لماذا نخون رجاءنا ولا نظهر إيماننا
الذين انتقلوا قد سبقونا إلى الحياة الأبدية
" عالمين أن الذي أقام الرب يسوع سيُقيمنا نحن أيضاً بيسوع ويحضرنا معكم " ( 2 كورنثوس 4: 14 )
لا ينبغي عاينا أن نبكي إخوتنا الذين قد اجتذبتهم دعوة الرب من هذا العالم ، لأننا نعلم أنهم لن يفنوا ، بل فقط سبقونا في الارتحال .
إنهم قد تركونا – كمسافرين مرتحلين – وأسرعوا في الإبحار قبلنا . فلا ينبغي إذن أن نُبكيهم ، بل أن نحسدهم ونغير منهم ، ولا نلبس هنا ملابس الحداد الداكنة ، بينما هم هناك قد لبسوا ثياب الفرح البيضاء .
لا يليق بنا أن نعطي فرصة لغير المؤمنين أن يُعيرونا ، بسبب أننا نحزن على أولئك الذين نُصرَّح بأنهم أحياء عند الله ، كما لو أنهم تلاشوا وفنوا . نحن نخون رجاءنا وإيماننا ، فيبدو أن ما نقوله وننادي به وكأنه خيال واختلاق وخداع . إنه لا يُجدينا شيء أن نتشبث بالشجاعة بالكلام ، وننقض الحقيقة بالأعمال .
الرسول بولس يوبخ بعنف وبشدة أولئك الذين يحزنون على ارتحال ذويهم قائلاً : " لا أُريد أن تجهلوا أيها الإخوة ، من جهة الراقدين ، لكي لا تحزنوا كالباقين ، الذين لا رجاء لهم . لأنه إن كنا نؤمن أن يسوع أن يسوع مات وقام ، فكذلك الراقدون بيسوع سيحضرهم الله أيضاً معه " ( 1تس 4: 13 – 14 ) .
ثم أن المسيح ربنا وإلهنا ينبهنا بهذه الأقوال : " أنا هو القيامة والحياة ، من يؤمن بي ن ولو مات فسيحيا . ومن آمن بي فلن يموت إلى الأبد " ( يو 11: 25 – 26 ) . فإن كنا نؤمن بالمسيح ؛ وإن كنا لنا ثقة في كلامه وفي مواعيده ؛ وإن كان لا يمكن أن نموت أبداً ، فلنتقدم بفرح واثق نحو المسيح ، الذي معه سنحيا ونملك إلى الأبد .
عندما نموت ، فنحن في الواقع نعبر – بالموت – إلى حياة الخلود ، والحياة الأبدية لا يُمكن أن تُعطى لنا ، إلا إذا خرجنا من هذا العالم . فالموت ليس محطة نهاية ، بل هو طريق للعبور ، فنهاية رحلتنا ن في هذا الزمان ، هي نقطة انطلاقنا إلى الأبدية .
فمَن لا يُسرع الخُطى نحو هذا الخير الأعظم ؟ مَن لا يشتهي أن يتغير ويتحول إلى صورة المسيح ؛ ويبلغ بأكثر سرعة إلى مرتبة المجد السمائي ؟ يقول القديس بولس الرسول : " إن وطننا هو السماء ، التي منها أيضاً ننتظر مخلصاً هو الرب يسوع المسيح ، الذي سيُغير شكل جسد تواضعنا ليكون على صورة جسد مجده " ( في 3: 20 – 21 ) .
لنتطلع يا إخوتي لذلك اليوم الذي فيه سيتحدد لكل واحد منا مقرة الحقيقي ، وبعد أن نُجْتَذَب من هذا العالم ومتحرر كم اشراكة ، نُحمل إلى نعيم الملكوت ...
وطننا هو السماء ... وهناك عدد كبير من الأحباء ينتظروننا ، عدد لا يُحصى من الآباء والأمهات ن والإخوة والأخوات والأبناء يتوقون إلينا ، وإذا اطمئنوا هم الآن على خلاصهم ، يترجون خلاصنا نحن .
لنُسرع في الوصول إليهم ، مشتهين بحرارة أن نكون في أقصر وقت عندهم ، بل وعند المسيح .
مجلة مرقس – رسالة الفكر المسيحي للشباب والخدام السنة 24 - العدد 229 - أغسطس 1981 – ص 18