عرض مشاركة واحدة
بياناتي
 رقم المشاركة : ( 9 )
aymonded
ارثوذكسي ذهبي
رقم العضوية : 527
تاريخ التسجيل : Jun 2007
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 21,222
عدد النقاط : 58

aymonded غير متواجد حالياً

افتراضي رد: الغضب الإلهي وتقويم النفس - خبرة نمو وتربية النفس التي سمعت الدعوة الإلهية

كُتب : [ 09-14-2018 - 12:37 PM ]


(2) فترة الجفاف الروحي (وليس الفتور)
في الواقع الروحي المُعاش – من جهة الخبرة – بعد زمان فرح اللقاء الأول مع الله
والتقدم الروحي وفي بداية النضوج، تتوارى في داخلنا حلاوة الفرح والمسرة بغفران الله الحلو ولا نشعر بعزاء الروح القدس حاضر معنا كل حين كما كنا نشعره من قبل، لأن أحياناً النعمة تختفي من أمام أعيننا وتتوارى قليلاً عن أحاسيسنا ومشاعرنا – مع أنها حاضرة بكمال قوتها – لتدخل الإنسان في خبرة جديدة من جهة الإيمان ونموه، لكيلا يظل يعتمد على مشاعره وأحاسيسه وتتعلق نفسه بالتعزيات والأفراح السماوية وتتوقف حياته على حالة الطفولة الروحية، فيتوقف نموه الطبيعي ويتعطل إيمانه، ويظل في حالة من القعود عند سفح جبل المجد الإلهي، لا يتحرك ليتسلق ويستمر في الصعود بدوام وتشاط وعزم لا يرتخي.
لذلك تُمتحن إرادة الإنسان لتظهر رغبات قلبه الخفية المُضادة للإيمان الذي يُرضي الله،
لكي يُقدِّم عنها توبة ويمسك في رئيس الحياة وملك الدهور بإيمان واعي ثابت ويتنقى قلبه ويستمر في التغيير والنمو في الإيمان العامل بالمحبة، ويصير له الطوبى من جهة أنه يؤمن ولا يرى، وان إيمانه في كل الأحوال ثابت سواء يوجد عزاء أم لم يوجد، بل في كل الأحوال – أفراح، آلام (سواء آلام خسارة مادية أو أي آلام متنوعة) أو صعوبات، ضيقات، شدة... الخ – يستمر يصعد إلى العلو الذي للقديسين بغرض أن يدخل في حالة كمال الشركة مع الله والكنيسة المنظورة وغير منظورة، فهو في كل الأحوال يستمر يسير نحو غايته مهما ما كانت مشاعره أو أحاسيسه أو حتى لم يشعر بشيء على الإطلاق، بل ومهما ما كانت التكلفة والخسارة، وذلك لأن عينه مثبته على المسيح الرب برجاء حي، لأنه ينظر إلى حيث هو جالس، لذلك لا يهمه ما يحدث على الأرض مهما ما كان متعباً لهُ، وصلاته هي: [سهل لي طريق التقوى، واحفظني من الشرير في اسمك، ولا تُطفي نورك في داخلي، وكل ميل باطل فيَّ انزعه وقومني واهديني طريقاً أبدياً].
v مَنْ سَيَفْصِلُنَا عَنْ مَحَبَّةِ الْمَسِيحِ؟ أَشِدَّةٌ أَمْ ضَيْقٌ أَمِ اضْطِهَادٌ أَمْ جُوعٌ أَمْ عُرْيٌ أَمْ خَطَرٌ أَمْ سَيْفٌ؟، كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ «إِنَّنَا مِنْ أَجْلِكَ نُمَاتُ كُلَّ النَّهَارِ. قَدْ حُسِبْنَا مِثْلَ غَنَمٍ لِلذَّبْحِ». وَلَكِنَّنَا فِي هَذِهِ جَمِيعِهَا يَعْظُمُ انْتِصَارُنَا بِالَّذِي أَحَبَّنَا. فَإِنِّي مُتَيَقِّنٌ أَنَّهُ لاَ مَوْتَ وَلاَ حَيَاةَ وَلاَ مَلاَئِكَةَ وَلاَ رُؤَسَاءَ وَلاَ قُوَّاتِ وَلاَ أُمُورَ حَاضِرَةً وَلاَ مُسْتَقْبَلَةً، وَلاَ عُلْوَ وَلاَ عُمْقَ وَلاَ خَلِيقَةَ أُخْرَى تَقْدِرُ أَنْ تَفْصِلَنَا عَنْ مَحَبَّةِ اللهِ الَّتِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّنَا. (رومية 8: 35 – 39)
فعلينا أن ننتبه الآن، لأن كثيرين في بداية الطريق يفرحون من أجل قوة النعمة المُخلِّصة ويبتهجون بالنور
الذي أشرق عليهم من بعد ظلمة طويلة، وبذلك يظنون أنهم وصلوا لنهايته وصاروا في حالة من الكمال بسبب التعزيات القوية الحاصلين عليها واستنارة الذهن الذي فرح قلبهم جداً، ومن هنا يبدأ أعظم سقوط للإنسان، لذلك دائماً ما نرى أن الكثيرين يخفقون في هذه الخطوة فيبدئون في إهمال حياتهم ويظنون أن النعمة تخلت عنهم، فيهتز إيمانهم ويستسلمون لخطياهم السابقة، وأحياناً يستيقظوا منها – سريعاً أو بعد فترة قصيرة أو ربما طويلة – فيتوبوا فوراً ويعودوا لله الحي، واحياناً يستسلمون لها ويفقدوا إيمانهم تماماً، إذ يظنون أن الله تخلى عنهم بالتمام ولم يعد قريب منهما كما كان، فيضلون عن الطريق ويبدئون في خلق الأعذار الغير مقبولة، قائلين: ربنا عارف ضعفي، أو أن العالم شرير والشر حولي انتشر، فماذا أفعل!!!
ويبدأ يتكل الإنسان على هذه الأعذار،
وهو يعلم أن الله محبة يغفر الخطية ويصفح عن الذنب (وهذه حقيقية فعلاً ومؤكده بقوة في الإنجيل)، ولكنه يهمل نفسه، ويخسر حركة قلبه نحو الله الحي، فيتمادى في أعمال الشرّ وارتكاب فعل المعصية إلى أن يعتاد على هذه الحالة، ويستهين بلطف الله وحنانه الذي مس قلبه ويتكل على أن الله كثير الرحمة والغفران.
v أم تستهين بغنى لطفه وإمهاله وطول أناته غير عالم أن لطف الله إنما يقتادك إلى التوبة؛ فهوذا لطف الله وصرامته، أما الصرامة فعلى الذين سقطوا (عن قصد وقساوة قلب) وأما اللطف فلك، (وذلك) أن ثبت في اللطف وإلا فأنت أيضاً ستُقطع. (رومية 2: 4؛ 11: 22)
ولكن شكراً لله الأب المُحب الذي عنده إصرار على خلاص النفوس،
لأنه لا يترك الإنسان مهما ما كان وصل لأعلى درجات الشرّ وظهرت فيه كل ملامح الفساد ومكث في الظلمة وعاش في الضلال، فانه في تلك الحالة يُظهر غضبه الأبوي الصالح في قلب الإنسان وفكره، ويبدأ محاصرته من كل جهة، ويُدخله في مرحلة تأديبه الخاص، حتى يشعر الإنسان بلسعة ضربات الله الموجعة، ويتساءل: ألم يكن الله لنا مسامحاً وغافراً لنا جميع الخطايا في المسيح يسوع الذي رفع غضب الله الظاهر في الآثام والخطايا، وأعطانا المصالحة مبطلاً الموت بموته، فكيف أشعر اليوم بغضب الله المعلن على جميع فجور الناس وإثمهم الذين يحجزون الحق بالإثم، ولماذا أنا بعد ما أصبحت ابناً لله دخلت في دائرة غضبه الموجع لنفسي!!!
وهذا هو سؤال المسيحي الحقيقي
الذي تذوق خبرة غفران الله وقربه منه، وسقط فترة طويلة مبتعداً عن الله، فواجه غضب الله وشعر به ثقيلاً في قلبه، وتم فيه المكتوب: فغضب الرب على سليمان لأن قلبه مال عن الرب إله إسرائيل الذي تراءى له مرتين. (1ملوك 11: 9)
عموماً نجد ان هناك كثيرين – عن جهل وعدم معرفة كامله – يرفضون أن هناك مُسمى اسمه [غضب لله]
ويقولون الكتاب المقدس لا يتحدث عن الغضب الإلهي لأن الله لا يغضب، فالله في العهد الجديد لا يغضب نهائياً، بالطبع هذا الكلام غير مرفوض كُلياً لأن فيه جزئية صحيحة، لأن الله ليس مثلنا من جهة أن ليس له جهاز عصبي وغضوب وينتقم مثل البشر، ولكن هذا الكلام يعتبر أنصاف حقائق تؤذي الإنسان وتعطل مسيرته الروحية كلها، وتجعله يرفض التأديب ويظن أنه ليس من الله، مع أن هذا الغضب الإلهي الظاهر يُكيف قوى النفس لتستوعب إعلان كلمة الحياة (أي الكتاب المقدس) عن رفض الله للشرّ والآثام وذلك لكي نفهم طبيعة الموت والفساد، فنهرب منه ونمسك في وعد الله بالإيمان للنهاية، فالله يغضب فعلاً على الشرّ ولا يقبل أي مهادنة معه أو خلط ما بين النور والظلمة، والغضب هنا يُعلن ما هو مكتوب: لأن الرب إلهكم إله غيور في وسطكم، لئلا يحمى غضب الرب إلهكم عليكم فيبيدكم عن وجه الأرض. (تثنية 6: 15)، وطبعاً الإبادة هنا نتاج الشر المهلك للنفس المطفأ لنور الله فيها، لأنه يحاصر النفس بظلمة الجحيم ويسكن فيها بالخوف من الموت.

رد مع إقتباس