الموضوع: صنارة الروح .....
عرض مشاركة واحدة
بياناتي
 رقم المشاركة : ( 27 )
ريم الخوري
ارثوذكسي فضى
رقم العضوية : 39544
تاريخ التسجيل : Nov 2008
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 3,805
عدد النقاط : 65

ريم الخوري غير متواجد حالياً

افتراضي رد: صنارة الروح .....

كُتب : [ 06-16-2011 - 01:41 PM ]



الطريقان



هذه الرواية قصتها عذراء مكرسة لله على ابيها الروحي الذي سجلها بدوره تماما كما سمعها من فمها,لكي يسمعها الآخرون ,ويستفيدون منها روحياً:



"كان والداي الذان جاءا بي الى هذا العالم ,على طرفي نقيض في صفاتهما ,ومتعارضين في اتجاهاتهما في الحياة.
كان والدي رجلاً صالحاً جداً ووديعاً ومتواضعاً وطيب المعشر ورحيماً الى أبعد الحدود وحكيماً ورزيناً لكنه كانضعيف البنية , ولا أذكره سوى طريح الفراش في اغلب الأحيان , شاحب وضعيف ,ولكنه كان يحتمل ذلك بصبر عجيب لم اسمعه مرة واحدة يشتكي او يتذمر من دائه, ولم يفارق الانجيل يده أبداً.
أما والدتي فكانت على عكسه نموذجاً للمرأة الدنيوية تحب بشغف تمضية الاوقات في التسلية واللهو والثياب والحلي , كنات تعيش حياة البذخ والترف ,مما سبب لنا ضيقات مادية كثيرة , وكانت غاضبة على الدوام, وتتشاجر مع الجميع داخل البيت وخارجه .
كانت غريبة الاطواروكثيرة الكلام,وما كانت تظهر أي اهتمام بأبي او مرضه , كانت انانية لا تهتم سوى بنفسها,بل كانت تزيد آلامه بكرهها الواضح له, ولا اذكر انها مرضت.
توفي والدي وانا مازلت طفلة ,ورافق وفاته حدث ترك انطباعا مخيفاً في نفسي ,فقد هبت عاصفة فريدة في قسوتها,ريح ومطر ورعود,وهكذا بقي جثمانه ثلاثة أيام بلا دفن,وأخيراً أضطر رجلان من أقربائنا الى نقله بصعوبة بالغة الى المقبرة ودفنه على عجل لاننا لم نعد نتحمل رؤية الميت في البيت.
وبعد وفاة والدي , سلكت امي منحدر الحياة الاخلاقية من دون عائق وحولت بيتنا الى وكر فساد,لكنها لم تعش طويلا, وتوفيت فجاة بعد ان بددت ثروة والدي على أصدقاءها , وعند وفاتها كان الطقس جميلا ورائعاً , الأمر الذي استرعى انتباهي بشكل خاص ,وقد اقاموا اصدقائها جنازة مهيبة وكل المدينة تقريبا كانت تسير وراء النعش.
وبقيت وحيدة في الحياة,وامامي طريقين مختلفان :أما والدي أو والدتي ...واخيرا قررت سوف اسلك بطريق أمي واعيش حياة جميلة اشبع نفسي من الملذات الدنيوية, فقد كانت تملك كل مايتمناه المرء من خيرات : الصحة والمال والمتعة والكثير الكثير من المعارف.
ورحلت عن العالم وهي سعيدة.

وفي احد الليالي , اويت الى الفراش لأنام وفي رأسي تجول الأفكار,ورأيت في منامي حلماً كشف لي الحقيقة, فجأة شعرت وكان باب غرفتي ينفتح ويدخل منه شاب ذو وجه منيرواقترب مني وسالني بحزم ولكنه لطيف:بماذا تفكرين؟؟؟
بقدر ماكان السائل يزداد تشدداً كنت انا اذوب من الخوف وعندما لم يأخذ مني جواباً أمرني قائلاً:أتبعيني.
واخذني كالبرق وجاء بي الى سهل فسيح ومملوء نوراً وجمالاً لن احاول أن اصفه لأانه لا يمكن وصف الأمور الغير قابلة للوصف,ثمة كائنات مغبوطة تستمتع بسلام بتلك الجمالات التي تفوق هذا العالم , وتعرفت من بينها على أبي فدنا مني واخذني بين ذراعيه ويا للأمان والسعادة التي أحسست بهما ! ولم أشأ ان انفصل عنه ابداً وتمسكت به ورجوته ألا يدعني اذهب:أبقني الى جانبك دائماً يا ابي.

أجابني :أن ما تطلبينه لا يمكن أن يحدث لكنك ان سرت على خطاي ستقيمين هنا وهذا يتوقف على أرادتك.

نظر الي بحنان ومسح دموعي.
أومأ الي مرافقي لكي اتبعه قائلا : عليكي رؤية والدتك.
أخذنا ننزل وننزل اكثر الى الأعماق..الى مكان قذر ومظلم تعمه الفوضى ...أنقطعت انفاسي من القذارة والخوف,هيئات مسوخ ونفوس بائسةتتعذب بلا شفقة بلهيب نار لا ينطفئ...ورأيت والدتي بينهم غارقة حتى عنقها في حمأة قذرة .وكان صرخها يمزق الأحشاء وتنهداتها لا تنقطع, وصري الاسنان المخيف فتت قلبي ويبدو انها عرفتني لأانها صرخت:ويحي انا الشقية , هذا ماجنيته بسبب لذة عابرة ,يأساً وعذاباً لا نهاية له.

واخذت تصرخ الي قائلة:أشفقي على من ولدتك وربتك...مدي يدك واخرجيني من هذا العذاب.
ماذا كان بيدي ان افعل؟؟؟كانت نفسي تتفتت حزناً ومددت يدي معتقدة أنه يمكنني مساعدتها....ولكنني شعرت بألم كبير وانا أقترب من النار وأطلقت صراخاً مخيفاً.
أضطرب الحي كله لصراخي...وامتلأ البيت بالناس الذين وجدوني بحالة يرثى لها...وظن كثيرون بأني فقدت عقلي ....ولكنني كنت في سريري ...وكنت ادل على الجرح البالغ الذي خلفته النار في يدي لكي يعرفوا سبب الألم الذي أصرخ منه.
رقدت في الفراش مريضة جداً مدة طويلة ...وعندما أبليت من مرضي ...سلكت في طريق والدي من دون تردد ...وانا أضع رجائي على الهي ليخلصني ويؤهلني للأشتراك بفرحه.



هذه القصة حقيقية من كتاب مواهب وموهوبون( الجزء الثاني)






رد مع إقتباس