لا تخلو حياة إنسان – أياً كان – من التجارب والضيقات. فھي للكل، حتى للانبياء والقديسين والامثلة عديدة
نذكر منھا ما تعرض له بعض القديسين والأبرار.
أولا: يوسف الصدّيق
كانت الضيقات تلاحق يوسف الصدّيق في كل وقت وكل زمان علي الرغم من طھارته وبراءته.
لقد حسده إخوته وتآمروا عليه وباعوه كعبد ( تكوين ( 37 وظلمته زوجة فوطيفار ظلما في مسالة تمس شرفه وبسببها القي في السجن ( تكوين 39 ) وظل في السجن لسنوات حتى افرج عنه وانتهت الضيقة ( تكوين 41 )
ثانيا: موسى النبي
لقد صبر موسى النبي وكل الشعب على الضيق الذي عانوه من فرعون ومن المصريين :
" فاستعبد المصريون بني إسرائيل بعنف. و مرروا حياتھم بعبودية قاسية " (خروج 1 : 41 )
فقد فرضوا على الاسرائيلين كل أعمال السخرة والذل حتى وضع لھا الرب نھاية فقال :
" إني قد رأيت مذلة شعبي الذي في مصر و سمعت صراخھم من اجل مسخريھم إني علمت أوجاعھم " (خروج 3 : 7 )
وانتھت الضيقة بضربات كثيرة ضد فرعون ثم شق البحر الأحمر وعبورھم منه (خروج 14)
وحتى عندما تذمر الشعب وخافوا من جنود فرعون طمأنھم الرب :
"لا تخافوا قفوا وانظروا خلاص الرب الذي يصنعه لكم اليوم فانه كما رأيتم المصريين اليوم لا تعودون ترونھم أيضا إلى الأبد . الرب يقاتل عنكم وأنتم تصمتون" (خروج 14: 13 – 14 )
فإن كان الرب يضع حدا لشعب متذمر وينقذه بيد قوية ، فكم بالحري يفعل مع أولاده الروحيين ؟
فلا يظن أحد أن التجارب والضيقات ھي للخطاة فقط بسبب خطاياھم. وإنما ھي لجميع الناس.
وهناك فرق بين خاطيء يتعرض لضيقة بسبب اخطائه وبين بار تصيبه ضيقة بسبب شر الاخرين او حسدهم أو لأي سبب خارج عن إرادته.
وجميع الأبرار اجتازوا بوتقة الألم ، واختبروا الضيقة والتجربة ، ولم يستثنھم الله من ذلك كما يقول الكتاب :
" كثيرة ھي أحزان الصديقين ، ومن جميعھا ينجيھم الرب" (مزمور 34: 19 )
وحدوث تلك التجارب، لا تعني مطلقاً تخلي الله عمن أصابتھم تلك المتاعب والضيقات. التجارب لا تعني غضب الله عليھم أو عدم رضاه عنھم. الله قد يسمح بالتجربة لمنفعتھم ولتزكيتھم ولنأخذ في ھذا مثلا آخر.
ثالثا: إبراھيم أبو الآباء
اجد صعوبة في وصف هذه الضيقة العظيمة التي مر بها ابراهيم عندما طلب منه الرب ان يقدم اسحق ابنه محرقة وذكره بھذه الكلمات :
"خذ ابنك وحيدك الذي تحبه اسحق و اذھب إلى ارض المريا واصعده هناك محرقة على احد الجبال الذي اقول لك " (تكوين 22 : 2 )
فھل تذمر ابراھيم على طلب الرب أن يقدم له ابنه وحيده وحبيبه ؟ يقول الكتاب :
" فبكر إبراھيم صباحا وشد على حماره واخذ اثنين من غلمانه معه واسحق ابنه وشقق حطبا لمحرقة
وقام وذھب إلى الموضع الذي قال له الله. وفي اليوم الثالث رفع ابراھيم عينيه وأبصر الموضع من بعيد" (تكوين 22 : 3 – 4 )
وما الحكمة من مكان يبعد ثلاثة أيام إلا لكي يفكر ويفحص قلبه ويعطي نفسه فرصة تغيير رأيه فماذا كانت النتيجة ؟
"فقال لا تمد يدك إلى الغلام ولا تفعل به شيئا لاني الآن علمت انك خائف الله فلم تمسك ابنك وحيدك عني " (تكوين 22 : 12 )
وما ھي المكافأة على ھذا الصبر في ھذه الضيقة ؟ لقد حسب ابراھيم بطلا من أبطال الإيمان