: (2) صلوات الاستغاثة والثقة الحمد
. تتناول هذه الصلوات تسبيح
الرب القدير والعادل والمحسن والمطلق. ويجوز لنا أن نجمع هذه الأفرع الثلاثة في أسرة مميزة ، لأن لها سببا واحدا وهو حالة الضيق والشدة . فالاستغاثة شأن
الصلاة التي
تعبر عن الثقة ، ترافق اللازمة أو تسبقها ، وأما الحمد فهو وصف لانفراج الأزمة وشكر للمفضل الذي أنقذ منها . وقد يجمع في مزمور واحد ( 22و 30 و 31 و 54 و 56 و 61) بين الابتهال والثقة والحمد
. + مزامير الاستغاثة فردية كانت أم جماعية ، تحتوى على أربعة عناصر : دعاء باسم
الله تليه صرخة توسل ، ثم عرض للأوضاع ، ثم ابتهال ، ثم يقين بالاستجابة . لكن هذا التصميم يقبل التنوع، فان صاحب المزمور قد يضيف العناصر أو يهمل بعضها الآخر ويغير ترتيبها أو يكرهها ولا عجب في ذلك أن تذكرنا أن فيض
المشاعر لا
يمكن أن يخضع لمنطق جامد
يبلغ عدد الصلوات الفردية وحدها ما يقارب ربع المجموعة
. (5و6و\7و13و17و22و25و26و28و31 و35و36و38و42و43و51و5475و59و61و63و64و69 و7.=(4.:114-18) و 71 و86و88و1.2و1.9و12.و13.و14.-143) وان أردنا أن نتفهم تلك الصلوات ، ولا سيما صلوات المرضى وكل من يتعرض لخطر
الموت و جب علينا أن نضع أنفسنا في
مكان لأولئك البؤساء من وجهات نظر في الإطار الديني الاجتماعي الذي يحيط بهم ، إذ لم يكن لأصحاب
المزامير من سبيل إلى التمتع بالسعادة إلا في "ارض الأحياء" (27: 31)
أما الصلوات الجماعية للاستغاثة
. (12و 44و58و6.و74و79و8.و83و85و9.و94و1.8و123و 133و137 وراجع 77و82و1.6و126). وهى مبنية على
الطريقة عينها ، فأنها
وليد الكوارث التي تحل بالجماعات، كالهزيمة العسكرية والغزوات والمجازر والتخريب وتدنيس الهيكل وجور الكبار على الصغار وتحكم الكافرين بالأبرار وطغيان السلطات القائمة . كان إسرائيل يشكو من الظلم فيتوسل إلى الرب معددا شتى المراحم التي من شأنها أن تحمل هذا الرب على إغاثته : فكان يتذرع بالبراءة (44: 18) أو يعترف بخطيئته (79 : 8-9) أو يتذكر مآثر
الماضي (44: 2 - 9و74: 2و12-17) ولاسيما
العهد المقطوع ( 74: 2.) فالأمر في النهاية يتعلق بكرامة الله (74 : 18 و 79 : 1.و12) وأمانته وإخلاصه لإسرائيل ( 44: 27) ولا فرق بين قضية الشعب وقضية الرب
. + الثقة هي الحافز في صلوات الاستغاثة ، تحتل المرتبة الأولى وتغذى
الموضوع السائد في بعض المزامير (3و4و11و16و23و27و62و121و131وراجع 91). لعل هذه الأناشيد ، وهى ذات أهمية
روحية كبرى ، صادرة عن بيئات لآوية . ففيها يتغنى أصحاب المزامير بأمانيهم في السلام والفرح ( 23: 4 - 5 و 27: 1 -3 وراجع 3 : 7و 4: 9و131 : 2 - 3) وبألفتهم الدائمة لله (16 : 5 -11) ويعلنون إيمانهم ( 16 :2 و 4- 5 والمزمور 62) ويدعون أبناء بلدهم إلى الاقتداء بما خبروه . وغالبا ما يجمعون بين الفرح والأمان الصادرين عن الاتحاد بالله والهيكل حيث يتجلى الرب (11: 7و 16 : 11) وحيث
يستجيب المؤمنين اللاجئين إليه ( 3 : 5و11 : 4و 23 : 6و 27 : 4) . والمزامير 115و125و129) تعبر عن هذه الثقة الجماعية
. + صلوات الحمد الفردية قليلة نسبيا (9و1.و3.و32و34و4.: 2 -12و41و92و116و138وراجع 1.7). سبق أن وجدنا في صلوات الاستغاثة إعلانا وصيغا أولية للشكر (22 : 23- 32)و 56: 13 -14) فبعد أن يكون المؤمن قد نال من لدن الله ما طلبه ، كان يصعد إلى الهيكل ليضع نذوره ، يرافقه أقرباؤه وأصدقاؤه . يبدو جليا إذا أن مزامير
الشكر ، فردية كانت أو جماعية تتأصل في حفله طقسية (66و67و118و124وراجع 65و78) وهذه هي عادة أهم العناصر التي يتكون منها : تبتدئ بالمقدمة أو إعلان ( 9 : 3 - 12و 92: 2 -7و118: 5-18) ، ثم يذكر صاحب المزامير المخاطر التي تعرض لها والصلاة التي رفعها في المحنة والانقلاب الذي طرأ على أوضاعه بفضل عون الرب القدير . ويختم بدعوة يوجهها إلى الحاضرين ، والمزمور 1.7 يسترعى انتباهنا بوجه خاص . ففي هذه الرتبة الطقسية يتعاقب بقيادة متقدم، أربع فئات من أصحاب الامتيازات ، هم قواد قافلات عادوا من الصحراء وأسرى أخلى سبيلهم ومرضى نالوا الشفاء وناجون من
البحر . ونشعر أيضا بتأثير الليترجية في المزمور 118 ، فهو يعبر عن شكل صلاة حمد فردية عن امتنان إسرائيل لمخلصه
: مزامير التعليم (3)
. في الأسرتين السابقتين مواد حكميه وتعليمية لا يستهان بها .
ولكن بعض المزامير موجهة توجيها خاصا نحو التعليم (راجع العناوين "للتعليم " 6. : 1) وطريقة التعليم هذه لا ترتبط بفن أدبي واحد ، فأصحاب المزامير يلجئون إلى أساليب متنوعة ، كالدرس التاريخي والوعظ على طريقة الأنبياء والتنبيه الطقسى والتفكير الحكمى في أمور الأخلاق ....الخ. وهم يقتدون بالحكماء فيستعملون الأمثال والفنون الأدبية كالترتيب الأبجدي (37و112و119) الذي يساعد على الاستظهار وربما يعنى انهم
قالوا كل ما أرادوا أن يعلنوه . فالرابط بين مزامير هذه الأسرة رابط مرن يسهل البلوغ إلى الغاية التربوية
. +
هناك ثلاثة مزامير (78و1.5و1.6) مسهبة عن التاريخ
المقدس ، تتناول موضوعاته الرئيسية ، من
تقليد آباء يغلب فيه ذكر الوعد والعهد المقطوع (1.5) وخروج من مصر ترافقه العجائب وسير في البرية وتجل إلهي على جبل سيناء ودخول في ارض الموعد (78و1.5و1.6). لا يقتصر أصحاب المزامير على تعداد الأحداث ، بل يبرزون
معانيها وهى مفاخر الرب (78: 4و 1.5: 1و5) وكل ما يشهد على أمانة الله وإخلاصه وصبره ورحمته . وهذه النظرة إلى الماضي تفرض مواقف عملية ، كما يبينها سفر التثنية . وقد ينتهز صاحب المزمور مناسبة كالوصول إلى باب المقدس (راجع 24: 7و118 : 2.) ليعيد إلى الذاكرة ما يلزم من الشروط لدخول الهيكل المثول في حضرة الله
. + وهناك
عظات نبوية (14و5.و52و53و75و81وراجع 95) تتخللها
أقوال إلهية من وعد ووعيد ، على طريقة سفر التثنية (81) ، وتشدد على التقوى
الحقيقية وعلى متطلبات العهد ، وتندد بالكفر والفساد (14و52و75) فالمزمور 5. يستنكر الاعتقاد والشعب بما ينسب إلى الذبائح من فعالية تلقائية غير مرتبطة بالشروط الأخلاقية . لأن الرب ليس مدينا للإنسان ، بل الإنسان هو المدين للرب
. + أخيرا ، هناك أسرة من المزامير
تستحق كل الاستحقاق أن تدعى مزامير تعليم (1و 37و 49 و 73و112و133وراجع 128و 139). وبين الموضوعات التي تتناولها هذه القصائد الحكمية ، يحتل موضوع
الشريعة مكانة مميزة (1و 119 وراجع 19 : 8 - 14) . فان تأمل فيها المؤمن بمحبة ، كانت له
ينبوع خيرات لا ينضب . لا يزال أصحاب المزامير يعلنون سعادة الأبرار وهلاك الأشرار فيثيرون هكذا مسألة الثواب . كانوا يرون أن الواقع لا يتفق دائما مع التعليم التقليدي ، إذ أن الكفار كانوا ينجحون والأبرار يخفقون ، وهذا ما كان يقلق المؤمنين . فيطلق بعض أصحاب المزامير من جرائها صرخات شعب يائسة ويمرون بأزمة إيمان حقيقية (73) ، لكن المحنة تستحثهم وتساعدهم على إرهاق أفكارهم ومشاعرهم . فهل كانوا يحسون بثواب يعيد في الآخرة ما فقد من
التوازن في هذه
الدنيا ؟ ولعلنا نستشف من بعض التأكيدات غير الواضحة مالا تشير 1لى ذلك الثواب (49: 16 و 73 : 24 وراجع تكوين 5 : 24و 2 أخ2: 1-11)
: سفر المزامير بين الأمس واليوم
: في أواسط القرن
الثاني قبل
الميلاد ، ترجم النص العبري من المزامير إلى اليونانية لأجل اليهود المشتتين ، وهى الترجمة التي يقال لها السبعينية . وضع سفر المزامير بين سفر أيوب وأسفار الأنبياء وكان يحتوى مزمورا إضافيا (151). أما ترقيم المزامير في هذه الترجمة فلا يطابق تماما ترقيم النص العبري المسورى. فهناك مزمور واحد في النص العبري يقسم إلى مزمورين من هذا يتكرر مرتين (116و147). وعلى عكس ذلك مرتين أيضا مزمور أن من المجموعة العبرية في مزمور واحد من الترجمة السبعينية (9و1.و113و114) . ويمكن الاطلاع على هذه الفوارق في الجدول الآتي
النص العبري النص اليوناني واللاتيني الشائع
1الى 8 1 إلى 8
9 و 1. 9
11 إلى 113 1. إلى 112
114 113
116 114 و 115
117 إلى 146 116 إلى 145
147 146و 147
148 إلى 15. 148 إلى 15.
. نتبنى نحن في ترجمتنا العربية الترقيم العبري
: في المجموعة العبرية مزامير لا عنوان لها ، تدخل عليها في الترجمة السبعينية تمهيدات جديدة
. 84 مزمورا تنسب إلى
داود ، وأخرى إلى كتبة مختلفين ، إلى ارميا وحزقيال وزكريا وحجاي ويوناداب ، تضاف إليها أحيانا
معلومات غير معروفة عن ظروف تأليف المزامير . وأصحاب الترجمة السبعينية يفسرون على طريقتهم ما في العناوين العبرية من دلالات غامضة . أما ترجمتهم فتمكن ، بالرغم من بعض القراءات الخاصة بها ، من الوصول إلى نصوص تبدوا أصح مما ترد في الأصل العبري . وهذه الترجمة لا تزال الترجمة المعتمدة في الكنائس اليونانية وفى الترجمات الرسمية التي تحتفظ بها الكنائس الشرقية
. لم يكف إسرائيل
يوما ، عبر تاريخه المضطرب ، عن تلاوة المزامير وترنيمها والتأمل فيها ،
بمناسبة أعياده الوطنية والدينية ، وفى طقوس المجمع وفى منازله ، حتى انه قيل أن اليهود يولدون وفى أحشائهم هذا الكتاب
. أما في العهد
الجديد ، فان المزامير تحتل مكانة مرموقة ، يستشهد بها اكثر من مائة مرة . ويسوع
نفسه يستشهد بالمزمور 11. (متى 22: 41-46) لإثبات ما للمسيا من منزلة رفيعة ، كما انه يتلو مع تلاميذه أناشيد "هلل" التي كانت تختم عشاء الفصح (متى 26 :3.). ويتلو ، وهو على
الصليب ، مطلع المزمور 22 (متى 26 :46) ، ويلفظ نفسه الأخير وهو يتلو آية من آيات المزمور 31 (لو 23: 46). وقد جرت
العادة عند المسيحيين الأولين أن يتلوا ويرنموا المزامير (1كو 14 : 26 وأف 5 : 19 وكو3 : 16 ويو 5 : 13) وانتشرت هذه العادة في وقت مبكر ضمن العبادة الخاصة
. أجيال من المؤمنين ، يهودا أو مسيحيين من
جميع الطوائف ، استوحوا المزامير . في صلاتهم وحياتهم . وقد ألهمت هذه النصوص الكتابية ، منذ زمن آباء
الكنيسة في كثير من المواعظ والشروح أنعشت تقوى الأفراد والجماعات وحملت المعلمين على الغوص في شتى البحوث التفسيرية . أجل إن التقوى الأصيلة الصادقة تنبع من القلب ولا تتغذى بالعبارات الأدبية المبتذلة لكن سفر المزامير لا يأتينا بصلوات جاهزة بل يحدو بنا إلى ابتكار صلواتنا ويمدنا بفيض من الأناشيد الجديدة
وليكن ... اله داود ..إله مرنم إسرائيل الحلو.. لذة
لقلبك . بأن تعرفه هو الإله الحقيقي وحده .آمين.
صديقي ....... صديقتي
.. هذا بعض من كثير ، يمكنك أن تطلب المعرفة فتجد ، فما أمتع التلذذ بمعرفة الله
. ندعو الله الواحد .. الأحد .. أن يلهب قلبك باشتياق معرفة في المسيح يسوع
آمين