عرض مشاركة واحدة
رقم المشاركة : ( 1 )
الصورة الرمزية aymonded
aymonded
ارثوذكسي ذهبي
aymonded غير متواجد حالياً
 
رقم العضوية : 527
تاريخ التسجيل : Jun 2007
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 21,222
عدد النقاط : 58
قوة التقييم : aymonded will become famous soon enough
Tongue اورة ميلاد - اتجاهين في التربية (2)

كُتب : [ 07-09-2007 - 09:02 PM ]



هناك اتجاهين في التربية: الاتجاه الأول هوَّ اعتبار الولد وسيله، والثاني هو اعتبار الولد غاية.

أولاً: اعتبار الولد وسيلة:

نحن كثيراً بلا وعي أو شعور نجرد أبنائنا من شخصيتهم، ونحولهم لشيء ندّعي امتلاكه. وكثيراً ما نرى أبناء تأذوا من حب آبائهم وتفانيهم لدرجة إن والديهم يخططون ويرسمون حياتهم بدقة ويستمروا في النصح وإملاء أرائهم على أولادهم للتنفيذ وليس مجرد رأي بل أجبار على التنفيذ ( مثل المأكل والملبس والمدرسة والأصدقاء و طريقة المذاكرة الخ)، وان لم يستجيب الولد لرأي الأهل وتنفيذ ما يملون عليه فأن العقاب في أشد صوره هوَّ ما ينتظره ولا يوجد بديل عنه، لأن الوالدين دائماً على صواب ويعرفون تماماً مصلحة الأولاد، ولا يُعطوا للولد فرصة أبداً أن ينمو وفق طبيعته كشخصية مستقلة لهُ رأيه في حياته وله الحق أن يرسم مستقبله في كل مرحله حسب سنه بتوجيه والديه وليس بإجبار والديه، ودائماً لا نضع لآراء أبنائنا أي اعتبار أو اهتمام، وكأن ليس لرأيهم أي قيمة لأنهم صغار لا يستطيعوا أن يستوعبوا أو يدركوا مصلحتهم، فنحن الأفضل في الاختيار وإبداء الرأي...

كثيراً جداً لا ننتبه إلى أنانيتنا المستترة، لأننا نجد أفضل المبررات ونعتقد حسن النية في أنفسنا، ونثق في حكمتنا بحكم أننا الكبار والأهل ولنا الخبرة بسبب أننا أدرى بأمور الحياة، ولنا القدرة على التمييز ومعرفة الأشياء، وأننا نعمل لصالح أولادنا وخيرهم وبنائهم بناء سليم، أما هم فليسوا على مستوى الحكمة أو المعرفة المطلوبة، أو المسئولية لأنهم صغار لا يفهمون أو يدركون...الخ.

ولهذا الموقف مظاهر متنوعة منها على سبيل المثال لا الحصر:

1- اتخاذ الولد فرصة لإشعار الأهل بأنهم مهمون وضروريين، لأن شعورنا بوجود أحد في حاجة ألينا يجعلنا نشعر بأهميتنا ويُشبع ويُرضي نفوسنا وهذا ليس بعيب، ولكن العيب والخطورة هوَّ إذا زاد عن الحد المطلوب، فبدلاً من مساعدة الطفل على تجاوز هذه المرحلة أي مرحلة مساعدة الأهل، والاعتماد عليهم، ينزلق الأهل إلى استغلال تبعية الولد لأهله لتأكيد ذاتهم وان الولد لا يستطيع أن يستغنى عن آرائهم وأفكارهم وتوجيهاتهم... الخ، فهناك شعور دفين في أعماق الوالدين بأن أبنائهم كلما نموا وازدادت طاقتهم على تدبير أمورهم بأنفسهم، وقوى شعورهم باستقلالهم الشخصي‘ يفلتوا من أيديهم، وينتابهم جزع نابع من أحساس بفقدان أهميتهما.

والخطورة تكمن هنا في توقف الطفل عن نموه النفسي وقدرته على التصرف تجاه المجتمع، بمعنى آخر شخصيه ضعيفة لا تقوى على المواجهة؛ فيبقى حتى بلوغه المراهقة طفلاً بعاطفته تابعاً للوالدين لا يجرؤ على القيام بأية مبادرة من تلقاء ذاته ولا يستطيع أن يتطلع خارج الأسرة أو يصنع علاقات خارج نطاق الأسرة، وللأسف الشديد أن الأهل يُسرّون بوضع كهذا ويتباهون بأن ولدهم "عاقل" وقد نجحوا في تربيته تربيه عائليه سليمة 100% معتبرين تبعيته "طاعة" وخجله "تأدباً" وبلادته "هدوءاً"، غير مدركين أنهم فشلوا في مهمتهم التربوية فشل زريع، لأنهم جعلوا من ابنهم كائناً لم تُكتمل إنسانيته غير قادر على شق طريقه في عالم الراشدين وعلى مواجهة صعاب الحياة، وقد يتأخر هذا الولد في دروسه وذلك بسبب أنه ينتقم بصورة غير واعية من والديه الذين سلباه حقه في استقلاله الشخصي وإعطائه الفرصة في التحكم في مستقبله، وبذلك يُقلق والديه ويذلهم بعجزه وتقصيره بتخلفه المدرسي.

ملحوظة : لا بد لنا أن ننتبه أن الحماية المفرطة لأولادنا، وإن كانت تتخذ لنفسها شتى المبررات، إنما تُرضي عادة رغبة خفية لدى الوالدين بامتلاك أبنائهم، فتُصيب الأولاد بضرر بالغ إذ تجعلهم ليس لديهم ثقة في أنفسهم وتجعلهم دائماً يتكلوا على الوالدين أو أي شخص آخر في حكم الوالدين، وعند البلوغ يجعلوا دائماً كل من هو أكبر في السن أو في الحالة الاجتماعية (كمدير أو ناظر أو مهندس ، أي شخص أعلى) جدير بالاتكال عليه، والمصيبة أيضاً عند الزواج، وهيَّ الرغبة في زواج من هوَّ أكبر في السن ، أو المستوى الاجتماعي... الخ

طبعاً فيه زيجات ناجحة جداً رغم فرق السن، ولكن المقصود هنا هوَّ اللجوء للأكبر سناً كعوز نفسي كاحتياج لمن هوًّ اكبر ليقوده ويعفيه من المسؤولية لأنه يحتاج من يحميه لأن أهله لم يعطوه القدرة على الاستقلال وتحمل المسئولية بسبب خوفهم المبالغ فيه، فهو دائماً في احتياج لمن يرفع عنه المسئولية.


وللحديث بقية
النعمة معكم جميعاً آمين



رد مع إقتباس
Sponsored Links