عرض مشاركة واحدة
بياناتي
 رقم المشاركة : ( 3 )
aymonded
ارثوذكسي ذهبي
رقم العضوية : 527
تاريخ التسجيل : Jun 2007
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 21,222
عدد النقاط : 58

aymonded غير متواجد حالياً

افتراضي رد: طوبى لمن عمل وعلم - موضوع يختص بالتطبيق العملي للحياة المسحية

كُتب : [ 06-01-2020 - 07:07 PM ]


فباختصـــــــار
معنى إننا نقرأ الكتاب المقدس، يعني على وجه التحديد [نتغير]، ونتغير لأننا نؤمن بشخص الحق الذي يُحرر، ونؤمن يعني نصدق أن مسيح الله قادر أن يُغيرنا فعلاً وحقيقي، الآن وباستمرار ودوام، وهذا يظهر في واقع حياتنا – في هذا العالم – تغيير حقيقي بظهر ثمر الروح فينا.
=====
*لذلك ينبغي أن نُدرك أن الكتاب المقدس هوَّ المصدر النقي الكافي تماماً لتسليم الإيمان ببساطة، فهوَّ كلمة الله الخارجة من فمه المعطاة بالوحي المقدس وإلهام الروح لمختاريه، لينقلوا كلمته إلينا كما هي دون تزييف أو غش: لأننا لسنا كالكثيرين غاشين كلمة الله، لكن كما من إخلاص، بل كما من الله نتكلم أمام الله فيالمسيح. (2كورنثوس 2: 17)
ويُعطي أحد الآباء الروس (أغناطيوس بريانتشانينوف) هذه النصيحة للمبتدئين في حياة الرهبنة، وطبعاً هذه النصيحة نافعة للجميع سواء كانوا رهبان أو لهم رتبة كنسية او أي إنسان مسيحي عايش مع الله في أي مكان وتحت أي مُسمى، أي أنها مُقدمة لكل مسيحي حقيقي إذ يقول:
[منذ أول دخوله إلى الدير ينبغي للراهب أن يدرس الإنجيل بتدقيق حتى يصير حاضراً دائماً في ذاكرته. وينبغي أن يكون تعليم الإنجيل حاضراً في ذهنه عند كل موقف أخلاقي، عند كل عمل، وعند كل فكر، استمر في دراسة الإنجيل حتى نهاية حياتك. لا تتوقف أبداً. لا تظن أنك قد عرفته بدرجة كافية حتى لو كنت قد حفظته كله غيابياً]

=====
* فالكتاب المقدس في حقيقته، هوَّ كلمة الله النابضة بالحياة الإلهية، الظاهر فيها التدبير الإلهي تدبير الخلاص وشفاء النفس، لذلك نحن نجتاز ألفاظ الكتاب المقدس ومعانيه الحرفية والحسية (التي نراها بعيون الجسد الطبيعية) بعملية عبور، عبور من المنظور المكتوب أمامنا بحبر على ورق إلى الغير منظور الذي بحسب سرّ الله المُعلن في كلمته، لأن الله يُكلمنا بأسرار فائقة للطبيعة، لا يفهمها الإنسان الطبيعي مهما ما كانت أخلاقه حسنة وأعماله جيدة جداً، كما لا يفهمها أيضاً إنسان مستعبد للخطية، بل الذي يعيها ويدركها ويفهمها الإنسان الروحاني المولود من الله بسبب إيمانه بالمسيح الرب: ولكن الإنسان الطبيعي (الذي يحيا حسب الجسد) لا يقبل ما لروح الله لأنه عنده جهالة ولا يقدر أن يعرفه لأنه إنما يُحكم فيه روحياً [أو وَلاَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يعرفها لأن تَمْيِيزَهَا إِنَّمَا يَحْتَاجُ إِلَى حِسٍّ رُوحِيٍّ] (1كورنثوس 2: 14).

=====
فالمنظور هوَّ الكلام المكتوب أمامي على الورق، والغير منظور في هذه السطور المكتوبة أي هيَّ هيَّ التي أراها وأقرئها الآن، هوَّ شخص الكلمة المتجسد القائم من الموت يسوع المسيح، أي الرب بشخصه، أي هو بذاته حاضراً بملء حياته الإلهية في كلمته الخاصة، والتي منها يشع نور حياته الإلهية ليملأ بها كل من يأتي إليه بروح الخشوع وتواضع القلب طالباً أن يمتلئ من حياته.

=====
فالله (بشخصه) هوَّ الذي يُكلمني كما كلم إبراهيم، ويواجهني كما واجه اسحق وآباء العهد القديم، بل والرسل وجميع القديسين عبر الدهور كلها، فهو بذاته وبشخصه يعلن مشيئته ويُكلمني من خلال سطور الكتاب المقدس المكتوبة بحبر على ورق، ولكن علينا أن ننتبه ونعرف أن كلمة الله هيَّ نطق الله بذاته، أي تحمل قوته بكاملها وتُعبِّر عن شخصيته وتحمل حياته فيها، وليست مجرد كلمات كُتبت أو سرد تاريخي لأحداث أو مجرد موضوع نقرأ فيه، بل شخص نلتقيه، لذلك قال الرسول الملهم بالروح: الله بعدما كلم الآباء بالأنبياء قديماً بأنواع وطرق كثيرة، كلمنا في هذه الأيام الأخيرة في ابنه (عبرانيين 1: 2)، فالله يُكلمنا لا بحبر على ورق بكلام إنساني أو بالحكمة العُليا، ولا بأفكار بشر، إنما في ابنه.

=====
عموماً، هذا العبور السري، أي العبور من الكلمة المكتوبة والخروج من اللفظ المنطوق، إلى شخص الله الكلمة، لهُ شرط أو مطلب؟
فشرط بل ومطلب هذا العبور، أي بلوغ حقيقة الكلمة في عمقها، والتطلع إلى الله والنظر إليه من خلال الكلمة، هوَّ [الإيمان]؛ فالكتاب المقدس يُلزمنا بالإيمان لكي نرى فيه ما لا يُرى: "أما الإيمان فهوَّ الثقة بما يُرجى والإيقان بأمور لا تُرى" (عبرانيين 11: 1)

=====
فبدون الإيمان لن نرى شيئاً، وسيظل الكتاب المقدس بالنسبة لنا، مجرد كلمات للحفظ العقلي والاستذكار، أو موضوع مطروح للمناقشة والتأويل، أو التأمل الفكري بحسب فلسفة الفكر الطبيعي الخاص بكل واحد، هذا الذي يجعلنا نُفسر ونشرح ونتكلم بحسب رأي كل واحد فينا وما يرتاح إليه، وقد نتفق أو نختلف، أو ربما تتطور الأمور لتصل لحد النزاع على رأي خاص أو فكره، كما نرى في هذه الأيام الصعبة، حتى أنه صار أراء شخصية كثيرة صنعت خصومات وانشقاقات ليس لها حصر ما بين مؤيد ومُعارض، وبين منحاز ومتفق مع آخرين، وصارت كل مجموعة تقاوم الأخرى بحجة الحق الفكري التي تعرفه وتحيا به.

=====
فنطقي وقولي: أنا أؤمن بالله وأؤمن بالإنجيل، وأحاول جاهداً أن أصنع ما يُثبت ذلك بالحجج والبراهين والإثباتات العقلية وغير العقلية، هذه لن تخرج عن كونها فلسفة لغو كلام باطل، وهي بطبيعتها زائلة غير ثابتة، لأنها تزول بزوال المؤثر ولن تدخلني في سرّ كلمة الله النابضة بالحياة.
أو ربما أتأثر بعظة فأنفعل وأُقرر أن أقرأ الكتاب المقدس، ولكن الصدمة الكبرى هيَّ حينما يزول المؤثر وينتهي انفعالي الوقتي بالعظة أو بما قرأت، فأجد نفسي قد نسيت ما قررت وانتهى كل شيء، ولم يعد في إمكاني أن أقرأ الكتاب المقدس ولا أجد دافع لقراءته أبداً، وإن حدث وقرأت فعلياً وعن قناعة، فلا نتيجة، أي لا تغيير حقيقي على مستوى الشخصية، ويبقى الحال كما هوَّ عليه، لأنه سيصير كلام في الخيال أو في الأحلام، وربما أخرج منه بمعلومات سلمية وصحيحة، ولكن هدفي ليس سليم ولا نقي، فقد يكون من أجل تحضير درس سأتكلم به، أو من أجل بحث سأعرضه أو بغرض الرد على الناس ومقاومتهم، أو البحث للرد على شبهة أو مناظرة، وهذا معناه: أن هناك غرض آخر – في نفسي – غير إني أتغير والتقي بالله الحي لكي أدخل في حياة شركة تقوى مقدسة وأتبع الله في النور، وبالتالي أخسر سرّ إعلان الإنجيل كله، وأحيا في حالة فلس من الكنز السماوي ومن ذخيرة كلمة الله المُحيية.

رد مع إقتباس