للقديس كيرلس الكبير عامود الدين
(7)
وعندما أشاروا إلى الابن ولكي يمنعوا أي إنسان من تصوره كمخلوق أو كمن له صفات عادية تجعله مساوي للمخلوقات أو لنا نحن الذين دُعينا أبناء الله ، فقد استخدموا بكل حرص الكلمات التي تؤكد كرامة طبيعته الذاتية ومجدها ، وهي الكرامة التي تعلو على كافة الخلائق .
ولذلك أكد الآباء أنه " مولود غير مخلوق " معترفين بأنه لم يُخلق . فهو لا ينتمي إلى مستوى جوهر المخلوقات . إنما يؤكدون أنه صدر بطريقة غير مدركة وغير زمانية من ذات جوهر الآب ، " لأن الكلمة كان في البدء " ( يوحنا1: 1 ) .
وبعد ذلك أكدوا بشكل واضح حقيقة ميلاده – وهي حقيقة يجب أن نشرحها على قدر ما نملك من مصطلحات بشرية – بإعلان أن الابن مولود " إله من إله " . وحيث أن الميلاد حقيقي ( طبعاً غير مقصود الميلاد الذي للبشر على الإطلاق ) ، فإنه يجب أن نفكر وأن نتكلم بأن المولود له ذات صفات والده وجوهره ، لأن كل مولود يأخذ جوهر والده ، فأن غير الجسماني لا يمكن أن يولد جسمانياً وإنما هي ولادة مثل ولادة نور من نور .
حيث يصدر النور من مصدره ويُمكن مشاهدة النور في مصدره ؛ وأيضاً صادراً عن مصدره بشكل سري لا يُمكن إدراكه ، ولكن متحد بمصدره اتحاداً طبيعياً حتى أن له ذات طبيعة المصدر نفسه .
وهذا ما نقصده من الكلام عن الابن في الآب والآب في الابن ، لأن الابن بطبيعته ومجده يصور أبيه ، وحقاً قال لواحد من تلاميذه القديسين وهو فيلبس : " ألا تؤمن بأنني في الآب والآب فيَّ ؟ الذي رآني فقد رأى الآب . أنا والآب واحد " ( يو145: 10 ، 9 ) .
لذلك فالابن واحد مع الآب في الجوهر وهذا الاعتقاد عينه هو الذي يجعلنا نؤمن أنه مولود من الآب وأنه " إله حق من إله حق " .
ومع أننا نجد أن كلمه مولود تُستعمل للمخلوقات مثل القول المشهور " ولدت بنيناً وأنشأتهم " ( إشعياء 1: 2 ) . الذي استعمله الله في كلامه عن إسرائيل ، إلا أن الأسفار عندما تُستعمل هذا اللقب إنما تضعه في إطار النعمة ، بينما في إطار الكلام عن الابن الحقيقي فهذا اللقب ليس مجرد كلمة استعارة إنما هو لقب حقيقي .ومن هذا ندرك أنه الابن الوحيد بشكل مطلق لأنه يقول " أنا هو الحق " ( يو14: 6 ) .
وهذا يعني أن كل من ينسب الولادة والبنوة للابن فهو يتكلم الحق بدون أي ظلال من النور ، لأن الابن هو حقاً بذاته " الحق " .
هذه المبادئ الروحية الحسنة هي التي تحمي نفوسنا لأنها تقوم على الاستعمال الدائم " الآب " و " الابن " و " الولادة " و " نور من نور " مما يعني أنها ولادة غير جسمانية ( غير مادية بالمرة ) ، وإنما هي ولادة بسيطة لأن الابن كولود من الآب ولكنه فيه ، والولادة هي التي تجعلنا نُميز الأقنومين .
ولذلك فالآب هو الآب وليس الابن ، والابن المولود هو الابن الوحيد وليس الآب ، ولكنهما واحد لأن الابن مولود من ذات الطبيعة وله ذات صفات الآب .
شرح قانون الإيمان للقديس كيرلس الكبير
للدخول على الجزء السادس فقرة 9 و 10
أضغط هنـــــــــــــــــــــــ ـــا