رد: التبني - العطية العُظمى، غاية التجسد الإلهي
كُتب : [ 07-20-2018
- 09:16 AM
]
2 – مقدمـــــــــــــــــــــ ة التبني – adoption as sons [sonship – full rights of sons] بنوَّه – الحقوق الكاملة للأبناء أولاً: معنى كلمة التبني على مستوى العهدين لفظاً وتطبيقاً
أساس تعبير [التبني] اشتق من كلمة [ابن]،
ولو عدنا للكتاب المقدس لأصل المعنى وارتباطه بعمل الله واختياره ودعوته سنجد في إشعياء النبي يقول [ربيت بنين בָּנִים֙ (وتنطق bā·nîm) = children وأصل الكلمة בֵּן (ben) = ابن]، وهذا التعبير – في العهد القديم – دائماً ما يُعبر عن الانتساب لله بشكل خاص كاختيار متميز، لذلك نجد رسالة الله لفرعون على فم موسى النبي يقول: [يقول الرب: إسرائيل ابني البكر] אָמַ֣ר יְהוָ֔הבְּנִ֥י בְכֹרִ֖י יִשְׂרָאֵֽל (البكر πρωτότοκός בְכֹרִ֖י) = [يقول يهوه: إسرائيل ابني البكر (بكري أنا "يهوه")]. طبعاً المعنى هنا ليس بهذا الشكل البسيط لأنه عميق للغاية وشرحه يطول جداً
ويحتاج موضوع منفرد بذاته، لكن عموماً بإيجاز يلزمنا أن نعرف أن الشعب هنا شعب الوعد والبركة [والبركة تُعطى للبكر]، فهم أبناء الوعد المُعطى لإبراهيم، فهم من نسل إبراهيم أبناء الموعد، فهم أبناء يعقوب ابن اسحق الآتي من ساره (بن الحرة)، لهم الميراث، ميراث إبراهيم: [لأن كلمة الموعد هي هذه: أنا آتي نحو هذا الوقت ويكون لسارة ابن – رومية 9: 9]؛ [فإذا كلام الرب إليه (لإبراهيم) قائلاً: لا يرثك هذا، بل الذي يخرج من أحشائك هو يرثك؛ فقالت (سارة) لإبراهيم اطرد هذه الجارية وابنها، لأن ابن هذه الجارية لا يرث مع ابني اسحق؛ لكن ماذا يقول الكتاب: أطرد الجارية وابنها لأنه لا يرث ابن الجارية مع ابن الحرة] (تكوين 15: 4؛ 21: 10؛ غلاطية 4: 30) فالشعب هو شعب إسرائيل، وتعبير إسرائيل:
هو اسم خاص مُميز لأنه مُقدّس، وهو يعتبر – بالدرجة الأولى – البركة الخاصة المُعطاة ليعقوب: [فَبَقِيَ يَعْقُوبُ وَحْدَهُ. وَصَارَعَهُ إِنْسَانٌ حَتَّى طُلُوعِ الْفَجْرِ. وَلَمَّا رَأَى أَنَّهُ لاَ يَقْدِرُ عَلَيْهِ ضَرَبَ حُقَّ فَخْذِهِ فَانْخَلَعَ حُقُّ فَخْذِ يَعْقُوبَ فِي مُصَارَعَتِهِ مَعَهُ. وَقَالَ: "أَطْلِقْنِي لأَنَّهُ قَدْ طَلَعَ الْفَجْرُ". فَقَالَ: "لاَ أُطْلِقُكَ إِنْ لَمْ تُبَارِكْنِي". فَسَأَلَهُ: "مَا اسْمُكَ؟" فَقَالَ: "يَعْقُوبُ". فَقَالَ: "لاَ يُدْعَى اسْمُكَ فِي مَا بَعْدُ يَعْقُوبَ بَلْ [إِسْرَائِيلَ] لأَنَّكَ جَاهَدْتَ مَعَ اللهِ وَالنَّاسِ وَقَدِرْتَ". وَسَأَلَهُ يَعْقُوبُ: "أَخْبِرْنِي بِاسْمِكَ". فَقَالَ: "لِمَاذَا تَسْأَلُ عَنِ اسْمِي؟" وَبَارَكَهُ هُنَاكَ. فَدَعَا يَعْقُوبُ اسْمَ الْمَكَانِ "فَنِيئِيلَ" قَائِلاً: "لأَنِّي نَظَرْتُ اللهَ وَجْهاً لِوَجْهٍ وَنُجِّيَتْ نَفْسِي" – تكوين 32: 24 – 30] فإسرائيل اسم شعب العهد
[وأما أنت يا إسرائيل، عبدي يا يعقوب، الذي اخترته، نسل إبراهيم خليلي – إشعياء 41: 8]. وهذا الشعب يكوّن "جماعة إسرائيل עֲדַ֤ת יִשְׂרָאֵל֙" (خروج 12: 3 و6)، وبهذه الصفة توجه له مخاطبات التثنية (اسمع يا إسرائيل)، فالله قد ارتبط بنوع ما بإسرائيل بمقتضى الاختيار والعهد القائم على وعد: فهو يهوه إله إسرائيل [יְהוָה֙ אֱלֹהֵ֣י יִשְׂרָאֵ֔ל] (خروج 5: 1) وسنجد هذا التعبير [إله إسرائيل אֱלֹהֵ֣י יִשְׂרָאֵ֔ל] منتشر بكثرة على صفحات العهد القديم مثل: تكوين 33: 20؛ خروج 5: 1؛ 34: 23؛ إشعياء 17: 6، إرميا 7: 3، حزقيال 8: 4؛ الخ.. فإسرائيل من جهة الاختصاص فهو الابن البكر الذي يخص الله، له البركة والوعد بصفته نسل مقدس وأمه مختاره أبيها إبراهيم وقد نالت بركة يعقوب، لأن يعقوب جاهد مع الله الجهاد الحسن وامسك به فنال البركة، وعلى إسرائيل كابن بكر خاص بالله، أن يعيش في جهاد يعقوب لتثبيت البركة، لذلك دائماً نلاحظ حينما يخاطب الله الشعب ليوضح لهم السلوك بمقتضى الدعوة التي دعاهم بها كأبناء إبراهيم واسحق ويعقوب يقول: [اسمع يا إسرائيل]، موضحاً أن هذه هي البركة: [البركة إذا سمعتم لوصايا الرب إلهكم التي أنا أوصيكم بها اليوم – تثنية 11: 27] أما بالنسبة لتعبير التبني في اللغة اليونانية
يأتي بـلفظة υἱοθεσία – huiothesia، والمعنى في العهد الجديد (adoption, as a son into the divine family) أي تبني الإنسان لله في المسيح (أي إنسان – مهما من كان هوَّ – يؤمن بالمسيح مهما ما كان جنسه أو عرقه أو شخصيته أو طفل أو طفلة أو شيخ أو امرأة.. الخ) ووضعه في موضع الأبناء في العائلة الإلهية بغرض أن يكون: [رعية مع القديسين وأهل بيت الله – أفسس 2: 19] عموماً المعنى العام للتبني هو
اتخاذ شخص [ليس ابناً طبيعياً بحسب صلة الرحم] ليوضع في مكانة الابن، وعموماً الكلمة تُشير إلى الإجراء القانوني المتبع، الذي يستطيع به أي إنسان أن يلحق أبناً بعائلته الشخصية، ويخلع عليه قانونياً كل حقوق وامتيازات الابن، بالرغم أنه ليس ابناً طبيعياً له، بل وليس من عشيرته أو من قومه الأقربين وأحياناً يكون من مكان أو وطن آخر، بل هو متبني وبالتالي صار لهُ حقوق الأبن الشرعي مساوياً لهُ في كل شيء بلا استثناء بصفته ابناً حقيقياً.
وقد جرت العادة عند الأقدمين، ولا تزال إلى الآن، أن يتبنّوا أولاداً لأنفسهم. فيتمتع هؤلاء البنون بجميع الحقوق البنوية من وراثة وغيرها كأنهم أبناء حقيقيون: [ولما كبر الولد جاءت به إلى ابنة فرعون فصار لها ابنا؛ بالإيمان موسى لما كبر أبى أن يُدعى ابن ابنة فرعون] (خروج 2: 10؛ عبرانيين 11: 24). وكانت المرأة قديماً،
إذا لم يكن لها ولد تُعطي جاريتها زوجة لبعلها، فإذا ولد له منها بنون، تبنتّهم سيدة الجارية وحسبتهم بنين لها كما صنعت سارة وراحيل. وإذا حدث أن رجلاً لم يكن له إلاّ ابنة وحيدة فقد يكون منه أن يعطيها زوجة لعبد معتوق، ويتبنّى أولادها ليرثوه ويحيوا اسمه بعد موته. والتبنّي أمر مشهور عند الرومانيين واليونانيين. وقد سنّ لهم حكامهم شرائع مخصصة. وهذه الكلمة عموماً (التبني)،
لا تُذكر في العهد القديم إلا نادراً جداً وفي مواضع قاصرة ومحددة وتعتبر غريبة على شعب إسرائيل ودخيله، فلا يوجد في العهد القديم أية قواعد قانونية خاصة بالتبني، رغم وجود تعبيرات توحي بها وتُظهرها مثل: "أنا أكون له أباً وهو يكون لي ابناً" (2صموئيل 7: 14)، أو "واتخذكم لي شعباً" (خروج 6: 7)، لكن تعبير التبني لا تظهر بوضوح إلا في العهد الجديد، وعلى الأخص في رسائل القديس بولس الرسول، وتُذكر في: [غلاطية 4: 5؛ رومية 8: 15 و23؛ رومية 9: 4؛ أفسس 1: 5]. فالعهد القديم قائم على الحفاظ على
تسلسل الأنسال – حسب الجسد – من إبراهيم واسحق ويعقوب (إسرائيل)، على أساس أن الوعد قائم من إبراهيم ليكون أب لجمهور كثير، فشعب إسرائيل يعتبر ابناً لإبراهيم بالدرجة الأولى [أنتم ابناء الأنبياء والعهد الذي عاهد به الله آباءنا قائلاً لإبراهيم وبنسلك تتبارك جميع قبائل الأرض – أعمال 3: 25]، أما عن الانضمام لشعب إسرائيل وتهود الأمم كان لهُ شروطه الخاصة وكانوا يُسموا [اليهود الدخلاء] وهي تعتبر صورة مصغرة لفكرة التبني، إذ نجد أن التلمود يُطلق على المتهودين حديثاً مصطلح: [الأطفال المولودين حديثاً]، لأن الأممي المنضم لليهودية حينما يوفي شروط انضمامه ويُختتن، يُلحق باسمه الجديد في ناهيته ابناً لإبراهيم، يعني مثلاً يُقال: [سارة بنت إبراهيم أبينا]، أو [اسحق ابن إبراهيم أبينا] لذلك نجد في كتاب [مجموع الشرع اليهودي] يقول: [استُخدم لقب "بن إبراهيم" أو "بنت إبراهيم" ليعيش المتهود كما يحق لابن إبراهيم أو بنت إبراهيم]؛ وهذا يجعلنا نفهم كلام الرب لليهود الذين آمنوا به: أجابوا وقالوا له أبونا هو إبراهيم، قال لهم يسوع لو كنتم أولاد إبراهيم لكنتم تعملون أعمال إبراهيم (يوحنا 8: 39). ولذلك نجد أن القديس بولس الرسول وضح أن التميز ليس تميز حسب الجسد بل حسب الروح، لذلك قال في رسالة رومية: لأَنَّ الْيَهُودِيَّ فِي الظَّاهِرِ لَيْسَ هُوَ يَهُودِيّاً وَلاَ الْخِتَانُ الَّذِي فِي الظَّاهِرِ فِي اللَّحْمِ خِتَاناً. بَلِ الْيَهُودِيُّ فِي الْخَفَاءِ هُوَ الْيَهُودِيُّ وَخِتَانُ الْقَلْبِ بِالرُّوحِ لاَ بِالْكِتَابِ هُوَ الْخِتَانُ الَّذِي مَدْحُهُ لَيْسَ مِنَ النَّاسِ بَلْ مِنَ اللهِ (رومية 2: 28، 29) عموماً لكي نفهم المعنى على مستوى العهدين
من الناحية التطبيقية لا بد من أن نضع آية إنجيل يوحنا في مقابل كلام بولس الرسول في رسالة غلاطية ورسالة رومية:
+ الله واحد هو الذي سيبرر الختان (اليهود) بالإيمان والغرلة (الأمم) بالإيمان: [كَانَ النُّورُ الْحَقِيقِيُّ الَّذِي يُنِيرُ كُلَّ إِنْسَانٍ آتِياً إِلَى الْعَالَمِ. كَانَ فِي الْعَالَمِ وَكُوِّنَ الْعَالَمُ بِهِ وَلَمْ يَعْرِفْهُ الْعَالَمُ. إِلَى خَاصَّتِهِ جَاءَ وَخَاصَّتُهُ لَمْ تَقْبَلْهُ. وَأَمَّا كُلُّ الَّذِينَ قَبِلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ سُلْطَاناً أَنْ يَصِيرُوا أَوْلاَدَ اللَّهِ أَيِ الْمُؤْمِنُونَ بِاسْمِهِ. اَلَّذِينَ وُلِدُوا لَيْسَ مِنْ دَمٍ وَلاَ مِنْ مَشِيئَةِ جَسَدٍ وَلاَ مِنْ مَشِيئَةِ رَجُلٍ بَلْ مِنَ اللَّهِ]. (رومية 2: 30؛ يوحنا 1: 9 – 13)
+ وَلَكِنْ قَبْلَمَا جَاءَ الإِيمَانُ كُنَّا مَحْرُوسِينَ تَحْتَ النَّامُوسِ، مُغْلَقاً عَلَيْنَا إِلَى الإِيمَانِ الْعَتِيدِ أَنْ يُعْلَنَ. إِذاً قَدْ كَانَ النَّامُوسُ مُؤَدِّبَنَا إِلَى الْمَسِيحِ، لِكَيْ نَتَبَرَّرَ بِالإِيمَانِ. وَلَكِنْ بَعْدَ مَا جَاءَ الإِيمَانُ لَسْنَا بَعْدُ تَحْتَ مُؤَدِّبٍ. لأَنَّكُمْ جَمِيعاً أَبْنَاءُ اللهِ بِالإِيمَانِ بِالْمَسِيحِ يَسُوعَ. لأَنَّ كُلَّكُمُ الَّذِينَ اعْتَمَدْتُمْ بِالْمَسِيحِ قَدْ لَبِسْتُمُ الْمَسِيحَ. لَيْسَ يَهُودِيٌّ وَلاَ يُونَانِيٌّ. لَيْسَ عَبْدٌ وَلاَ حُرٌّ. لَيْسَ ذَكَرٌ وَأُنْثَى، لأَنَّكُمْ جَمِيعاً وَاحِدٌ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ. فَإِنْ كُنْتُمْ لِلْمَسِيحِ فَأَنْتُمْ إِذاً نَسْلُ إِبْرَاهِيمَ، وَحَسَبَ الْمَوْعِدِ وَرَثَةٌ. (غلاطية 3: 23 – 29)
+ فَمَاذَا نَقُولُ إِنَّ أَبَانَا إِبْرَاهِيمَ قَدْ وَجَدَ حَسَبَ الْجَسَدِ؟ لأَنَّهُ إِنْ كَانَ إِبْرَاهِيمُ قَدْ تَبَرَّرَ بِالأَعْمَالِ فَلَهُ فَخْرٌ وَلَكِنْ لَيْسَ لَدَى اللهِ. لأَنَّهُ مَاذَا يَقُولُ الْكِتَابُ؟ «فَآمَنَ إِبْرَاهِيمُ بِاللَّهِ فَحُسِبَ لَهُ بِرّاً». أَمَّا الَّذِي يَعْمَلُ فَلاَ تُحْسَبُ لَهُ الأُجْرَةُ عَلَى سَبِيلِ نِعْمَةٍ بَلْ عَلَى سَبِيلِ دَيْنٍ. وَأَمَّا الَّذِي لاَ يَعْمَلُ وَلَكِنْ يُؤْمِنُ بِالَّذِي يُبَرِّرُ الْفَاجِرَ فَإِيمَانُهُ يُحْسَبُ لَهُ بِرّاً. كَمَا يَقُولُ دَاوُدُ أَيْضاً فِي تَطْوِيبِ الإِنْسَانِ الَّذِي يَحْسِبُ لَهُ اللهُ بِرّاً بِدُونِ أَعْمَالٍ: «طُوبَى لِلَّذِينَ غُفِرَتْ آثَامُهُمْ وَسُتِرَتْ خَطَايَاهُمْ. طُوبَى لِلرَّجُلِ الَّذِي لاَ يَحْسِبُ لَهُ الرَّبُّ خَطِيَّةً». أَفَهَذَا التَّطْوِيبُ هُوَ عَلَى الْخِتَانِ فَقَطْ أَمْ عَلَى الْغُرْلَةِ أَيْضاً؟ لأَنَّنَا نَقُولُ إِنَّهُ حُسِبَ لإِبْرَاهِيمَ الإِيمَانُ بِرّاً. فَكَيْفَ حُسِبَ؟ أَوَهُوَ فِي الْخِتَانِ أَمْ فِي الْغُرْلَةِ؟ لَيْسَ فِي الْخِتَانِ بَلْ فِي الْغُرْلَةِ (قبل أن يعرف الختان)! وَأَخَذَ عَلاَمَةَ الْخِتَانِ خَتْماً لِبِرِّ الإِيمَانِ الَّذِي كَانَ فِي الْغُرْلَةِ لِيَكُونَ أَباً لِجَمِيعِ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ وَهُمْ فِي الْغُرْلَةِ كَيْ يُحْسَبَ لَهُمْ أَيْضاً الْبِرُّ. وَأَباً لِلْخِتَانِ لِلَّذِينَ لَيْسُوا مِنَ الْخِتَانِ فَقَطْ بَلْ أَيْضاً يَسْلُكُونَ فِي خُطُواتِ إِيمَانِ أَبِينَا إِبْرَاهِيمَ الَّذِي كَانَ وَهُوَ فِي الْغُرْلَةِ. فَإِنَّهُ لَيْسَ بِالنَّامُوسِ كَانَ الْوَعْدُ لإِبْرَاهِيمَ أَوْ لِنَسْلِهِ أَنْ يَكُونَ وَارِثاً لِلْعَالَمِ بَلْ بِبِرِّ الإِيمَانِ. لأَنَّهُ إِنْ كَانَ الَّذِينَ مِنَ النَّامُوسِ هُمْ وَرَثَةً فَقَدْ تَعَطَّلَ الإِيمَانُ وَبَطَلَ الْوَعْدُ! لأَنَّ النَّامُوسَ يُنْشِئُ غَضَباً إِذْ حَيْثُ لَيْسَ نَامُوسٌ لَيْسَ أَيْضاً تَعَدٍّ. لِهَذَا هُوَ مِنَ الإِيمَانِ كَيْ يَكُونَ عَلَى سَبِيلِ النِّعْمَةِ لِيَكُونَ الْوَعْدُ وَطِيداً لِجَمِيعِ النَّسْلِ. لَيْسَ لِمَنْ هُوَ مِنَ النَّامُوسِ فَقَطْ بَلْ أَيْضاً لِمَنْ هُوَ مِنْ إِيمَانِ إِبْرَاهِيمَ الَّذِي هُوَ أَبٌ لِجَمِيعِنَا. كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: «إِنِّي قَدْ جَعَلْتُكَ أَباً لأمَمٍ كَثِيرَةٍ». أَمَامَ اللهِ الَّذِي آمَنَ بِهِ الَّذِي يُحْيِي الْمَوْتَى وَيَدْعُو الأَشْيَاءَ غَيْرَ الْمَوْجُودَةِ كَأَنَّهَا مَوْجُودَةٌ. فَهُوَ عَلَى خِلاَفِ الرَّجَاءِ آمَنَ عَلَى الرَّجَاءِ لِكَيْ يَصِيرَ أَباً لأمَمٍ كَثِيرَةٍ كَمَا قِيلَ: «هَكَذَا يَكُونُ نَسْلُكَ». وَإِذْ لَمْ يَكُنْ ضَعِيفاً فِي الإِيمَانِ لَمْ يَعْتَبِرْ جَسَدَهُ وَهُوَ قَدْ صَارَ مُمَاتاً إِذْ كَانَ ابْنَ نَحْوِ مِئَةِ سَنَةٍ وَلاَ مُمَاتِيَّةَ مُسْتَوْدَعِ سَارَةَ. وَلاَ بِعَدَمِ إِيمَانٍ ارْتَابَ فِي وَعْدِ اللهِ بَلْ تَقَوَّى بِالإِيمَانِ مُعْطِياً مَجْداً لِلَّهِ. وَتَيَقَّنَ أَنَّ مَا وَعَدَ بِهِ هُوَ قَادِرٌ أَنْ يَفْعَلَهُ أَيْضاً. لِذَلِكَ أَيْضاً حُسِبَ لَهُ بِرّاً. وَلَكِنْ لَمْ يُكْتَبْ مِنْ أَجْلِهِ وَحْدَهُ أَنَّهُ حُسِبَ لَهُ. بَلْ مِنْ أَجْلِنَا نَحْنُ أَيْضاً الَّذِينَ سَيُحْسَبُ لَنَا الَّذِينَ نُؤْمِنُ بِمَنْ أَقَامَ يَسُوعَ رَبَّنَا مِنَ الأَمْوَاتِ. الَّذِي أُسْلِمَ مِنْ أَجْلِ خَطَايَانَا وَأُقِيمَ لأَجْلِ تَبْرِيرِنَا (رومية 4: 1 – 25)
|