الناموس مؤدب الشعوب للمسيح الرب، فهو مربي الغرباء عن الله، ليكشف لهم عورة القلب الداخلي، لأنهم لا يزالوا تحت سلطان الموت: [ الذين خوفاً من الموت كانوا جميعاً كل حياتهم تحت العبودية ] (عب2: 15)، فالموت استعبد الإنسان بدون أن يشعر وقد انجرف فيه وسار نهج حياته، ففقد كل حس بالحياة والتقوى والنور لأن الظلمة غطت كيانه كله، لذلك قد أُعطى الناموس بسبب التعديات وتفشي الموت من جيل لجيل، لأن البشر بعد السقوط ابتدئوا يخترعون الشر حتى أنهم فسدوا بالتمام ولم تنفعهم حتى التوبة نفسها لأن عفونة الموت تفيح من أعماق قلوبهم لذلك أعطى الله الناموس للإنسان ليتعرف على مدى فساده كميت في قبر الشهوة: [ فلماذا الناموس قد زيد بسبب التعديات إلى أن يأتي النسل الذي قد وعد له مرتباً بملائكة في يد وسيط ] (غلا3: 19)، وهذا هو نفع الناموس لكي يكشف القلب مثل مرآة يشاهد الإنسان فيها نفسه فيتعرف على هيئته وشكله!!!
أما الذين آمنوا بالرب يسوع وقبلوه وذاقوا الموهبة السماوية ونالوا الميلاد الثاني، لا يحتاجون للناموس كمربي، لأنه لم يعد مرآة خارجية لهم بل صار محفوراً بالنور في قلبهم بإنسان جديد فوقاني مخلوق في المسيح يسوع مستعد لأعمال صالحة حسب التقوى بالروح الذي صار قوة فيه تحركه على قدر ما ينظر للمسيح الرب فهو ينمو في كل من يدخل في سر محبة الله وطريق التقوى...
فالإنسان موضوع بين طريقين، يا إما يسير في واحد فيكون له الحياة، أو يسير في آخر ويكون له الموت، فأما يكون تحت الناموس كمؤدب ومدين لأعماله، يا إما يكون تحت النعمة فتصير وصية الله كناموس حياة محفور في قلبه فيسلك بقوة حياة يسوع الذي فيه ناموس روح الحياة أعتقنا من ناموس الخطية والموت (رو8)....فيا ترى نحن في أي طريق نسير اليوم!!!
* طريق الموت ونحيا حسب الأرض، لا تمس ولا تجس، ويشهد علينا الناموس أن أعمالنا كلها بالية ونحن تحت الدينونة سالكين حسب شهوات غرور الإنسان الطبيعي الذي لا يفهم ما لله وعنده جهالة، لا زال يشكو ويصرخ، من ينقذني من جسد هذا الموت !!! ويحاول مستميتاً أن ينفذ الوصية ولا يستطيع لأن الموت مسيطر عليه من داخله وتظهر رائحته في داخله يشعرها ويحسها فيكتأب ويحزن ويعترف آلاف المرات ويمارس كل الأسرار وليس معين، ويظل هكذا يشعر أنه غريب عن الله والله غريب عنه، بل والله بالنسبة له كلام ونظرية وفكر وعقيدة وطائفة ومجرد آيات يحفظها ويجمعها ويعرفها، او يهرب بشكل الخدمة والممارسات الشكلية لعله يسكن ضميره، مع أنه في النهاية لن يخرج منه إلا عفونة قبر مبيض منا الخارج ومن الداخل كله عظام نخرة رائحة أموات....
* أم أننا دخلنا في طريق الحياة والبرّ، بالتوبة والإيمان الحي برب النجاة وحياة النفس، وصرنا أطفال من جهة الشر، لكن اقوياء في كل برّ وطهارة، نقف أمام الآب السماوي في المسيح يسوع وبره وتقواه ساجدين بالروح الذي يحركنا نحوه ويطبع فينا ملامحه الخاصة ويفكنا من الإنسان العتيق ويجدد حياتنا كل يوم لنتغير لتلك الصورة عينها من مجد إلى مجد، ولم يعد الناموس يكلمنا كأرضيين يسود علينا موت ليقول لنا لا تشتهي حق قريبك أو ثورة أو عين بعين وسن بسن على حسب ضعف إنسانيتنا القديمة، إذ اننا صرنا خليقة جديدة في المسيح يسوع لا نسعى للأرضيات وليس لنا أعداء بل البشرية كلها صاروا لنا احباء، ولك ما على الأرض بسرور نعطيه للآخرين لأن هذا حقهم في الأرض ونحن حقنا في المسيح وليس لنا هنا مدينة باقية، بل سفراء وغرباء رعية مع القديسين وأهل بيت الله، وشهادة حية لله وإنجيل مقروء من الجميع ...
وأن أخطأ أحد فينا فلنا شفيع عند الآب قوة غفرانه ساكنه في قلوبنا بروح الحياة، لذلك دم يسوع يطهرنا من أي خطية حتماً لأننا نعترف امامه بقلب يسكن فيه الروح القدس الذي يحثنا على التوبة ويقويها فينا، لأن لنا إرادة صالحة موهبة لنا من الله بإنسان جديد أخذناه في معموديتنا، وبهذه الإرادة الصالحة المدعمة بقوة الله نستطيع ان نسلك في أعمال قد سبق الله فأعدها لنا في المحبوب يسوع لكي نسلك فيها فيتمجد ابانا السماوي لا بأعمال في بر عملناها بقدرتنا الخاصة بل بقوة المسيح الرب الذي هو فينا حي ويقوينا لذلك نستطيع فيه كل شيء ....
فيا إخوتي صدقوا المسيح الرب وآمنوا بقوته، لأنه هو بشخصه القيامة والحياة، أن آمن به أحد لن يسود عليه موت، حتى لو تعثر وسقط، ولكن ناموس روح الحياة الذي في المسيح الرب يقيم النفس بقوة أعظم ويسندها بنعمة تفوق أي خطية بل تمحوها ولا يعود لها أثر، وتدخل الإنسان في حرية أولاد الله، آمنوا فقط فترون مجد الله الحي ....