تذكرنــي
التسجيل التعليمـــات التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة
يمكنك البحث فى الموقع للوصول السريع لما تريد


  †† ارثوذكس †† > كل منتدايات الموقع > المنتديات المسيحية العامه > مدرسة الحياة المسيحية

مدرسة الحياة المسيحية دراسات روحية لاهوتية متكاملة للخبرة والحياة

مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع أرسل هذا الموضوع إلى صديق أرسل هذا الموضوع إلى صديق


اضافة رد

 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع

بياناتي
 رقم المشاركة : ( 21 )
aymonded
ارثوذكسي ذهبي
رقم العضوية : 527
تاريخ التسجيل : Jun 2007
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 21,222
عدد النقاط : 58

aymonded غير متواجد حالياً

افتراضي رد: ذبيحة المحرقة עֹלׇה - الكتاب الثاني من دراسة تفصيلية في الذبائح والتقديمات في الك

كُتب : [ 05-30-2020 - 08:26 PM ]



[جـ] ذبيحة المحرقة، ذبيحة الطاعة
ثانياً: المسيح يُقدم نفسه ذبيحة طاعة
ملحوظة هامــــــــــــــــــــــ ـة
===============
حينما نجد أن الرسول يقول في أماكن عديدة إن المسيح [قدم ذاته] أو [قدم نفسه] أو [بذل نفسه فدية]، فهو يُعبَّر عن المسيح كرئيس كهنة عظيم قدم بيديه – أي بمحض مسرة إرادته الحرة – ذبيحة جسده على الصليب[1].
+ ليس أحد يأخذها مني (عنوه أو غصباً أو باقتدار) بل أضعها أنا من ذاتي، لي سلطان أن أضعها ولي سلطان أن آخذها أيضاً هذه الوصية قبلتها من أبي (في الجسد)[2]
+ فقال له بيلاطس أما تُكلمني، ألست تعلم أن لي سلطاناً أن أصلبك وسلطاناً أن أطلقك، أجاب يسوع: لم يكن لك علي سلطان البتة لو لم تكن قد أُعطيت من فوق، لذلك الذي أسلمني إليك له خطية أعظم[3]
ونجد أن في حالة ذِكر تقديم الذبيحة، إما في صيغة المبني للمجهول، حيث يقصد أن الذي قدمه على الصليب هم اليهود، أو بذكرهم صراحة أنهم قتلوه، فهنا يقف المسيح يسوع ربنا موقف من سلَّم نفسه طوعاً وأعطى ذاته كخروف يُساق إلى الذبح: ظُلِمَ، أما هوَّ فتذلل ولم يفتح فاه، كشاة تُساق إلى الذبح، وكنعجة صامتة أمام جازيها، فلم يفتح فاه.[4]

==========
ولكن أروع صوره لذبيحة الصليب على الإطلاق هي التي ذكر فيها بولس الرسول أن الله هو الذي قدمه حسب القصد في قوله [الذي قدمه (προέθετο set forth as - determine beforehand) الله كفارة][5]، وهنا تظهر مشيئة الله (من جهة التدبير والتحديد المُسبق) لتُغطي كل ملابسات تقديم المسيح يسوع على الصليب، سواء في مشيئة المسيح الرب نفسه أو في التغاضي عن جهالة الصالبين له وذلك لبلوغ منتهى قصد الله التي هي [من أجل الصفح عن الخطايا السالفة بإمهال الله][6]، هذا يعني أن ذبيحة الصليب تشترك فيها مشيئة الآب ومشيئة الابن المتجسد المطابقة والمستمدة من مشيئة الآب لأنها طبيعياً واحدة:
+ ثم قال ها أنا ذا أجيء (آتي – والصيغة في اللغة اليونانية تأتي بمعنى الحاضر الممتد) في درج الكتاب مكتوب عني (كُتب لأجلي، لإظهار ما يخص دوري وعملي الذي أعمله) لأفعل مشيئتك يا الله (فقلت ها أنا ذا آتٍ – كما هو في الناموس المكتوب عني – أني سأفعل مشيئتك يا الله).. فبهذه المشيئة نحن مُقدسون بتقديم [προσφοράبرسفورا – وهي الكلمة الطقسية التي تُشير للذبيحة كما سبق وذكرنا] جسد يسوع المسيح مرة واحدة.[7]
+ عموماً جدير بنا الآن أن نخرج خارج المفهوم المعتاد عليه من جهة أن الصليب في نظرنا عملاً يختص بالخطية والإثم فقط، ولكن يليق بنا الآن أن نكشف ناحية جديدة وهامة أُخرى فيه، تختلف كل الاختلاف عن معنى الخطية:
+ وهي هذه الطاعة العجيبة التي أكملها الابن المتجسد (كإنسان) نحو الآب، وتكميل مشيئته تماماً، كاشفاً بعمله الرائع عن نوع الصلة الخاصة التي ارتبط بها الابن بالآب، والتي نلمح فيها حدوداً عميقة لمعنى البنوة، فهو لم يأخذها اختطافاً، ولا ادَّعاها ادعاء مبهماً، ولكنه حقق واجبتها ووافها تماماً كابن حقيقي لله الآب فعلاً وقولاً وعملاً، لأن الله – حسب طبيعته – ليس تخصصه في الكلام والنظريات بل أفعال تظهر قدرته وقوته في أعماله، والمسيح الرب بصفته نائباً عن البشرية قدِّم الطاعة الكاملة في إنسانيته لإظهار بره التام وتقواه، التي يسلمها لكل من يؤمن به في الإنسانية الجديدة، أي الخليقة الجديدة.

==========
عموماً المسيح القدوس بطاعته العميقة والمتسعة جداً، كشف ضمناً عن بره الشخصي، فالذي استطاع أن لا يعمل مشيئته قط بل مشيئة الله كُلياً وجزئياً، هذه التي أكملها بكل اتساعها وأبعادها، قد أوضح بكل تأكيد أن له مثل ذات المشيئة عينها، لأن مشيئته ومشيئة الآب يستحيل أن تتعارض أو تختلف إطلاقاً، لأنهما واحد في الجوهر ومشيئتهما تتفق طبيعياً، مع انه أخلى ذاته آخذاً شكل العبد متخلياً عن مشيئته طائعاً مشيئة من أرسله [لكنه أخلى (جرد) نفسه آخذاً صورة عبد صائراً في شبه الناس إذ وجد في الهيئة كانسان وضع نفسه و أطاع حتى الموت موت الصليب][8]، وبذلك يبرهن بغير لبس على أنه هو والآب واحد [أنا والآب واحد][9]
لذلك كان صليب ربنا يسوع موضوع مسرة فائقة للآب القدوس، وكما يقول القداس الإلهي في دورات البخور [هذا الذي أصعد ذاته ذبيحة مقبولة (ذبيحة محرقة) على الصليب عن خلاص جنسنا، فاشتمه أبوه الصالح وقت المساء على الجلجثة][10]

==========
هذا الوجه أتضح لنا جداً في طقس ذبيحة المحرقة، التي هي أولى الذبائح، والتي بدونها يستحيل على الإطلاق تقديم ذبيحة الخطية ولا ذبيحة الإثم، بل ولا أي ذبيحة أخرى أو تقدمة من أي نوع.
ومن وضعها في أول قائمة الذبائح، أدركنا أنه لولا إرضاء الابن للآب (كإنسان) وتقديم طاعته له حتى الموت، ما أمكن قط أن يكون هناك مغفرة خطايا أو سلام للإنسان إطلاقاً. أي أنه لولا طاعة المسيح أولاً، وتقديم نفسه كذبيحة محرقة، ما أمكن أن يُقدم نفسه على الصليب كذبيحة خطية وتُقبل هذه الذبيحة.

==========
لذلك لا نجد في ذبيحة المحرقة أي ذكر للخطية، بل يدعوها الطقس: محرقة وقود رائحة سرور (رائحة راحة) للرب (يهوه)[11]، وكما رأينا في لاويين 1: 3 [يقدمه للرضا عنه أمام الرب]

==========
فالمحرقة إذاً ذبيحة مسرة ورضا أمام الله، وهكذا كان الصليب أيضاً، بل ويجب أن يكون كذلك في ذهننا؛ فأول عمل أكمله المسيح اللوغوس المتجسد على الصليب هو تقديم نفسه ذبيحة محرقة في مسرة الطاعة التامة، إيفاءً لواجبات البنوة في التجسد[12].

==========
إذاً فقبل أن نطرح خطايانا على صليب رب المجد الله اللوغوس المتجسد، يلزمنا – بالضرورة – أن نتقدم إليه في طاعة الشاه التي تُساق إلى الذبح. فقبل معرفة مشيئة الآب السماوي يلزمنا أن نكون مستعدين بكل قلبنا (بإرادة واعية وبسرور داخلي لا عن تغصب بل بكل رضا) أن نخضع لها بسرور مهما كانت التكلفة، ومهما ما كانت مُرة وفيها خسارة، ومهما ما قادتنا حتى إلى الصلب والموت، لئلا لا يكون لنا شركه معه كأبناء في الابن الوحيد، لأن الدخول في سر التبني في المسيح معناه الطاعة كما أطاع الابن الآب، لأن هذا ما يحققه فينا شخص المسيح الرب لأنه يعطينا قوة طاعته في خلقتنا الجديدة، لأن الخليقة الجديدة – حسب طبيعتها – تخضع لمشيئة الله بمسرة.
[لهذا يحبُني الآب لأني أضع نفسي (القصد الموت) [τίθημι τήν ψυχήν – وتنطق هكذا tithemi ten psuchen – بمعنى lay down the life – am-laying-down the soul]، لآخذها أيضاً (القيامة)][13]، ثم يستدرك القول لئلا يتبادر للذهن أنه قَبِلَ الصليب عن اضطرار أو تغصُب: ليس أحد يأخذها مني بل أضعها أنا من ذاتي (أبذلها برضاي = حرية المسيح الرب المطلقة)[14]
=========================
[1] (وأما رأس الكلام فهو أن لنا رئيس كهنة مثل هذا قد جلس في يمين عرش العظمة في السماوات؛ وَأَمَّا الْمَسِيحُ، وَهُوَ قَدْ جَاءَ رَئِيسَ كَهَنَةٍ لِلْخَيْرَاتِ الْعَتِيدَةِ، فَبِالْمَسْكَنِ الأَعْظَمِ وَالأَكْمَلِ، غَيْرِ الْمَصْنُوعِ بِيَدٍ، أَيِ الَّذِي لَيْسَ مِنْ هَذِهِ الْخَلِيقَةِ. وَلَيْسَ بِدَمِ تُيُوسٍ وَعُجُولٍ، بَلْ بِدَمِ نَفْسِهِ، دَخَلَ مَرَّةً وَاحِدَةً إِلَى الأَقْدَاسِ، فَوَجَدَ فِدَاءً أَبَدِيّاً – عبرانيين 8: 1، 9: 11، 12)
[2] (يوحنا 10: 18)
[3] (يوحنا 19: 10 – 11)
[4] (أشعياء 53: 7)
[5] (رومية 3: 25)
[6] (رومية 3: 25)
[7] (عبرانيين 10: 9و 10)
[8] (فيلبي 2: 7 – 8)
[9] (يوحنا 10: 20)
[10] (رفع البخور – اعتراف الشعب)
[11] (لاويين 1: 13)
[12] مع ملحوظة أن الابن هنا لا يطيع من جهة أنه يثبت طاعته للآب، لأنه هو طبيعياً مع الآب في الجوهر لا يحتاج أن يُظهر طاعة، لكنه هنا يتمم الطاعة من جهة أنه أخلى نفسه آخذاً شكل العبد، أي كإنسان، فظل يطيع الآب للمنتهى.
[13] (يوحنا 10: 17)
[14] (يوحنا 10: 18)

رد مع إقتباس
Sponsored Links
بياناتي
 رقم المشاركة : ( 22 )
aymonded
ارثوذكسي ذهبي
رقم العضوية : 527
تاريخ التسجيل : Jun 2007
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 21,222
عدد النقاط : 58

aymonded غير متواجد حالياً

افتراضي رد: ذبيحة المحرقة עֹלׇה - الكتاب الثاني من دراسة تفصيلية في الذبائح والتقديمات في الك

كُتب : [ 05-30-2020 - 08:27 PM ]


والسؤال المطروح والهام لنا الآن
هل يُمكن أن ننال هذه الطاعة، طاعة المحرقة أو طاعة الصليب كما أكملها المسيح الرب؟
الجواب نجده واضحاً في طقس ذبيحة المحرقة نفسه إذ يقول الطقس بكل تدقيق: إن مُقدم ذبيحة المحرقة [يضع يده على رأس المحرقة فيُرضى عليه][1]؛ وهنا وضع اليد يُهيئ لمُقدم الذبيحة أن يشترك في صفات الذبيحة، وما لم يكن مُمكناً أن يعمله للرضا عنه (أي الاحتراق) يناله من تقديم الذبيحة لتُحرق عوضاً عنه، فوضع اليد هنا ليست عملية شكل ولا مجرد تتميم طقس إنما إيمان صَدَّق الله فتمم الطقس كما ينبغي على أساس الثقة في أقوال الله، لأن كل ما يقوله الله صدق وحق يستحق الثقة عن جدارة.

==========
وهكذا نجد أن الإشارة واضحة وبليغة للغاية: أن من يؤمن بذبيحة المسيح الرب الذي قدم ذاته ذبيحة طاعة ينال في المسيح طاعته للآب. بل وينال مع المسيح الرب رضا الآب عنه، لأن الآب لا يرضى إلا بذبيحة الابن وحدها وليس سواها أبداً، ولا يقبل بجوارها أي شيءٌ آخر مهما ما كانت رفعته وعظمته، لأنها أكثر جداً من كفاية، لأنها ذبيحة حمل الله الآتي في ملء الزمان كالتدبير.
ونحن صرنا شركاء في ذبيحة الصليب، لا بوضع اليد فقط – كما في العهد القديم – بل والقلب بالإيمان الحي الصادق بذبيحة شخص المسيح اللوغوس المتجسد ابن الله الحي: [مع المسيح صُلبت][2]، فتصديقنا الآن أعظم مما كان في العهد القديم، لأننا لا نضع أيدينا على ذبيحة حيوانية، بل نضع أيدينا وعيوننا وقلبنا بل وكل ما فينا على ابن الله الحي القدوس اللابس جسم بشريتنا متحداً بنا اتحاداً غير قابل للانفصال أبداً، مقدمنا للآب في بره الشخصي وتقواه، لذلك حينما نؤمن يصير فينا طاعته، ولكنها تصير قوة كامنه أن لم تُفعَّل بتوبتنا وخضوعنا لله باستعداد الطاعة الحقيقية على مستوى الواقع العملي المُعاش.

==========
فشكراً لله بالمسيح يسوع ربنا، إذ قد صرنا بدم المسيح الرب رائحة مقبولة لدى الله الآب، [ولكن شكراً لله الذي يقودنا في موكب نصرته في المسيح كل حين ويُظهر بنا رائحة معرفته في كل مكان، لأننا رائحة المسيح الذكية لله – εὐωδία – a sweet smell][3]؛ لقد صرنا فعلياً – بذبيحة المحرقة ذبيحة طاعة الابن للآب –موضع رضا ومسرة، آخذين في أنفسنا – بالإيمان – نتيجة ذبيحة محرقة المسيح على الصليب.

==========
+ وما هي إذن نتيجة ذبيحة المحرقة؟
يُحددها الطقس بوضوح – في العهد القديم: [يضع يده على رأس المحرقة فيُرضى عليه للتكفير عنه]، فالرضا يُقدمنا للكفارة، والكفارة تُقدمنا لاستحقاق قبول الصفح عن الخطايا السالفة أو السابقة، لأنه كيف يغفر الله لنا خطايانا وهو لم يرضى عنا بعد!
ولكن شكراً لله لأن المسيح الرب صار ذبيحة رضا ومسرة عن كل الذين يتقدمون به إلى الآب؛ ولو نظرنا لتقديم ذبيحة المحرقة، نجد أن لها ترتيباً خاصاً دون سائر جميع الذبائح الأخرى والتقدمات: إذ ينُص الطقس على ضرورة سلخ الذبيحة وتقطيعها قطعاً وغسلها غسلاً بالماء، كل جوفها وأحشاؤها وقِطَعِها على المذبح، ليُظهر كل ما فيها أمام الله حتى أعماقها الداخلية.[4]

==========
فما هذا الفعل وإلى ماذا يُشير!!!
أليست هذه إشارة واضحة كالشمس إلى الفحص الذي جازه المسيح الرب أمام الله من جهة عمله وسلوكه وخدمته وأقواله؟ فلم يوجد فيه عله واحده على الإطلاق، حتى بشهادة بيلاطس نفسه الذي أمر بصلبه: فقال لهم ثالثة (بيلاطس المتكلم) فأي شرّ عمل هذا. إني لم أجد فيه علّه (علّه = οὐδὲν = nothing = je n'ai rien) للموت[5]، وذلك كما شهد أشعياء بروح النبوة: لم يعمل ظلماً ولم يكن في فمه غش[6]، بل وهو نفسه شهد عن نفسه – وشهادته حق – قائلاً: من منكم يُبكتني على خطية (أي يفحص ويكشف ويُدين ليجد أدنى عيب أو أقل انحراف بسيط جداً يوبخ أو يلوم عليه)[7]، وقد قال هذا وهو يتقدم إلى الصليب كشهادة لبرّ ذبيحته المُطلق، وتأكيد أنه ذبيحة محرقة أفضل – من الرمز الذي قدمه الطقس قديماً – بما لا يُقاس أو يستطيع أحد أن يشرحه، لأن الرمز القديم ضعيف جداً بالكاد يستطيع أن يوضح بعض الأمور بشكل باهت.

==========
وينبغي أن نفهم ماذا يقصد الرب على وجه الدقة بكلمة من منكم يُبكتني ( بمعنى = مُتَأَكّد؛ مُتَحَقّق؛ مُتَوَكّد؛ مُتَيَقّن؛ مُقْتَنِع؛ واثِق): فكلمة يُبكتني في اليونانية - ἐλὲγχειelegchei (convinced = is-exposing) هذه الكلمة اليونانية بحد ذاتها هي اصطلاح قانوني يُفيد الفحص المضاد (البيان والتفسير) من محامي الخصم، وهو نوع من [إقامة الدليل الضد]، وهي تقوم على إثبات الخطأ بالدليل المُدعم (إسْتَثْبَت مِن؛ أيْقَنَ (الأمْرَ أو بِهِ)؛ تَأكّد؛ تَأكّدَ مِنَ الأمْر؛ تَثَبّت مِن؛ تَحَقّق؛ تَحَقّقَ الأمْرَ أو مِنْهُ؛ تَوَكّدَ مِنْ)، إما بشهادة الشهود، أو بالوثائق الدامغة، أو بمهارة المُحقق في جعل المتهم يعترف ضد نفسه. وقد أورد الإنجيل هذا المصطلح في يوحنا 16: 8 عن الروح القدس أنه [يُبكت العالم على خطية]

==========
فالمسيح الرب بقوله [من منكم يُبكتني على خطية] يكون قد كشف كشفاً واضحاً على المستوى التي تعيش فيه بشريته، أنه مستوى يفوق كل قامة البشر – حيث يستحيل أن يوجد إنسان بلا خطية أو أدنى خطأ – وبهذا يكون هذا النص هو استعلان للمستوى الإلهي الذي كان يعيشه المسيح الرب في إنسانيته، وهو المعروف في اللاهوت: أن المسيح "بلا خطية في المُطلق" [لأن ليس لنا رئيس كهنة غير قادر أن يرثي لضعفاتنا بل مُجرب في كل شيء مثلنا بلا خطية apart from sin (بلا اقتراف خطية – without any sin بدون أو بلا أي خطية – بمعزل وانفصال تام عن الخطية – لأنها لا تستطيع أن تمسه ولو من بعيد أو يتعامل معها – مستحيل استحالة مطلقة أن توجد فيه شبه خطية واحدة أو أقل أو أدنى ميل من نحوها ولو حتى سهواً)][8]

==========
فواضح هنا على مستوى فحص الذبيحة أن الرب نفسه يجتاز أي فحص بجدارة لأنه القدوس المُطلق، حمل الله الذي بلا عيب، ومؤهل كل التأهيل أن يكون ذبيحة محرقة للرضا التام والمسرة الكاملة الدائمة، وبسبب كماله المطلق يستحيل أن تُقدَّم معهُ أو حتى بعده ذبيحة محرقة أخرى لأن فيه الكل صار مرضي عنه، شرط أن يتوب ويؤمن به ذبيحة محرقة تامة إلى الأبد، ويثمر إيمانه طاعة لأنه يستمد الطاعة من طاعة الرب يسوع الذي آمن به بكل قلبه.

==========
ونختتم الكلام عن هذه الذبيحة العظيمة والتي هي أول الذبائح، والتي لا تقدُّم لله إلا بها، ونعود نركز لكي تنطبع هذه الذبيحة في أذهاننا وفعلها يصير في قلوبنا بالإيمان بحمل الله رافع خطية العالم، ونذكر قول الرب لموسى قائلاً:
+ وكلم الرب موسى قائلاً: هذه هي شريعة المحرقة، هي المحرقة تكون على الموقدة فوق المذبح كل الليل حتى الصباح، ونار المذبح تتقد عليه. ثم يلبس الكاهن ثوبه من كتان، ويلبس سراويل من كتان على جسده، ويرفع الرماد الذي صيَّرت النار المحرقة إياه على المذبح، ويضعه بجانب المذبح. ثم يخلع ثيابه ويلبس ثياباً أُخرى، ويُخرج الرماد إلى خارج المحلة إلى مكان طاهر. والنار على المذبح تتقد عليه، لا تُطفأ. ويُشعل عليها الكاهن حطباً كل صباح، ويُرتب عليها المحرقة، ويوقد عليها شحم ذبائح السلامة، نار دائمة تتقد على المذبح، لا تُطفأ.[9]

==========
فلنلاحظ ونركز في الكلام هنا، فأن العهد القديم – في منتهى البراعة – يؤكد على أن هذه الذبيحة تتركز في كونها تظل فوق المذبح – باستمرار – كل الليل وحتى الصباح، والنار على المذبح تلتهم المحرقة مع شحم ذبائح السلامة، نار دائمة تتقد على المذبح، لا تُطفأ، ومحرقة دائمة لا يخلو المذبح منها إطلاقاً. وذلك إشارة واضحة وبليغة جداً إلى ذبيحة المسيح الرب، حمل الله، الذبيحة الكاملة التي صارت محرقة ووقوداً مستمراً إلى الأبد أمام الآب يستنشقه كل حين رائحة سرور ورضا – كما رأينا في شرحنا السابق بتدقيق – فيتحنن على البشرية بسبب برّ المسيح وطاعته الخالصة حتى الموت من أجل خلاص جنس البشر.
وكما التهمت النار الذبيحة، هكذا ابتُلع الموت إلى غلبة بموت المسيح وقيامته. والكتان الذي يلبسه الكاهن لكي يرفع رماد المحرقة ويضعه بجانب المذبح، يُشير إلى برّ المسيح الذاتي وجسد قيامته؛ لأنه إذ أطاع حتى الموت موت الصليب، لكي يكمل مشيئة أبيه الصالح، قام بتقواه وببره الذاتي غالباً الموت وحاملاً معه مفاعيل عمله العظيم الذي أكمله على الصليب. فالرماد إشارة إلى كمال المحرقة وقبولها أمام الله، بكونها احترقت بالتمام ولم يبقى منها شيئاً.

==========
وأما هذا فبعدما قدم عن الخطايا ذبيحة واحدة جلس إلى الأبد عن يمين الله.. لأنه بقربان واحد قد أكمل إلى الأبد المقدسين[10]؛ وليس بدم تيوس وعجول بل بدم نفسه دخل مرة واحدة إلى الأقداس فوجد فداءً أبدياً.[11]
=========================
[1] (لاويين 1: 4)
[2] (غلاطية 2: 20)
[3] (2كورنثوس 2: 14و 15)
[4] (لاويين 1: 9)
[5] (لوقا 23: 22)
[6] (أشعياء 53: 9)
[7] (يوحنا 8: 46)
[8] (عبرانيين 4: 15)
[9] (لاويين 6: 8 – 13)
[10] (عبرانيين 10: 12، 14)
[11] (عبرانيين 9: 12)

رد مع إقتباس
بياناتي
 رقم المشاركة : ( 23 )
aymonded
ارثوذكسي ذهبي
رقم العضوية : 527
تاريخ التسجيل : Jun 2007
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 21,222
عدد النقاط : 58

aymonded غير متواجد حالياً

افتراضي رد: ذبيحة المحرقة עֹלׇה - الكتاب الثاني من دراسة تفصيلية في الذبائح والتقديمات في الك

كُتب : [ 05-30-2020 - 08:28 PM ]


تم الكتاب الثاني بنعمة الله؛ وسوف يتم قريباً وضع
الكتاب الثالث: ذبيحة الخطية
==================
لتحميل الكتاب PDF
أضغط على الصورة





رد مع إقتباس
بياناتي
 رقم المشاركة : ( 24 )
رفقة شحات
يا رب ارحمنى انا الخاطئ
رقم العضوية : 68936
تاريخ التسجيل : Jul 2009
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 1,586
عدد النقاط : 10

رفقة شحات غير متواجد حالياً

افتراضي رد: ذبيحة المحرقة עֹלׇה - الكتاب الثاني من دراسة تفصيلية في الذبائح والتقديمات في الك

كُتب : [ 05-31-2020 - 12:29 AM ]


ربنا يباركك يا استاذ ايمن

الموضوع حقيقى رائع

رد مع إقتباس
بياناتي
 رقم المشاركة : ( 25 )
aymonded
ارثوذكسي ذهبي
رقم العضوية : 527
تاريخ التسجيل : Jun 2007
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 21,222
عدد النقاط : 58

aymonded غير متواجد حالياً

افتراضي رد: ذبيحة المحرقة עֹלׇה - الكتاب الثاني من دراسة تفصيلية في الذبائح والتقديمات في الك

كُتب : [ 06-01-2020 - 07:05 PM ]


اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رفقة شحات مشاهدة المشاركة
ربنا يباركك يا استاذ ايمن

الموضوع حقيقى رائع

ربنا يخليكي وصليلي كتيـــــــــر
يومك رائع كله سلام

رد مع إقتباس

اضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
עֹלׇה, الثاني, الذبائح, الكتاب, المحرقة, تفصيلية, دراسة, ذبيحة, في, من, والتقديمات

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
فهرس دراسة في الذبائح والتقدمات في الكتاب المقدس - الذبيحة טֶבַח θυσίας σφάζω aymonded دراسات وأبحاث في الكتاب المقدس 32 07-16-2011 12:46 AM
لماذا قربان وليس فطير لتناول جسد الرب azez الطقس الكنسي الارثوذكسي 0 05-18-2011 07:43 PM
سلسلة دراسة الذبائح טֶבַח والتقديمات (45) الصليب ذبيحة طاعة - ختام ذبيحة المحرقة aymonded دراسات وأبحاث في الكتاب المقدس 2 11-30-2010 03:15 PM

Rss  Rss 2.0 Html  Xml Sitemap SiteMap Info-SiteMap Map Tags Forums Map Site Map


الساعة الآن 10:45 AM.