رد: اكليمنضس الأسكندرى (150 ـ 215م) ” مفسرًا للكتاب المقدس” إعداد د. جورج عوض إبراهيم
كُتب : [ 11-06-2011
- 01:06 AM
]
نستطيع أن نستخلص من سمات كتابات اكليمنضس أن هناك مبادئ تضمن لنا التفسير الصحيح للكتب المقدسة قد رأيناها بوضوح من خلال منهجه وأسلوبه. هذه المبادئ على سبيل المثال هى:
1 ـ الحرية التي كان يتمتع بها في استخدام المعارف الإنسانية وخاصةً الفلسفة للتعبير عن الإيمان. لقد كان اكليمنضس ابن عصره، فقد عرّف العلوم الإنسانية التي كانت في زمانه واستخدمها ـ دون أن يتردد ـ في التعبير عن الإيمان المسيحى. وبالرغم من أن اكليمنضس كان يعرف الطريقة النموذجية في تفسير العهد القديم والمأخوذة من التقليد اليهودى، وذلك من القديس يوستينوس وكان يؤمن بها إلاّ أنه استخدم التراث الأدبى اليونانى والأسكندرى في شروحاته. ومساهمة اكليمنضس الأساسية هى في أنه عبّر عن المسيحية بواسطة التراث الأدبى الثقافى الأممى لكى يتواصل مع أبناء عصره ويبشرهم بها. لقد استخدم اكليمنضس التفسير الرمزى لكى يرفع “المسيحية” إلى مستوى “الفلسفة الحقيقية” وذلك ببراهين جادة ومقنعة.
2 ـ الهدف الجوهرى من استخدام المعارف الإنسانية ـ عند اكليمنضس ـ هو التبشير بالمسيح، لذا فيسوع المسيح بالنسبة للعالم ليس هو فقط ضابط الكل، لكن هو المربى العظيم للإنسانية. [ عندما نكون سامعين للكلمة فلنمجد التدبير الصالح الذي عليه ننشأ، فإن الإنسان يتقدس كابن الله ويتسلم ـ وهو على الأرض ـ التعليم الذي يجعل منه مواطنًا سماويًا ] (المربى 12:3).
3 ـ إن معرفة الله عند اكليمنضس، هى هبة إلهية لا يمكن بلوغها بدون نعمته. ويحدد دور الفلسفة في أنها تعيننا لأن نعرف ما هو ليس الله، وهو أمر هام به تزول الأفكار الخاطئة التي في أذهاننا والتي في أذهان الآخرين. أما إدراك الله فلا يمكن بلوغه إلاّ بالنعمة الإلهية وحدها لأنها تفوق حدود التفكير المنطقى. هكذا يعبر من الفلسفة إلى الدين لأن طريق المعرفة الإلهية هو الاتحاد مع اللوغوس المولود من الآب، اتحاد مع السيد المسيح في القداسة. فإن الله غير المعروف يصير معروفًا خلال اللوغوس. من يرفض نعمة الله ويتجاهل اللوغوس يبقى الله بالنسبة له غير معروف. لذا في الفصل السادس من المتفرقات يؤكد على أن معرفتنا وفردوسنا الروحى هو مخلّصنا نفسه الذي فيه نُزرع بعد أن نُقلنا من الحياة العتيقة إلى التربة الصالحة … الرب نفسه هو معرفتنا. يليق بالغنوسى أن يُنقل إلى السيد المسيح نفسه لكى يُزرع منه. عليه أن يقتلع جذوره القديمة ليتأصل في المسيح، بهذا يصير خليقة جديدة يتحرر من الإنسان العتيق والأمور العتيقة ليدخل إلى الحياة الجديدة.
4 ـ البعد الكنسى مهم جدًا للتفسير الصحيح للكتاب المقدس، فيؤكد على الاتحاد باللوغوس بواسطة حياة المعمودية حيث تتطهر نفس الإنسان من الخطية التي تفصلنا عن الآب، ويتخلّص الإنسان المعمد من الانقسام الداخلى والحرب الداخلية فينعم بالسلام الداخلى خادمًا الله في كل شئ متممًا إرادة الله على الأرض كما في السماء.أعمال اكليمنضس التفسيرية:
لم يكتب اكليمنضس أعمال تفسيرية خاصة، لكن عظته عن “مَن هو الغنى الذي سيخلص” والتي فيها يفسر رمزيًا ما جاء في (مر17:10ـ31) نجدها في باترولوجيا مينى المجلد التاسع 63ـ65. أوضح في شرحه ـ وذلك باستخدام المنهج الرمزى ـ أن الأغنياء يستطيعون أن يرثوا ملكوت السموات، لأن الخطية هى شر وليس الغنى.
أيضًا يخبرنا يوسابيوس القيصرى عن كتاب لكليمنضس هو “وصف المناظر”، فيه وصف موجز لجميع أسفار الكتاب المقدس القانونية بالاضافة إلى رسالة برنابا والسفر المسمى “رؤيا بطرس” (من الأسفار الأبوكريفا) ويقول العلامة اكليمنضس إن بولس الرسول هو كاتب الرسالة إلى العبرانيين، وأن القديس لوقا البشير هو الذي ترجمها إلى اليونانية لتنتشر بين اليونانيين. وإنه طبقًا لتقليد الآباء عن ترتيب الأناجيل، فالإنجيلان المتضمنان سلسلة نسب المسيح كُتبا أولاً. معظم هذا الكتاب مفقود، وحُفظت شذرات منه فقط في نصفه اليونانى منشورة في مجموعة الآباء باللغة اليونانية المعروفة بالـ p.g 8.
_________يتبـــــع_________
|