الموضوع: حــب لايضيع.
عرض مشاركة واحدة
رقم المشاركة : ( 1 )
1مايكل
ارثوذكسي متقدم
1مايكل غير متواجد حالياً
 
رقم العضوية : 865
تاريخ التسجيل : Jul 2007
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 333
عدد النقاط : 10
قوة التقييم : 1مايكل is on a distinguished road
Icon101 حــب لايضيع.

كُتب : [ 07-05-2007 - 09:55 PM ]


‏عاش أمير مع أخوته الأمراء سعداء فى قصر أبيهم الفسيح، تحيط به حديقة جميلة بها أنواع كثيرة من النباتات و الطيور و الحيوانات الأليفة.
‏كان الأخوة ينعمون بالعيش فى القصر و اللعب فى الحديقة، أما أجمل أوقاتهم فيقضونها حينما يحضر أبوهم، يسمعهم و يتكلم معهم. و فى ‏احدى تلك المرات سأله الأمير: "ياوالدى ماذا يوجد خارج أسوار القصر؟؟"
‏أجابه الملك: "لقد سألتني هذا السؤال من قبل يا ابنى، و قلت لك إن خارج هذه الأسوار ظلام شديد، يسكنه أُناس أشرار هم أعداء ‏لمملكتى. لماذا تسأل هذا السؤال دائماً؟"
"‏فقط حب أستطلاع يا والدى"
"‏حسناً و لكن أحذر لئلا يقودك إلى ما لا يُحمد عقباه"
"‏لا تقلق علىّ يا أبت"
‏أنتهت المناقشة عند هذا الحد و لكن الأمير لم يهدأ باله إذ ظل يُفكر فيما يوجد وراء الأسوار. و فى اليوم التالى نزل إلى الحديقة و مشى بجانب السور يتفحصه لعله يجد ثغرة يستطيع منها أن يطل على الخارج، و فى النهاية اليوم وجدها... ثغرة صغيرة جداً بالكاد تسع قبضة يده. لم يصدق نفسه، لقد وجد ما كان يشتهيه أخيراً، و من شدة فرحه أخذ يجرى نحو القصر لئلا تنكشف لعبته، و فى نيته العودة مرة أخرى ليستكشف المكان.
‏لم يلاحظ آباه الذى كان واقفاً على باب القصر إلا عندما بادره قائلا: "أين كنت يا أبنى؟"
"‏هه، آه كنت فى الحديقة"
"‏أعلم أنك كنت فى الحديقة. ماذا كنت تفعل؟"
"‏كنت أفحص السور"
"‏و ماذا وجدت؟"
‏تردد الأمير قليلا ثم قال: "وجدت ثغرة فى السور"
"‏إذن لقد وجدتها"
"‏نعم يا والدى، و لكن لماذا صنعت هذه الثغرة وسط كل هذا السور المنيع؟"
"‏لأنى أريد أن أولادى الذين يمكثون معى يفعلون ذلك عن حب، و ليس لأنى أرغمهم على البقاء معى"
"‏و لكن ألم يكن من الأسهل أن تصنع السور كله منيعاً، حتى لا تساور أحد أفكار الخروج و استكشاف ما وراء السور"
"‏بالطبع أسهل كثيراً، و لكنى أحب أولادى و أساس الحب الحرية"
‏سكت الأمير قليلا، و بدت عليه علامات الحيرة.
‏يا ابنى، أنصحك أن تبتعد عن السور تماماً، افرح مع إخوتك و العب معهم، تمتع بالحديقة الجميلة التى صنعتها من أجلكم، كل هذا القصر و الحديقة ممتلئ بكل ما تحبون، ابعد فكرك عن السور و انشغل بما وهبته لك
"‏نعم يا أبت"
‏و لكن الأمير لم يسمع نصيحة والده بل كان يترك اخوته يمرحون فى الحديقة و يتسلل ليجلس أمام السور عند الثغرة عدة ساعات كل يوم، يفكر فيما وراء السور.
‏و ذات يوم لم يطق صبراً فنهض من جلسته، و قال فى نفسه: "لن أخرج كلى سأخرج رأسى فقط و أرى بعينى"... و يا للعجب لقد اتسعت الثغرة عندما وضع رأسه من خلالها فخرجت من الجانب الآخر.
‏اتسعت عينا الأمير بالدهشة فلم يكن المكان مظلماً كما قال أبوه، بل بالعكس كان فيه نباتات جميلة و أشجار وارقة كما أنه لم ير من الأعداء "‏الذين حذره منهم أباه. فكر أن والده لم يكن على حق عندما قال إن المكان بالغ الخطورة، فقال: "سأنزل و أرى بنفسى.
‏نزل الولد من الفتحة التى فى السور إلى أرض الأعداء، و أخذ يتأمل بإعجاب كل ما حوله. و لكن بعد عدة خطوات بدأ يستنشق رائحة كريهة، و بعد لحظات أخرى وجد رجليه تغوصان فى وحل و طين قذر... أخذ يحاول شد نفسه فلم يستطع، فعلا صوته بالصراخ طالبا نجدة و ما هى إلا لحظات حتى كان يحيط به رجال سود، شكلهم فى غاية القباحة و كل منهم ممسك برمح و سهام و قوس فى يده...
‏أخذ يحاول الرجوع من حيث أتى و لكنه لم يجد الفتحة التى جاء منها. اقترب منه الأعداء و أمسكوا بيديه و قالوا لبعضهم: "هذا كان" ‏صيدا سهلا، الآن سنتعشى عشاء فاخرا
‏أما هو فنادى على والده بكل ما فيه من عزم، و هنا رأى والده قادماً مسرعاً من على بعد، فلما رآه الأعداء تركوا الولد و هجموا على الأب فعروه و ضربوه ضرباً مبرحاً ثم جرحوه جراحات عميقة نزف على إثرها حتى كاد أن يموت و لكنه قبل أن يسلم الروح أشار بيديه إلى ابنه و ‏أراه طريق العودة، فنظر الولد وإذ الفتحة قد عادت فى السور فجرى ناحيتها و قبل أن يدخل ألقى نظرة على أباه فوجده قد أسلم الروح
‏دخل الولد قصر أبيه و هو يبكى بكاء مرا و هو يقول: "كل هذا بسببى، أنا الذى قتلت أبى، لقد مات و هو ينجدنى. أنا الذى كنت يجب أن أموت لا هو. لقد أحبنى حتى مات عنى و أنا لم أكن أحبه بالقدر الذى يجعلنى أطيعه، لقد حذرنى مرات كثيرة و لكنى بغباوة تصرفت. آه يا ‏والدى سامحنى على ما فعلته بك، أنا الجانى
‏استمر الولد على هذا الحال ثلاث أيام لم يذق فيها طعم النوم و لا الأكل. و لكن فيما هو فى البستان فى فجر اليوم الثالث رأى والده مقبلا من بعيد و لكنه شك و قال فى نفسه: "ربما يكون البستانى". و لكن والده نادى عليه فجرى نحوه و ارتمى فى أحضانه و أخذ يقبله و هو يقول: " سامحنى يا ابت لقد أخطأت فى حقك، لم أطيعك و مشيت وراء عناد قلبى"
‏فرد أبوه بحنان بالغ: "لقد سامحتك يا أبنى"
"‏و لكنى أود ان أسألك سؤلا لماذا لم أرى الفتحة فى السور عندما كنت فى الجانب الآخر، لماذا أختفت؟"
"‏لأن هذه الفتحة ذات أتجاه واحد فقط، لابد أن أموت أنا حتى ترى طريق العودة، "
‏و الآن هل تريد أن تخرج مرة أخرى ؟
‏فخر الأمير على ركبتيه أمام والده: "لا يا أبتى لا أريد أن أفارقك لحظة واحدة، سأعيش أتمتع مع إخوتى معك فأنا أحبك . "



رد مع إقتباس
Sponsored Links