صفرونيوس عبد يسوع المسيح الذي علمنا أسرار الله ، وأعلن لنا الآب ، وأعطانا روحه القدوس .
سلام ونعمة ومحبة لكم أنتم شركاء الميراث الأبدي ، والأب سلوانس مُدبِّر الإخوة .
1 – نعم وحقاً يشتاق إلينا روح الله القدوس رغم خطايانا؛ لأنه "يئن" لكي يرفع الخطاة من مزبلة الفساد والخطية، ويُقدسهم مُطهراً إياهم بدم الحمل الحقيقي من لعنة الموت والفساد . ولذلك، كما يقول الرسول الحكيم : إننا لا نعلم ما نُصلي من أجله ، ولكن الروح القدس يئن مشتاقاً لأن يُعلن لنا عظمة ومجد السماويات .
2 – أولاً : يجب أن نعلم أن الاشتياق للخطية يحدَّه الروح القدس بإعلانات وتودد للنفس كاشفاً لها مجد الأمور الأبدية . لأن الذي تنجس بالزنا يعلن له الروح سلام وحلاوة الشركة حتى لا يسقط في وهم الخطية بأن الشركة في الجسد هي أعظم وأقوى ما يُمكن أن يحصل عليه الإنسان .
هكذا نشتاق نحن الزناه بالقلب ، لا إلى النساء ، بل إلى الله ، لأن الروح القدس يغرس فينا هذا الشوق مُعطياً إيانا سلاماً وراحة وتعزية في أجسادنا وأرواحنا .
3 – ثانياً : إن الاشتياق للثروة والمال وجمع المقتنيات يهدد سلام القلب ، ويوزَّع الفكر ويُعطي لنا رؤية غير واضحة ؛ لأن الاهتمام بالمديات من أجل اقتناء الماديات ، يُلزم الإنسان بالبحث عنها وطلبها فيسقط في التشتت . لذلك يجيء الروح القدس إلى قلب الإنسان ، ويُعلن له الميراث البدي ، أي ملكوت ربنا يسوع المسيح ، وهو يُعلنه في تواضع الرب يسوع [ الذي افتقر وهو الغني لكي نصير أغنياء بفقره ] (2كو8: 9) . ويُعلنه بقوة البذل لا بقوة الامتلاك عنوةٌ وقهراً ؛ لأن الرب لا يملك بالقهر بل بالمحبة وبالعطاء .
ويزرع الروح القدس الخجل في قلب المؤمن بالمسيح ، لأن الروح القدس لم يُعطَ حسب قول الرب [ بمكيال ] (يو3: 34) أي كتوزيع الأنصبة ، ولم يعطِ الملكوت بمقابل ، ولا حتى بالأعمال الصالحة .
هكذا يشتاق الروح القدس – بأنين – لأن يُعطي الحرية التامة والتجرد من القنية ويزرع فينا هذا الشوق الذي يدفعنا بحرارة في طريق الحياة النسكية .
نعم أيها الأحباء ، لنبدأ نحن بالتجرد دون أن يكون لدينا نية الحصول على مُقابل ، بل من أجل أن نتحرر وننال حريتنا في المسيح ، ولا نربط مصائرنا بما نملك ، بل بما يُعطيه الروح القدس . لذلك أقول لكم – ايها الإخوة – إن الروح القدس هو القوة التي تجعلنا نلتصق بالمصلوب ، وتجعل الصليب علامة هذا الالتصاق أو الاتحاد لأننا لا نرفض أو نجحد ذواتنا بقوتنا وحدها ، بل بالالتصاق بالمصلوب بقوة واشتياق الروح القدس ، نسير مع الرب يومياً حتى نصل إلى عمق التخلي عن الحياة القديمة ، فننال الحياة الظافرة بتقديس الروح القدس ، وليس بقوة وإرادة التخلي .
رسالة الأب صفرونيوس إلى الأب سلوانس
من كتاب الثالوث القدوس توحيد وشركة وحياة – الطبعة الأولى 2010 من فقرة 1 إلى فقرة 3 – من ص 217 إلى ص 218