عرض مشاركة واحدة
بياناتي
 رقم المشاركة : ( 14 )
aymonded
ارثوذكسي ذهبي
رقم العضوية : 527
تاريخ التسجيل : Jun 2007
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 21,222
عدد النقاط : 58

aymonded غير متواجد حالياً

افتراضي رد: دراسة تفصيلية في الذبائح والتقدمات في الكتاب المقدس المقدمة العامة

كُتب : [ 05-30-2020 - 07:17 AM ]


الملامح العامة للذبائح في العهدين
أولاً العهــــــــــــدالقديـــــــم
أولاً: تطور طقوس الذبائح من البساطة إلى التشعب
============================
1 – البساطة البدائية
في حقبة بعيدة القدم، يُشير إليها تاريخ الكتاب المقدس، تتميز مجموعة الطقوس بالبساطة البدائية التي تناسب عادات البدو الرُحَّل، أو نصف الرُحَّل وهي تتسم بإقامة مذابح، ورفع الدعاء للاسم الإلهي ببساطة، مع تقديم حيوانات أو محاصيل الأرض: [وحدث من بعد أيام أن قايين قدَّم من أثمار الأرض قرباناً للرب..؛ وظهر الرب لإبرام وقال لنسلك أُعطي هذه الأرض فبنى هناك مذبحاً للرب الذي ظهر لهُ، ثم نقل من هُناك إلى الجبل شرقي بيت إيل ونصب خيمته وله بيت إيل من المغرب وعاي من المشرق، فبنى هناك مذبحاً للرب ودعا باسم الرب، ثم ارتحل إبرام ارتحالاً متوالياً نحو الجنوب] [1]

ونلاحظ أنه لا يوجد أماكن ثابتة لتقديم الذبائح، بل عادةً تُقدَّم في المكان الذي يظهر الله فيه؛ والمذبح الترابي البدائي البسيط جداً في مظهره، والخيام التي تفك وتُبسط، يشهدان بطريقتهما الخاصة على الطابع غير الثابت والمؤقت لأماكن العبادة القديمة: [مذبحاً من تراب تصنع لي وتذبح عليه محرقات وذبائح سلامتك، غنمك وبقرك في كل الأماكن التي فيها أصنع لاسمي ذكراً آتي إليك وأُباركك] [2]؛ [تحفظ عيد الفطير، تأكل فطيراً سبعة أيام كما أمرتك في وقت شهر أبيب لأنهُ فيه خرجت من مصر ولا يظهروا أمامي فارغين (ذكورك)] [3]

وكذلك نلاحظ أنه لم يكن هناك خدام مخصصون لبناء المذبح أو تقديم الذبيحة أو العطايا لله، فرب الأسرة أو رئيس القبيلة، والملك، هم الذين يقدمون الذبائح. إلا منذ زمن مبكر (بالنسبة لشعب إسرائيل على وجهٍ خاص)، أخذ بعض الرجال المختارين خصيصاً ليقوموا بهذه الخدمة والوظيفة الخاصة: [وللاوي قال تُميمُك وأُريمُك لرجلك الصديق الذي جربته في مسه وخاصمته عند مريبة، الذي قال عن أبيه وأمه لم أَرَهما وبإخوته لم يعترف وأولاده لم يعرف، بل حفظوا كلامك وصانوا عهدك يُعلِّمون يعقوب أحكامك وإسرائيل ناموسك، يضعون بخوراً في أنفك على مذبحك][4]
فكما أن الهيكل على عهد يوشيا سيصبح المركز الوحيد لكل نشاط خاص بالذبائح، كذلك الكهنة سيجعلون إقامة الذبائح وقفاً على أنفسهم حسب أمر الله.
==================
2 – تشعب الطقوس
نلاحظ بعد ذلك أن الطقوس تشعبت بشكل كبير ومتسع جداً، وقد نجم هذا عما أتى به التاريخ من تجديدات متوالية. ونلمس – في الواقع – تطوراً في الاتجاه نحو الكثرة والتنوع والتخصص في الذبائح، وهناك أسباب كثيرة توضح هذا التطور الذي حدث بعد البساطة التي كانت تقدم بها العبادة والذبائح كما رأينا: فالانتقال من الحياة البدوية والرعوية وكثرة الترحال في خيام من مكان لآخر إلى حياة الاستقرار والزراعة، والتأثير الكنعاني وخطورة الكهنوت المتزايدة، فشعب إسرائيل نجده كثيراً ما يقتبس عناصر كثيرة من جيرانه المحيطين به والشعوب التي اختلط بها: فهو ينقيها ويُصححها ويروحنها، ليُقدِّم العبادة لله كبكر وسط الشعوب حسب تدبير الله وإرشاداته بشكل منضبط تتأصل فيه التقوى والورع وتقديم العبادة اللائقة بالإيمان.

وبالرغم من التمادي في تقديم العبادة لله بشكل أصبح مبالغ فيه بسبب التأثير الحادث بباقي الشعوب، لكن وقع إسرائيل – عن عدم وعي – في خطر العبادة الباطلة والتي لا تُرضي الله إطلاقاً، والذي أخذ تحذير بشأنها لكيلا يُشابه الشعوب الذي طردها الرب من أمامه:
+ [هل يُسرّ الرب بألوف الكباش، بربوات أنهار زيت، هل أُعطي بكري (تقديم البكور) عن معصيتي ثمرة جسدي عن خطية نفسي] [5]
+ [ونذر يفتاح نذراً للرب قائلاً: إن دفعت بني عمون ليدي فالخارج الذي يخرج من أبواب بيتي للقائي عند رجوعي بالسلامة من عند بني عمون يكون للرب وأصعده محرقة] [6]
ويرفض إسرائيل حسب تحذير الرب أن يُقدم ذبائح بشرية، فهو جُرم عظيم، ولا يعتبر عبادة بل هو حرم وإيقاع شرّ، لذلك فأن يفتاح يعتبر أخطأ لأنه فعل عكس الوصية:
+ [لا تعمل هكذا للرب إلهك لأنهم قد عملوا لآلهتهم كل رجس لدى الرب، مما يكرهه، إذ أحرقوا حتى بنيهم وبناتهم بالنار لآلهتهم [7]؛ لا يوجد فيك من يجيز ابنه أو ابنته في النار، ولا من يعرف عرافة ولا عائف (ممارس سحر بجميع أشكاله) ولا متفائل، ولا ساحر، ولا من يرقي رقيه، ولا من يسأل جاناً أو تابعة (امرأة تعمل في السحر)، ولا من يسأل يستشير الموتى (تحضير الأرواح)، لأن كل من يفعل ذلك مكروه عند الرب. وبسبب هذه الأرجاس الرب إلهك طاردهم من أمامك][8]

عموماً، قد اغتنى شعب إسرائيل بالاقتباس من بعض تُراث الشعوب الأخرى في العبادات، مُمارساً بذلك وظيفته كوسيط، موجهاً من جديد نحو الإله الحق بعض ممارسات طرأ عليها تحريف المفاهيم الوثنية. فهو نقاها حسب أمر الله ووصيته، وبذلك أخذت الطقوس الأولية البسيطة في التكامل والتشعب، بالرغم من الانخراط فيها أحياناً ونسيان حق الرب من جهة صلاح القلب، مع بعض الانحرافات الخطيرة التي ظهرت ونراها في أحداث العهد القديم وخاصة التشبه بالأمم، لأن عوض ما يكون إسرائيل معلم الأمم بالحق الإلهي الظاهر في الوصية صار يتعلم من الأمم ويحيا مثلهم فلوث التراث الروحي واللاهوتي بتمسكه بعادات لا تليق بمن يعرف الله الحي المستعلن لهُ بآيات وعجائب جعلت الأمم نفسها تشهد بعمل الله وسط إسرائيل.
==================

[1] (تكوين 4: 3؛ 12: 7 – 9)
[2] (خروج 20: 24)
[3] (خروج 23: 15)
[4] (تثنية 33: 8 – 10)
[5] (ميخا 6: 7)
[6] (قضاة 11: 30 – 31)
[7] (تثنية 12: 31)
[8] (تثنية 18: 10 – 12)

رد مع إقتباس