باسم الثالوث القدوس الإله الواحد، والتوحيد المُعلن في يسوع المسيح، السر الخفي الذي يظهر باستعلان يسوع بالروح القدس في داخل القلب، الذي يوهب لنا لكي ينقلنا إلى شركة حقيقية في الله بالروح القدس وإلى حياة أبدية في الثالوث القدوس، أكتب إليكم عن عبادة الله بالروح والحق في المحبة، طالباً من الله أن يفتح لنا جميعاً أذهاننا لنستوعب غنى مجد أسراره المُحيية ونتعرف عليه كقوة حياة تشع فينا نصرة أبدية فنفوز بمراحم الله وغنى شركته بروح المخافة كأبناء يهابون أبيهم ويحبونه فيحفظون وصاياه التي هي ليست ثقيلة لأن بروحه القدوس يعطينا العزم على أن نحيا بها بقوة لأنها صارت مكتوبة فينا بروحه الساكن فينا ...
[ نحن نسجد للآب في ابنه لأنه هو الوسيط الذي علّمنا السجود الحقيقي . ونسجد للابن، لأنه المُخلّص الذي علمنا – بتجسده وموته المُحيي على الصليب – أن السجود هو تسليم كامل وصَلب للإرادة والفكر، وليس فقط مجرد الانطراح على الأرض .
ونسجد للروح القدس نبع الحياة الذي يفيض أزلياً من الآب ويسكب فينا حياة جديدة؛ لكي عندما نحيا به نسجد سجوداً حقيقياً؛ لإله الحق الواحد الثالوث، سجوداً كاملاً وبذلاً وذبيحة كاملة بمحبة واحدة، وهو ليس سجود العبيد الأذلاء، بل سجود بالروح القدس، روح الحق المُعزي.
ونحن نسجد للآب في ابنه؛ لأن الابن هو رأس الكنيسة الذي باسمه نحن جسده الواحد، والذي فيه نُقدَّم العبادة الحسنة (حرفياً الليتوروجية) المقبولة من الآب التي أُعلنت لنا في تجسد الابن الوحيد؛ لأننا نعبد الآب حسب تعليم ابنه الوحيد، نعبده أباً لنا ونسجد له سجود الأبناء مع الذين سبقونا في الإيمان من بطاركة وقديسين انتظروا مواعيد الله، وكان لهم سجود الرجاء والعطش لإعلانات الآب التي نطق بها الأنبياء في العهد القديم .
أما نحن، وقد نلنا روح البنوة ومُسحنا بمسحة أعظم من مسحة ملوك بني إسرائيل، فإننا نسجد سجود الذين نالوا المواعيد والذين فتح لهم تجسد الابن الوحيد أسرار وختوم كلمة النبوة، لأن ربنا يسوع المسيح علّمنا الصلاة لله كآب لنا، والسجود الذي نقله من عبادة وطقس العهد القديم حسب الرمز إلى السجود وصوم جديد حسب روح الحياة، والذي به يُقدمنا إلى الآب السماوي في كل صلاة وتسبيح وشكر، لاسيما في خدمة الأسرار الكنسية الفائقة التي توهب لنا بالروح القدس لكي نشترك في حياة الابن، وعندما نحيا به ندخل في شركة حقيقية تجعلنا نحن الأرضيين ذبائح روحية يرفعها الروح القدس في اسم (أي في شخص) الأقنوم الكلمة ابن الله، قرابين للآب بقوة الصليب المُكرَّم، وقوة الحياة التي فاضت على الطبيعة الإنسانية بالقيامة المجيدة.
هكذا نسجد ونعبد الواحد في الثالوث عبادة حقيقية ليست بقوة الكلمة فقط، بل أيضاً بقوة الحياة؛ لأن الكلمة أي كلمة التعليم هي من الحياة التي سُكبت فينا بقوة روح الحياة. لذلك نحن نسجد للآب في سلام ابنه الوحيد الذي بشَّرنا به نحن الخطاة فرحين بالخلاص وبالتوبة وبحلاوة المحبة التي ذُقنا بها بركة الإنجيل والفرح الأبدي، وهذا ليس سجود الرعدة والخوف الخاص بالعبيد، بل هو سجود الذين خلصوا من الدينونة " لأنه لا شيء من الدينونة الآن على الذين هم في المسيح يسوع " (رو8: 1)، وبقوله " لا شيء " أبطل كل أحكام الدينونة لأن الرب يسوع المسيح " أدان الخطية في الجسد " (رو8: 3) عندما صُلب على الصليب وفتح الفردوس للص اليمين مُعلناً نهاية حكم الموت. هكذا نسجد ونعبد، وهكذا نُسبح الذي بموته أبطل دينونة الموت وأباد الفساد وهدم الجحيم ونقلنا من عبودية الخطية إلى حرية أولاد الله. ] (الأب صفرونيوس – الثالوث القدوس توحيد وشركة وحياة فقرة 3 و 4)
سلام الله الكامل يحفظ قلوبنا جميعاً
ويحفظنا كلنا معاً في الإيمان المستقيم الحي والعامل بالمحبة
أقبلوا مني كل حب وتقدير ولتصلوا من أجلي كل حين