عرض مشاركة واحدة
بياناتي
 رقم المشاركة : ( 2 )
aymonded
ارثوذكسي ذهبي
رقم العضوية : 527
تاريخ التسجيل : Jun 2007
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 21,222
عدد النقاط : 58

aymonded غير متواجد حالياً

افتراضي رد: الصوم والنسك في التدبير الروحي - الصوم والنسك من جهة التدبير الروحي وضبط النفس

كُتب : [ 05-28-2020 - 08:28 AM ]


(1) صوم المبتدئين والمتقدمين في النعمة
واقعية الحياة تُعلمنا أن هناك فرق عظيم بين طعام الأطفال وطعام البالغين، فالطفل يحتاج للطعام البسيط السهل هضمه لأنه لا يحتمل الطعام الدسم الذي يخص الشخص البالغ، فالبالغ يحتاج للطعام القوي لبنيان جسده، لذلك علينا أن نتعمق في صومنا لنفرق ما بين تعليم البُنيان المقدَّم للأطفال في طريق الحياة من أجل نموهم السليم، وبين التعليم المُقدَّم لرجال الإيمان لاستمرارهم في الطريق وثباتهم أمناء للنهاية، لأنه ينبغي أن نُلاحظ أنفسنا والتعليم، وكل واحد يأخذ حسب حاجته الخاصة في المرحلة التي يمر بها بدون أن يأخذ ما ليس لهُ لأنه لن يقوى عليه وليس في استطاعته بكونه مثل الطفل أو الولد، ولذلك ينبغي أن نلاحظ ما تقدمه لنا الكنيسة الحية بالإيمان والممتلئة بنعمة الله، لأنها تُقدِّم لنا دائماً – بإلهام الروح القدس – كل ما يساهم في إنارة نفوسنا لكي يتسع وعينا ونعي وندرك ونتعلَّم كيف نسلك بالتدبير الحسن الذي يتفق مع المرحلة المناسبة لنا، لئلا نتعثر فنسقط من تدبيرنا الحسن فنضل عن الطريق ونبتعد عنه بعيداً، فنخسر عمل الله فينا، لأن الطفل الذي ما زال يحبو فأنه لا يقوى على الطعام الجامد لئلا يُصاب بوعكة صحية قد تطيح بحياته كلها فيموت لأنه لن يحتمل الطعام القوي: لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَتَنَاوَلُ اللَّبَنَ هُوَ عَدِيمُ الْخِبْرَةِ فِي كَلاَمِ الْبِرِّ لأَنَّهُ طِفْلٌ، وَأَمَّا الطَّعَامُ الْقَوِيُّ فَلِلْبَالِغِينَ، الَّذِينَ بِسَبَبِ التَّمَرُّنِ قَدْ صَارَتْ لَهُمُ الْحَوَاسُّ مُدَرَّبَةً عَلَى التَّمْيِيزِ بَيْنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ؛ سَقَيْتُكُمْ لَبَناً لاَ طَعَاماً لأَنَّكُمْ لَمْ تَكُونُوا بَعْدُ تَسْتَطِيعُونَ بَلِ الآنَ أَيْضاً لاَ تَسْتَطِيعُونَ. (عبرانيين 5: 13 – 14؛ 1كورنثوس 3: 2)
==========
فهناك فرق عظيم بين تعليم المبتدئين وتعليم المتقدمين، بين الأولاد وبين الأحداث وبين الآباء السائرين في الطريق الروحي السليم، لذلك لو دققنا في كلام القديس يوحنا سنجده يتكلم عن الأولاد والأحداث والآباء قائلاً: أَكْتُبُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الأَوْلاَدُ لأَنَّهُ قَدْ غُفِرَتْ لَكُمُ الْخَطَايَا مِنْ أَجْلِ اسْمِهِ. أَكْتُبُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الآبَاءُ لأَنَّكُمْ قَدْ عَرَفْتُمُ الَّذِي مِنَ الْبَدْءِ. أَكْتُبُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الأَحْدَاثُ لأَنَّكُمْ قَدْ غَلَبْتُمُ الشِّرِّيرَ. أَكْتُبُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الأَوْلاَدُ لأَنَّكُمْ قَدْ عَرَفْتُمُ الآبَ. كَتَبْتُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الآبَاءُ لأَنَّكُمْ قَدْ عَرَفْتُمُ الَّذِي مِنَ الْبَدْءِ. كَتَبْتُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الأَحْدَاثُ لأَنَّكُمْ أَقْوِيَاءُ، وَكَلِمَةُ اللهِ ثَابِتَةٌ فِيكُمْ، وَقَدْ غَلَبْتُمُ الشِّرِّيرَ (1يوحنا 2: 12 – 14)
الأولاد: غُفرت لكم الخطايا من أجل اسمه، عرفتم الآب
الأحداث: قد غلبتم الشرير، لأنكم أقوياء وكلمة الله ثابتة فيكم
الآباء: قد عرفتم الذي من البدء

==========
+ المرحلة الأولى المبتدئين أو الأطفال روحياً +
++ الدرجة الأولية للصوم ++
لذلك في صوم المبتدئين أو الأولاد تقدم الكنيسة التعليم الذي يبنيهم فتقول لهم: [لنصم عن كل شرّ ونتجنب الإثم]، أما للمتقدمين أي الأحداث فتقول: [لنصم حسناً، لنصم بتقوى]، أما الرجال في الإيمان أي الآباء تدعو [للبذل بالنية وحياة النسك]، إذ قد تأصلوا في الحق وصارت لهم الحواس المدربة على التمييز ويحيوا الآن في خبرة مجد ملكوت السماوات ويسلكون بالأمانة في حالة نضوج ويتناولون الطعام القوي الذي للبالغين.
فالطفل روحياً أو الولد يحتاج يعرف كيفية تنقية القلب والخروج من حياة الشرّ بالتمام ليتقبل الأسرار الإلهية وينمو في النعمة، لأنه من المهم أن يعرف كيف ينتصر على ذاته ولا يحقق رغبات إنسانه العتيق، لذلك تقدِّم له كل ما يتناسب مع حالته وتقول لنصم عن كل شرّ، وذلك لكي لا يُخطئ بعد أن تطهر ضميره بدم حمل الله رافع خطية العالم، لأن الطفل عادةً بتسرعه واندفاعاته يرتكب الحماقات الكثيرة لأن طبيعة طفولته وقلة نضوجه وعدم خبرته تجعله يتخبط كثيراً، ولذلك نلاحظ كلام الرسول للأولاد في رسالته الأولى إذ يقول لهم: يَا أَوْلاَدِي، أَكْتُبُ إِلَيْكُمْ هَذَا لِكَيْ لاَ تُخْطِئُوا. وَإِنْ أَخْطَأَ أَحَدٌ فَلَنَا شَفِيعٌ عِنْدَ الآبِ، يَسُوعُ الْمَسِيحُ الْبَارُّ. وَهُوَ كَفَّارَةٌ لِخَطَايَانَا. لَيْسَ لِخَطَايَانَا فَقَطْ، بَلْ لِخَطَايَا كُلِّ الْعَالَمِ أَيْضاً. وَبِهَذَا نَعْرِفُ أَنَّنَا قَدْ عَرَفْنَاهُ: إِنْ حَفِظْنَا وَصَايَاهُ. (1يوحنا 2: 1 – 3)

==========
وهذه هي الدرجة الأولية للصوم، والتي بدونها لا يحدث نمو سليم ولا يدخل إنسان في الدرجة الثانية التي للأحداث، فكل الهدف من الصوم عند الأولاد أو المبتدئين في الحياة مع الله، هو أن لا يُخطئ، وحتى ولو في البدايات تعثر، أي إن أخطأ، فهي تقدم لهُ تعليم عن شفاعة المسيح الرب ليُحفر في قلبه وفكره حفراً لكي لا يفارقه أبداً، وشفاعة الرب الذي يؤكدها الرسول وتُعلِّم بها الكنيسة هو لخطايا العالم كله، فلا خوف من تعثر ولا من سقطة لأنه حاضر كل حين أمام الآب بصفته وسيط العهد الأبدي، وشفاعته شفاعة كفارة أبدية، وبكون كل من آمن صار فيه عضو حي قد حُسب بار وكامل مع كل من حب الرب يسوع في عدم فساد، لا من نفسه بالطبع ولا بقدراته ولا أعماله الصالحة، إنما منه هو، أي من شخص المسيح الرب راس الكنيسة، لأنه هو بار، وفيه يتبرر الجميع.

==========
+ وَأَمَّا الآنَ فَقَدْ ظَهَرَ بِرُّ اللهِ بِدُونِ النَّامُوسِ مَشْهُوداً لَهُ مِنَ النَّامُوسِ وَالأَنْبِيَاءِ. بِرُّ اللهِ بِالإِيمَانِ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ إِلَى كُلِّ وَعَلَى كُلِّ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ. لأَنَّهُ لاَ فَرْقَ (بين يهود وأُمم). إِذِ الْجَمِيعُ أَخْطَأُوا وَأَعْوَزَهُمْ مَجْدُ اللهِ. مُتَبَرِّرِينَ مَجَّاناً بِنِعْمَتِهِ بِالْفِدَاءِ الَّذِي بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ. الَّذِي قَدَّمَهُ اللهُ كَفَّارَةً بِالإِيمَانِ بِدَمِهِ لإِظْهَارِ بِرِّهِ مِنْ أَجْلِ الصَّفْحِ عَنِ الْخَطَايَا السَّالِفَةِ بِإِمْهَالِ اللهِ. لإِظْهَارِ بِرِّهِ فِي الزَّمَانِ الْحَاضِرِ لِيَكُونَ بَارّاً وَيُبَرِّرَ مَنْ هُوَ مِنَ الإِيمَانِ بِيَسُوعَ؛ لأَنَّ اللهَ وَاحِدٌ هُوَ الَّذِي سَيُبَرِّرُ الْخِتَانَ بِالإِيمَانِ (اليهود) وَالْغُرْلَةَ بِالإِيمَانِ (الأمم)؛ وَأَمَّا الَّذِي لاَ يَعْمَلُ وَلَكِنْ يُؤْمِنُ بِالَّذِي يُبَرِّرُ الْفَاجِرَ فَإِيمَانُهُ يُحْسَبُ لَهُ بِرّاً؛ فَمَاذَا نَقُولُ لِهَذَا؟ إِنْ كَانَ اللهُ مَعَنَا فَمَنْ عَلَيْنَا! اَلَّذِي لَمْ يُشْفِقْ عَلَى ابْنِهِ بَلْ بَذَلَهُ لأَجْلِنَا أَجْمَعِينَ كَيْفَ لاَ يَهَبُنَا أَيْضاً مَعَهُ كُلَّ شَيْءٍ؟ مَنْ سَيَشْتَكِي عَلَى مُخْتَارِي اللهِ؟ اللَّهُ هُوَ الَّذِي يُبَرِّرُ! مَنْ هُوَ الَّذِي يَدِينُ؟ الْمَسِيحُ هُوَ الَّذِي مَاتَ بَلْ بِالْحَرِيِّ قَامَ أَيْضاً، الَّذِي هُوَ أَيْضاً عَنْ يَمِينِ اللهِ الَّذِي أَيْضاً يَشْفَعُ فِينَا!؛ وَالْكِتَابُ إِذْ سَبَقَ فَرَأَى أَنَّ اللهَ بِالإِيمَانِ يُبَرِّرُ الأُمَمَ، سَبَقَ فَبَشَّرَ إِبْرَاهِيمَ أَنْ «فِيكَ تَتَبَارَكُ جَمِيعُ الأُمَمِ» (رومية 3: 21 – 26، 30؛ 4: 5؛ 8: 31 – 34؛ غلاطية 3: 8)

==========
فدائماً تعليم المبتدئين يكون هدفه (لكي لا تخطئوا) ويلازمه (وأن أخطأ أحد فلنا شفيع عند الآب)، لذلك فالتعليم دائماً يرتكز على برّ الله بالإيمان بيسوع المسيح على كل أو جميع الذين يؤمنون ولا فرق، لذلك الكنيسة في صلواتها تقول: [لينمو برّ الإيمان]
فالكنيسة تؤكد للمبتدئ أنه لا ينبغي أن يدخل في الصوم وحيداً منفرداً ليحارب رغبات ميوله المنحرفة وخطاياه القديمة، بل تؤكد أن ما معهُ أقوى مما عليه وكل ما هو ضده، لأن من معهُ هو الرب بنفسه الذي يبرر الفاجر والغالب والمنتصر على الموت، لذلك تُشجع المبتدئين لا بمجرد كلام بل بخبرة عاشت فيها وتُسلمها، لأن لو أخطأ أحد وأخفق في مسيرته لأي سبب، فمن هو الذي يستطيع أن يشتكي عليه ويخطفه من يد الرب (طالما متكل على المحبوب ابن الله الحي ومتمسك بثقة الرجاء للنهاية)، فالله وحده هو الذي يُبرر لا الناس (مهما ما كان وضعهم أو تقواهم) ولا حتى الملائكة أو رؤساء الملائكة، فمن هو الذي يجرؤ أن يُدين أحد، والمسيح الرب هو الذي يُدين كما قال وأعلن: لأَنَّ الآبَ لاَ يَدِينُ أَحَداً بَلْ قَدْ أَعْطَى كُلَّ الدَّيْنُونَةِ لِلاِبْنِ (يوحنا 5: 22)، وان كان المسيح الرب سيُدين أحد فينا، فهو الذي مات وقام وجلس عن يمين الآب يشفع فينا، ويقدمنا في بره إليه، لذلك فأنه يُرافقنا في مسيرتنا ويعمل فينا ويطهرنا، لذلك يقول الرسول في نفس الرسالة: إِنِ اعْتَرَفْنَا بِخَطَايَانَا فَهُوَ أَمِينٌ وَعَادِلٌ، حَتَّى يَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَيُطَهِّرَنَا مِنْ كُلِّ إِثْمٍ (1يوحنا 1: 9)

رد مع إقتباس