( حدث في القرن الرابع أيام القديس مقاريوس الكبير ) قي بعض قلالي الرهبان أخ صدر منه أمرٌ شنيع ، وسمع به الأب مقاريوس ، ولم يرد أن يبكَّته . فلما علم الإخوة بذلك لم يستطيعوا صبراً ، فمازالوا يراقبون الأخ إلى أن دخلت المرأة عنده .
فأوقفوا بعض الإخوة لمراقبته ، وجاءوا إلى القديس مقاريوس . فلما أعلموه قال :
(( يا إخوة لا تصدّقوا الأمر ، وحاشا لأخينا المبارك من ذلك ))
فاقلوا :
(( يا أبانا ، أسمح تعالى لتُبصر بعينيك حتى يُمكنك أن تُصدق كلامنا )) .
فقام القديس وجاء معهم إلى قلاية ذلك الأخ كما لو كان قادماً ليُسلَّم عليه . وأمر الإخوة أن يبتعدوا عنه قليلاً .
فما أن علم الأخ بقدوم الأب حتى تحير في نفسه ، وأخذته الرعدة ؛ وأخذ المرأة ووضعها تحت ماجور كبير عنده ( لخزين القمح ) .
فلما دخل الأب جلس على الماجور ، وأمر الإخوة بالدخول ؛ فلما دخلوا وفتشوا القلاية لم يجدوا أحداً ، ولم يمكنهم أن يوقفوا القديس من على الماجور . ثم تحدثوا مع الأخ ، وأمرهم ( القديس مقاريوس ) بالانصراف .
فلما خرجوا أمسك القديس بيد الأخ وقال :
(( يا أخي ؛ على نفسك أحكمْ ، قبل أن يحكموا عليك ، لأن الحكم لله ))
ثم ودعه وتركه . وبينما هو خارج إذا بصوت قد أتاه قائلاً :
(( طوباك يا مقاريوس الروحاني ، يا من تشبهت بخالقك ، تستر العيوب مثله ))
ثم أن الأخ ( المخطأ ) رجع إلى نفسه ، وصار راهباً حكيماً مجاهداً وبطلاً شجاعاً .
بستان الرهبان طبعة 1956 صفحة 132