عرض مشاركة واحدة
بياناتي
 رقم المشاركة : ( 7 )
aymonded
ارثوذكسي ذهبي
رقم العضوية : 527
تاريخ التسجيل : Jun 2007
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 21,222
عدد النقاط : 58

aymonded غير متواجد حالياً

افتراضي رد: دراسة تفصيلية في الذبائح والتقدمات في الكتاب المقدس المقدمة العامة

كُتب : [ 05-30-2020 - 07:13 AM ]


(6) الفصح פֶּסַח (يوم القضاء والدينونة وانتهاء العبودية والدخول لعهد الحرية بدم الحمل) - بنو إسرائيل في مصر تحت المذلة وقسوة العبودية
بلا أدنى شك قد شاهد بني إسرائيل المصريين يقدمون الذبائح لآلهتهم، فعندما طلب موسى من فرعون أن يُطلق الشعب ليعيدوا في البرية [ونذبح للرب إلهنا] [1]، لم يتعجب أو يندهش فرعون عندما سمع عن الذبائح، بل سأل موسى مباشرة [من هم الذين يذهبون؟] [2]؛ ولما أراد فرعون أن تبقى الغنم والبقر، قال له موسى: [لا يبقى ظلف، لأننا منها نأخذ لعبادة الرب إلهنا] [3]
+ وطبعاً لا يُخفى عنا المغزى الروحي لبنيان حياتنا حينما نخرج من عالم العبودية لحرية مجد أولاد الله، فأننا لا نبقي شيئاً في أرض العبودية حتى لا يجعلنا نذكرها مرة أخرى أو يكون فيها ما يشغلنا، لأننا لا نترك شيئاً ورائنا ليشدنا للخلف لنعود للمذلة مرة أخرى: فقال له يسوع ليس أحد يضع يده على المحراث وينظر إلى الوراء يصلح لملكوت الله. [4]
وبعد ذلك – وفي آخر الضربات – ذبحوا الفصح פֶּסַח، حسب أمر الرب:
+ [وكلَّم الرب – يهوه יְהוהموسى وهرون في أرض مصر قائلاً: هذا الشهر يكون لكم رأس الشهور، هو لكم أول شهور السنة. كلما كل جماعة إسرائيل قائلين في العاشر من هذا الشهر يأخذون لهم كل واحد شاة بحسب بيوت الآباء شاة للبيت (لكل بيت). وإن كان البيت صغيراً عن أن يكون كفوا لشاة (أو أقل من أن يقدروا على أكل شاه) يأخذ هو وجاره القريب من بيته بحسب عدد النفوس كل واحد على حسب أكله تحسبون للشاة (فليُشارك فيه جاره القريب من منزله حتى يجتمع عليه عدد من النفوس يكفي لأكل خروف كامل). تكون لكم شاة صحيحة ذكراً ابن سنة تأخذونه من الخرفان أو من المواعز. ويكون عندكم تحت الحفظ إلى اليوم الرابع عشر من هذا الشهر ثم يذبحه كل جمهور جماعة إسرائيل في العشية. ويأخذون من الدم ويجعلونه على القائمتين العتبة العليا في البيوت التي يأكلونه فيها. ويأكلون اللحم تلك الليلة مشوياً بالنار مع فطير على أعشاب مرة يأكلونه. لا تأكلوا منه نيئاً أو طبيخاً مطبوخاً بالماء بل مشوياً بالنار، رأسه مع أكارعِه وجوفه. ولا تبقوا منه إلى الصباح، والباقي منه إلى الصباح تحرقونه بالنار. وهكذا تأكلونه:أحقاؤكم مشدودة وأحذيتكم في أرجلكم وعصيكم في أيديكم وتأكلونه بعجلة (مسرعين) هو فصح للرب] [5]
وبعد ذلك ذبحوا الفصح – حسب أمر الرب – ورشوا الدم على القائمتين والعتبة العُليا، فعبر الملاك المهلك عنهم حسب وعد الرب: [فأرى الدم وأعبر عنكم] [6]
كلمة " فصح פֶּסַח بيسخ pesach، وباليونانية πασχα (بصخة) Passover، معناها عبور أو تجاوز، ومعناها الذي نستشفه من كلام الله حسب قصده من هذه الكلمة (هو فصح للرب
بمعنى أنه ليس مجرد وليمة عادية طبيعية للأكل والشرب لأجل حاجة الجسد، يشترك في أكلها مقدموها، ولكن هذا الحمل المذبوح [يخص الرب] الذي سيجتاز في أرض مصر تلك الليلة، ويضرب كل بكر فيها من الناس والبهائم؛ ودم هذا الحمل (فصح الرب) المرشوش على بيوت بني إسرائيل هو العلامة التي يراها الرب في اجتيازه (اجتياز دينونة وحكم الموت) فيعبر عنهم ويُخلّصهم من ضربة الهلاك والموت. فهو عبور أو فصح للرب الذي نجاهم من الموت وصار سبب حريتهم، [لأن الذي ينفذ فيه حكم الموت لا يموت مرة أخرى، لأن الدم يعبر عن الحياة وسفكه يعتبر موت حتمي: فَإِنَّ الْمَسِيحَ أَيْضاً تَأَلَّمَ مَرَّةً وَاحِدَةً مِنْ أَجْلِ الْخَطَايَا، الْبَارُّ مِنْ أَجْلِ الأَثَمَةِ، لِكَيْ يُقَرِّبَنَا إِلَى اللهِ، مُمَاتاً فِي الْجَسَدِ وَلَكِنْ مُحْيىً فِي الرُّوحِ؛ عَالِمِينَ أَنَّ الْمَسِيحَ بَعْدَمَا أُقِيمَ مِنَ الأَمْوَاتِ لاَ يَمُوتُ أَيْضاً. لاَ يَسُودُ عَلَيْهِ الْمَوْتُ بَعْدُ – 1بطرس 3: 18؛ رومية 6: 9]

ومن هنا نجد أن لهذا الفصح مكانة خاصة جداً في الكتاب المقدس، بكونه عبور واجتياز الموت، أي عبور من الحياة القديمة للحياة الجديدة، لذلك نجد أن اليهود يحتفلون بهذا العيد تذكاراً خالداً لهم، يعيدونه في كل الأجيال عيداً للرب وفريضة أبدية لتذكار خلاص الشعب من العبودية في أرض مصر، وهذا هو أول ذِكر لأول عيد يفرضه الرب للاحتفال به فريضة أبدية، لأنه عيد الحرية، وهذا العيد ليس بالعيد العادي بل رأس السنة الجديدة التي يختلف تحديدها عن تحديد العالم كله واحتفاله ببدء سنته الجديدة، لأن فيه تطلع إلى الخلاص على يد المسيا الآتي الذي يصنع عهد حرية حقيقي وأبدي، وهذا ما قاله الرب يسوع فصحنا الحقيقي: [فأن حرركم الابن فبالحقيقة تكونون أحراراً][7]

فتحديد السنة هو تحديد بأمر إلهي باعتبار أن خلاص الإنسان بداية لتاريخه الجديد، لأن حياة الإنسان ليس لها وجود حقيقي إلا بخلاصه من موت الخطية وتحرره من مذلة إبليس الذي تسلط بالظلمة على النفس وذلك بتوسط دم حمل الله رافع خطية العالم [الله الذي هو غني في الرحمة، من أجل محبته الكثيرة التي أحبنا بها، ونحن أموات بالخطايا أحيانا مع المسيح (بقيامته).. لأننا نحن عمله، مخلوقين في المسيح يسوع لأعمال صالحة قد سبق الله فأعدها لنا لكي نسلك فيها] [8]

ويشرح القديس أغسطينوس كلمة (فصحبصخة) رابطاً بينها وبين حمل الله الذي أنقذنا من سلطان الظلمة وسيادة الموت وعَبر بنا إلى سلطان النور وقوة الحياة لملكوت مجد لا يزول، فيقول:
["بصخة" – ليست كما يظن البعض – أنها كلمة يونانية الأصل، ولكنها كلمة عبرية، ومع ذلك فإنه يوجد توافق شديد في معنى هذه الكلمة في كلتا اللغتين. فمن حيث الكلمة اليونانية παθεν التي تعني: "يتألم"، فقد اعتقدوا أن كلمة "بصخة" تعني "التألم"، كما لو كان الاسم قد أُشتق من الفعل يتألم. ولكن الكلمة في لغتها الأصلية – أي العبرية – بصخة تعني العبور، لأن شعب الله كان قد احتفل بالبصخة للمرة الأولى عندما عبروا البحر الأحمر في هروبهم من مصر. والآن تم الرمز النبوي وصار حقيقة عندما سيق المسيح كحمل إلى الذبح، حتى بدمه المرشوش على قوائم أبوابنا، أي بإشارة صليبه المرسوم على جباهنا يمكننا أن ننجو من الهلاك الذي ينتظره هذا العالم، مثل إسرائيل بنجاته من عبودية المصريين وإهلاكهم. وأصح عبور نعمله هو حينما نعبر من تبعية الشيطان إلى المسيح، ومن هذا العالم غير المستقر إلى ملكوته الثابت إلى الأبد. وهكذا فإننا بكل تأكيد يستحيل علينا أن نعبر إلى الله الدائم إلى الأبد ما لم نترك هذا العالم الزائل[9].
والرسول في تمجيده لله من أجل هذه النعمة التي أنعم بها علينا يقول: "الذي أنقذنا من سلطان الظلمة، ونقلنا إلى ملكوت ابن محبته" (كولوسي 1: 13)
هذا الاسم "بصخة" الذي تكلمت عنه، يُطلق عليه باللاتينية Transitus أي عبور، ويفسره لنا الإنجيلي المبارك (يوحنا) عندما يقول: "أما يسوع قبل عيد الفصح، وهو عالم أن ساعته قد جاءت لينتقل من هذا العالم (بصخة) إلى الآب" (يوحنا 13: 1). وترون هذا أننا أمام بصخة وعبور (ينتقل). فمن أين وإلى أين نعبر؟ - من هذا العالم إلى الآب. وهكذا أُعطي الرجاء للأعضاء في رأسهم (أي المسيح رأس الكنيسة) أنهم بدون أدنى شك سوف يتبعون ذاك الذي عبر أمامهم.
وماذا عن غير المؤمنين الذين انفصلوا تماماً عن هذا الرأس وأعضائه؟ ألا يعبروا هم أيضاً، نظراً إلى أنهم لن يبقوا هنا دائماً؟
إنه من الواضح أنهم سيعبرون، ولكن هناك عبور من العالم، وعبور آخر مع العالم؛ فالعبور إلى الآب شيء، والعبور إلى العدو شيء آخر. فالمصريون أيضاً عبروا، ولكنهم لم يعبروا البحر إلى المملكة؛ بل عبروا في البحر للهلاك] [10]

ويقول الشهيد يوستين (165م): [إن الذين خلصوا من شعب إسرائيل في مصر إنما خلصوا بدم الفصح الذي مسحوا به قوائم أبوابهم وأعتابهم، لأن الفصح كان المسيح الذي ذُبح فيما بعد! فكما أن دم الفصح خلَّص الذين كانوا في مصر، هكذا دم المسيح يحفظ من الموت الذين يؤمنون به. ولكن هل هذا يعني أنه إذا لم تكن هذه العلامة موجودة على الأبواب كان الله يُخطئ في معرفة (الذين له)؟ كلا، ولكن هذه العلامة كانت استعلاناً مسبقاً عن الخلاص الذي سيتم بدم المسيح الذي به يخلّص جميع الخطاة في كل الأمم عندما يتقبلون الصفح عن خطاياهم ولا يعودون يخطئون] [11]

ويؤكد القديس هيبوليتس (235م) نفس هذا المفهوم قائلاً: [إن الدم عندما مُسح به كعلامة صار هو السرّ القائم في ختم دم المسيح. نعم إن هذه العلامة لم تكن هي ذات الحقيقة بعد ولكنها مثال للحقيقة الآتية: أن كل الذين يأخذون هذا الدم ينطبع على نفوسهم، كما حدق وانطبع على بيوت اليهود عندما مُسحوا به كأمر الناموس، فكل الذين (أخذوا هذه المسحة) يعبر عنهم الهلاك.
فالدم كعلامة هو الخلاص، كما كانت على البيوت كذلك على النفوس، لأن النفوس بالإيمان وبالروح القدس ما هي إلاَّ بيوت (هياكل) مقدسة. هذا هو سرّ البصخة العامة (العبور) للعالم كله] [12]
============================
[1] (خروج 5: 1-3؛ 7: 16)
[2] (خروج 10: 8)
[3] (خروج 10: 26)
[4] (لوقا 9: 62)
[5] (خروج12: 1 11)
[6] (خروج12: 13)
[7] (يوحنا 8: 36)
[8] (أفسس 2: 4 و5 و10)
[9] كما ترك شعب إسرائيل مصر خلفهم وعبروا البحر إلى البرية
[10] (On the Gospel of St. John, Tractate LV)
[11] (أنظر شرح سفر الخروج – دير القديس أنبا مقار ص 238)
[12] (أنظر شرح سفر الخروج – دير القديس أنبا مقار ص 239)

رد مع إقتباس