تذكرنــي
التسجيل التعليمـــات التقويم البحث مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة
يمكنك البحث فى الموقع للوصول السريع لما تريد


  †† ارثوذكس †† > كل منتدايات الموقع > المنتديات المسيحية العامه > المرشد الروحى (كلمة الله التى تؤثر فيك)

المرشد الروحى (كلمة الله التى تؤثر فيك) به يكتب مواضيع فيها ارشد روحى للأعضاء وذلك بيكون من خبراتهم مع الاب الكاهن فى الاعترافات

مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع أرسل هذا الموضوع إلى صديق أرسل هذا الموضوع إلى صديق


الفهم السليم ضروري لحياة روحية سليمة - معنى الفهم والغباوة الروحية

الفهم السليم ضروري لحياة روحية سليمة (معنى الفهم باختصار) + افهموا בִּ֭ינוּ أيها البلداء בֹּעֲרִ֣ים (الأحمق غير العاقل) في الشعب، و يا جهلاء متى تعقلون

اضافة رد

 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع

رقم المشاركة : ( 1 )
الصورة الرمزية aymonded
aymonded
ارثوذكسي ذهبي
aymonded غير متواجد حالياً
 
رقم العضوية : 527
تاريخ التسجيل : Jun 2007
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 21,222
عدد النقاط : 58
قوة التقييم : aymonded will become famous soon enough
RG6 الفهم السليم ضروري لحياة روحية سليمة - معنى الفهم والغباوة الروحية

كُتب : [ 02-15-2018 - 08:39 AM ]



(معنى الفهم باختصار)
+ افهموا בִּ֭ינוּ أيها البلداء בֹּעֲרִ֣ים (الأحمق غير العاقل) في الشعب، و يا جهلاء متى تعقلون תַּשְׂכִּֽילוּ׃ (أو متى تتعلمون وهي مرتبطة بالنجاح أو متى تكونوا حكماء) (مزمور 94: 8)
+ ثم دعا الجمع وقال لهم: اسمعوا (مني كلكم) وافهموا (متى 15: 10؛ مرقس 7: 14)
والفهم في أساس معناه في الكتاب المقدس = الحكمة والاهتمام والزكاء الروحي والبراعة والحرص الشديد، والكلمة العبري تحمل أيضاً هذه المعاني لأنها مرتبطة بها اشد الارتباط: أبصر؛ أدرك؛ تبين؛ رؤية؛ ميز؛ يتبين ويميز؛ يرى؛ يميز بين امرين.
ومن التعبير العبري نجد أن المعنى يحمل الاستنارة والبصيرة والإدراك وبالتالي الرؤية والتمييز.
أما في الإنجيل يرتبط السمع والإصغاء بالفهم (اسمعوا وافهموا) والمعنى المقصود هو اكتساب البصيرة بالسماع القلبي لكلمة الحياة الخارجة من فم المسيح الرب شخصياً: [اَلرُّوحُ هُوَ الَّذِي يُحْيِي. أَمَّا الْجَسَدُ فلاَ يُفِيدُ شَيْئاً. اَلْكلاَمُ الَّذِي أُكَلِّمُكُمْ بِهِ هُوَ رُوحٌ وَحَيَاةٌ] (يوحنا 6: 63)، وهذا يقودنا إلى معجزة تفتيح الأعمى الذي استنار وهذه المعجزة تُذكر دائماً بمناسبة المعمودية، ولكي نوضح المعنى علينا أن نعود لبعض الآيات لندرك المعنى المقصود من الفهم الروحي السليم:
لا تكون لك بعد الشمس نوراً في النهار، ولا القمر يُنير لك مُضيئاً، بل الرب يكون لك نوراً أبدياً وإلهك زينتك؛ كان النور الحقيقي الذي ينير كل انسان آتياً إلى العالم (أشعياء 60: 19؛ يوحنا 1: 9)
لأنك انت تضيء سراجي، الرب إلهي يُنير ظلمتي؛ فتح كلامك يُنير، يُعقل الجُهال؛ وصايا الرب مستقيمة تفرح إياه. أمر الرب طاهر يُنير العينين؛ صيانة من العثار ومعونة عند السقوط (الرب يهوه) هو يعلي النفس ويُنير العينين، يمنح الشفاء والحياة والبركة. (مزمور 18: 28؛ مزمور 119: 130؛ مزمور 19: 8؛ سيراخ 34: 20)
(التجرد من الفهم – الغباوة الروحية)
+ شَفَتَا الصِّدِّيقِ تَهْدِيَانِ كَثِيرِينَ، أَمَّا الأَغْبِيَاءُ فَيَمُوتُونَ مِنْ نَقْصِ الْفَهْمِ؛ اَلأَغْبِيَاءُ يَرِثُونَ الْحَمَاقَةَ وَالأَذْكِيَاءُ يُتَوَّجُونَ بِالْمَعْرِفَةِ؛ الذَّكِيُّ يُبْصِرُ الشَّرَّ فَيَتَوَارَى. الأَغْبِيَاءُ يَعْبُرُونَ فَيُعَاقَبُونَ؛ أَيُّهَا الْغَلاَطِيُّونَ الأَغْبِيَاءُ، مَنْ رَقَاكُمْ حَتَّى لاَ تُذْعِنُوا لِلْحَقِّ؟ أَنْتُمُ الَّذِينَ أَمَامَ عُيُونِكُمْ قَدْ رُسِمَ يَسُوعُ الْمَسِيحُ بَيْنَكُمْ مَصْلُوباً؛ أَهَكَذَا أَنْتُمْ أَغْبِيَاءُ! أَبَعْدَمَا ابْتَدَأْتُمْ بِالرُّوحِ تُكَمَّلُونَ الآنَ بِالْجَسَدِ؟؛ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ لاَ تَكُونُوا أَغْبِيَاءَ بَلْ فَاهِمِينَ مَا هِيَ مَشِيئَةُ الرَّبِّ؛ لأَنَّنَا كُنَّا نَحْنُ أَيْضاً قَبْلاً أَغْبِيَاءَ، غَيْرَ طَائِعِينَ، ضَالِّينَ، مُسْتَعْبَدِينَ لِشَهَوَاتٍ وَلَذَّاتٍ مُخْتَلِفَةٍ، عَائِشِينَ فِي الْخُبْثِ وَالْحَسَدِ، مَمْقُوتِينَ، مُبْغِضِينَ بَعْضُنَا بَعْضاً (أمثال 10: 21؛ 14: 18؛ 27: 12؛ غلاطية 3: 1؛ 3: 3؛ أفسس 5: 17؛ تيطس 3: 3)
الإنسان حينما انعزل عن الله تجرد من الفهم لأن البصيرة الروحية المستنيرة انطفأت فيه، ولم يبقى أمامه سوى التفكير الإنساني المُقنع بحسب حكمة هذا الدهر، وطبيعة هذا الدهر هو السقوط من النعمة وانغلاق عين الذهن الداخلية عن النور الإلهي، وبذلك لا يستطيع الإنسان أن يستوعب أسرار الله أو يفهمها على مستوى الروح، بل دائماً يهبط بها لمستواه الضعيف حسب إنسانيته الخالية من نعمة الله وحكمته، وبالتالي يحيا متخبطاً في طريقه لا يعرف يمينه من يساره، مع أن بحكمته ودراسته ووعيه الإنساني يشعر عن يقين أنه فاهم وعارف بسبب عمق أفكاره وقناعته لأنه درس وعرف وتعمق في البحث وربما يكون حاصل على أعلى الشهادات في الكتاب المقدس واللاهوت على مستوى عالمي، بل قد يكون أخرج وكتب عشرات أو مئات من الكتب ونال شهره واسعة وسط العالم.

فيا إخوتي اعلموا أن طبيعة كلمة الله طبيعة سماوية لها سلطان إلهي قوي لا يستطيع أن يدركه حكماء وعظماء هذا الدهر، لأن كل كلمة تخرج من فم الله تحمل قوته الخاصة ولها سلطان أنها تعمل قصده ولا تخيب إطلاقاً إلا في من لا يقبلوها ويقاوموها ويخضعوها لمنطق التفكير الإنساني الساقط، وبذلك تتغير الكلمة فيهم لتصير كلمتهم وليست كلمة الله الحية والفعالة التي كالمطرقة تحطم الصخر، بل وتستطيع أن تخلق كل شيء جديد لأنها حاملة قوة حياة الله.
وبالطبع لن يفهم كلامي هذا سوى نوعين من الناس، النوع الأول هو الذي يشعر أنه في حاجة شديدة لمسيح القيامة والحياة ليطهر قلبه ويشفي نفسيته، وعنده اشتياق أن ينظر ويرى ويعاين الله ويحيا معه على مستوى الشركة، والنوع الثاني هو الذي دخل في الطريق ويحيا بالإيمان وينمو بكلمة الله لأنها نور لحياته وسراج لقدميه ليسير سيراً صحيحاً مستقيماً.
أما الذي لن يفهم الكلام ليس هنا فقط، بل في معظم الموضوعات التي سبق وتم طرحها مبتعداً عن معناها، عليه أن يعرف أن عين ذهنه الروحية منغلقة والفهم مازال محتجب ببرقع موسى الذي غطى وجهه لأن الشعب لم يحتمل أن ينظر لوجهه المُنير لأنه نال سرّ نور إلهي حينما طلب أن يرى الله، والشعب لم يحتمل هذا النور المُشع من وجهه ولم يستمع بالتالي إليه إلا بعدما غطى وجهه، وهذا هو سر هروب كثيرين من الآباء الروحانيين الحقيقيين، بل أيضاً سر عدم الفهم في كل موضوع مكتوب حسب الروح وليس حسب الناس، لأن طبيعة كلمة الله نور، لا تحتملها ظُلمة، فالإنسان أن كان يحيا في الظلمة لا يحتمل حضور النور.
لذلك يجب أن يكون لنا فهماً صحيحاً بانفتاح الذهن بالروح، لأنه ينبغي على الإنسان أن ينفتح على الله، وهذه هي معجزة المسيح الرب وهو أن يفتح الذهن ليفهم الإنسان القصد الإلهي فترى عينه الداخلية كل شيء بشكل صحيح، لأن الرؤية هي القدرة على النظر إلى كل الجوانب فيتوفر بذلك الوضوح والدقة كلما أمكن وبشكل خاص أي عبارة أو كلمة تخرج من فم الله، أو حتى أي عظة أو كلمة يسمعها أو يقرأها من الناس ويستطيع أن يُميزها بدقة ويعرف هل هي من الله أم لا تتوافق مع عمل الله وسرّ التدبير.
ولننتبه لكلمات الرب في مثل الزارع: [فكل من يسمع كلمة الملكوت (ويعرفها معرفة عقلية وكنتيجة هذه المعرفة: ] ولا يفهم (ينفتح ذهنه على قوة الله) يأتي الشرير ويخطف ما قد زرع في قلبه] (متى 13: 9)
فحينما يصير العقل مشحوناً فقط بالمعرفة الكتابية عن الله دون تذوق قوته، يصير العقل معزولاً عن القلب، والحياة الخارجية تصير لها شكل مختلف عن الداخل تماماً، وهذا ما فعله الشيطان في قلب الكهنة والفريسين، فصاروا يبكتون الشعب الذي شهد ليسوع ولم يلق عليه الأيادي، محتجين بعدم فهم الشعب للناموس، وبكونهم يرون في أنفسهم الفهم والمعرفة العميقة الصحيحة بالكتب والناموس، يعزلون قلوبهم وأفكارهم عن معرفة شخص الرب يسوع، لذلك بكل كبرياء قالوا: [هذا الشعب الذي لا يفهم الناموس هو ملعون] (يوحنا 7: 49)
عموماً إذا استمرت المعرفة العقلية بدون تذوق قوة الله بانفتاح الذهن بالروح (أي الاستنارة) وتشغيل الحواس الروحية بحسب الخليقة الجديدة التي نلناها من مسيح القيامة والحياة، تنغلق كل حواس الإنسان الداخلية على الله، فلا يعود يسمع، ولا يُبصر ولا يفهم الحياة مع الله:
اِسْمَعْ هَذَا أَيُّهَا الشَّعْبُ الْجَاهِلُ وَالْعَدِيمُ الْفَهْمِ الَّذِينَ لَهُمْ أَعْيُنٌ وَلاَ يُبْصِرُونَ. لَهُمْ آذَانٌ وَلاَ يَسْمَعُونَ؛ غَلِّظْ قَلْبَ هَذَا الشَّعْبِ، وَثَقِّلْ أُذُنَيْهِ (سمعه ثقيل – متباطئ المسامع)، وَاطْمُسْ عَيْنَيْهِ (غمضوا عيونهم)، لِئَلاَّ يُبْصِرَ بِعَيْنَيْهِ، وَيَسْمَعَ بِأُذُنَيْهِ، وَيَفْهَمْ (يبصر - يستنير) بِقَلْبِهِ وَيَرْجِعَ فَيُشْفَى (أُشفيهم)؛ لأَنَّ قَلْبَ هَذَا الشَّعْبِ قَدْ غَلُظَ، وَآذَانَهُمْ قَدْ ثَقُلَ سَمَاعُهَا، وَغَمَّضُوا عُيُونَهُمْ، لِئَلاَّ يُبْصِرُوا بِعُيُونِهِمْ، وَيَسْمَعُوا بِآذَانِهِمْ، وَيَفْهَمُوا بِقُلُوبِهِمْ، وَيَرْجِعُوا فَأَشْفِيَهُمْ؛ لِكَيْ يُبْصِرُوا مُبْصِرِينَ وَلاَ يَنْظُرُوا، وَيَسْمَعُوا سَامِعِينَ وَلاَ يَفْهَمُوا، لِئَلاَّ يَرْجِعُوا فَتُغْفَرَ لَهُمْ خَطَايَاهُمْ» (إرميا 5: 21؛ أشعياء 6: 10؛ متى 13: 15؛ مرقس 4: 12)
إذاً الشعور بثقل الخطية والإحساس بعدم الغفران والهروب من الحياة الروحية الواقعية، وعدم فهم طبيعة كلمة الله وصعوبة الحياة بها حسب قصد الله والتدبير الحسن بقيادة الروح القدس وسماع صوته، سببه الحقيقي هو انغلاق الذهن وحبس الفكر وحصره في المعلومات والمعرفة سواء الروحية أو اللاهوتية أو الدراسية بأي شكلٍ ما أو صورة، وبذلك يتخيل الإنسان انه يحيا مع الله كلما انفتح فكره على المعرفة واقتنى المعلومات واستطاع كتابة التعبيرات اللاهوتية وشرحها شرحاً دقيقاً ليس فيه عيب، ومع كل هذه المعرفة المتسعة فأنه يظل محروماً من قوة الله بسبب هذا الاكتفاء وشبع العقل وتحقيق فضول المعرفة التي لن تنتهي ابداً لأنها تقود الإنسان في طريق مُظلم لأنه يحيا منفصل عن الله مع أنه يظن أن حياته صارت أفضل بكثير جداً مما سبق.
وهذا يشبه إنساناً فقيراً يرى في حلم الليل أنه صار غنياً وقد استغنى، بل ومن كثرة غناه بدأ يعطي ويعين المعوزين ويطعم الجياع، ويستمر يغوص في نومه الثقيل مرتاح البال لا يعول هم أن يعمل لكي يربح، وحينما يبدأ في الاستفاقة من نومه وهو مرتاح نفسياً هادئ البال، يبدأ يستفيق من حلمه الثقيل بسبب الجوع الشديد، ويجد نفسه فقيراً معوزاً وفي أشد الحاجة أن يأكل، لأنه ازداد جوعاً وعطشاً وجسده كله صار هزيلاً ولا يستطيع أن يقف على قدميه، لذلك مكتوب:
أَنَا عَارِفٌ أَعْمَالَكَ، أَنَّكَ لَسْتَ بَارِداً وَلاَ حَارّاً. لَيْتَكَ كُنْتَ بَارِداً أَوْ حَارّاً. هَكَذَا لأَنَّكَ فَاتِرٌ، وَلَسْتَ بَارِداً وَلاَ حَارّاً، أَنَا مُزْمِعٌ أَنْ أَتَقَيَّأَكَ مِنْ فَمِي. لأَنَّكَ تَقُولُ: إِنِّي أَنَا غَنِيٌّ وَقَدِ اسْتَغْنَيْتُ، وَلاَ حَاجَةَ لِي إِلَى شَيْءٍ، وَلَسْتَ تَعْلَمُ أَنَّكَ أَنْتَ الشَّقِيُّ وَالْبَائِسُ وَفَقِيرٌ وَأَعْمَى وَعُرْيَانٌ. أُشِيرُ عَلَيْكَ أَنْ تَشْتَرِيَ مِنِّي ذَهَباً مُصَفًّى بِالنَّارِ لِكَيْ تَسْتَغْنِيَ، وَثِيَاباً بِيضاً لِكَيْ تَلْبَسَ، فَلاَ يَظْهَرُ خِزْيُ عُرْيَتِكَ. وَكَحِّلْ عَيْنَيْكَ بِكُحْلٍ لِكَيْ تُبْصِرَ. إِنِّي كُلُّ مَنْ أُحِبُّهُ أُوَبِّخُهُ وَأُؤَدِّبُهُ. فَكُنْ غَيُوراً وَتُبْ. هَئَنَذَا وَاقِفٌ عَلَى الْبَابِ وَأَقْرَعُ. إِنْ سَمِعَ أَحَدٌ صَوْتِي وَفَتَحَ الْبَابَ، أَدْخُلُ إِلَيْهِ وَأَتَعَشَّى مَعَهُ وَهُوَ مَعِي. (رؤيا: 3: 15 – 20)
_____ يتبـــــــع_____



رد مع إقتباس
Sponsored Links
بياناتي
 رقم المشاركة : ( 2 )
aymonded
ارثوذكسي ذهبي
رقم العضوية : 527
تاريخ التسجيل : Jun 2007
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 21,222
عدد النقاط : 58

aymonded غير متواجد حالياً

افتراضي رد: الفهم السليم ضروري لحياة روحية سليمة - معنى الفهم والغباوة الروحية

كُتب : [ 02-17-2018 - 11:16 AM ]


الفهم السليم ضروري لحياة روحية سليمة - الجزء الثاني والأخير
(من أين يأتي عدم الفهم – أو معوق الاستنارة)
أولاً الإنسان – في الأساس – بحسب طبيعة خلقه على صورة الله ومثاله، فأنه يميل طبيعياً نحو خالقه، لذلك فأن جميع الناس في داخلها حنين شديد – ذات سلطان – من نحو الله، فالكل يشترك في هذا الحنين والاشتياق إلى الله صرف النظر عن فكره أو اعتقاده أو نشأته، وبالتالي فأن كلمة الله ليست غريبة عن الطبع الإنساني، لأن لو تتبعنا كلمات الله منذ البداية فسنجدها منطقوه بلغة بشرية يفهمها الإنسان، لأنه لم يتحدث إليه بصورة كلمات مبهمة أو غير مفهومة غامضة، أو بلغة سماوية أو ملائكية غريبة على مسامعه، لذلك الله كلم كل واحد بلغته وفي ثقافة عصره لكي يفهم كلماته ويعرف قصد مشيئته من أجل صالحه وحياته الأبدية، ولذلك فأن كل كلمة تخرج من فم الله تصير حياة لكل من يسمعها ويتقبلها ليحيا بها.
لذلك فأن السرّ وراء عدم فهم كلمات الله، ليس بسبب معوقات اللغة، ولا لأنها تحمل أسرار غير مفهومة أو غير واضحة فيها، بل بسبب وضحه الرب نفسه قائلاً: لِمَاذَا لاَ تَفْهَمُونَ كلاَمِي؟ لأَنَّكُمْ لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَسْمَعُوا قَوْلِي (يوحنا 8: 43)
إذاً المشكلة في السمع، لأن الإنسان هنا غير قادر على أن يسمع قول الله، فالمشكلة ليست في المعرفة ولا جمع المعلومات ولا حتى بسمع الآذان الخارجية التي منها ينتقل الكلام للعقل، بل المشكلة في الأُذن الروحية الداخلية التي تسمع قول الرب: اذْهَبْ إِلَى هَذَا الشَّعْبِ وَقُلْ: سَتَسْمَعُونَ سَمْعاً وَلاَ تَفْهَمُونَ، وَسَتَنْظُرُونَ نَظَراً وَلاَ تُبْصِرُونَ (أعمال 28: 26)
فالإنسان حينما تكون آذان قلبه مغلقة على قول الله، لا يستطيع أن يفهم كلماته، وتصبح عسيرة الفهم جداً، ربما يفهمها على مستوى الحسيات والجسديات لكنه لن يستطيع أن يبلغ لقوة الله التي تحملها فيها، وهذا هو سبب الضلال: فَأَجَابَ يَسُوعُ: أَلَيْسَ لِهَذَا تَضِلُّونَ إِذْ لاَ تَعْرِفُونَ الْكُتُبَ وَلاَ قُوَّةَ اللَّهِ؟ (مرقس 12: 24)
فالإنجيل قوة الله للخلاص: لأني لست استحي بإنجيل المسيح لأنه قوة الله للخلاص لكل من يؤمن لليهودي أولاً ثم لليوناني (رومية 1: 16)، فأن لم أنال قوة الله للخلاص من إنجيل الحياة، فكيف لي أن أحيا في شركة القديسين في النور وأفهم كلام الله واعرف مشيئته وأتبعه للمنتهى.
لذلك نجد معجزتين في الكتاب المقدس
قليل ما نلاحظهما وهو أولاً شفاء الأخرس الأصم: وَجَاءُوا إِلَيْهِ بِأَصَمَّ أَعْقَدَ وَطَلَبُوا إِلَيْهِ أَنْ يَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ. فَأَخَذَهُ مِنْ بَيْنِ الْجَمْعِ عَلَى نَاحِيَةٍ وَوَضَعَ أَصَابِعَهُ فِي أُذُنَيْهِ وَتَفَلَ وَلَمَسَ لِسَانَهُ. وَرَفَعَ نَظَرَهُ نَحْوَ السَّمَاءِ وَأَنَّ وَقَالَ لَهُ: «إِفَّثَا». أَيِ انْفَتِحْ. وَلِلْوَقْتِ انْفَتَحَتْ أُذْنَاهُ وَانْحَلَّ رِبَاطُ لِسَانِهِ وَتَكَلَّمَ مُسْتَقِيماً. فَأَوْصَاهُمْ أَنْ لاَ يَقُولُوا لأَحَدٍ. وَلَكِنْ عَلَى قَدْرِ مَا أَوْصَاهُمْ كَانُوا يُنَادُونَ أَكْثَرَ كَثِيراً. وَبُهِتُوا إِلَى الْغَايَةِ قَائِلِينَ: «إِنَّهُ عَمِلَ كُلَّ شَيْءٍ حَسَناً! جَعَلَ الصُّمَّ يَسْمَعُونَ وَالْخُرْسَ يَتَكَلَّمُونَ!» (مرقس 7: 32 – 37)
أما المعجزة الأخرى والهامة للغاية
حينما فتح آذان التلاميذ: وَقَالَ لَهُمْ: «هَذَا هُوَ الْكَلاَمُ الَّذِي كَلَّمْتُكُمْ بِهِ وَأَنَا بَعْدُ مَعَكُمْ أَنَّهُ لاَ بُدَّ أَنْ يَتِمَّ جَمِيعُ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ عَنِّي فِي نَامُوسِ مُوسَى وَالأَنْبِيَاءِ وَالْمَزَامِيرِ». حِينَئِذٍ فَتَحَ ذِهْنَهُمْ لِيَفْهَمُوا الْكُتُبَ. (لوقا 24: 44 – 45)

وهنا علينا أن نُلاحظ انفتاح الذهن الروحي من أجل الفهم، لأن هذه معجزة لا بُدَّ من أن تتم فينا كلنا بلا استثناء، لأنها معجزة عامة لكل من يؤمن إيمان حي بشخص المسيح الرب، لأن بدون أن يفتح الله بنفسه الذهن للسمع والعين للرؤيا فستظل كلمته مغلقه علينا ولن نفهمها في معناه الروحي كحاملة لقوة الله، لأن أن لم تمسنا قوة الله ونلبسها لبساً فأننا سنظل نشكو حالنا ونحيا تحت ضعف دائم مستمر، من تيه لضلال، ومن سقوط لسقوط، ولن نفهم مشيئة الله في حياتنا وبالتالي لن نسير في الطريق الصحيح، بل ولن تنفتح أفواهنا ونتكلم باستقامة مع الله فنسبح ونمجد ونشكر جلاله ونستطيع أن نسجد بالروح والحق، مختبرين الوجود في حضرته، لذلك مكتوب في الأمثال:
+ يَا ابْنِي إِنْ قَبِلْتَ كَلاَمِي وَخَبَّأْتَ وَصَايَايَ عِنْدَكَ. حَتَّى تُمِيلَ أُذْنَكَ إِلَى الْحِكْمَةِ وَتُعَطِّفَ قَلْبَكَ عَلَى الْفَهْمِ. إِنْ دَعَوْتَ الْمَعْرِفَةَ وَرَفَعْتَ صَوْتَكَ إِلَى الْفَهْمِ. إِنْ طَلَبْتَهَا كَالْفِضَّةِ وَبَحَثْتَ عَنْهَا كَالْكُنُوزِ. فَحِينَئِذٍ تَفْهَمُ مَخَافَةَ الرَّبِّ وَتَجِدُ مَعْرِفَةَ اللَّهِ. لأَنَّ الرَّبَّ يُعْطِي حِكْمَةً. مِنْ فَمِهِ الْمَعْرِفَةُ وَالْفَهْمُ. يَذْخَرُ مَعُونَةً لِلْمُسْتَقِيمِينَ. هُوَ مِجَنٌّ لِلسَّالِكِينَ بِالْكَمَالِ. لِنَصْرِ مَسَالِكِ الْحَقِّ وَحِفْظِ طَرِيقِ أَتْقِيَائِهِ. حِينَئِذٍ تَفْهَمُ الْعَدْلَ وَالْحَقَّ وَالاِسْتِقَامَةَ: كُلَّ سَبِيلٍ صَالِحٍ. إِذَا دَخَلَتِ الْحِكْمَةُ قَلْبَكَ وَلَذَّتِ الْمَعْرِفَةُ لِنَفْسِكَ. فَالْعَقْلُ يَحْفَظُكَ وَالْفَهْمُ يَنْصُرُكَ. لإِنْقَاذِكَ مِنْ طَرِيقِ الشِّرِّيرِ وَمِنَ الإِنْسَانِ الْمُتَكَلِّمِ بِالأَكَاذِيبِ. (أمثال 2: 1 – 12)
فيا إخوتي اصحوا للبرّ، واستيقظوا وانتبهوا لكلمة الله، وعليكم أن تعلموا أن مَلَكُوتَ اللهِ لَيْسَ بِكَلاَمٍ بَلْ بِقُوَّةٍ (1كورنثوس 4: 20)، فلا معنى أن نعرف الكتب وكلام الله وندرسه ونتكلم به ونعظ ونكرز وننشر أبحاث وكتب، وحياتنا خالية من قوة الله، ولم نتذوق بعد عمق الشركة مع الله بالروح، ولم نفهم بعد قصد الله في حياتنا الشخصية وتأصلنا في حياة الشركة مع القديسين في النور، فاحذروا لئلا تنخدعوا بالمعرفة، لأن اليهود وحراس العقيدة انخدعوا ولم يعرفوا المسيا الذي ينتظرونه بل وظلوا يقاومونه بشدة، بل وكانوا سبب صلبه لأنهم أرادوا أن يتخلصوا منه بأي طريقة، وهذا يُظهر لنا خطورة المعرفة التي بلا خبرة، لأنها تجعل الإنسان أعمى أصم، لا يستطيع أن يتواصل مع الله بل ويرفض القديسين الحقيقيين.

وهذا نجده ظاهراً في هذه الأيام (سواء داخل الكنائس أو المنتديات أو على الفيسبوك.. الخ) من حب الجدل وحب المناقشة والفلسفة في الأمور الدينية، والمنازعات العقائدية، وكثرة الخصام بين الناس الذين يتكلمون في اللاهوت. كذلك الافتراء الواضح على أولاد الله والظنون الردية والشكوك في نواياهم، وتعليل ذلك بحجج منطقية وبآيات من الكتاب المقدس. كما أننا نجد مثل هؤلاء متمسكين بالشكليات الخارجية في العبادة، ويعيشون بالتزمت في الممارسات متجاهلين قوة الله، بل ولا يحتملون الحديث عن الحياة الداخلية ولا يستطيعوا أن يفهموها أبداً، ويرددون دائماً (إن هذا الكلام معروف ولا حاجة لأن نسمعه)، ويبدأ الإنسان – في تلك الحالة – يفقد التقوى أي حياة القداسة والبر والعفاف، ويحولها إلى تجارة، وكلام منمق.
+ إِنْ كَانَ احَدٌ يُعَلِّمُ تَعْلِيماً آخَرَ، وَلاَ يُوافِقُ كَلِمَاتِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ الصَّحِيحَةَ، وَالتَّعْلِيمَ الَّذِي هُوَ حَسَبَ التَّقْوَى (كلام شخص المسيح يتجه دائماً نحو الحياة الداخلية، فيُعبِّر عن الداخل ويُظهر حالة القلب) فَقَدْ تَصَلَّفَ، وَهُوَلاَ يَفْهَمُ شَيْئاً، بَلْ هُوَ مُتَعَلِّلٌ بِمُبَاحَثَاتٍ وَمُمَاحَكَاتِ الْكَلاَمِ الَّتِي مِنْهَا يَحْصُلُ الْحَسَدُ وَالْخِصَامُ وَالاِفْتِرَاءُ وَالظُّنُونُ الرَّدِيَّةُ، وَمُنَازَعَاتُ أنَاسٍ فَاسِدِي الذِّهْنِ وَعَادِمِي الْحَقِّ، يَظُنُّونَ انَّ التَّقْوَى تِجَارَةٌ. تَجَنَّبْ مِثْلَ هَؤُلاَءِ. (1تيموثاوس 6: 3 – 5)
ومن هنا نُدرك سر المشاحنات والانقسامات بين الناس وبعضها، وهذا كله بسبب عدم الفهم الناتج من انغلاق عين الذهن الداخلية والذي أدى – طبيعياً – لعدم القدرة لسماع كلام الله وإدراك قوته كخبرة وحياة، فانغلق الإنجيل وصار مكتوماً في كثيرين، وبالطبع السبب هو الشخص نفسه، بكونه لا يُريد أن ينفتح على الله بل يُريد ذاته: وَلَكِنْ إِنْ كَانَ إِنْجِيلُنَا مَكْتُوماً، فَإِنَّمَا هُوَ مَكْتُومٌ فِي الْهَالِكِينَ، الذين فيهم إله هذا الدهر قد أعمى أذهان غير المؤمنين لئلا تُضيء لهم إنارة إنجيل مجد المسيح الذي هو صورة الله؛ وَهَذِهِ هِيَ الدَّيْنُونَةُ: إِنَّ النُّورَ قَدْ جَاءَ إِلَى الْعَالَمِ وَأَحَبَّ النَّاسُ الظُّلْمَةَ أَكْثَرَ مِنَ النُّورِ لأَنَّ أَعْمَالَهُمْ كَانَتْ شِرِّيرَةً. (2كورنثوس 4: 3، 4؛ يوحنا 3: 19)
+ ألعل الحكمة لا تنادي والفهم ألا يُعطي صوته؛ لي المشورة والرأي، أنا الفهم لي القدرة؛ من هو جاهل فليمل إلى هُنا، والناقص الفهم قالت له؛ اتركوا الجهالات فتحيوا وسيروا في طريق الفهم. (امثال 8: 1، 14؛ 9: 4، 6)
(كلمة في الختام)
نحن حقاً ننظر في مرآة في لغز ونعرف شكل جزئي، إلا أن الذي يُعلن أعماق كل الأشياء يرسل شعاع الحق في قلوب الذين يسألونه معرفة صحيحة حسب التقوى ليفهموا ما هي مشيئة الله في حياتهم وتدبيره الخلاصي. فيا ليتنا نركع أمام الله ونقول "أنر عيني لئلا أنام نوم الموت" (مزمور 12: 53)، لأن الأعمى الذي لا يُبصر شعاع مجد الله، فهو لا يسمع ولا يحس كالميت في القبر، ونحن نسقط ونبتعد عن الحياة عندما نفشل في أن نتبع قول الله ونصغي بآذان قلبنا ونجعل عقولنا تبتعد عن نور الحق والحياة بسبب غلق مسامعنا، غير سالكين طريق الإيمان الحي الذي فيه تمسنا قوة الله. لذلك مكتوب: اليوم ان سمعتم صوته فلا تقسوا قلوبكم (عبرانيين 4: 7)

رد مع إقتباس

اضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الروحية, السليم, الفهم, ضروري, روحية, سليمة, معنى, لحياة, والغباوة

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
اشخاص ومعاني اسماء الكتاب المقدس من حرف أ الي ث الجزء الاول وردة حزينة رجال ونساء الكتاب المقدس 10 07-01-2013 06:01 PM
متى 26يوم الخميس من أحداث أسبوع الآلام: 2- خطب المسيح الوداعية Bible تفاسير الكتاب المقدس العهد الجديد 0 10-26-2011 04:49 PM
موسوعة 1000 سؤال اجاب عنه قداسة البابا شنودة فى المحاصرات الاسبوعية Rss مواضيع منقولة من مواقع اخرى بخدمة Rss 0 08-13-2009 08:00 AM
اشخاص ومعاني اسماء الكتاب المقدس من حرف(أ) الي (ث) ج2 وردة حزينة رجال ونساء الكتاب المقدس 7 08-06-2009 09:42 AM

Rss  Rss 2.0 Html  Xml Sitemap SiteMap Info-SiteMap Map Tags Forums Map Site Map


الساعة الآن 09:27 AM.