عرض مشاركة واحدة
رقم المشاركة : ( 1 )
الصورة الرمزية aymonded
aymonded
ارثوذكسي ذهبي
aymonded غير متواجد حالياً
 
رقم العضوية : 527
تاريخ التسجيل : Jun 2007
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 21,222
عدد النقاط : 58
قوة التقييم : aymonded will become famous soon enough
سقوط الإنسان والجرح عديم الشفاء

كُتب : [ 06-11-2011 - 12:45 PM ]


النتيجة الأولى لسقوط الإنسان ، هي الشعور العميق بعدم الأمان الذي أدى إلى الخوف ، وبالتالي نشأ في داخل القلب شعور دفين بالدينونة ، وقد أدت إلى الرعب من الموت وفقدان الثقة والرجاء الحي في الله ، إذ قد تصور الله بالنسبة للإنسان انه سيد قاسي يقسو عليه ووهبه الموت كعقوبة رداً على إهانته لله إذ لم يحترم الوصية ويقدر قيمة عطية الحياة التي وهبه إياها ، وأيضاً يرى قسوته تتجسد في أنه خلقه رغم أنه يعلم بسقوطه ، لأن الله بسبب قوة قدرته يعلم كل شيء وكل ما يحدث وسيحدث ، ومن هنا تأتي عثرة الإنسان ومحدودية تفكيرة الضيق وتظهر عاطفته التي تجعله يلوم الله وكأنه هو - كإنسان - أحن من الله على نفسه ، وبذلك يلوم الله على هذا الموت الموجع الذي صار يعمل في الإنسان من يوم ميلاده في هذا العالم إلى يوم خروجه من هذا الجسد المملوء من الغرائز التي تجعل الإنسان يسقط تحت إلحاح تسديد احتياجها ، وهذا هو الجسد الذي صار – من وجهة نظر الإنسان – مصدر الشر والأوجاع !!! ( مع أن المشكلة ليست في الجسد ولا غرائزه – المشكلة في قلب الإنسان وإرادته الحرة واختياره الخاص )

ورغم هذا السقوط المروَّع وهذا الخوف وفقدان الرجاء وحياة الشركة الحلوة مع الله وكل ملامة الإنسان وشكواه لله الحلو ، فالإنسان لم يفقد مشابهته لله المغروسة فيه طبيعياً بسبب الخلق ، والتي هي " جوهره العقليالروحي " أو " ذهنه " ، لكن الجسد قد تثقل جداً بسبب انتقاله من العالم الروحي للمادي بفقدان الشركة مع الله أساس الحياة وأصل كل رجاء ، وبسبب أن حركات النفس وبالتالي الجسد خرجت عن طَوْع ذهنه أو عقله الطاهر أي " جوهره العقلي " ، فدخل في خبرة السقوط حتى أنه تعثر في الله لأنه لا يُدرك المحبة وقوتها المتسعة في الله ، لأن الله محبة !!!

فالإنسان بعد السقوط أصبح يعاني من " الجرح عديم الشفاء " ، وطبيعة جوهره الروحي قد سقطت من المجد والشركة مع الثالوث القدوس إلى الفضيحة والذل العظيم ، ولم يعد الإنسان له القدرة على طاعة الله طبيعياً مثل ما كان قبل السقوط ، بل دخل في صراع ما بين الطاعة ورغبة قلبه الشرير ورفض وصية الله ، فانقسم على ذاته وخرب الهيكل ، أي هيكل جسده ، الأناء المقدس الذي لحلول الله ، وبدلاً من ان يرجع لله ويتوب وينظر لعمق اتساع حبه الذي أُخفى عن عينيه بسبب الخطية والموت الذي سرى في هيكله الذي في أصله مقدس بكل ما فيه من غرائز لأنه حسنٌ جداً بسبب قوة الخلق وعمل الله البديع ، إزادا بعداً وفرقة وتمادى في الخطية ولم يستطع أن يرفع نظره للعلو الحلو الذي للحياة ، ولم يقدر أن يحقق غاية وجوده وحياته ، وظل من سقوط لسقوط ومن ضعف لهوان إلى أن فسد بالتمام ولم يعد يصلح لحياة !!! ولكن بالرغم من هذا السقوط الذي أرَّق الإنسان وتعبه فجوهر الإنسان غير مائت لا ينحل مع الجسد وظل هناك صراخ صامت خفي في قلبه واحتياج مُلح للرجوع لأصل صورته المخلوق عليها .

ولذلك فأن أب الخليقة تبارك اسمه العظيم ، تحرك متعطفاً على جرحنا الملوث والذي سبب غرغرينا فبتر حياتنا عن الحياة الحقيقية ، إذ قد سرى سم الموت فينا بلا شفاء ، هذا الموت الذي لا يمكن شفاؤه بواسطة أي من الخلائق – سواء ملائكة أو رؤساء ملائكة أو حتى أنبياء – سوى بصلاحه وحده . فأرسل إلينا ابنه الوحيد غير المفترق عنه ، والذي بسبب عبوديتنا أخذ شكل العبد وسلَّم ذاته لأجل خطايانا ، وهو حاملنا في ذاته مقدمنا معه لنموت عن الموت لتسري فينا حياته وننال شفاء من الموت بقوة الحياة فيه الذي أعتقنا من سلطان الخطية والموت بقانون روح الحياة في شخصه العظيم القدوس .

فإذ قد صرنا فقراء – بسبب سقوطنا – وفي فقرنا عُدمنا من كل فضيلة وبرّ ، أخذ شكل الفقر ، لكي يغنينا بكل حكمة وفهم ( 2كو8: 9 ) . وليس هذا فحسب ، بل وأخذ شكل ضعفنا لكي بضعفه يجعلنا أقوياء ، وصار مطيعاً للآب من جهة الجسد ( أي بجسم البشرية ) في كل شيء حتى إلى الموت ، موت الصليب ، لكي بموته تكون لنا قيامة ، ولكي يبيد ذاك الذي له سلطان الموت أي الشيطان ( كما قال القديس الأنبا أنطونيوس الكبير في الرسالة 7 ) ، وقد جمعنا من كل مكان بالحب في سر التوبة لكي يهبنا روح القيامة ، ويُعلمنا أننا جميعاً قد صرنا من جوهر واحد وأعضاء بعضنا لبعض في جسده الحي والمحيي ، أي الكنيسة ، وينبغي أن نعيش في نصرة أكيده به ، في سرّ التقوى وقوة المحبة ، ونسلك كأولاد نور ، في طريق النور وبلا ظلمة أو شرور ، ليكون لنا شركة بعضنا مع بعض ودمه يطهرنا من أي خطية ...


والغاية النهائية من عمله المبارك أن يوحَّدنا بروح الشركة ( الروح القدس ) معه ويجمعنا كجسد واحد رأسه المسيح له المجد والكرامة كل حين مع أبيه الصالح والروح القدس الثالوث القدوس الإله الواحد آمين




التعديل الأخير تم بواسطة aymonded ; 06-12-2011 الساعة 06:35 AM
رد مع إقتباس
Sponsored Links