عرض مشاركة واحدة
بياناتي
 رقم المشاركة : ( 9 )
aymonded
ارثوذكسي ذهبي
رقم العضوية : 527
تاريخ التسجيل : Jun 2007
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 21,222
عدد النقاط : 58

aymonded غير متواجد حالياً

افتراضي رد: دراسة تفصيلية في الذبائح والتقدمات في الكتاب المقدس المقدمة العامة

كُتب : [ 05-30-2020 - 07:14 AM ]


[ب – الحقبـــة الموسويـــة]
(1) ذبيحة العهد: أولاً يلزمنا أن نعرف ما معنى كلمة عهد، فكلمة عهد في العبرية בְּרית – بريث: معاهدة، اتفاقية، ميثاق؛ أما في اليونانية διαθήκη – diatheke وتعني عهد، وصية، وتُشير إلى قرار يتعذر تغييره، لا يمكن ومستحيل تبديله أو إلغاؤه أو التراجع عنه مهما ما حدث.
ونلاحظ أن في اتفاقية العهد يوجد شريكان يقبلان عهوداً إلزامية، وهناك مادة التوثيق التي تُحفظ لقراءتها وتنفيذ بنودها بدقة أو حرفياً، وفيها شهود عيان ختموا ومضوا على بنود هذا العهد، ومن المستحيل العهد ينحل تحت أي سبب أو بند، فالعهد قانوني مُلزم، ومن خالفه يموت، وذلك ما نراه في البركات واللعنات بالنسبة لحفظ العهد أو كسره.
عموماً كانت خدمة موسى النبي الأساسية هي إقامة العهد بين إسرائيل والله، وقد تم هذا عند جبل سيناء. وأساس هذا العهد هو الطاعة. وقد جاءت الشرائع تؤيد هذا، وتعلن أنه لا قيمة لتقديم الذبائح بدون طاعة – كما سنشرح فيما بعد [1]، لذلك يقول الرب لهم على فم أرميا النبي: [لأني لم أكلم آباءكم ولا أوصيتهم يوم أخرجتهم من أرض مصر من جهة محرقة وذبيحة، بل إنما أوصيتهم بهذا الأمر قائلاً: أسمعوا صوتي فأكون لكم إلهاً وأنتم تكونون لي شعباً] [2]
+ وبالطبع هنا واضح شرط أن يكون الله إله إسرائيل وأن يكونوا له شعباً: وهو [الطاعة] +
وهذا هو البند الرئيسي في المعاهدة أو العهد الذي أقامه الله مع إسرائيل، فهذا ما نراه حدث، فقد [جـاء موسى وأخبر الشعب بجميع كلام الرب (يهوه) وأحكامه]، ووافق عليها جميع الشعب فأجاب جميع الشعب بصوتٍ واحد: [كل ما تكلم به الرب (يهوه) نعمل بـه = آمين]، فكتب موسى جميع الأقوال (كلام الرب يهوه): [فبكر في الصباح وبنى مذبحاً في أسفل الجبل، ورفع أثنى عشر عموداً (كشاهد) بعدد أسباط بني إسرائيل، وأرسل فتيان (شبان) بني إسرائيل فأصعدوا محرقات (للدلالة على توثيق ما تعهدوا به وهو الطاعة) وذبحوا ذبائح سلامة للرب من الثيران. فأخذ موسى نصف الدم ووضعه في الطسوس، ونصف الدم رشه على المذبح. وأخذ كتاب العهد وقرأ في مسامع الشعب. فقالوا: كل ما تكلم به الرب نفعل (نعمله) ونسمع لهُ. وأخذ موسى الدم ورش على الشعب وقال: هوذا دم العهد الذي قطعه الرب معكم على جميـع هذه الأقوال][3]

وواضح جداً من هذه الفقرة معنى العهد وإلزام الطاعة الذي التزم به الشعب كله بلا استثناء، وقد أُقيم هذا العهد على دم توثيقاً له كختم لا ينحل، فالدم يحمل قوة الحياة، وهو كالحياة يخص الله وحده، ولذلك حرم الله بشدة سفك دم الإنسان [4]، حتى دم الذبائح لا يُمسح بل كان يُرش على المذبح، كما كان مُحرماً شرب الدم أو أكل ذبائح مخنوقة ودمها فيها [لحماً بحياته دمه لا تأكلوه، وأطلب أنا دمكم لأنفسكم فقط.. سافك دم الإنسان بالإنسان يُسفك دمه (قضائياً أي في محاكمة عادلة بحكم قاضي)، لأن الله على صورته عمل الإنسان] [5]. ولنا أن نربط بين هذا وبين قرار مجمع أورشليم للرسل الذين أرسلوه للمؤمنين من الأمم بأن: [يمتنعوا عن نجاسات الأصنام، والزنى، والمخنوق، والدم][6].

أما بالنسبة لاستخدام الدم في توثيق عهد، فلم يوجد في أي موضع آخر في العهد القديم سوى هذا الموضع، ثم في العهد الجديد في قول الرب يسوع المسيح ليلة العشاء الأخير، وهو يُقدم الكأس لتلاميذه قائلاً لهم: [أشربوا منها كلكم، لأن هذا هو دمي الذي للعهد الجديد الذي يُسفك من أجل كثيرين لمغفرة الخطايا] [7]

عموماً رش الدم الحامل قوة الحياة، القصد منه توثيق وتكريس وتقديس العلاقة بين طرفي العهد. فمن خلال مشاركة الله مع إسرائيل في رش الدم الذي يُمثل الحياة، على كل من طرفي العهد (المذبح لله، وعلى الشعب) يتم الارتباط السري بينهما وترتفع حياة الإنسان نحو بُعداً جديداً من العلاقة الوثيقة مع الله، لأنهم مربوطين برباط دم الصلح وإقامة عهد مقدس جداً مع الرب إلههم.

ونجد أن بعد إبرام العهد والموافقة عليه بالطاعة وتوثيقه بالدم تراءى الرب يهوه بمجده أمام الجماعة المختارة – حسب الأمر الذي أعطاه لموسى في خروج 24: 1، (ثم صعد موسى وهارون وناداب وأبيهو وسبعون من شيوخ إسرائيل) [8]، [فرأوا الله، وأكلوا وشربوا] [9]، وهذه هي وليمة إبرام العهد، لأن ذبائح السلامة قُدمت مع ذبيحة العهد، وذبائح السلامة تستلزم الاشتراك في الأكل منها بفرح وابتهاج أمام الرب، وذلك حسب ما أوصى الله موسى في التثنية: [وتذبح ذبائح سلامة، وتأكل هناك وتفرح أمام الرب إلهك] [10]، لأن ذبيحة السلامة تُقدم لأجل الشكر على احسانات الرب التي لا تُحصى [11]، وأهمها الصلح والسلام الذي صنعه الرب مع شعبه بقبوله الدم المسفوك عن خطاياهم ورضاه بأن يرتبط معهم بعهد مقدس، ويصير لهم إلهاً وهم يصيرون له شعباً.
===========================
[1] (أنظر 1صم 15: 22)
[2] (إرميا 7: 21 – 22)
[3] (خروج 24: 3 – 8)
[4] (أنظر لاويين 3: 17، 7: 26، 17: 10 و11.. الخ)
[5] (تكوين 9: 4 – 6)
[6] (أعمال 15: 20)
[7] (متى 26: 27و28)
[8] (خروج 24: 9)
[9] (خروج 24: 11)
[10] (تثنية 27: 7)
[11] (لاويين 7: 11و12)

رد مع إقتباس