عرض مشاركة واحدة
بياناتي
 رقم المشاركة : ( 18 )
aymonded
ارثوذكسي ذهبي
رقم العضوية : 527
تاريخ التسجيل : Jun 2007
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 21,222
عدد النقاط : 58

aymonded غير متواجد حالياً

افتراضي رد: طالب مساعدة ربي

كُتب : [ 01-21-2009 - 10:22 AM ]


أحب أضيف موضوع كتبته سابقاً على صفحات المنتدى
وهو عن الألم وتعذيب الجسد نظرة مشوهة لصليب ربنا يسوع :
________________

ربنا يسوع المسيح حينما مات على عود الصليب وقدم نفسه ذبيحة كاملة لأجلنا نحن الذين تهنا وسُبينا في الشر الذي تبعه الفساد ، ولم يعد لنا قيام أو شركة مع الله الذي أحبنا ، فطُمست فينا صورته التي خلقنا عليها ، فتشوه طبعنا وصرنا في حالة موت وانفصال عن مصدر وينبوع الحياة ؛ لم يمت من أجل أن يُعيد لله كرامة أهانها بشر ، لأن الله فوق أن يُمس من إنسان أو يفقد أي كرامة – حاشا – ولا من أجل التعويض لما صنعه الإنسان من انفصاله عن الله بحرية اختياره ...

فالكنيسة الواعية بالروح القدس التي تذوقت عمق خبرة الصليب كشركة في روح القيامة تقول وتُعبر عن مجد الصليب:
إن صليبك هو حياة وقيامة لشعبك


فالصليب لا يمكن أن يُأخذ شعار لحياة تُمجد الألم والفشل كقاعدة حياة ، ولا يمكن أن يتحول لنظرة سادية وماسوشية تتخيل أن الله إلهاً مُخيفاً يُسرّ بعذاب ابنه الوحيد وترضية آلام البشر ...

ولا يمكن أن تُأخذ الآية : " حينئذ قال يسوع لتلاميذه إن أراد احد أن يأتي ورائي فلينكر نفسه و يحمل صليبه و يتبعني (مت 16 : 24) ؛ على أنها إشارة إلى ضرورة تعذيب الإنسان لنفسه إذا أراد أن يكون تلميذاً حقيقياً ليسوع . ( وسنشرح المعنى المقصود بدقة في الأجزاء القادمة من بحثنا الصغير هذا )

والمشكلة أن هناك مَن ذهب للتأويل أن التعذيب مطلوب للجسد ، وقد ركز الكثيرين على أن الصيام هو تعذيب للجسد ، وهذا أدى عند البعض – وليس الكل طبعاً – بأن تعذيب الإنسان لجسده فرض واجب لا تستقيم بدونه الحياة المسيحية ...

أولاً خطأ تأويل ضرورة حمل الصليب كتعذيب للجسد :


هذا التأويل في تحوير معنى الآية في غير موضوعها (فلينكر نفسه و يحمل صليبه و يتبعني ) يجعل الإنسان يُقسم لجزأين :
نفس وجسد
واعتبار ( النفس ) هي مبدأ الخير فيه ، وال ( جسد ) مبدأ الشرّ وينبوعه

هذه الفكرة أصلاً مستمدة من الفلسفة اليونانية والمسيحية كلها بريئة منها :
فقد كان فيثاغوروس ( فيلسوف يوناني ) يتلاعب بالألفاظ ، ليُعلن أن الجسد ( Soma ) إنما هو بالحقيقة سجن ( Sema ) للنفس ، وقد امتدت نظرته هذه إلى أفلاطون ثم إلى الأفلاطونية المستحدثة ورائدها أفلوطين ، الذي قال عنه تلميذه فورفيروس أنه كان يخجل من وجدوده بالجسد إلى حدّ رفضه بأن يوضع له رسم .

ولكن الكتاب المقدس يرفض فكرة أن الجسد سجن النفس أو لابد من تعذيبه لكي تسمو النفس أو تخلُص ، وذلك لأن الإنسان كياناً موحداً يقبل الله بكليته أو يرفض الحياة مع الله بكليته ، أما بالنسبة للخطية ليست مجرد عمل جسدي لا وجود للنفس فيه أو روح الإنسان ، بل هي موقف كياني يُشير إليه أكل الثمرة في سفر التكوين كنوع من أنواع المعارضة مع وصية الله وعدم الطاعة ...

فقد فسرت أكل الثمرة خطأ ، حين صُنفت فيما بعد بنوعها (( تفاحة )) واتخذت خطأ رمزاً خطأ للمعاشرة الجنسية بين آدم وحواء وهذا محض افتراء لا علاقة له بالكتاب المقدس لا من قريب ولا من بعيد ...

فقالت الحية للمرأة لن تموت بل الله عالم انه يوم تأكلان منه تنفتح أعينكما و تكونان كالله عارفين الخير و الشر ( تك 3: 4- 5 )
الخطية كما صورها الكتاب المقدس : هو أن يقرر الإنسان بنفسه وبمعزل عن الله ما هو الخير وما هو الشرّ ، أي بعبارة أخرى :
يُنصب نفسه إلهاً ومحور لوجوده الذاتي دون الله أو في انعزال عنه أي :
تكونان كالله عارفين الخير و الشر

وخطأ الاعتقاد بأن الجسد هو مبدأ الشرّ في الإنسان يتضح لنا بوضوح شديد جداً في تجسد الكلمة " والكلمة صار جسداً .. " ( يو 1: 14 )
وقد نادت الكنيسة لا بخلود النفس على طريقة الإغريق بل بقيامة الأجساد ، وهذا ما رفضه حكماء اليونان عندما بشرهم القديس بولس الرسول في أريوس باغوس : " و لما سمعوا بالقيامة من الأموات كان البعض يستهزئون و البعض يقولون سنسمع منك عن هذا أيضا " ( أعمال 17: 32 )

وقد رفضت الكنيسة البدعة الدوسيتية التي قالت : إن جسد المسيح كان مجرد صورة ليس إلا ، كما رفضت تماماً المذاهب الغنوسية التي اعتبرت كالمانوية إن الجسد هو عنصر الشرّ في الإنسان ...

و بالإجماع عظيم هو سر التقوى الله ظهر في الجسد تبرر في الروح تراءى لملائكة كرز به بين الأمم اؤمن به في العالم رفع في المجد (1تي 3 : 16)
بهذا تعرفون روح الله كل روح يعترف بيسوع المسيح انه قد جاء في الجسد فهو من الله (1يو 4 : 2)
و كل روح لا يعترف بيسوع المسيح انه قد جاء في الجسد فليس من الله و هذا هو روح ضد المسيح (1يو 4 : 3)
لأنه قد دخل إلى العالم مضلون كثيرون لا يعترفون بيسوع المسيح آتيا في الجسد هذا هو المضل و الضد للمسيح (2يو 1 : 7)

وفي النهاية أقدر أن أقول مع القديس بولس الرسول :
مع المسيح صلبت فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا في فما أحياه الآن في الجسد فإنما أحياه في الإيمان إيمان ابن الله الذي أحبني و اسلم نفسه لأجلي (غل 2 : 20)

يقول القديس أموناس تلميذ الأنبا أنطونيوس في الرسالة الأولى موضحاً أن العلاقة مع الله بالجسد أي بكيان الإنسان كله وليس جزءً منه :
[ ها أنا أرى أن أجسادكم هي من فوق وهي حية . لأن الإنسان إذا كان جسده حياً فإن الرب يعطيه ميراثاً ويحصيه مع " ورثة الرب " ويكافئه عن كل أعماله لأنه حرص على حفظ كل كيانه حياً ليُحصى في ميراث الرب . ] ( عن رسائل القديس أموناس – تعريب القمص متياس فريد 1984 )