عرض مشاركة واحدة
بياناتي
 رقم المشاركة : ( 12 )
ريم الخوري
ارثوذكسي فضى
رقم العضوية : 39544
تاريخ التسجيل : Nov 2008
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 3,805
عدد النقاط : 65

ريم الخوري غير متواجد حالياً

افتراضي رد: الموضوع الرئسي لوضع جميع الكتب الملخصة بقلم الاعضاء الرب يباركم

كُتب : [ 08-18-2011 - 06:12 PM ]


نسكيات للقديس اسحق السرياني

المقاله الحادية والعشرون
ماذا يستفيد الانسان في اقترابه من الله
وما يقدم له المساعدة بطريقة سرية وما يقوده للتواضع


طوبى لمن يعرف ضعفه، لأن هذه المعرفة تصبح أساساً وجذراً وبداية لكل صلاح. فعندما يعلم أحد بضعفه ويحس به إحساساً حقيقياً ، يضبط نفسه ويشد ارتخاءها، هذا الارتخاء الذي يشوش المعرفة، ويجعل لنفسه حصناً منيعاً لا يقدر أحد أن يحس بضعفه ما لم يسمح له بالتجربة، سواء في ما يؤلم الجسد أم النفس، وإذ يقارن معونة الله بضعفه يدرك عظمتها. أما إذا رأى أن أساليبه ووقايته وإمساكه لنفسه وحفظها لا تعطيه الثقة أو أن قلبه ليس فيه سلام بسبب الخوف والرعب، فليعلم أن هذا دليل حاجته إلى معين آخر لأن قلبه يدل على وجود خوف يصارعه في الداخل ويشير إلى نقص فيه يدل على أنه لا يقدر أن يعيش وحده بثقة فمعونة الله هي التي تخلصه (مز120 :2). فإذا أدرك الإنسان أنه يحتاج إلى المعونة الإلهية عليه أن يضاعف صلواته وبمقدار ما يضاعفها يزداد قلبه تواضعاً، لأن من يطلب ويسأل يتواضع رغماً عنه "القلب المنسحق والمتواضع لا يرذله الله" (مز50). وما دام القلب فاقداً التواضع فلا يمكنه أن يتوقف عن التشتت لأن التواضع يضبط القلب. عندما يصبح الإنسان متواضعاً تحيط به الرحمة حالاً، ويحس قلبه بالمعونة الإلهية، لانه يجد قوة مليئة بالثقة تتحرك فيه. ومتى أحس الإنسان بالمعونة الإلهية أي بحضور قوة مساعدة يمتلئ قلبه بالإيمان ويدرك أن الصلاة ملجأ وعون وينبوع خلاص وكنز ثقة وميناء منقذ من العاصفة ونور للذين في الظلام وستر في التجارب وسند للضعفاء ومعونة عند اشتداد المرض ودرع منقذ في الحرب وسهم مصوب ضد الأعداء. وببساطة إن باب كل هذه الصالحات هو الصلاة. ومنه يدخل الإنسان ويتمتع بنعيم صلاة الإيمان. أما قلبه فيبتهج بالثقة بالله متخلياً عن التصلب السابق وعن الكلام السخيف. فإذا أحس بهذه الصالحات جيداً يقتني الصلاة في نفسه مثل كنز. ومن شدة البهجة والفرح تتحول صلاته إلى أصوات شكرية. لقد عيّن كلمة الله( يسوع المسيح) لكل شيء صلاة مناسبة، فالصلاة التي نرفع بها الشكر هي فرح ويعني بها الصلاة المتسامية بالمعرفة الإلهية التي يمنحها الله لنا. فالإنسان في هذه الحالة لا يصلي بتعب وشقاء كما في السابق، أي قبل تحسسه النعمة، بل يصلي بفرح قلبي وإعجاب معبراً عن ذلك بحركات شكرية متواصلة وركعات لا توصف. فلكثرة معرفته الإلهية وإعجابه ودهشته من النعمة الإلهية يرفع صوته فجأة مسبحاً وممجداً الله ورافعاً إليه الشكر ومحركاً شفتيه بدهش شديد.
إن من بلغ هذا المستوى - بالحقيقة وليس بالخيال- وحصل على معلومات كثيرة من خلال تجاربه يفهم ما أقول ولا يعارضني. فلينقطع هذا الإنسان منذ الآن عن تذكر الأمور الباطلة وليقف أمام الله مصلياً على الدوام بخوف وثبات ورعدة لئلا يحرم من معونته.
إن هذه الخيرات كلها تتولد في الإنسان نتيجة إحساسه بالضعف ، لانه لشدة حنينه إلى معونة الله يقترب منه ويصلي أمامه بصبر وثبات. وبمقدار ما تصبو نفسه إليه يقترب الله منه مغدقاً عليه نعمه ولا يرفعها عنه بسبب كثرة تواضعه. كالأرملة التي كانت تصرخ أمام القاضي طالبة إنصافها. إن الإله الرؤوف يرفع النعم عنه أحيانا حتى يقربه منه، فإذا شعر بالحاجة ووقف منتظراً الإله مفيض النعم استجاب له في الطلبات التي لا يقدر أحد أن يخلص بدونها، أما الأخرى فيمسكها عنه. أحيانا يطرد عنه سعير العدو واحياناً يسمح له بالتجربة ليقترب منه، كما ذكرت سابقاً فيتأدب ويكتسب خبرة من التجارب. وكما يقول الكتاب "إن الرب ترك أمماً كثيرة كي لا يقضي عليها ولم يسلمها إلى يدي يشوع بن نون حتى يؤدب بها أبناء إسرائيل وتكون لهم مثلاً ليتعلموا الحرب" (قضاه3 :1-4). إن البار الذي لا يعرف ضعفه يضع أموره على حد السيف ويكون معرضاً للسقوط بحيث لا ينجو من الأسد المفسد ، أي من شيطان الكبرياء. ومن لا يعرف ضعفه ينقصه الكمال الذي يحرر الإنسان من الخوف، لان مدينته لم تؤسس على أعمدة حديدية ولا على صفائح نحاسية(أي على التواضع). لا يقدر أحد أن يقتني التواضع ما لم يقتن مناهجه التي نعرف أنها سحق القلب ومقت فكر الكبرياء لأن العدو يفتش أحياناً كثيرة عن أثر علة ليميل الإنسان نحوه. إن عمل الإنسان بدون التواضع لا يكون كاملاً وبالتالي لا يوضع ختم الروح على حريته بل يظل عبداً وعمله لا يتخطى مرحلة الخوف. ولا يمكن لأحد أن يصلح عمله بدون تواضع ولن يتأدب بدون تجارب ولن يبلغ إلى التواضع بدون تأديب.
إن الله يسمح للقديسين بالتواضع وانسحاق القلب لكي يصلوا بألم ويقتربوا منه لأنهم يحبونه. قد يرهبهم بأهواء طبيعية وانزلاق في ذكريات دنسة عاطلة ، وقد يمتحنهم بتعييرات وإهانات ولطمات بشرية أو بأسقام وامراض جسدية أو بفقر وعوز وقد يجربهم بخوف من الآلام الشديدة والتخلي أو بحرب شيطانية ظاهرة، وهي كلها تكون لهم حافزاً للتواضع حتى لا يسقطوا في نعاس التهاون. المجاهد يعاني من هذه الأشياء لسببين: إما لأنه يجد نفسه ضعيفاً أمامها أو لأنه يخاف من المستقبل. فالتجارب إذاً مفيدة للناس. ولا أقصد بهذا الكلام أنه ينبغي على الإنسان أن يتهاون بإرادته أمام الأفكار الشريرة حتى يجد بها حافزاً إلى التواضع، أو أن يجاهد ليدخل في تجارب أخرى، بل اقصد أن يكون أثناء قيامه بعمل الصلاح متنبها صاحياً وأن يحفظ نفسه وأن يفكر أنه مخلوق وأنه سهل التحول. كل مخلوق يحتاج إلى قوة الله العاضدة، وكل من يحتاج إلى عضد الآخر هو ضعيف بالطبيعة. ومن يعرف ضعفه يحتاج بالضرورة إلى التواضع حتى ينال حاجته من القادر على العطاء. لو عرف الإنسان ضعفه وأدركه منذ البداية لما تهاون. ولو لم يتهاون لما نام وأسلم إلى أيدي مضايقيه ليوقظوه من جديد.
ينبغي على من يسير في طريق الله أن يشكره على كل ما يصادفه وان يلوم نفسه عالماً أن السماح بالسقوط ليس إلا دليل تهاونه ، وانه يحتاجه ليسقط عقله من الكبرياء. فعليه ألا يرتعد ويهرب من ميدان الجهاد ، بل أن يلوم نفسه حتى لا يكون الشر فيه مزدوجاً لأن الله الذي يفيض العدل منزه عن الظلم. فله المجد إلى دهر الدهور آمين.

ملاحظة : معليش المقالات ميش بالترتيب لان الكتاب كبير وانا بختار منة و بنزل تباعاً بازن الله

رد مع إقتباس