كتاب كلمة منفعة
البابا شنوده الثالث
( 83 )
الشكليات
***********
كثير من الناس في عبادتهم، وفي علاقتهم بالله، يهتمون بالشكليات ويتركون الجوهر.
ففي الصلاة مثلاً، يقفون أمام الله، ويكلمونه، ويهتمون بالكلام وكثرته.
وكل هذه شكليات
لأن جوهر الصلاة، هو الصلة التي تربط الإنسان بالله، الشعور بالوجود في الحضرة الإلهية..
وفى الصوم، يركزون على فترة الانقطاع، ونوع الأكل، وهذه أيضاً شكليات.
أما جوهر الصوم من حيث عنصر المنع، والسيطرة على الذات، وضبط الجسد والارتفاع فوق مستوى المادة والأكل، هذا ما يغفله الكثيرون.
وفى الاستعداد للتناول كثيراً ما يهتم الناس بطهارة الجسد، بوضع شكلي، دون الاهتمام بجوهر الطهارة جسداً وروحاً!
وفى قراءة الكتاب المقدس، يهتم البعض بكمية القراءة، والمواظبة عليها، وهذا شكل
أما الجوهر فهو القراءة بفهم وتأمل، والغوص وراء المعاني وتحول القراءة إلى روح وحياة..
وبعض الناس يدخلون الحياة الرهبانية، فيهتمون بالشكل الخارجي
ومن جهة المطانيات وعددها وكثرتها، والأصوام وانقطاعها وشدتها، والحبس في القلاية، والصمت، وعدم الاهتمام بالملبس
أما نقاوة القلب من الداخل، والموت الحقيقي عن العالم، وهدف الرهبنة في الانشغال بالله ومحبته، هذا ما ينسونه وسط الاهتمام بالشكليات!
فقد يشغل كل اهتمامنا، ماذا نقول..
أما تأثير ما نقوله في تغيير قلوب الناس، وفي توصيلهم إلى محبة الله، فهذا ما يغفله الكثيرون..
وقد تكثر في الخدمة الأنشطة العديدة، والتنظيمات، والأسماء البراقة، وكلها شكليا
والعمق معروف، الذي هو الهدف من الخدمة، أعنى خلاص النفس.. ولكن أين هو!
إن الشكليات لا تبنى الملكوت إطلاقاً، بل هى تذكرنا بما قاله الرب عن الكتبة والفريسيين الذي ينظفون خارج الكأس والصحفة
والذين يشبهون القبور المبيضة من الخارج، أما الداخل.. فعكس ذلك تماماً..
الله لا يهمه الشكليات، لذلك قال
"يا ابني أعطني قلبك "
ولهذا لا يهتم بحرفية الوصية، إنما أهتم بما فيها من حب، وقال عن المحبة، إنه يتعلق بها الناموس كله والأنبياء..