عرض مشاركة واحدة
رقم المشاركة : ( 1 )
الصورة الرمزية aymonded
aymonded
ارثوذكسي ذهبي
aymonded غير متواجد حالياً
 
رقم العضوية : 527
تاريخ التسجيل : Jun 2007
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 21,222
عدد النقاط : 58
قوة التقييم : aymonded will become famous soon enough
لي النقمة أنا أجازي - كلمات آبائية لأجل الأحداث الأخيرة

كُتب : [ 01-10-2010 - 01:02 PM ]


وبما أنني أعرف أيها الأخوة الأحباء ، أن الكثير منكم يتمنون أن يُنتقم لهم بسرعة ، سواء بسبب ثقل إصابتهم الضاغطة ، أو بسبب الإستياء من أولئك الذين يهاجمونهم ، ويهتاجون ضدهم ، يجب أن أحذركم أنه يجب علينا - عندما نجد أنفسنا في هذه العواصف التي للعالم المضطرب ، وفي وسط إضطهادات من اليهود أو الوثنيين أو الهراطقة - أن ننتظر بصبر يوم الإنتقام .
لا يجب أن نستعجل الثأر لآلامنا بسرعة غاضبة ، لأنه مكتوب : " انتظروني يقول الرب ، إلى يوم أقوم كشاهد ، لأن حكمي هو أن أجمع الأمم وأحشد الممالك لأصب عليهم حنقي " (صف 8:3).

فالرب يأمرنا بأن ننتظر ونتحمل بصبر شديد إلى يوم الإنتقام الآتي . ويقول أيضاً في سفر الرؤيا : " لا تختم على أقوال نبوة هذا الكتاب لأن الوقت قريب . من يظلم فليظلم بعد ، ومن هو نجس فليتنجس بعد ، ومن هو بار فليتبرر بعد ، ومن هو مقدس فليتقدس بعد ، وها أنا آتي سريعاً وأجرتي معي لأجازي كل واحد كما يكون عمله " (رؤ 22).
لذلك حتى الشهداء عندما يصرخون ويستعجلون العقاب في شدة آلامهم ، يُطلَّب منهم أيضاً الإنتظار بصبر حتى يتحقق الوقت المعيَّن ، ويكمل عدد الشهداء . فيقول: " فلما فتح الختم الخامس نظرت تحت المذبح نفوس الذين قتلوا من أجل كلمة الله ومن أجل الشهادة التي كانت عندهم وصاحوا بصوت عظيم قائلين حتى متى أيها السيد القدوس والحق لا تنتقم لدمائنا من الساكنين على الأرض فأعطوا كل واحد ثياباً بيضاً وقيل لهم أن يستريحوا زماناً يسيراً أيضاً حتى يكمل العبيد رفقاؤهم وإخوتهم أيضاً العتيدون أن يقتلوا مثلهم " (رؤ 16).
لكن عندما يأتي وقت الإنتقام الإلهي لدم الأبرار، يُعلن الروح القدس بواسطة ملاخي النبي: " فهوذا يأتي اليوم المتقد كالتنور وكل المستكبرين وكل فاعلي الشر يكونون قشاً ويحرقهم اليوم الآتي قال رب الجنود " (ملا4). ونقرأ أيضاً في المزامير، أنه يجب توقير مجيئ الله الديان بسبب جلال عظمة دينونته : " يأتي إلهنا ولا يصمت. قدامه نار آكلة وحوله عاصفة شديدة. ينادي السماء من فوق والأرض ليدين شعبه: إجمعوا لي أصفيائي الذين بالذبيحة قطعوا عهدي، السموات تخبر لعدله لأن الله هو الديان " (مز50). وإشعيا يتنبأ بنفس الأمر قائلاً: " لأنه هوذا الرب بالنار يأتي ومركباته كالزوبعة ليرُدَّ بحمو غضبه وزجره بلهيب نار، لأن الرب بالنار والسيف يُحاكم كل بشر " إش 66)، وأيضاً : " الرب كجبار يبرز وكرجل قتال يُثير غيرته، ويصرخ ويزعق ويتجبر على أعدائه : سكت مُطولاً وصمت، ولن أبقى صامتاً ابداً! " (إش 42 س).
لكن من هو ذلك الذي يقول أنه كان صامتاً في السابق ، ولن يكون صامتاً دائماً ؟ بالتأكيد هو ذاك الذي كشاة تساق إلى الذبح وكنعجة صامتة أمام جازيها لم يفتح فاه (إش 53). بالتأكيد هو ذاك الذي لا يصيح ولا يرفع ولا يسمع أحد في الشوارع صوته (إش 42) . بالتأكيد هو ذاك الذي لم يعاند وإلى الوراء لم يرتد عندما بذل ظهره للضاربين وخديه للنَّاتفين ولم يستر وجهه عن العار والبصق (إش 50). هو ذاك الذي لم يُجاوب بشيء عندما إتهموه الكهنة والشيوخ (مت 26)، ولدهشة بيلاطس بقي صامتاً محتملاً في صبر (مت 27). هو ذاك الذي بالرغم من أنه كان صامتاً في آلامه ، لن يكون صامتاً في يوم الحساب . أنه إلهنا ، أي الإله الغير معترف به من الكل ، بل من المؤمنين ، وعندما يأتي مظهراً ذاته في مجيئه الثاني ، لن يكون صامتاً . لأنه بالرغم من أنه كان مخفياً في تواضع في مجيئه السابق ، إلا أنه سوف يأتي متجلياً في قوته .

أيها الأخوة الأحباء، هذا هو الديَّان والمنتقم الذي يجب أن ننتظره ، الذي عندما ينتقم لنفسه سينتقم لنا نحن شعب كنيسته ولكل الأبرار من بداية العالم . ليت ذلك الذي يسرع ويستعجل كثيراً إنتقامه الخاص يراعي أن ذاك الذي وحده له النقمة لم ينتقم لذاته بعد .

ما أعجب يسوع ربنا ، وياله من صبر عظيم ، أن ذاك الممجد في السماء لم يُنتقَّم له بعد على الأرض ! فلنفتكر في صبره - أيها الأخوة الأحباء - في إضطهاداتنا ومعاناتنا . ولنظهر الطاعة الكاملة الملهمة بتطلعنا لمجيئه ، ودعنا لا نتعجل وندافع عن أنفسنا قبل الرب بإستعجال عبد أثيم ، بل بالأحرى نُثابر ونُجاهد ساهرين بكل قلوبنا ونكون صامدين حتى النهاية ، ولنتيقظ للعمل بوصايا الرب حتى عندما يأتي يوم الغضب والإنتقام لا نُعاقب مع الأشرار بل نُكرَّم مع الأبرار .

القديس كبريانوس الأسقف والشهيد
Fathers of the Church Series, Vol. 23, Cyprian Treaties, Catholic University of America



رد مع إقتباس
Sponsored Links