رد: تكريس القلب، يَا ابْنِي أَعْطِنِي قَلْبَكَ وَلْتُلاَحِظْ عَيْنَاكَ طُرُقِي
كُتب : [ 06-12-2018
- 06:23 PM
]
رابعاً: وَلْتُلاَحِظْ عَيْنَاكَ طُرُقِي (سبلي) كل سبل الرب رحمة وحق لحافظي عهده وشهاداته (مزمور 25: 10)
حكمة الذكي فهم طريقه وغباوة الجهال غش (أمثال 14: 8)
حينما يسير إنسان في طريق يختاره لا بُدَّ من أن يكون لديه الذكاء الكافي والفطنة مع الحكمة والتدبير الحسن لكي يسير فيه بفهم ووعي، لأن من لا يدرس طريقه ويفهم كيف يسير فيه فأنه يضل ويشرد هنا وهناك، ويسير في حالة من التخبط ولا يستطيع أن يصل لغايته، لأن الإنسان حينما يجهل طريقه فكيف يسير فيه، لأن الجهل يصحبه الغباوة لأن حينما يسمع كلمة من هنا أو هناك سيصدقها ويسير على هُداها عله يصل لغاية طريقه، وبالتالي فأن الإنسان سيغش نفسه لو استمر يسير بعدم فهم، وهكذا أيضاً الإنسان الروحاني لا بد من أن يقتني الحكمة لكي يكون ذكي روحياً حتى يفهم طريقه ويعرف كيف يسير باستقامة ليصل لغايته بسهولة، ولا يأثر فيه كلام يبعده عن طريقه السليم: الغبي يصدق كل كلمة والذكي ينتبه إلى خطواته (أمثال 14: 15)
وبكونه يعلم أن الطريق طريق إلهي بالدرجة الأولى، لذلك فأن صلاته تقول:
[طرقك يا رب عرفني، سبلك علمني؛ عليك توكلت، عرفني الطريق التي أسلك فيها لأني إليك رفعت نفسي – مزمور 25: 4؛ 143: 8]
وعمل الله يقول: [أُعلمك وأُرشدك الطريق التي تسلكها، أنصحك، عيني عليك – مزمور 32: 8]
ومن هذا المنطلق علينا أن نعرف أن الله لم يتركنا يتامى
بل أعطانا روحه الخاص رفيقاً مُلازماً لنا لكي يعلمنا ويرشدنا الطريق التي نسلكها: [إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَنِي فَاحْفَظُوا وَصَايَايَ. وَأَنَا أَطْلُبُ مِنَ الآبِ فَيُعْطِيكُمْ مُعَزِّياً آخَرَ لِيَمْكُثَ مَعَكُمْ إِلَى الأَبَدِ. رُوحُ الْحَقِّ الَّذِي لاَ يَسْتَطِيعُ الْعَالَمُ أَنْ يَقْبَلَهُ لأَنَّهُ لاَ يَرَاهُ وَلاَ يَعْرِفُهُ وَأَمَّا أَنْتُمْ فَتَعْرِفُونَهُ لأَنَّهُ مَاكِثٌ مَعَكُمْ وَيَكُونُ فِيكُمْ. لاَ أَتْرُكُكُمْ يَتَامَى. إِنِّي آتِي إِلَيْكُمْ. وَأَمَّا الْمُعَزِّي الرُّوحُ الْقُدُسُ الَّذِي سَيُرْسِلُهُ الآبُ بِاسْمِي فَهُوَ يُعَلِّمُكُمْ كُلَّ شَيْءٍ وَيُذَكِّرُكُمْ بِكُلِّ مَا قُلْتُهُ لَكُمْ. سلاَماً أَتْرُكُ لَكُمْ. سلاَمِي أُعْطِيكُمْ. لَيْسَ كَمَا يُعْطِي الْعَالَمُ أُعْطِيكُمْ أَنَا. لاَ تَضْطَرِبْ قُلُوبُكُمْ وَلاَ تَرْهَبْ] (يوحنا 14: 15 – 18؛ 26، 27)
لذلك الإنسان حينما يعتمد على الروح القدس ويمتلئ من المحبة الإلهية الذي يسكبها في قلبه، فأنه يصدق كل شيء من الله منكراً نفسه حاملاً صليبه ويتبعه للنهاية ولا يضل عن طريقه أبداً.
عموماً في الواقع الاختباري من جهة الترتيب،
فأن الإنسان بعدما تاب وآمن ودخل في سرّ التبني وحياة التكريس القلبي والروح القدس بدء يعمل فيه، فأن الخطوة التي تليها هو الملاحظة [تُلاحظ عيناك طُرقي] وذلك لتزكية طريقه [بم يزكي الشاب طريقه بحفظه إياه حسب كلامك – مزمور 119: 9]، لأن بدون هذه الملاحظة والمتابعة فلن يفهم الإنسان طريقه وسيخيب من النعمة ويسقط (تلقائياً وطبيعياً) ويرتد لحياته السابقة سريعاً ولن يتقدم في الطريق وسيخور ويرتد للوراء؛ لذلك علينا أن ننتبه للخطوات بالترتيب، لأنه لا تنفع خطوة قبل أُخرى، لأن ترتيب الكتاب المقدس دقيق للغاية، وعلينا ان نسير وفقه دون أن نتوانى ونتكاسل ونتأخر فنقف عند البداية، أو نسبق بخطوة أو نتقدم بتسرع دون أن ندخل من الباب، فالتوبة والإيمان يأتوا أولاً ومن ثم تكريس القلب كما رأينا، وبعدها تأتي الملاحظة والمتابعة والسير باستقامة في طريق الكمال بكل أمانة للنهاية: [لم يرتد قلبنا إلى وراء، ولا مالت خطواتنا عن طريقك؛ طُوبَى لِلسَّالِكِينَ فِي طَرِيقِ الكَمَالِ، طَرِيقِ شَرِيعَةِ الرَّبِّ – مزمور 44: 18؛ مزمور 119: 1 ترجمة تفسيرية]
+ وَلْتُلاَحِظْ (تراعي) عَيْنَاكَ طُرُقِي (سُبلي) (أمثال 23: 26)
وهنا المعنى يأتي من جهة الاستقبال والترحيب الطيب، أي الإيجابي والفعال، من ناحية الممارسة في نطاق التنفيذ والانجاز، أي من جهة السلوك والتصرف والسيرة، وهي تُفيد المتعة والمسرة بسبب حالة الرضا والسلام، بمعنى أن مسرة الإنسان هو أن يلاحظ ويتابع بدقة الطريق ليسير فيه حسب مشيئة الله، لأن هذه هي متعته ومسرته أن يسير مع المسيح في الطريق المحدد من قِبله، أي الطريق المرسوم من الله، لأن حينما تكون هذه هي رغبة الإنسان الرب يثبت خطواته: [اخترت طريق الحق جعلت احكامك قدامي؛ من قِبَل الرب تتثبت خطوات الإنسان، وفي طريقه يُسر – مزمور 119: 30؛ 37: 23]
وهذه المتعة والمسرة تأتي بسبب تكريس القلب للملك السماوي،
فمن الطبيعي حينما يعطي الإنسان قلبه لله فأنه يرتاح روحياً فيُسر جداً ويفرح للغاية حينما يسير وفق إرادة المالك على قلبه والساكن هيكل جسده؛ فالإنسان المسيحي الحي بالإيمان يعرف الطريق والحق والحياة ويسير وفق إرشاد الروح القدس في الطريق: [الله طريقه كامل، قول الرب نقي، ترس هو لجميع المحتمين به؛ علمني يا رب طريقك، أسلك في حقك، وحد قلبي لخوف اسمك؛ وانظر ان كان فيَّ طريق باطل، واهدني طريقاً أبدياً – مزمور 18: 30؛ 86: 11؛ 139: 24]
________________
(أ) سبل الرب – طريقه
يلزمنا أن نعرف ما هي طرقه أو سبله لكي نلاحظها ونسلكها، لأن سبل الرب هي شريعته (ليس الناموس الطقسي ولا التشريعي) بل ناموس وصاياه الأدبي الصالح والنافع للنفس، لأن قبل أن يتوب الإنسان ويدخل في برّ الإيمان فأنه بسبب إنسانيته الساقطة والغير مفتداه لا يستطيع أبداً أن يسير حسب الوصية ولا يقدر أن يُتمم مشيئة الله ولا يعمل لحساب مجده إطلاقاً مهما ما فعل من أعمال صلاح لأنها ثمر معطوب لأن الشجرة مضروبة من جذرها، وبالتالي يصعب تشكيله، لأنه كالصخر الصلد، غير قابل للتشكيل بكونه ميتاً عن الحياة، بالتالي لن يتأثر بناموس روح الحياة في المسيح يسوع، بل بكونه تحت سلطان ناموس الخطية والموت فيصعب تشكيله جداً بالوصية:
+ فَإِنَّنَا نَعْلَمُ أَنَّ النَّامُوسَ رُوحِيٌّ وَأَمَّا أَنَا فَجَسَدِيٌّ مَبِيعٌ تَحْتَ الْخَطِيَّةِ. لأَنِّي لَسْتُ أَعْرِفُ مَا أَنَا أَفْعَلُهُ إِذْ لَسْتُ أَفْعَلُ مَا أُرِيدُهُ بَلْ مَا أُبْغِضُهُ فَإِيَّاهُ أَفْعَلُ. فَإِنْ كُنْتُ أَفْعَلُ مَا لَسْتُ أُرِيدُهُ فَإِنِّي أُصَادِقُ النَّامُوسَ أَنَّهُ حَسَنٌ. فَالآنَ لَسْتُ بَعْدُ أَفْعَلُ ذَلِكَ أَنَا بَلِ الْخَطِيَّةُ السَّاكِنَةُ فِيَّ. فَإِنِّي أَعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ سَاكِنٌ فِيَّ أَيْ فِي جَسَدِي شَيْءٌ صَالِحٌ. لأَنَّ الإِرَادَةَ حَاضِرَةٌ عِنْدِي وَأَمَّا أَنْ أَفْعَلَ الْحُسْنَى فَلَسْتُ أَجِدُ. لأَنِّي لَسْتُ أَفْعَلُ الصَّالِحَ الَّذِي أُرِيدُهُ بَلِ الشَّرَّ الَّذِي لَسْتُ أُرِيدُهُ فَإِيَّاهُ أَفْعَلُ. فَإِنْ كُنْتُ مَا لَسْتُ أُرِيدُهُ إِيَّاهُ أَفْعَلُ فَلَسْتُ بَعْدُ أَفْعَلُهُ أَنَا بَلِ الْخَطِيَّةُ السَّاكِنَةُ فِيَّ. إِذاً أَجِدُ النَّامُوسَ لِي حِينَمَا أُرِيدُ أَنْ أَفْعَلَ الْحُسْنَى أَنَّ الشَّرَّ حَاضِرٌ عِنْدِي. فَإِنِّي أُسَرُّ بِنَامُوسِ اللهِ بِحَسَبِ الإِنْسَانِ الْبَاطِنِ. وَلَكِنِّي أَرَى نَامُوساً آخَرَ فِي أَعْضَائِي يُحَارِبُ نَامُوسَ ذِهْنِي وَيَسْبِينِي إِلَى نَامُوسِ الْخَطِيَّةِ الْكَائِنِ فِي أَعْضَائِي. وَيْحِي أَنَا الإِنْسَانُ الشَّقِيُّ! مَنْ يُنْقِذُنِي مِنْ جَسَدِ هَذَا الْمَوْتِ؟ (رومية 7: 14 – 24)
أما كل من يأتي إلى الرب تائباً مؤمناً بالإنجيل
بغرض أن يكون مسكناً لهُ لكي يستطيع أن يُثمر ثمار الروح، فأنه يجدد طبيعته ويدخله في سرّ التجديد بروحه الخاص، فيصير قابلاً للعجن والتشكيل، ولذلك في تلك الحالة الروح القدس يعجنه بطبع المسيح الرب واضعاً ملامحه الخاصة فيه ويشكله حسب الوصية غارساً في قلبه كلمة الله لخلاص النفس، فيثمر لحساب ملكوت مجد الابن الوحيد، لذلك مكتوب بالنبوة عن طبيعة العهد الجديد: [بَلْ هَذَا هُوَ الْعَهْدُ الَّذِي أَقْطَعُهُ مَعَ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ بَعْدَ تِلْكَ الأَيَّامِ يَقُولُ الرَّبُّ: أَجْعَلُ شَرِيعَتِي فِي دَاخِلِهِمْ وَأَكْتُبُهَا عَلَى قُلُوبِهِمْ وَأَكُونُ لَهُمْ إِلَهاً وَهُمْ يَكُونُونَ لِي شَعْباً] (إرميا 31: 33)
فالروح القدس عمله أنه يقود النفس لكلمة الحياة نبع الخلاص،
مظهراً لها قوة الوصية ويرشدها للسلوك المستقيم حسب طبيعتها الجديدة أو إنسانيتها المفتداه في المسيح، لكي تحيا كخليقة جديدة تزداد في القامة والنعمة كل يوم وتنمو حسب قصد الله فيظهر فيها ملكوته على الأرض لتصير حياتها شهادة حيه لعمله الصالح، فتنجذب النفوس البعيدة إليه وبذلك تكرز عملياً بملكوت الله، بنفس ذات النداء عينه الذي تممته بفرح ومسرة: [توبوا وآمنوا بالإنجيل، يا ابني أعطني قلبك]
ومع أن عمل الروح القدس هو القيادة
فأنه لا يقود أو يُرشد بعيداً عن إرادتنا ورغباتنا، فليس معنى اننا تغيرنا ودخلنا في سرّ التجديد ونحيا كأبناء لله الآب في المسيح، ولنا شركة مع الثالوث القدوس والقديسين في النور، ويتحقق فينا ملكوت الله ويظهر، فأن إرادتنا قد انتهت أو ليس لها أي عمل فعال أو صارت مسلوبة وكأننا مُغيبين عن الواقع أو نسير كآلات جامدة، لأن حينما نأتي لله وندخل في سرّ الحياة الجديدة فأنه يُحرر إرادتنا من قيد ناموس الخطايا والموت، لكنه لا يلغيها أبداً، بل فقط يصيرها حُره، بحيث أنها تختار بوعي دون قيد، لأن أعظم عطية ننالها هي الحرية، ومن هذه الحرية يظهر اختيارنا، فيا اما نسير في طريق الحياة أو نتوقف أو نرتد عن الإيمان ونعود للوراء: [انظروا أيها الإخوة ألا يكون في أحدكم قلب شرير بعدم إيمان في الارتداد عن الله الحي؛ وأما البار فبالإيمان يحيا وأن ارتد لا تُسر به نفسي؛ وأما نحن فلسنا من الارتداد للهلاك، بل من الإيمان لاقتناء النفس] (عبرانيين 3: 12؛ 10: 38، 39)
فالروح القدس يرشدنا للحق،
فأن سمعناه ولم نُقسي قلبنا وخضعنا لهُ وعشنا بالوصية التي يوجهنا إليها، يقوم بعمله العظيم فينا ويشكلنا لنتغير لتلك الصورة عينها – صورة الرب – من مجد إلى مجد، أما أن سددنا آذاننا عنه ولم نطيعه ونتماشى معهُ فأننا نسقط (تلقائياً) من التدبير الحسن حسب طريق الحياة، ونبدأ نفقد ملكه على قلبنا، وبالتالي الروح يحزن فينا، ومع انه من حين لآخر يلاطفنا وينبهنا وأحياناً يوبخنا ويلوم ضمائرنا، وأحياناً يصمت ويثير فينا ذاكرتنا الروحية لنتذكر عمله فينا وقوة المسرة والسلام التي كانت في قلبنا، حتى نتوب ونرجع لرشدنا، ولكن مع استمرار الاهمال يوماً بعد يوماً وسنة وراء سنة، فنحن في خطر التعرض لقساوة القلب، التي بسببها ينطفئ فينا وقد نخسر ملكوت الله أبينا إلى الأبد: [فانه ان أخطأنا باختيارنا (وطفأنا الروح القدس وارتدينا عن الإيمان) بعدما اخذنا معرفة الحق لا تبقى بعد ذبيحة عن الخطايا، بل قبول دينونة مخيف وغيرة نار عتيدة أن تأكل المضادين، من خالف ناموس موسى فعلى شاهدين أو ثلاثة شهود يموت بدون رأفة، فكم عقاباً أشر تظنون أنه يُحسب مستحقاً من داس ابن الله وحسب دم العهد الذي قُدس به دنساً وازدرى بروح النعمة – عبرانيين 10: 26]
فما هو أشر من أن نرتد عن الإيمان الحي، فينطفئ فينا الروح القدس ونخسر حياة الشركة الإلهية إلى الأبد؟
لذلك الرب نبهنا أن ننتبه للوصية وأن نسهر على حياتنا لئلا تُسلب في غفوة منا، ونخضع لوصيته الخضوع الإرادي منتبهين لصوت الروح فينا لنتماشى ونتجاوب مع حركاته الروحية فينا.
+ فَالَّذِينَ هُمْ فِي الْجَسَدِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يُرْضُوا اللهَ. وَأَمَّا أَنْتُمْ فَلَسْتُمْ فِي الْجَسَدِ بَلْ فِي الرُّوحِ إِنْ كَانَ رُوحُ اللهِ سَاكِناً فِيكُمْ. وَلَكِنْ إِنْ كَانَ أَحَدٌ لَيْسَ لَهُ رُوحُ الْمَسِيحِ فَذَلِكَ لَيْسَ لَهُ. وَإِنْ كَانَ الْمَسِيحُ فِيكُمْ فَالْجَسَدُ مَيِّتٌ بِسَبَبِ الْخَطِيَّةِ وَأَمَّا الرُّوحُ فَحَيَاةٌ بِسَبَبِ الْبِرِّ. وَإِنْ كَانَ رُوحُ الَّذِي أَقَامَ يَسُوعَ مِنَ الأَمْوَاتِ سَاكِناً فِيكُمْ فَالَّذِي أَقَامَ الْمَسِيحَ مِنَ الأَمْوَاتِ سَيُحْيِي أَجْسَادَكُمُ الْمَائِتَةَ أَيْضاً بِرُوحِهِ السَّاكِنِ فِيكُمْ. فَإِذاً أَيُّهَا الإِخْوَةُ نَحْنُ مَدْيُونُونَ لَيْسَ لِلْجَسَدِ لِنَعِيشَ حَسَبَ الْجَسَدِ. لأَنَّهُ إِنْ عِشْتُمْ حَسَبَ الْجَسَدِ (من جهة أهواءه وشهواته) فَسَتَمُوتُونَ، وَلَكِنْ إِنْ كُنْتُمْ بِالرُّوحِ تُمِيتُونَ أَعْمَالَ الْجَسَدِ فَسَتَحْيَوْنَ. لأَنَّ كُلَّ الَّذِينَ يَنْقَادُونَ بِرُوحِ اللهِ فَأُولَئِكَ هُمْ أَبْنَاءُ اللهِ. إِذْ لَمْ تَأْخُذُوا رُوحَ الْعُبُودِيَّةِ أَيْضاً لِلْخَوْفِ بَلْ أَخَذْتُمْ رُوحَ التَّبَنِّي الَّذِي بِهِ نَصْرُخُ: «يَا أَبَا الآبُ!». اَلرُّوحُ نَفْسُهُ أَيْضاً يَشْهَدُ لأَرْوَاحِنَا أَنَّنَا أَوْلاَدُ اللهِ. فَإِنْ كُنَّا أَوْلاَداً فَإِنَّنَا وَرَثَةٌ أَيْضاً وَرَثَةُ اللهِ وَوَارِثُونَ مَعَ الْمَسِيحِ. إِنْ كُنَّا نَتَأَلَّمُ مَعَهُ لِكَيْ نَتَمَجَّدَ أَيْضاً مَعَهُ. (رومية 8: 8 – 17)
________________ (ب) تلاحظ عيناك
كما أن الإنسان المفتوح العينين يرى بوضح كل شيء بسبب نور النهار، هكذا الإنسان الجديد الروحاني، فأن لهُ عينين مفتوحتين يرى بهما كل الأشياء الروحية في النور: [لأَنَّ اللهَ الَّذِي قَالَ أَنْ يُشْرِقَ نُورٌ مِنْ ظُلْمَةٍ، هُوَ الَّذِي أَشْرَقَ فِي قُلُوبِنَا، لِإِنَارَةِ مَعْرِفَةِ مَجْدِ اللهِ فِي وَجْهِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ – 2كورنثوس 4: 6]
فالإنسان قبلما يلتقي بمسيح القيامة والحياة فهو أعمى البصيرة،
أي أن ذهنه الروحي منغلق، والظلام يُحيط به من كل جانب، لكن حينما يتوب ويؤمن ويقترب من مسيح القيامة والحياة فأنه يفتح عين ذهنه، أي انه يستنير ويصير إنسان الله المفتوح العينين.
وبالعين المفتوحة يرى ويلاحظ المجد المستتر في كلمة الله، لأنه يرى ملامح صورة شخص المسيح الرب المستترة في الكلمة، لأن الكلمة تحمل حياة الله، وحينما تنغرس فينا بقوة الحياة التي فيها فأنها تنمو في القلب وتُثمر لأن لها القدرة على أن تُخلِّص النفس، لذلك يقول الرسول عن خبرة: [فَاقْبَلُوا بِوَدَاعَةٍ الْكَلِمَةَ الْمَغْرُوسَةَ الْقَادِرَةَ أَنْ تُخَلِّصَ نُفُوسَكُمْ] (يعقوب 1: 21)
وعلينا أن ندرك أن الملاحظة هنا تعني المراقبة بتأني،
بفحص وتدقيق شديد، فكما أن النسر العظيم له عينين قويتين شديدتين الملاحظة بكون نظره ثاقب، فأنه يعرف كيف يراقب بتأني مع الصبر لكي يجد فريسته وينقض عليها في الوقت المناسب ويصطادها لكي يحيا ويعيش ولا يتضوَّر جوعاً، هكذا الإنسان الروحاني الذي دخل في سرّ الاستنارة، فأن عين ذهنه تكون قوية كالنسر، لأنه أخذ إنساناً جديداً روحياً في المسيح يسوع يتجدد كل يوم حسب صورة خالقه مملوء بقوة الله، إنسان مفتوح العينين بنور الله، لذلك فأنه بالنور يُعاين ويرى النور، ويقارن الروحيات بالروحيات، ويكتشف العطايا الثمينة التي له من الله، وبذلك يلهج في كلمة الله بصبر عظيم ويلاحظها بتأني وبتدقيق شديد، ويصغي لصوت الروح الذي يكلمه من خلالها لكي يشبع بها بكونها طعامه الجديد الروحاني، فيقدم طاعته بكل خضوع وتواضع قلب، والروح ينقل لهُ قوتها ويبدأ يخط فيه الملامح الإلهية وبذلك يتقوى وينمو، ومن هنا نفهم معنى الآية كاملة: [يا ابني أعطيني قلبك ولتلاحظ عيناك طرقي]
+ طُوبَى لِلْكَامِلِينَ طَرِيقاً السَّالِكِينَ فِي شَرِيعَةِ الرَّبِّ. طُوبَى لِحَافِظِي شَهَادَاتِهِ. مِنْ كُلِّ قُلُوبِهِمْ يَطْلُبُونَهُ. أَيْضاً لاَ يَرْتَكِبُونَ إِثْماً. فِي طُرُقِهِ يَسْلُكُونَ. أَنْتَ أَوْصَيْتَ بِوَصَايَاكَ أَنْ تُحْفَظَ تَمَاماً. لَيْتَ طُرُقِي تُثَبَّتُ فِي حِفْظِ فَرَائِضِكَ. حِينَئِذٍ لاَ أَخْزَى إِذَا نَظَرْتُ إِلَى كُلِّ وَصَايَاكَ. أَحْمَدُكَ بِاسْتِقَامَةِ قَلْبٍ عِنْدَ تَعَلُّمِي أَحْكَامَ عَدْلِكَ. وَصَايَاكَ أَحْفَظُ. لاَ تَتْرُكْنِي إِلَى الْغَايَةِ. بِمَ يُزَكِّي الشَّابُّ طَرِيقَهُ؟ بِحِفْظِهِ إِيَّاهُ حَسَبَ كَلاَمِكَ. بِكُلِّ قَلْبِي طَلَبْتُكَ. لاَ تُضِلَّنِي عَنْ وَصَايَاكَ. خَبَّأْتُ كَلاَمَكَ فِي قَلْبِي لِكَيْلاَ أُخْطِئَ إِلَيْكَ. مُبَارَكٌ أَنْتَ يَا رَبُّ. عَلِّمْنِي فَرَائِضَكَ. بِشَفَتَيَّ حَسَبْتُ كُلَّ أَحْكَامِ فَمِكَ. بِطَرِيقِ شَهَادَاتِكَ فَرِحْتُ كَمَا عَلَى كُلِّ الْغِنَى. بِوَصَايَاكَ أَلْهَجُ وَأُلاَحِظُ سُبُلَكَ. بِفَرَائِضِكَ أَتَلَذَّذُ. لاَ أَنْسَى كَلاَمَكَ. (مزمور 119: 1 – 16)
وطبعاً هذا يقودنا للمزمور الأول لنفهم السلوك المسيحي الأصيل وكيف نلهج في كلمة الله، وقد تم شرحه سابقاً، لذلك أرجو العودة لشرح المزمور الأول للأهمية الشديدة، لعدم إعادة وتكرار ما سبق وقد تم شرحه بالتفصيل، وليس لنا إلا أن نختم الآن بكلمة الحياة المفرحة لكل قلب طالب وجه الله الحي:
+ فَأَجَابَهُ يَسُوعُ: «مَكْتُوبٌ أَنْ لَيْسَ بِالْخُبْزِ وَحْدَهُ يَحْيَا الإِنْسَانُ بَلْ بِكُلِّ كَلِمَةٍ مِنَ اللهِ» (لوقا 4: 4)
+ كُلُّ كَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ نَقِيَّةٌ. تُرْسٌ هُوَ لِلْمُحْتَمِينَ بِهِ (أمثال 30: 5)
+ اسهروا وصلوا لئلا تدخلوا في تجربة، أما الروح فنشيط وأما الجسد فضعيف (متى 26: 41)
+ اصحوا واسهروا لأن إبليس خصمكم كأسد زائر يجول ملتمساً من يبتلعه هو (1بطرس 5: 8)
|