الوالى فى عجرفة: " لَوْ لَمْ يَكُنْ فَاعِلَ شَرٍّ لَمَا كُنَّا قَدْ سَلَّمْنَاهُ إِلَيْكَ ! "، ولمَّا طلب منهم أن يأخذوه ويحكموا عليه حسب ناموسهم رفضوا قائلين: " لاَ يَجُوزُ لَنَا أَنْ نَقْتُلَ أَحَداًً " (يو18: 29ـ31).

ويعرض الرؤساء شكاياتهم ضد يسوع بشدة، محاولين أن يؤثّروا على الوالي الرومانيّ، ليدفعوه إلى تأييد الحكم الذى أصدروه على يسوع بالموت، أمَّا التهمة التي وجّهت إليه فهى تهمه الخيانة للدولة الرومانية والحاكم: " إِنَّنَا وَجَدْنَا هَذَا يُفْسِدُ الأُمَّةَ وَيَمْنَعُ أَنْ تُعْطَى جِزْيَةٌ لِقَيْصَرَ قَائِلاً: إِنَّهُ هُوَ مَسِيحٌ، مَلِكٌ " (لو2:23).

وعلى الرغم من أن بيلاطس البنطيّ لم يقتنع بهذه الحيلة الماكرة، لأنَّه كان أشد خبثاً ومكراً منهم، إلاَّ أنَّه لم يجد سبيلاً أمام ثورة اليهود، سوى أن يُرسل يسوع إلى هيرودس والي الجليل بحجة أن يسوع جليلى (لو7:23)، فلو كان بيلاطس يعرف بلده الحقيقيّ لأرسله إلى سما السموات حيث عرش الله القدوس.

المسيح أمام هيرودس

ويذهب يسوع إلى هيرودس، الذى قَبِِله من بيلاطس بفرح عظيم، لأنَّه كان مشتاقاً أن يراه لسبب معجزاته الكثيرة التى سمع عنها، ولهذا اشتهى أن يرى منه آيَّة (لو8:23)، أمَّا رب المجد فلم يشأ أن يُظهر مجده أمام هيرودس، فصمت ولم يصنع أمامه آيَّه واحدة، لكى لا يُطلقه فيتعطّل بذلك الفداء (لو9:23).

لقد ظل يسوع صامتاً كالصخرة، أو كالأرض التى لا تريد أن تتكلم، لكى لا تقذف بركانها فى وجه الأشرار! ولو فهم الناس ما تقوله السكينة لكانوا أقرب إلي الملائكة من وحوش الغابة!

فما أعجبك معلماً وسيداً، عندما تتكلم يكون كلامك جنّة غنّاء، وفى صوتك يجتمع ضحك الرعود ودموع الأمطار ورقص الرياح والأشجار، وعندما تصمت يكون صمتك كالصحراء! لكننا يجب أن نعرف أن يسوع كالزهرة تضم أوراقها أمام الظلمة، ولا تعطى أنفاسها لخيالات الليل!

كانت نتيجة صمت يسوع أمام هيرودس، أنَّه احتقره مع عسكره واستهزأوا به، وألبسوه لُباساً لامعاً، ورده إلى بيلاطس مرة ثانية، فصارت المحبة بين الحكام لأنَّهم كانوا متخاصمين (لو11:11،12)، وقد كان هذا التصرف غريباً، على رجل اشتهر بالقسوة والعنف وسفك الدماء، خاصة وأن آثار دماء يوحنا المعمدان كانت لا تزال عالقة بيده، لكن الله سمح بهذا لكي يؤكد أنَّه رسول المحبة، فأينما يمضى يسوع يصنع السلام بين المتخاصمين. فهل رأيتم مذنباً يزرع السلام بين الحكام غير ربنا يسوع ‍‍‍‍!

أمام بيلاطس مرة ثانية

مرّة ثانية يقف يسوع أمام بيلاطس لأنَّ هيرودس لم يحسم الأمر، فكان لابد أن يتّخذ هذه المرّة حُكماً حاسماً فى قضية يسوع.

ويجلس بيلاطس للمحاكمة، والجالس عن يمين الآب يقف ليُحاكم أمام الشعب، الذى أعتقه من عبودية فرعون وأخرجه من أرض مصر، لقد تناسوا معجزاته معهم، وها هم يصرخون ضده " أُصلبه، أُصلبه!! "، هل لأنَّه أقام موتاهم؟! أم لأنَّه فتح أعين العميان وجعل العرج يمشون، والخرس يتكلّمون، والصم يسمعون..؟!

هذا المسلك البشع الذي يُعلن عن عدم عرفانهم بالجميل! سبق أن تنبأ عليه إشعياء النبيّ قائلاً: " عَلَى مَنْ تَفْغَرُونَ الْفَمَ وَتَدْلَعُونَ اللِّسَانَ؟ " (إش4:57).

لاشك أن بيلاطس كان مقتنعاً ببرائته، لكنه أراد أن يُحافظ على مركزه ويظل حاكماً، وهذا يتطلّب منه أن يُرضى اليهود على حساب المسيح، فليس أثقل على إنسان من حمل التاج!! وكم تصارع البشر من أجـل اعتـلاء العـروش!! فعاشوا حيـاتهم قانعين بتلك اللذة الوحشية- لذة القتل وسفك الدماء- حتى يرى الناس جباههم اللامعة، يتلألأ فوقها تاج المُلك المُرصّع بالذهب والجواهر والأحجار الكريمة!

حاول مرَّة أُخرى أن يتهرب من المسئولية، ويزيح عن كاهله عبء الحكم على يسوع، فطلب من اليهود أن يأخذوه ويحكموا عليه حسب ناموسهم (يو31:18)، فقد رأى الوداعة تتكئ كطفل فى عينيه، والنبل يشيع على وجهه، والعفاف يسيل على شفتيه.. فتحرَّكت فيه عاطفة الشرف الإنسانيّ والعدل الرومانيّ فأجابهم: " وَأَيَّ شَرٍّ عَمِلَ؟ " (مت23:27)، " لَمْ أَجِدْ فِي هَذَا الإِنْسَانِ عِلَّةً مِمَّا تَشْتَكُونَ بِهِ عَلَيْهِ " (لو23: 14)، ففى الوقت الذى كان يسألهم بيلاطس عن شروره، كانوا يذكرون له الحسنات دون أن يدروا! كل من يأتى ليشتكى عليه يذكر عجائبه، ومع هذا صرخوا أُصلبه، فلماذا الصلب إذن؟!

كان يمكن لبيلاطس أن يحكم ببرائته ويطلقه فيخلصه من أيدى اليهود الحاسدين، وبهذا يكون قد نفّذ أوامر شريعتهم التى تقول " بِالْعَدْلِ تَحْكُمُ لِقَرِيبِكَ " (لا15:19)، لكنه ارتخى أمام أصواتهم المضطربة، التى أثارتها شياطين جَهَنّميّة! فخضع الملك ضاغراً، وتناسى العدل وضحى بالحق والضمير والشهامة قربان رخيصاً على مذبح قيصر! أسلمه لمَّا رأى أن هناك مساساً بنفوذه " إِنْ أَطْلَقْتَ هَذَا فَلَسْتَ مُحِبّاً لِقَيْصَرََ" (يو12:19) وقد نسى أن العواصف تفنى الزهور ولكنها لا تميت بذورها!

أخيراً بعد أن ظل يُماطل جلده وأسلمه ليُصلب، ولكي يفلت من الملامة أخذ ماء وغسل يديه قدام الجميع وقال: " إنِّي بَرِيءٌ مِنْ دَمِ هَذَا الْبَارِّ" (مت24:27).
وقد كان الأولى أن يغسل جبنه


مدونة الأب الراهب كاراس المحرقي





رد مع إقتباس
Sponsored Links
بياناتي
 رقم المشاركة : ( 2 )
نبيل نصيف جرجس
ارثوذكسي فضى
رقم العضوية : 2264
تاريخ التسجيل : Sep 2007
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 3,510
عدد النقاط : 21

نبيل نصيف جرجس غير متواجد حالياً

افتراضي رد: بريء يُحاكم أمام خطاة

كُتب : [ 04-15-2009 - 02:25 PM ]


جميلة اوى يا تاسونى نانا
ربنا يباركك ويفرح قلبك يا رب


رد مع إقتباس
بياناتي
 رقم المشاركة : ( 3 )
nana222
ارثوذكسي ذهبي
رقم العضوية : 497
تاريخ التسجيل : May 2007
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 6,286
عدد النقاط : 19

nana222 غير متواجد حالياً

افتراضي رد: بريء يُحاكم أمام خطاة

كُتب : [ 04-17-2009 - 12:23 PM ]


مقدرش اقول غير
رااااااااااااااااااائع رااااااااااااااااائع راااااااااااااااااااااااا اااائع


رد مع إقتباس

اضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
ذاكرة الأقباط ... كى لا ننسى نسمه الحياه قسم الأخبار 2 02-25-2011 09:23 PM
اءبــــــــــــــــــــــ ــــــــــــراهيم dina_285 رجال ونساء الكتاب المقدس 2 09-18-2010 08:45 PM
كل اسبوع جوهرة من السماء الزملكاوى البرنس سير القديسين 1 01-02-2010 06:32 PM
دى يا جماعة الاجبية من جهازى سيزر الروش الصلوات وطلبات الصلاة 4 10-17-2009 03:28 PM
هل تجسَّد اللّه؟ menacapo مواضيع منقولة من مواقع اخرى بخدمة Rss 0 08-06-2009 01:59 AM

Rss  Rss 2.0 Html  Xml Sitemap SiteMap Info-SiteMap Map Tags Forums Map Site Map


الساعة الآن 09:53 AM.