عرض مشاركة واحدة
بياناتي
 رقم المشاركة : ( 12 )
aymonded
ارثوذكسي ذهبي
رقم العضوية : 527
تاريخ التسجيل : Jun 2007
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 21,222
عدد النقاط : 58

aymonded غير متواجد حالياً

افتراضي رد: الطريق المسيحي الأصيل، اتبعني - التبعية (موضوع كامل عن المفهوم الصحيح لحمل الصليب

كُتب : [ 04-28-2018 - 08:54 AM ]


فالصليب باختصار كما قلنا ليس هو المرض ولا حتى إعاقة في الجسد، لأن الرب تقدَّم للصليب صحيحاً معافاً، جسده كامل ليس فيه عامل من عوامل فساد الجسد الطبيعية التي سرت من بعد السقوط في البشرية كلها، لأن جسده لم يمسه فساداً (أعمال 2: 31)، وقد قبل الصليب حينما اتى ميعاده المُعين، فسلَّم نفسه إليهم بهدوء ليحمل العار بصمت.
فالصليب فضيحة وعار وخزي، أما المرض وتعب الجسد وكل ما فيه من أمراض أو إعاقة ليس عاراً على الإطلاق ولا حتى عيباً ولا محل غيرة الناس ولا حتى حقدهم، بل قد يكون تمييز للشخصية وإظهار ما فيها من عزم وقوة، بل ومواهب قوية قد تكون خارقة ولا توجد عند الإنسان السليم الطبيعي، لكن الصليب خزي وعار وتحقير وتعيير من أجل المسيح، سلب الأموال، طرد من المجمع، أو حتى رفض من داخل الكنيسة نفسها، كما حدث لبعض الآباء وغيرهم من الخدام الأمناء حاملي رسالة الحياة.
والصليب أحياناً يكون حقد خاص على المسيحي الأمين وتنصيب المكائد لهُ، والتشهير وتشويه السمعة، بل وتلفيق التهم وتقديم الشهادة الزور لتثبيتها، وسلب الأموال وطرد من المنازل واغتصاب الأراضي، فقدان الوظائف، احتقار ومذلة، تشريد في الشوارع، التنكيل بالأطفال وقد يتم ذبحهم بعلة انهم فقط مسحيين.
فالصليب باختصار معناه
أن الإنسان يُصبح بلا كرامة مُداساً من الناس عن قصد وسبق إصرار ونية شريرة مُبيته، وذلك لكي يحيا في تدبير ساعة الظلمة والتي تصل إلى حد القتل بطرق بشعة أحياناً كثيرة جداً؛ وكل هذا بسبب كشفه لنا القديس يوحنا الرسول بوضوح: أُنْظُرُوا أَيَّةَ مَحَبَّةٍ أَعْطَانَا الآبُ حَتَّى نُدْعَى أَوْلاَدَ اللهِ! مِنْ أَجْلِ هَذَا لاَ يَعْرِفُنَا الْعَالَمُ، لأَنَّهُ لاَ يَعْرِفُهُ. (1يوحنا 3: 1)
فهل وعيت الآن تبعيتك للمسيح الرب أيها القارئ العزيز، وهل فهمت الآن ما هو الصليب الذي قصده الرب، وهل نظرت وتتبعت حياة التلاميذ ورأيت ما حدث فيهم من أجل المسيح، وهل نظرت لآباء الكنيسة ومُعلميها الأتقياء وشعبها الأمين للمسيح ماذا حدث لهم، وهل رأيت الخدام الأمناء الذين يحملون رسالة قوة كلمة الله ويقدمونها بلا تزويق بل بأمانة وإخلاص تبعية المسيح الرب للنفس الأخير، وماذا حدث لهم من اضطهاد خارج وداخل كنائسهم، وكم قاومهم البعض ورفضهم بل واتهمهم اتهامات باطلة لحد الهرطقة والتجديف على الله، بل وتم أيضاً عمل مكائد ونشر إشاعات مُخجلة عنهم في كل مكان سواء من فوق بعض المنابر أو على صفحات التواصل الاجتماعي وغيرها، وذلك عن قصد وتدبير، لفقد شرفهم وأمانتهم لله والكنيسة أمام الناس ليتم رفضهم ونبذهم من الجميع، وهل رأيت كم قلة قليلة من الناس التي تستمع إليهم وتفهم كتاباتهم واقوالهم فهماً صحيحاً لأنهم يريدون أن يتبعوا المسيح الرب بكل إخلاص وأمانة فيشعرون بعمل الروح القدس فيهم، لأنهم مملوئين منه، وهل رأيت أيضاً الأمناء الغير مشهورين أو المعروفين على نطاق واسع، هؤلاء الذين لا يقرأ أو يستمع إليهم أحد إلا قلة قليلة تشعر بقوة عمل الروح القدس فيهم، وناس كثيرة ترفضهم وتنبذهم ولا تقبلهم.
فيا عزيزي القارئ المحب لشخص ربنا يسوع، الحياة المسيحية الحقيقية لها ضريبتها الباهظة الثمن، لأنها تلمذة حقيقية للمسيح والتي تعني أبذل حياتي، أموت معهُ لأقوم معهُ، لذلك أندهش جداً من شكوى البعض حينما تأتي الاضطهادات والآلام والتشريد والطرد من المنازل وسلب الأموال والطعن في الشرف وقتل الأطفال والتعذيب والتنكيل، كأنه شيء غريب حادث، وكيف أن الله ساكت لا يتحرك بالعدل، فهذا الاندهاش من الإنسان المسيحي هو غريب عن الإنجيل تماماً، لأن حينما تألم الرب وتم تعييره وارتفع على الصليب ومات أمام الجميع لم يحدث تدخل معجزي ولم يُنقذ من تلك الساعة بالجسد، بل مات ليقوم بشكل ممجد فائق مظهراً مجد قيامته لخاصته وليس أمام الجميع، لأن السرور الموضوع أمامه كان أقوى من الموت الذي ماته، لذلك معنى أن المسيحي يتضايق من الاضطهاد والموت بشكل فيه ملامه لله وتذمر على الوضع، يعني أنه لم يؤمن بعد بأن المسيح الرب مسيح القيامة والنصرة على الموت، وأن الذي معنا أقوى ممن علينا بما لا يُقاس، لأنه لا ينبغي أن نخاف أو نجزع من الذين يقتلون الجسد، لأننا في النهاية على الأرض سنموت بالجسد، فلماذا نخاف إذاً من ساعة الألم والضيق أي ساعة الظلمة ولنا في المسيح قيامة وحياة، لأنه مستعلن لنا إله حي [أنا هوَّ القيامة والحياة – أنا حي فأنتم ستحيون].
وطبعاً هذا ليس معناه أننا نبحث عن الاضطهاد ونتمنى الموت، أو نُسلم أولادنا للتعذيب أو التنكيل، أو حتى نحمل كفنا على أيدينا ونعمل مظاهره أمام الناس، لأننا لا نذهب للموت كأننا كارهين الحياة، ولا حتى لكي نستدر عطف الناس ونُريهم كم نحن مظلومين ومضطهدين، لأنها ستعتبر حركة سياسية وليست مسيحية، فالرب لم يكره الحياة في الجسد ولا حتى صنع تلاميذه مظاهره حينما تم اضطهادهم ليروا العالم كم كانوا مظلومين، بل كان هدف الرب ومسرته (وبالتالي التلاميذ فيما بعد القيامة) أنه يتمم مشيئة الآب لأن هناك مسرة أمامه وليس عن يأس ولا إحباط تقدم للموت وقبل التعيير، بل عن رجاء قيامة سيتممها ويظهرها بقوته، لذلك نحن أيضاً نتقدم لنموت مع المسيح قابلين كل شيء من أجله لا عن إحباط ولا فقدان الأمل في الحياة ولا عن جبن أو خنوع او استسلام للأمر الواقع، بل عن شجاعة رجاء حي بقيامة يسوع من الأموات، لذلك يقول الرسول: مُبَارَكٌ اللهُ أَبُو رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي حَسَبَ رَحْمَتِهِ الْكَثِيرَةِ وَلَدَنَا ثَانِيَةً لِرَجَاءٍ حَيٍّ، بِقِيَامَةِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ مِنَ الأَمْوَاتِ. (1بطرس 1: 3)
وطبعاً لا أحتاج أن أُذكِّر أحد أنه ليس عيباً ولا هو هروباً من الصليب بأن نُطالب بتطبيق القانون في المجتمع ونُدافع عن أسرتنا وأولادنا وإخوتنا، ونلجأ لتحقيق العدل وإثبات الحق القانوني كأشخاص تحيا في دولة، لكن أن لم يتحقق هذا عن قصد للتنكيل بالمسيحي الأمين لله، نشكر الله ونقبل كل ما يأتي علينا بالشكر مع التمسك بالحق القانوني للنهاية بلا قلق أو خوف أو اضطراب أو تذمر، حتى لو وصل الأمر بأن نُقتل بسبب مسيحيتنا وأمانتنا تجاه المجتمع الذي نعيش فيه، والذي نحاول أن نزرع فيه السلام ونحافظ على حقوق الناس جميعاً بشكل سوي وبسواسية لأن الجميع متساوي كأبناء وطن واحد ولا فرق.

رد مع إقتباس