" ليعلم أقباط المهجر،وأثرياء الداخل،بأن النهوض بالبنية التحتية للمجتمع القبطي ليس عملاً رحيماً فقط، بل وعمل نضالي حقوقي أيضاً،
لأن ألف باء مساندة أي أقلية مضطهدة في العالم تبدأ من النهوض ببنيتها التحتية من أجل الحفاظ على استمرارية تواجد الفئات الأكثر فقراً منها. "
3 مايو 2009رغم إن قرار الحكومة السنية الرشيدة بإعدام،أو ذبح الخنازير في مصر،هو قرار إسلامي بحت يقف وراءه الوهابيون السعوديون ،وأذنابهم من الإسلاميين المصريين،اعتقاداً منهم بأن إبادة الخنازير إنما يدخل ضمن نطاق حربهم غير المقدسة ضد المسيحيين،بعدما خيل لهم ذهنهم المريض بأن الخنزير مقدساً في المسيحية!!
وإن ذبحه إنما يعني ضمنياً ذبح واحداً من مقدساتها!!! بعدما بلغ بهم إنحطاطهم الفكري الشديد وتخلفهم الأشد،إلى حد الربط بين حيوان الخنزير وبين الصليب المقدس (!!) تأسيساً على قول نبيهم: (لا تقوم الساعة حتى ينزل فيكم ابن مريم حكما مقسطا فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ..)
دون أن يحدد لنا أي خنزير هذا الذي سوف يقتله السيد المسيح من بين مئات ملايين الخنازير الموجودة في العالم، سواء في حظائر التربية،أم في الغابات والبراري؟!
وأي صليب هذا الذي سوف يكسره من بين مليارات الصلبان الموجودة في العالم؟!
*لكن بالرغم من هذا القرار الظالم الموجه ضد فقراء الأقباط ممن يتعيشون على تربية الخنازير،ويقوموا بتغذيتها من القمامة العضوية التي يجمعوها من البيوت..
إلا إنه قد جاء في صالح الأقباط سياسياً،واجتماعياً:
سياسياً:
أظهر هذا القرار الظالم تطرف الحكومة المصرية أمام العالم كله،وخصوصاً بعدما أكدت منظمة الصحة العالمية على إن فيروس"أتش 1 أن 1"المسمى خطأ بانفلونزا الخنازير،ينتقل عن طريق الإنسان،وليس عن طريق الخنزير. وبالتالي،فإن إعدام الخنازير في مصر لن يفيد في الحماية من هذا الفيروس. لا سيما بعد تأكيد العلماء على إن أكل لحومه لا يتسبب عنه نقل الفيروس طالما تم طهيه على درجة حرارة لا تقل عن 71 مئوية.
مما يتضح بجلاء تام بأن هذا القرار له دوافع أخرى ليس لها أدنى صلة بمقاومة هذا الفيروس،أو بالحرص على الصحة العامة،كما تزعم الحكومة،بل هو مجرد عمل جبان يستهدف اقباط معدمين.ولا يوجد أروع من تعريف - برجيت باردو- الدقيق للمسألة:
" إن استغلال حالة الهلع في العالم بسبب انتشار الأنفلونزا المكسيكية التي لا علاقة لها بالحيوانات لشن حملة للقضاء على قطعان الخنازير التي يقوم بتربيتها فقراء في مصر يعد عملا جبانا إلى أقصى حدود".
*وهكذا أتضح للعالم كله،بأن السبب الحقيقي وراء إصدار الحكومة قرارها بإبادة الخنازير هو من أجل إرضاء الإسلاميين المتطرفين،الذين استغلوا هذا الأمر أبشع استغلال لإيذاء مسيحيين فقراء ومعدمين، ومحاربتهم في أكل عيشهم المخلوط بالذباب. وذلك حتى ترتوي نفوسهم العطشى للكراهية والإيذاء،وحتى"يشفي صدور قوم مؤمنين ويذهب غيظ قلوبهم"؟؟؟
ولتحقيق أحلامهم بإخلاء مصر من الخنازير،لأسباب إسلامية خالصة،لزعمهم المريض بأن مصر دولة إسلامية لا يجوز وجود الخنازير على أراضيها،لتحريم الإسلام لها. رغم أنهم من أكثر شعوب العالم استخداماً للانسولين المستخرج منه !!! ولو كانوا غيوريين على تنفيذ تعليمات دينهم بالحق لمنعوا الانسولين عن مرضاهم.
*لكنهم في الحقيقة لن يستطيعوا الاستغناء عن الخنزير،كما أكد مدير إدارة الأمراض المعدية في وزارة الزراعة،صابر عبد العزيز جلال،لوكالة الصحافة الفرنسية بقوله:
"سيتم إعادة تنظيم تربية الخنازير في مزارع حقيقية وليس وسط مكب النفايات"!!!
أي إن الحكومة هي التي سوف تربي الخنازير بمعرفتها، بدليل قوله:"سنقيم مزارع جديدة في مناطق مخصصة لتربية الخنازير كما في أوروبا"!!!
مؤكداً على أنه"بعد عامين ستعود تربية الخنازير عندما نكون فأنشأنا مزارع حقيقية"؟
أي إنها مجرد لعبة حكومية ثلاثية الأبعاد:
1 - ترضية الإسلاميين المتطرفين،ورجل الشارع الذي أصبح أشد تطرفاً.
2 – إفقار فقراء المسيحيين.
3 – الاستيلاء على هذه الصناعة المربحة.
وكالعادة،سعت الحكومة لحشر الكنيسة في زاوية ضيقة:
* هل تؤيدين ذبح الخنازير حماية لمصر والمصريين من خطر الوباء.. أم ترفضين فتتهمين بالخيانة الوطنية، ويجدها الإسلاميين فرصة للانقضاض عليك وعلى شعبك؟
+ لكن الكنيسة ردت بحكمة تعلمتها من مؤسسها حينما حاول اليهود اصطياده بكلمة لقلب السلطان الحاكم ضده، كما في موضوع الجزية.
فقالت الكنيسة : لصالح من ذبح هذه الخنازير؟
قالت الحكومة: لصالح مصر والمصريين.
فأجابت الكنيسة : والكنيسة أيضاً تعمل لصالح مصر والمصريين؟؟؟
فإن أردتم ذبح الخنازير فأذبوحها،لكن ادفعوا تعويضات لأصحابها.
أما الخنزير نفسه،فريحوا بالكم، لأنه مجرد حيوان،وليس من المقدسات المسيحية،وانا نفسي رئيس الشعب المسيحي ، لم أكله في حياتي.
يعني بصريح العبارة كدا، الخنزير"مش ها يكون شوخشيخة تشخللوا بيها زي بناء الكنائس مثلاً"؟
بل هو مجرد حيوان مثل بقية الحيوانات،وإذا كنتم تحرموا أكله،فاليهود أيضاً يحرموه،وسبقوكم لذلك بآلاف السنين، لكننا كمسيحيين فلا نحرمه،ولا نحلله،لأن الحرام عندنا هو الزنى والقتل والسرقة والسبي والاغتصاب وسائر المحرمات الأخرى المتوطنة داخل القلوب والنفوس.فهذا هو ما ينجس الإنسان.
أما أكل الخنزير وسائر الأطعمة فهي إلى خارج، ولذلك فلا تنجس الإنسان.
اجتماعياً:
وبعيداً عن المزايدات والاندفاعات العاطفية نقول:
كان – ولا يزال- من أهداف الإسلاميين – كما عبر عنها السادات في الخمسينات-هي إذلال الأقباط،والحط من شأنهم من خلال إلحاقهم بالأعمال الوضيعة،كما قال انه سيجعلهم "ماسحي أحذية"!!
* لذلك فأي عمل وضيع يقوم به قبطي (كتلميع الأحذية،وجمع القمامة،وتربية الخنازير) يصب في صالح الإسلاميين،لأنه يحقق أجندتهم التاريخية الهادفة إلى (إصغار) المسيحيين وتحقيرهم والحط من قيمتهم.
+ لهذا ناديت من قبل في موقع الاقباط متحدون بضرورة النهوض بالبنية التحتية للشعب القبطي،حتى ينهض وينمو ويتقدم ليتسنى له الصمود"النوعي" أمام هذه الغالبية العددية المتطرفة.
*وها هي الفرصة تأتينا لغاية عندنا،لكي نقتحم مشكلة الزبالين،ومربي الخنازير من فقراء شعبنا بشجاعة، ولنبدأ في وضع برامج تنموية ترفع من مستواهم،وتؤهلهم للإنخراط في أعمال أخرى تشرف الأقباط وتحفظ لهم كرامتهم،وتحمي أطفالهم من الأمراض،والأمية،والتشرد،والضياع(ولعلكم تتذكرون مقالي في الاقباط متحدون،الذي تناولت فيه ماسأة طفلة قبطية فقيرة عمرها 14 سنة تعمل في جمع القمامة،وحاول زبال مسلم في الثلاثينات اغتصابها،لكنها قاومته بشدة،فقام بقتلها، ثم اغتصبها وهي ميتة)؟!
ولنسأل أنفسنا بصراحة:
ألم يكن المكان الطبيعي لهذه الطفلة القبطية البريئة،هو المدرسة،وليس أكوام النفاية،وحظائر الخنازير، الحيوانية،والآدمية؟
وهل تذكرون مقالي،في نفس الموقع،عن بائع فراخ حي امبابه الشهير الذي تصدى لامير الجماعة الإسلامية الشيخ جابر الطبال (الذي نصب نفسه أمير جمهورية امبابة الإسلامية)!!
فكان جزاؤه الاعتقال لمدة سنة، وعند خروجه من المعتقل لم يجد مكاناً يآويه هو وزوجته واطفاله غير حوش في المقطم مليء بأكوام الزبالة، وقطعان الخنازير؟
· أذكر إنني عندما ذهبت إليه لبحث حالته فور الإفراج عنه،لم احتمل الروائح العفنة الكريهة المنبعثة من أكوام النفايات،ومن فضلات الخنازير،في هذه المنطقة.
وتألمت جداً لمنظر الأطفال وهم يلعبون مع الخنازير والذباب يملأ ووجوهم .
وشعرت بالخزى والعار،وسألت نفسي:
كيف هان علينا لحمنا؟
وكيف هانت علينا كرامتنا القبطية لكي نسمح لشريحة من فقراء شعبنا بالتخصص في مثل هذا العمل القبيح جداً في مصر؟ وكيف سمحت ضمائرنا بترك أطفالنا وسط هذه البيئة الموبؤة بالأمراض؟
لنشعل الشموع :
علينا أن نعترف بأن فقراء ومرضى شعبنا يعيشون وسط ظلام حالك من الظلم والبؤس والشقاء. وإن الحل ليس في لعن هذا الظلام المحيط بهم، بل في إشعال الشموع لتنير الطريق أمامهم.
+كل قبطي شريف محباً للسيد المسيح ، لابد أن يكون انسانا ايجابياً يحب بالحق والعمل،وليس بالكلام. وأبسط مباديء هذا الحق هو أن نشعل الشموع لتجلي الظلمات المحيطة بأخوتنا.
وليبدأ كل منا بنفسه،ولنبدأ في تكوين المجموعات الصغيرة للنهوض بهؤلاء الأصاغر،حتى متى تحقق الحلم، وظهر مشروع كنسي – علماني تنموي ضخم يتولى إعادة تأهيل الزبالين ومربي الخنازير،لاستيعابهم في سوق العمل،وفي المشروعات الصغيرة البديلة،نكون مستعدين للمساهمة فيه بخبراتنا وأموالنا ومقترحاتنا.
*أحلم بيوم أجد فيه اعلانات في كل كنيسة،وفي كل موقع قبطي،مكتوباً فيه:"ساهموا في المشروع القبطي التنموي الكبير لتأهيل جامعي القمامة ومربي الخنازير في مصر".
ربنا يبارك في أي عمل يقدم لمرضى وفقراء ومساكين شعبنا .
*وليعلم أقباط المهجر،وأثرياء الداخل،بأن النهوض بالبنية التحتية للمجتمع القبطي ليس عملاً رحيماً فقط، بل وعمل نضالي حقوقي أيضاً،لأن ألف باء مساندة أي أقلية مضطهدة في العالم تبدأ من النهوض ببنيتها التحتية من أجل الحفاظ على استمرارية تواجد الفئات الأكثر فقراً منها.
ولنفكر كلنا في إيجاد حلول عملية للنهوض بفقراء شعبنا،حتى لا يكون من بينهم ماسح أحذية،أو جامع قمامة،أو مربي خنازير، لنؤكد للجميع بأننا لن نسمح لأنفسنا بأن نكون (صغار)أي حقراء وأذلاء. لأننا كباراً بالمسيح،وبكنيستنا،وبحضارت نا،وبعقول ابنائنا الذين بلغوا ارفع مستويات العلم والرقي والتقدم.