الموضوع: الأعتراف
عرض مشاركة واحدة
بياناتي
 رقم المشاركة : ( 3 )
aymonded
ارثوذكسي ذهبي
رقم العضوية : 527
تاريخ التسجيل : Jun 2007
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 21,222
عدد النقاط : 58

aymonded غير متواجد حالياً

افتراضي رد: الأعتراف

كُتب : [ 04-16-2013 - 10:24 AM ]


قبل كل شيء ينبغي أن نفهم أولاً أن لا يوجد شيء أسمه سرّ الاعتراف كما يقول الناس عن دون دراية منهم، لأنه اسمه سرّ التوبة والاعتراف وليس الاعتراف فقط، والاعتراف المرتبط بالتوبة، وبطبيعته ليس فضفضة ولا هو مجرد راحة نفسية، هو طبعاً لما الإنسان بيعترف بانسحاق أمام الله أولاً عن احتياج لأنه يشعر أن أمام الله أخطأ والشر قدامه صنع وطاله الفساد والخطية أهانته وجرحت علاقته معه وشرختها صارخاً من قلبه لله الحي بإيمان قائلاً [ أنقذني من هذا الموت الذي مس قلبي فأطفأ روحك وأعني ]، فينال قوة غفران وغسيل قلبي ومعونة إلهيه ضد الخطية لينتصر عليها ويصبح إنسان روحاني يحب الله، أكيد بيرتاح داخلياً ونفسياً أيضاً، لكن الأساس ليس مجرد الراحة النفسية بل التغيير الداخلي وقرار البُعد عن الخطية وعزل الشرّ من القلب بقرار واضح فيه قبول عمل الله والإرادة الواضحة برغبة القلب الصادق أن يحيا مع الله، مهما ما كان ضعفه لأن قوته تأتي من فوق من عند الله بالروح القدس ...

والمفهوم الرئيسي في التوبة، أنه عندما يُخطئ الإنسان، فأنه أخطأ لله شخصياً وتعدى على وصاياه وكسر علاقة شركته مع الله وبالتالي مع إخوته في الجسد الواحد عينه، أي مع الكنيسة كلها، ولا يقدر أن يُقيم شركة مع الذين يحبون الله ويحيون في التوبة باستمرار، ولا يجب أن يكون له شركة في الكنيسة في الصلاة قبل التوبة، لأن بدون توبة كيف يقترب من الله الحي القدوس ويشترك في الصلاة !!! فالله لا يقبل أو يتعامل مع الخطية تحت أي بند أو حجة !!! والكنيسة لا تقدر أن تُقيم الصلاة أمام الله القدوس الحي في عدم تقوى وطهارة وقداسة كل الأعضاء، لأنها تُقام في شركة مع كل المؤمنين الذين يتقون الله ويهابونه كأب وسيد لهم، ويحفظون وصاياه بالعيش بها، ولابد أن تُقام الصلاة بمهابة شديدة واحترام لله القدوس بإيمان عامل بالمحبة، لأن من يحب الرب فعلاً يحفظ وصاياه ووصاياه ليست ثقيله لأنها به معموله، لذلك لا تقبل إلا التائبين ليشتركوا في الصلاة ليقبلها الله ويستمع إليها، لكي لا يُكدر الجماعة كلها ويمنع عمل الله وسطهم، وبالطبع كل إنسان مسئول عن صدقه أمام الله القدوس الحي، لأن لو الكنيسة تعلم أنه يوجد وسطها خاطئ لا يُريد أن يتوب فأن كلها تتكدر لأنه سيكون وسطها حرام يمنع عمل الله، لذلك تمنع الغير التائبين من شركة الصلاة إلى أن يتوبوا، أما أن قال أحد أنه تائب أمام الكنيسة وهو كاذب، فعمل الله يتم وسط الكنيسة لأن الأعضاء أبرياء من هذا الكذب وهو وحده يتحمل كذبه لأنه سيخسر عمل الله وشركة الحياة وسط القديسين، الذين في الأساس الخطاة التائبين الذين أحبهم الله ...


وكان قديماً في الكنيسة الأولى الأعتراف أمام الكنيسة أو الأتقياء ليعلن الشخص أنه تاب ورجع لله وطلب قوة غفرانه (وليس معنى الاعتراف هنا الإدلاء بتفاصيل الخطية كما يظن البعض، بل الكلام العام وإعلان التوبة)، والكنيسة حينما تسمع اعترافه تقبله في الشركة لأنه في هذه الحالة له الحق أن يشترك في الصلاة بنقاوة قلب بكونه تائب فعلاً، وبكون أن الشعب ممكن يُمسك في ضعف من يسمع اعترافه، لذلك الكنيسة جعلت الكاهن هو الشاهد للتوبة والاعتراف سري، لذلك يسمع الكاهن المعترف ويرى أن كان أعلن توبته أم لازال يعيش في الخطية ولا يُريد أن يتوب وما يقوله مجرد راحة للضمير فقط بدون توبة حقيقية صادقة، وحينما يجده تاب فعلاً وتذوق غفران الله وتغير قلبه وأقام علاقة حسنه مع الله بتوبة قلب مبتعد عن الخطية والشهوة الردية ويريد أن يسلك في حياة التقوى ومخافة الله، ونال نعمة من الله فعلاً، وفي هذه الحالة يُعطية الحل باسم الكنيسة أي شرط القبول في صلاة الكنيسة لأنه أصبح نقي لأن الله ينقي التائبين ويردهم إليه، ويسمع من الذين يتقون اسمه ويهابونه كل الأيام، لذلك الكاهن مؤتمن أمام الله والكنيسة في أنه يُعطي حل الشركة أن رأى شهادة توبة حقيقية تخرج من المعترف...


  • 1 - الشروط المعتبرة في الكاهن القابل للاعتراف

( الأول ) أن يكون كاهن
( الثاني ) أن يأمره بطريركه أو أسقفه بقبول الاعتراف بعد أن يثبت تأهله لتلك الرتبة .
1 – شروط التأهيل : أن يكون إيمانه حقاً .
2 – أن تكون أعماله ونسكياته وأخلاقه مطابقة لصحة عقيدته .
3 – أن يكون تعليمه مفيداً صحيحاً مُنجحاً، وقد عُرف بذلك وشُهد له .
4 – أن يكون للسرّ كتوماً. وكل ما يلقيه إليه المعترف به لا يتفوه به ولا يخطر بباله ويمحوه من صدره.
فإن باح به أو أطلع عليه زوجته أو ولده أو صديقه أو من يأنس إليه أو من يثق به. أو حصلت جفوة (جفاء أو اختلاف) بينه وبين المعترف عليه فأظهر أو تفوه بما اعترف عليه بعد مماته، لزم إسقاطه من كهنوته وحطه من درجته. فأن هذا باب عظيم لا يجب التساهل فيه ولا إهمال الأسقف له .
فيجب عليه ( أي الكاهن ) أنه مهما باشرة من الأمراض الخفيفة والكثيفة أن يدفنها في قلبه ( أي أسرار المعترفين وخطاياهم ) ولا ينشرها ويمسحها من سويداء قلبه ( أعماق قلبه الخفية ) ولا يُعرفها لأحد ولو أُكره عليها ولو أن يصل به الإكراه إلى القتل .فانه خير أن يهلك جسده ( ولكن ) لا يهلك نفسه وجسده معاً في نار جهنم .
5 – أن يكون له نشاط وقوة على الصوم والصلاة عن من يقبل اعترافه مضافاً إلى القيام بالصلوات المفروضة عليه وتجديد الاستغفار عنه ليلاً ونهاراً وفي كل قداس وقربان ويطلب عنه ببكاء والدموع المرة والتضرعات المتتابعة والأصوام المترادفة .
6 – أن تكون له تجربة بالزمان وأهله وبحوادثهم ومتجدداتهم ووقائعهم وتقلباتهم . ( بمعنى أنه يكون مواكب العصر ملماً بما فيه حتى يكون قادر على الإرشاد السليم بما يتناسب مع أمور الحياة اليومية )
7 – أن تكون له ( الكاهن ) فراسة جيدة صحيحة ( إفراز وتمييز) تدل على حال المعترف من حركاته وفلتات لسانه وشهواته وتقلباته وتغيير أحواله واختلافها، ويعلم من استقرائه أمور صِدقه وكذبه فيما يشكوه إليه من أمراضه ( أمراض الخطية )؛ فأن كثيرين من المعترفين يغلبهم الحياء على كتم بعض أمراضهم ( الخطية ) على كاهنهم ولاسيما المستقبحة (1) .
ومنهم من يخشى صعوبة الغيرة والأمانة في الاعتراف ومرارة الأدوية وعسر استعمالها (2) فلا يذكر خطاياه التي أخطأها إلى غيره ( يحتفظ بها في قلبه ) حذراً من أن يغلط كاهنه بالتفوه بها أو بالكتابة عنها أو بالتعريض بها والعياذ بالله، بالتصريح بها، فلا يذكر له كل هذه الأمراض المختلفة ويتجاوز عن بعضها (3) .
8 – أن يكون ( الكاهن ) كامل الحذق في طب النفوس وحفظ صحتها عليها ومداواة المرضى منها، بحسب أمزجة أبدانها ومكانها وزمانها واختلاف أحوالها، وأن يراعي في ذلك عوائد أربابها وملكتهم وما يتجدد في أحوالها وما يتغير من أخلاقهم، وما تحتمله نفوسهم وأبدانهم من الأدوية. ويقابل كل مرض بضده كما يفعل أطباء الأجسام ولا يصف لأحد دواء لا يقدر أن يسعفه .
9 – أن يطبب مريضه مجاناً ولا يقتني منه شيئاً من فوائد الدنيا ولا يقبل منه هدية ما دام هو معترفاً عليه .
10 – أن لا يُحابي من يطببه ولا يستحي منه بل يجابهه بالحق ويبكته بالوعظ والتأنيب أن كان محتملاً لذلك.

__________
(1) طبعاً مع الحذر من اقتحام الكاهن للنفس وإجبارها على الاعتراف قسراً ، لأن هذا يجعلها تنهار وتُجرح ، لابد من الحكمة والتدبير مع الصلاة والصوم كما أوصى الآباء .
(2) طبعاً أحياناً أن كان الكاهن لم يكن عنده الموهبة ومتمرساً في حياة قيادة النفوس بإخلاص عمل الروح القدس ن يعطي أدوية غير ملائمة للمعترف مما يؤدي إلى عثرته في الطريق وعدم القدرة على تتميم علاج الخطية واستكمال توبته ، فمثلاً إعطاء ميطانيات خارج قدرة الشخص مما يؤدي لعدم استكمال قانونه ، أو إعطاء صيام مفرط ... الخ ...

وأحياناً لا يقبل المعترف عموماً أي بذل أو حتى أي عمل روحي ، بل يخشى البذل والعطاء ... ، عموماً على الكاهن الذي له موهبة حقيقية من الله أن يُميز ويكون مدرباً في العلاج السليم من يد آباء سلموا له الخبرة .
(
3) كثيرين فقدوا الثقة في بعضاً من الكهنة بسبب إفشاء سرّ الاعتراف وبخاصة عند الأولاد من أعمار مختلفة ، إذ أحياناً الكاهن بسبب اندفاعه العاطفي -عن دون وعي أو دراية - يبيح أو يكشف بعضاً من الأمور للآباء وهذا منافي لهذا السر العظيم وعمله ككاهن ويجب أن يقف عن ممارسة سرّ الاعتراف لأنه خالف قانونه باندفاع عواطفه أو تحت حجة الإصلاح .


رد مع إقتباس