...... و أما العشار فوقف من بعيدلا يشاء أن يرفع عينه نحو السماء . بل قرع علىصدره قائلاً اللهم ارحمنى أنا الخاطىء . أقول لكم أن نزل إلى بيته مبرراً دون ذاك . لأن من يرفع نفسه يتضع و من يضع نفسه يرتفع" (لو 18 : 13) .
كان هذا هو حكمالسيد المسيح له المجد على النقيضين ( الفريسى و العشار ) , و كما ترى فالفريسى تعبكثيراً فهو ليس "شريراً" مثل باقى الناس كما قال , "يصوم " مرتين فى الأسبوع و "يعشر" كل ما يقتنيه .. أما الخاطىء فنزل مبرراً برغم كل ما يفعل من شرور و خطايا .
لكن الفارق شاسع و كبير , فالفريسى اعتمد على بره الذاتى و على أعمالالوصايا و الناموس , و أعتقد أن ما يفعله هو فضل منه يدين به الله , كما أنه وصلإلى الرضا عن النفس كما هو واضح من كلامه . أما الآخر فيعرف شروره و آثامه , و يطلبمن الله الرحمة و المساعدة و حتى إن كان له بعض البر فقد تناساه أمام الله , هكذايا أصدقائى .... فالله لا يريد المظهر ولا يريد السطح , و لا يريد إنساناً يعتقد أنبره قد سما به ليحاجج الله . بل يريد شيئاً أبسط , يريد قلباً حاراً ملتهباً طوالالوقت .. قلباًيريد الغفران و الرحمة .. يريد أن يتكىء على صدر يسوع و يبث إليههمومه فى حديث هامس مل بينهما .. قلباً تائباً حقاً يدرك فى كل وقت أن البر والإيمان و الوصايا هى نعمة من الله و رحمة من عنده و ليس وسيلة ليتكبر بها الإنسانو يتشامخ , و فى ذلك يقول سفر الأمثال العظيم " قبل الكسر الكبرياء و قبل السقوطتشامخ الروح " (أم 16 : 18) .
و حتى آباء البرية أدركوا ذلك و حوربوا منقِبَل هذا الأمر . لكن الله أراهم مدى خطأ هذا الفكر و كيف يُفقِد الإنسان علاقتهالحلوة مع الرب . فالله قد أحب بر المرأتين اللتين ترعيان أطفالهما و تسيران بخوفالله فى حياتهما البسيطة أكثر من كل بر القديس أبو مقار .
لسنا قديسينطبعاً , لكن قد تأتى تلك الفترة على أى منّا , فأذا إنتظمت فى القداسات والإجتماعات , و إذا زاد تناولك و صلاتك , و إذا إنتعشت خدمتك أن كنت تخدم فى أيمجال , فلا تفقد توبتك . فالتوبة هى الثمينة التتى صنعت المعجزات و إنجبت القديسين .. و الله " .. لم يأتى ليدعو أبراراً بل خطاة ألى التوبة " (مت 9 : 13) . فضعخطاياك دائماً أمام عينيك لتجد الله بجانبك , يحمل صليبك معك أو يحملك أنت و صليبكإن شئت . فأصرخ دائماً " توبنى فأتوب لأنك أنت الرب إلهى " (أر 31 : 18) تجدهدائماً معك و تصبح فى نظره كالعشلر التائب الذى نزل إلى بيته مبرراً .