إذا حمل إنسان جمرة نار في يده فهو حتماً سيحترق ، ولكنه إذا ألقى الجمرة فهو ينفض عنه ما كان يحرقه فينقذ نفسه ، وأن ظن أحد أنه لا يحترق إذا حمل جرم النار ، فهو قد فقد الحس ، لأن النار أن أحرقت المناطق الحسية فإن الإنسان يفقد الحس وتظل تأكل فيه دون أن يدري ، والكتاب المقدس يقول : " أيأخذ إنساناً ناراً في حجرة ولا تحترق ثيابه ؟ " ( أمثال 6 : 27 )
خداع الخطية :
" لا يقل أحد إذا جُرب إني أُجرب من قِبَل الله . لأن الله غير مجرب بالشرور ، وهو لا يُجرب أحداً . ولكن كل واحد يُجرب إذا انجذب وانخدع من شهوته . ثم الشهوة إذا حبلت تلد خطية والخطية إذا كملت تنتج موتاً " ( يعقوب 1 : 13 – 14 ) ؛ " القلب أخدع من كل شيء وهو نجيس من يعرفه " ( إر17 : 9 )
الشرّ غريب عن طبيعة الله ولا يتعامل معه على الإطلاق ، ومستحيل أن يدفع أي أحد لارتكابه أو وضعه في حالة عثرة ليمتحن إيمانه ، فالله لا يُجرب أحد على الإطلاق ، ولا يضع طريق فيه شرّ أمام الإنسان ، ومكتوب :
" لا تَقُلْ : الرب جعلني أحيد فإنه لا يعمل ما يُمقُتهُ
لا تَقُلْ : هو أضلني ؛ فإنه لا حاجة لهُ في الرجل الخاطئ
الرب يبغض كل قبيحة وليست محبوبة عند الذين يتقونه " ( سيراخ 15 : 11 – 13 )
فالإنسان تستهويه الشهوة وتُغريه ، وهو الذي يتوافق معها برغبته وحريته الكاملة وحده فقط دون تدخل الله لا من بعيد ولا من قريب ، فالله لا يضع عراقيل أمام الإنسان أو فرصة للشهوة أو أي خطية !!! " هو صنع الإنسان في البدء وتَركَهُ يستشير نفسه ( حالة حرية الاختيار ) " ( سيراخ 15 : 14 ) ؛ فالإنسان له مطلق الحرية في أن يُخطئ أو لا يُخطئ بون أي تدخل خارجي أو إرغام من أحد !!!
يقول القديس مقاريوس الكبير في عظة 15 :
[ هناك كثيرون ، بالرغم من أن النعمة حاضرة معهم ، فإنهم ينخدعون بالخطية بدون أن يلاحظوا . فإذا افترضنا أنهُ كان في أحد البيوت فتاة عذراء ، وكان هناك شاب أيضاً ، فيحتال الشاب عليها ويتملقها حتى ترضى وتوافقه على شهواته ، فتسقط وتفقد عفتها ، كذلك الحية المرعبة ، حية الخطية فهي تحضر دائماً مع النفس ، تداعبها وتغريها ، فإذا وافقت النفس ورضيت ، فإن النفس غير الجسدانية تدخل في ارتباط مع الشرّ غير الجسداني الذي لذلك الروح الشرير . فالروح تدخل في ارتباط مع روح ، والذي يرضى بإغواء الشرير ، فإنه يزني في قلبه ، إذ يكون قد قبل ورضي بإيحاءات الروح الخبيث .
فهذه هي إذن درجة جهادك ، أن لا ترتكب هذه الخطية في أفكارك ، بل تقاومها بعقلك ، وتحارب وتجاهد في الداخل ، ولا تذعن لفكرك الشرير ، ولا تُعطي مكاناً في أفكارك للتلذذ بما هو خاطئ ، فإذا وجد الرب فيك هذا الميل والاستعداد فهو بلا شك يأخذك إليه في ملكوته في اليوم الأخير ]
الخطية ليست عدو يحاربنا من الخارج بل هي جرثومة القصد السيئ تنبت في داخلنا ، وباختيارنا نحيد عن طريق التفكير السوي السليم : (( طرحت عني ناموسك برأيي – أنا الذي سقطت )) ( القداس الأغريغوري )