عرض مشاركة واحدة
بياناتي
 رقم المشاركة : ( 2 )
aymonded
ارثوذكسي ذهبي
رقم العضوية : 527
تاريخ التسجيل : Jun 2007
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 21,222
عدد النقاط : 58

aymonded غير متواجد حالياً

افتراضي رد: [س ] القداس الالهي تاريخيا وكتابيا [ج ] جواب

كُتب : [ 11-07-2011 - 12:06 AM ]


أصنعوا هذا لذكري άνάμνησις
Άνάμνησις - anamnesis

سلام لنفسك يا محبوب الله والقديسين، أشكرك على تعبك في الموضوع كما أحب أن أُضيف هذا التعليق لكي يصل المعنى السليم والصحيح والشامل للفظة [ أصنعوا هذا لذكري ] لكل من يدخل للموضوع، ولابد من أن نتعرف على اللفظة في أصلها اللغوي لأنها كُتبت في العهد الجديد باللغة اليونانية، وأكتب دراسة مختصره عنها من أصول القواميس والفهارس اليونانية لشرح الألفاظ اليونانية في الكتاب المقدس كما سبق وتم وضعها في المنتدى من سنتين وأكثر وهي كالآتي :

+ لنا أن نعرف أن الكلمة اليونانية άνάμνησις تفيد معنى يصعب أن يوجد في أي لغة ، مثل الإنجليزية أو العربية أو أي لغة أخرى ، إذ أن المفردات اللغوية لهذه اللغات لا تُعطي المعنى الحقيقي الدقيق لما تعنيه الكلمة اليونانية

ففي اللغة الإنجليزية على سبيل المثال : هناك كلمات مثل : Memorial تذكار أو remembrance تذكار أو ذكرى ، وهي تُفيد بالنسبة لنا مفهوماً حسب المنطق العقلي ، أنه أمر يدل على أنه وقع في الماضي ولم يبقى منه سوى ذكرى تبقى متعلقة بذاكرة الإنسان أو بذاكرة التاريخ ، بمعنى مباشر أنه أحداث ماضية قد انتهت ، وطبعاً نفس المعنى في اللغة العربية ...
وطبعاً لشيوع هذا المعنى تُرجمت الكلمة اليونانية على غير معناها الحقيقي والصحيح بكلمة ( ذكرى ) وأصبحت تأخذ نفس المفهوم للكلمة الإنجليزية ، بل وامتد المعنى ليشمل جميع اللغات المعروفة ...

ولكن الكلمة اليونانية في الكتاب المقدس (άνάμνησις) فهي على عكس هذا المعنى ، إذ تعني " استحضار حدث ما أمام الله كان قد وقع في الماضي ، ولكن لازال فعله وأثرة ممتداً في الزمان الحاضر كما هو بكل اتساعه " وهذا هو المعنى لكلمة ذكرى أو تذكار الذي تقال في القداس الإلهي كما هي في الكتاب المقدس، لأنها ليست بالمعنى الحرفي للكلمة ...

ولنلخص معنى هذه الكلمة كما قصدها الله في هذه النقاط السريعة :
(أ) هذه الكلمة ليست بالمعنى الدارج المشهور للجميع ، مجرد ذكرى ، ولكنها في الترجمة الأصلية تُستخدم في الأعمال التي تخص الله ، وتُعَّبر عن حدوث " صلة شخصية " على وجه خاص بين الإنسان والله .

(ب) ومعناها على وجه الخصوص – كما قصد الرب منها – استعلان وظهور عمل الرب إلى أن يُستعلَّن الرب نفسه في اليوم الأخير ( المجيء الثاني )

(جـ) أصنعوا هذا ( τούτο ποιέιτε )
ليست من الكلمات العادية التي تدخل ضمن الحديث العادي أو التعبير الشخصي ، لكنها اصطلاح طقسي ليتورجي وذلك بحسب ورودها واستخدامها في الطقس القديم:
1- وتصنع κάι ποιήσεις لهرون وبنية هكذا بحسب كل ما أمرتك ( خر29: 35 )
2- هكذا تصنع ποιήσεις للثور الواحد ( عدد 15: 11 )

وهناك آيات كثيرة جداً خاصة بالطقس الذبائحي فيها نفس اللفظة ؛ ومن هنا يتبين بوضوح شديد أن كلمة { أصنعوا هذا } هي اصطلاح مستخدم في الطقس للتعبير عن ( تكرار الطقس ) وعن ( قانونيته ) .
وطبعا كما قلنا في معنى الإفخارستيا - كما ذكرناه في دراستنا على صفحات المنتدى - إن ذبيحة المسيح واحده وقدمت مره واحده ( ولا تتكرر ) إنما في القداس نستمد نفس القوة من نفس ذات الذبيحة الواحدة الغير منقسمة أو المتغيرة أو متكررة .

(د) لقد أصبح مفهوم [ أصنعوا هذا لذكري ] في الكتاب المقدس وعند آباء الكنيسة منذ القرن الأول ، هوَّ أن يُقيموا هذا الطقس السري من الوليمة المسيانيه الذي يختص بالجسد المبذول والدم المسفوك للرب ، حتى بواسطة هذه الذبيحة أمام الله يكون لنا هذا واسطة ( لذكر) المسيح الرب لدى الآب كل حين ، إذ بهذا ( الذكر) يكون لنا دالة وقبول أمام الله وصفح عن الآثام وغفران الخطايا وقوة حياة نحياها من حياته لأننا به نحيا ونتحرك ونوجد، وهو الذي قال من يأكلني يحيا بي.

(هـ) عموماً نجد أن الإفخارستيا هي أنامنسيس (άνάμνησις) لعمل المسيح الخلاصي الحاضر الآن بكل مجده معنا في معنى قدسي سري sacramental لا يزال مستمراً وعاملاً في كل الأجيال لأنه فوق كل زمان ، غير خاضع للزمن أو ممكن يبطل مع الزمان لأن عمل الله متسع جداً ويفوق كل فحص وأدراك .

(و) نجد أن كلمة تذكار ، لا تختص بتذكار العشاء الأخير الذي كان مع الرسل القديسين وحسب ، وإنما تعني معنى شامل متسع ، يشمل كل عمل المسيح – له المجد – إذ هو تذكار موته وقيامته معاً ، ويعتبر التذكار الليتورجي ( أي سرّ الإفخارستيا ) هو بصخة Pascha = فصح
والفصح لم ولن يكن تذكاراً لآلام ربنا يسوع المسيح ، ولا لقيامته فقط ، بل للاثنين معاً في آنٍ واحد . أي تذكار : " المسيح الذي مات بل بالحري قام أيضاً " الذي " وضع حياته ليأخذها أيضاً " ، الذي " مات من أجل خطايانا ، وأُقيم من أجل تبريرنا "وأعطانا ذاته مأكل حق ودمه مشرب حق لنحيا بحياته، وهو الذي يُقيمنا في اليوم الأخير
وباختصار هذا التذكار هو عيد الفداء الذي لنا ، وهو عيد الفداء متجدد لنا كل يوم ، لأن ربنا يسوع مات مرة واحدة وقام ، وهذا الفعل يسري لنا كقوة تمتد أثارها كل يوم وبنفس ذات القوة ونأخذها بقوة الإفخارستيا بتناولنا من هذه الذبيحة الحية التي تحمل لنا قوة الخلاص والفداء، لأنه يُعطى لنا خلاصاً وغفراناً للخطايا وحياة أبدية حينما نتناول منه كلنا بإيمان وثقة لأنه هو من قال من يأكلني يحيا بي وكلامه صادق وحق آمين.


التعديل الأخير تم بواسطة aymonded ; 11-07-2011 الساعة 11:12 PM

رد مع إقتباس