عرض مشاركة واحدة
بياناتي
 رقم المشاركة : ( 5 )
aymonded
ارثوذكسي ذهبي
رقم العضوية : 527
تاريخ التسجيل : Jun 2007
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 21,222
عدد النقاط : 58

aymonded غير متواجد حالياً

افتراضي رد: لماذا احتاج للصلاة موضوع هام لبداية واستمرار ونمو حياتنا الروحية

كُتب : [ 09-20-2018 - 05:43 PM ]


(4) الصلاة في الإيمان المسيحي
الصلاة في حقيقة الإيمان المسيحي الحي، ليست عمل طقسي كفرض لإرضاء الله أو استعطافه، أو لأجل النجاة من الدينونة خوفاً من العقاب الإلهي، أو الحصول على بركات خاصة نبحث ونفتش عنها، إنما هي – كما سبق ووضحنا – حركة شوق متبادل بين طرفين، فيها نداء أبوة واستجابة بنوة، وهذا كله يتم في الأساس لا على قناعة عقل ولا تأثيرات خارجية ولا نفسية، بل على مستوى الداخل بتأثير روحي عميق من الله بالروح القدس، وتُترجم – في واقعها – للقاء أبوي في حضرة مجيدة مملوءة من النور الإلهي.
· يا راعي إسرائيل اصغِ، يا قائد يوسف كالضأن، يا جالساً على الكروبيم أشرق (مزمور 80: 1) · فقال جاء الرب من سيناء وأشرق لهم من سعير وتلألأ من جبال فاران، وأتى من ربوات القدس وعن يمينه نار شريعة لهم. (تثنية 33: 2)
· من صهيون كمال الجمال، الله أشرق. (مزمور 50: 2)
· نور أشرق في الظلمة للمستقيمين هو حنان ورحيم وصديق. (مزمور 112: 4)
· لأن الله الذي قال ان يُشرق نور من ظلمة هو الذي أشرق في قلوبنا لإنارة معرفة مجد الله في وجه يسوع المسيح. (2كورنثوس 4: 6)
· أرِيِني وَجْهَكِ، أَسمِعيِنِي صَوْتَكِ، لأَنَّ صَوْتَكِ لَطِيفٌ وَوَجْهَكِ جميل (نشيد 2: 14)
· فاض قلبي بكلام صالح متكلم أنا بإنشائي للملك، لساني قلم كاتب ماهر (مزمور 45: 1)
والصلاة على هذا المستوى
ليست مجرد كلمات نرددها أو كلمات محفوظة نُلقيها أمام الله في مخادعنا أو ألفاظ رنانة ننطقها، بل هي تعبير إرادي عن شوق اللقاء مع إلهي الحي، والدخول في حالة الأبدية والاتحاد السري بشخصه القدوس، وبسبب ذلك فأنه ليس من المهم في الصلاة كثرة الكلمات وبلاغتها وطولها أو قِصرها أو جمال تعبيراتها، بل المهم أن تكون بسيطة خارجة من القلب بحرية بساطة أولاد الله، صادرة تلقائياً بتركيز دون تكرار الكلمات، وبدون ضجة أو جهد مبذول لأجل استحضار الكلمات وتركيب العِبارات، أو الاهتمام بمن سيسمعها من حولي (إذا كنت في اجتماع الصلاة)، أي ينبغي أن تكون صادرة – طبيعياً – من داخل القلب الطالب الله كشخص حي وحضور مُحيي، كأب وملك وحبيب النفس الخاص، والصلاة هنا ينبغي أن تكون – بطبيعة الحال – بفهم أي بوعي وإدراك تام وكامل، لأن: الرب من السماء أشرف على بني البشر لينظر: هل من فاهم طالب الله. (مزمور 14: 2)
يقول القديس باسيليوس الكبير:
الصلاة هي سؤال ما هو صالح، ويقدمها الأتقياء إلى الله. ولكننا لا نحصر هذه "الصلاة" فقط في حدود ما نذكره بالكلمات.. فلا ينبغي أن نُعبِّر عن صلاتنا بواسطة مقاطع الكلام فقط، بل ينبغي أن يُعبّر عنها بالموقف الأخلاقي والروحي لأنفسنا، وبالأعمال الفاضلة التي تمتد خلال حياتنا كلها.. هذه هي الطريقة التي تصلى بها بلا انقطاع – ليس بأن تقدم الصلاة بالكلام – بل بأن توحد نفسك بالله خلال كل مسيرتك في الحياة، حتى تصير حياتك صلاة واحدة متواصلة وبلا توقف[1].
والصلاة بهذا الحال ليست مجرد كلام،
بل تحتاج لتوبة أولاً يُصاحبها الإيمان ومن ثمَّ حياة التقوى، وأيضاً تحتاج – لكي تقوى ويكون لها فاعلية كاملة تامة – لقلب مشتعل برغبة أن يمتلئ بالحضور الإلهي، ويظل يتشرب منه إلى أن ينعكس عليه في واقع حياته المُعاشه، فيصير هو نفسه نور للعالم وملح الأرض، بل ويستمر ينهل من الحضرة الإلهية ولا يشبع منها أبداً، لأن من منا على مستوى الجسد يشرب مشروباً حلواً ولا يشتهي أن يستمر يشرب منه ولا يتوقف أبداً، لأنه بطبيعة الحال يعطش إليه دائماً، ويُريد ان يكرر شربه على الدوام.
· وحينما تصلون لا تكرروا الكلام باطلاً كالأمم، فأنهم يظنون أنه بكثرة كلامهم يستجاب لهم؛ خذوا معكم كلاماً وارجعوا إلى الرب، قولوا له أرفع (انزع) كل إثم واقبل حسناً (أقبلنا بفائق رحمتك) فنقدم عجول شفاهنا (نقدم شكر وحمد كذبيحة).
· الساكن في ستر (قدس أقداس) العلي، في ضل القدير يبيت (تعبير عن الحضرة الإلهية). أقول للرب ملجأي وحصني إلهي فاتكل عليه (أَنْتَ مَلْجَأي وَحِصْنِي، إِلَهِي الَّذِي بِهِ وَثِقْتُ). لأنه يُنجيك من فخ الصياد ومن الوباء الخطر. بخوافيه (بِرِيشِهِ النَّاعِمِ) يظللك وتحت أجنحته تحتمي، تُرسٌ ومجن حقه (فَتَكُونُ لَكَ وُعُودُهُ الأَمِينَةُ تُرْساً وَمِتْرَاساً). لا تخشى من خوف (هول) الليل ولا من سهم يطير في النهار. ولا من وباء يسلك في الدجى، ولا من هلاك يفسد في الظهيرة. يسقط عن جانبك ألف وربوات عن يمينك، إليك لا يقرب (لا يمسك سوء). إنما بعينيك تنظر وترى مُجازاة الأشرار. لأنك قلت أنت يا رب ملجأي جعلت العلي مسكنك (ملاذ). (متى 6: 7؛ هوشع 14: 2؛ مزمور 92: 1 – 9)

________________________
[1] Homily on the Martyr Julitta 3-4 (P.G. 31: 244A, 244D).

رد مع إقتباس