للعودة للرسالة التاسعة
هنـــــــــــــــــــــــ ـــا
تابع سلسلة وثائق تاريخية
رســـــــــــــــــائل بيلاطس البنطي إلى سينكا الفيلسوف الروماني
الرسالة العاشرة : أول إشـــــارة عن يســـــوع
الرسالة العاشرة
ـــــــــــــــــــــــــ
قيصريــــــــــة
يا لهم من قوم مُعاندين أعضاء السنهدرين هؤلاء . لقد عقدت عدة اجتماعات مع رؤسائهم ، وأعطيتهم ثلاثة شهور مُهلة لتدبير ودراسة طرق تمويل مشروعات الطرق والقناة ، ولكني قلق جداً لأني أول مرة في التاريخ سوف يحصل أهالي أورشليم على حاجاتهم من مياه الشرب النقية .
وعلى الرغم من أنه مشروع حيوي وصحي ، فأنهم لم يتحركوا لتمويله ، والأدهى من هذا أن أحدهم صارحني بأنهم لا يعيرون مشكلة المياه اهتماماً كثيراً لأنها من مطالب الجسد ، وأن مطالب الروح هي الأجدر بالاهتمام . قال لي هذا مع أنهم يحتاجون إلى كميات كبيرة من المياه في ممارسة فرائض دينهم وبالأخص في الاغتسال ، وما أكثر ما يغتسلون . ولا أدري لماذا رغم هذا هم قذرون .
وللعلم يوجد في هيكلهم إناء كبير به ماء لإزالة الدم من الذبائح وتنظيفها ، أي أنه من الممكن اعتبار مشروع القناة مشروعاً دينياً بالإضافة إلى كونه مشروعاً صحياً ، وكنت أظن أن هذه الفكرة ستلقى منهم كل ترحيب وتشجع وأنهم سيبادرون إلى توفير كل ما تحتاجه من نفقات .
أخيراً لمعت في ذهني فكرة رائعة ، فواصلت حديثي معهم على أساس أنه ما دامت القناة ستمدُّ هيكلهم بالمياه ، يُمكن دفع نفقات هذا المشروع من خزينة الهيكل ، لكنهم رفضوا هذه الفكرة وقابلوها بغضب بالغ ، قائلين أن هذا يُعتبر سرقة وتدنيساً للمقدسات .
فاعترضت على قولهم هذا وطالبتهم بفرض ضريبة على سكان أورشليم تُجمع على مدى أثنى عشر شهراً لرد المبلغ الذي سنأخذه من خزينة الهيكل ، لكنهم رفضوا هذه الفكرة أيضاً وأصرّ كل منا على رأيه ، وأمرتهم بعرض الموضوع على مجلس السنهدرين والرد عليَّ ، وطان مُقرراً اجتماعه من قبل . وكلما فكرت ملياً في هذا الأمر زاد اقتناعي بأنه هو الحل الأمثل لمشكلة تمويل مشروع القناة .
ثم ما هذه الأخبار التي وردت في رسائلك الأخيرة ، أنزلنا إلى الحضيض حتى أن أعرق البيوت في روما تُرسل عرباتها لاشتراك في الألعاب !!؟ لم يكن يخطر ببالي أبداً أني سأرى كلوديوس في حلبة المصارعة كواحد من سفلة القوم ، كما أني أستنكر بكل شدة وقوف دومتيوس على خشبة المسرح ، وأخشى أن أتوسع في الدردشة حول هذه التصرفات المعيبة .
بالأمس قام خمسة من الأرهابيين بقتل أحد الأحبار ، وكان من المتحمسين لمشروع القناة ، إنهم طعنوه بالسكاكين وأحدثوا به ما يربو على العشرين إصابة ، وليس لدينا أقل أمل في القبض على المجرمين ، مع أن الجميع يعرفون أين يختبئون .
وقد وردتني أنباء عن ظهور واعظ متجول آخر في الجليل فكلفت يوسف بمراقبته .
كما هربت فتاة يهودية بصحبة تاجر يوناني وهي البنت الوحدية لأحد رؤساء الكهنة ، وقد طالبوا مني القبض عليها لأنها أخذت معها بعض مدخرات أبيها ، لكن هذا لا يهم لأنه يستطيع تعويض ما أخذته ، فأمرت بالقبض عليها ، وتعقبها الجنود ولكنها كانت قد سبقتهم في الوصول إلى الميناء وأبحرت بها الباخرة قبل وصولهم .
أنا الآن أنعم برضا بروكولا . ولا أستطيع أن أخفي دهشتي لرسالتك ، لأنه ماذا سيقول القيصر عندما يسمع أن واحداً من أتباع خط كلوديوس قد تحول عنه وأصبح لاعباً بالسيف !؟
___________
+ رسائل من بيلاطس البنطي إلى سينكا الفيلسوف الروماني - الرسالة العاشرة
ترجمة جاد المنفلوطي - إصدار دار التأليف والنشر للكنيسة الأسقفية بمصر ص 46 - 48