ا نا خادم للشباب في كنيسة من كنائس القاهرة وكنت سعيدا بعمل الله معي في الخدمة وفي مهنتي حيث أعمل طبيب أمراض قلب ، وفي ذات يوم طلب مني أسقف أسوان الذهاب لمحافظة أسوان لعمل اجتماعات للشباب هناك في إجازة الصيف ، فذهبت.
وفي اليوم السابق لعودتي للقاهرة ، ذهبت لزيارة أحد الشباب ولما علمت أسرته بسفري ، أوصتني بتسليم مبلغ معين من المال إلي أسرة فقيرة تسكن في القاهرة ، أسرة مكونة من 6 أولاد و قد مات الأب وتركهم في رعاية الأم التي لا حول لها ولا قوة ، ولكن الله لا ينساها.
وعندما عدت للقاهرة ، نسيت الأمر تماما ، وكنت قد وضعت الظرف الذي به المال في حقيبتي الطبية ، كانت هذه الحقيبة التي أضع فيها السماعة الطبية وجهاز الضغط ، ولكن نظرا للصفة السيئة التي أتمتع بها وهي عدم النظام ، فقد كانت هذه الحقيبة المسكينة تحتوى على كل شئ وأي شئ يخطر ببالك ، فلذلك لم أنتبه لوجود المبلغ بها.
و ذات يوم و قد استدعيت للذهاب للمستشفى ، وكنت على عجلة من أمري ، فقد ركبت تاكسي.
و بعد أن سار التاكسي مسافة قليلة ، توقف السائق و عرفت منه أن ( العجلة نامت ) و يجب تغييرها.
نزلت وأنا في قمة الضيق بسبب التأخير و وقفت أنتظر تغيير العجلة ، وكان الجو حارا للغاية ، فذهبت لكشك مجاور لأشرب زجاجة كوكا كولا ، وفيما أنا واقف بجوار الكشك ، سمعت هذا الحديث من شباك أحد المنازل الفقيرة المجاورة للكشك ، كلا لم يكن حديثا بل كان صلاة .....
( أنت عارف يارب أن آخر لقمة في البيت أكلوها الأولاد قبل ما ينزلوا المدرسة والبيت كله فاضي و معيش فلوس و أحنا يارب ملناش غيرك نتكل عليه ونلجأ له )
و كانت المرأة تبكي وهي تصلي.....
وهنا فقط تذكرت أمر الظرف والمال الذي كان يجب علي توصيله ، فأخرجت الحقيبة الطبية وأخذت أبحث عن الظرف لمدة عشر دقائق حتى وجدته ، وقرأت العنوان و......
واقشعر بدني و وقف شعر رأسي ، فقد كان العنوان هو نفسه المكان الذي أقف عنده و هذا هو البيت المقصود ، بل إنها هي المرأة الفقيرة التي يجب علي أن أعطيها المال.
دخلت بسرعة البيت وأعطيتها المال وحكيت لها هذه القصة العجيبة ، بكت السيدة من شدة التأثر وأدركت مدى عناية الله بها وبأولادها ، فهو قاضي الأرامل وأبو الأيتام.
قصة حقيقية كتبها القمص تادرس يعقوب
حقا إن الله لا ينسانا ، فهو الذي يعطي فراخ الغربان طعامها ( و يقال إن الغراب حينما تخرج صغاره من البيض يتركها وحيدة و يمضي ، ولكي لا تموت الغربان الصغيرة من الجوع ، فإن الله جعل لها غدد تفرز رائحة معينة تجذب الحشرات إليها فتتغذى الغربان الصغيرة على هذه الحشرات حتى تنمو وتستطيع أن تبحث عن غذائها بنفسها )
فّإذا كان الله يهتم بفراخ الغربان بهذه الدرجة و لا يتركها تموت من الجوع ، فكم وكم يهتم بنا نحن أولاده ، فلماذا يستبد بنا القلق والهم والخوف من المستقبل ؟ هل يستحيل على الله حل مشاكلنا مهما كانت صعبة ؟