إختبارات فنجان الشايّ:
أتذكّر، قبل أن أصبح فنجان شايّ ، أنّني كنت قطعة لزجة من الطين في الأرض في أحد الأيّام ، إختارني معلّمي وبدأ يضربني بيديه ثمّ حوّلني إلى شكل مختلف.
كان هذا يؤلمني ورجوته أن يتوقّف لكنه ابستم قائلا: ليس بعد.
لحسن الحظ إنتهى من عمله وخرجت سالما، ثم وضعني على آلة دوارة واشعلها فبدأت ادور وادور. كنت أتألّم كثيرا ً.
لم أكن أفهم لما يريد إدخالي بيت النار صرخت ، رجوته أن يتوقّف ويخرجني من النار ومن خلال الباب الزجاجي رايت وجهه وهو يبتسم ويرفع راسه قائلا: ليس بعد.
ثمّ فجـأة ، أخرجني من النار وبدأ ينظفني ويسرّحني أخذ فرشاة وبدأ بتلويني ودهني بكافة أنواع الألوان. الروائح كانت قويّة بحيث كدت أفقد الوعيّ رجوته أن يتوقّف لكنّه إبتسم مجدّدا ً وقال: ليس بعد.
هنا وضعني في فرن ثان ٍ أكثر سخونة بمرتين من الفرن الاول. هذه المرّة كدت أختنق ، كنت متأكّدا ً من ذلك رجوته باكيا ً أن يخرجني لكنه وكالمرّات السابقة إكتفى بالإبتسام قائلا ً: ليس بعد.
في هذا الوقت بالذات فُتح الباب على مصراعيه واعلن المعلّم قائلا: الآن.
أخذني بين يديه ووضعني على الرّفّ ثمّ ناولني مرآة وطلب منّي النظر إليها . لم أصدّق ما رأته عينايّ صحت قائلا: آه ما اجمل هذا الفنجان.
عندها المعلّم شرح: أريدك أن تفهم. نعم، عندما ضربتك وحوّلتك إلى شكل، كنتُ أعلم أنّ هذا يؤلمك... كنتُ أعلم أنّ الدوران يصيبك بالغثيان لكن لو لم أهتمّ بك لكنت يبست وبقيت مجرد قطعة طين لا هويّة محدّدة لها ولما كانت شخصيتك تفتحت وتطورت.
كنتُ أعرف أنّ الفرن الأوّل كان حارقا ولكن لو لم أضعك فيه لكنتَ تفكّكتَ الى قطع صغيرة.
كنتُ أعرف أنّك تضايقت من التلميع والتلوين لكن لو لم أفعل ذلك لكنت بقيت كلّ حياتك دون ألوان.
والفرن الثاني ، كنتُ متأكّدا ً أنّك ستجد صعوبة في تحمّله، ولكن أتعلم لو لم أضعك فيه لكنتَ غير قادرعلى مواجهة.
مشاكل وصعوبات الحياة. قوتّك لن تكون كافية ولم تكن لتتمكّن من العيش طويلا ً.
كنتُ إلى جانبك واعتنيت بك كنتُ أعلم ما ستصبحه في المستقبل أ رأيت ، بالرّغم من كل الصعوبات التي تعرضت لها منذ البداية كنت أعرف ما ستكون عليه في النهاية.