اللاهوت النظري

مدخل سريع إلى علم الفلك



مدخل سريع إلى علم الفلك

مدخل
سريع إلى علم الفلك


الزمان


حقيقة السفر عبر الزمن


ما الزمن؟


انحناء الفضاء والنسبية العامة


الثقوب السوداء


وسائل السفر عبر الزمن


مقاييس الزمن


نظرية الاوتار الفائقة


نظرية النسبية


الزمكان في النسبية الخاصة


اللا نهاية


الانفجار العظيم لم يكن استسنائيا


السرعة التيكونية


لغة الكون


النشوء والارتقاء والفناء في الكون


اعادة اكتشاف الكون الخادع


شواهد الكون الاعظم


الكثافة الكونية


النظام والتناسق


الانتفاخ الكوني


هيئة الكون الاعظم


المادة والفضاء


الطاقة المظلمة


غوامض الكون


لغز النيترينو


حياة النجوم

 

مقدمة

من
لا يصرف الأيام على مسرح الأحلام كان عبد الأيام. أوليست الأحلام هي ذاتها الأكوان
إن ما يتحدث عنه الجميع بأنه حلم، نصفه بقولنا إنه كون ومضة يسرع بالزوال، أما
الكون، أو إن شئتم الأكوان فهي أحلام تبقى لفترة أطول ولو بهنيهة، لذا فلتكن ثقتكم
عظيمة بالأحلام، لأن بوابة الأبدية مختفية فيها، إن الإنسان مخلوق يشعر بما لا
يراه ويتخيل ما لا تقع عليه حواسه، فيرسم لشعوره رموزاً تدل بمعانيها على خفايا
نفسه برسم خياله بالكلام والأنغام والصور والتماثيل التي تظهر بأشكالها أقدس ميوله
في الحياة وأجمل مشتهياته بعد الموت.

إن
كان الإنسان المصدر الوحيد الممكن لكل ما هو غير متوقع، إن كانت الحياة المقدس
الوحيد المعطى من ذاته لذاته وبذاته، فإن الإنسان الحي الظاهرة هو بالتعريف النبوة
المستمرة، واليوم أعرف كل المعرفة أني أنا الدائرة وأن الحياة بأسرها تتحرك في
بذرات منتظمة، أنا هو البحر غير المتناهي، وما جميع العوالم سوى حبات من الرمل على
شاطئ، إن انتابتني الحيرة فعلي أن أصبر، فالحيرة بدء المعرفة، أوليس الغموض
والسديم هما بداءة كل شيء لا نهايته، أما من يقنط فلن يكون نبياً، ومن يخاف ذاته
وكل شيء آخر فهو من القانطين، من هنا كان رفض النبوة إلى حد إنكارها، تلكم هي
مأساة الإنسان المستنبتة على مسرح الدهر، وقد كثر المتفرجون المستحسنون، وقل من
تأمل وتعقل.

جئت
لأقول كلمة، وسأقولها، وإذا أرجعني الموت قبل أن ألفظها يقولها الغد، فالغد لا
يترك سراً مكنوناً في كتاب اللانهاية.

 

مدخل
سريع إلى علم الفلك

الكون:

يشمل
الكون كل موجود، من أدق جسيم دون ذري إلى الحشود المجرية الفائقة لا أحد يعرف مدى
كبر الكون، إن أوسع النظريات انتشارا حول نشوء الكون هي نظرية الانفجار الكبير
التي تقول بأن الكون قد نشأ من جراء انفجار هائل – هو الانفجار الكبير – حدث منذ
10 إلى 20 بليون سنة خلت في البدء كان الكون على شكل كرة نارية بالغة الكثافة
والسخونة، مكوّنة من غاز يتمدد ويبرد بعد مرور مليون سنة تقريبا بدأ الغاز يتكثف،
على الأرجح، وفق كتل محلية هي طلائع المجرات وبعد مرور بلايين عدة من السنين، ما
زال الكون في حالة تمدد، رغم وجود مواضع تحوي أجساما مشدودة بعضها إلى بعضها الآخر
بفعل الثقالة (الجاذبية) كالعديد من المجرات المحتشدة مثلا لا يعرف علماء الفلك
بعد إذا كان الكون ” مغلقا”، أي أنه قد يتوقف في آخر الأمر عن التمدد
ويبدأ بالتقلص، أو ” مفتوحا “، أي أنه سيستمر بالتمدد إلى ما لا نهاية.

 

المجرات:

المجرّة
كتلة هائلة من النجوم والسدم ومن المادة المنتشرة بين النجوم ثمة أنواع ثلاثة من
المجرات جرى تصنيفها وفقا لشكلها: المجرات الإهليلجية ذات الشكل البيضيّ –
والمجرات الحلزونية التي لها أذرع تلتف لولبيا نحو الخارج انطلاقا من انتفاخ مركزي
– والمجرات غير المنتظمة التي ليس لها شكل محدد واضح

غير
أن شكل المجرّة قد يتشوّه أحيانا من جراء اصطدامها بمجرة أخرى أما الكوازارات فهي
أجسام متراصّة، شديدة الإضاءة، يعتقد أنها نوّى مجرّية، غير أنها بعيدة إلى درجة
يصعب معها تحديد ما هيئتها بالضبط، إذ أنها تقع خارج نطاق الكون المعروف,

إن
أبعد الكوازارات (أشباه نجوم) المعروفة توجد على مسافة 15 بليون سنة ضوئية، ويسود
الاعتقاد أن الأشعة المنطلقة من المجرات الناشطة والكوازارات تسببها الثقوب
السوداء.

 

درب
التبانة:

درب
التبّانة هو الاسم الذي يطلق على الشريط الضوئي الباهت، الممتد عبر السماء الليلية
من جانب إلى جانب وينطلق هذا الضوء من النجوم والسدم الموجودة في مجرتنا، والتي
تعرف باسم مجرة درب التبّانة.

لمجرّة
درب التبّانة شكل حلزوني يتكون من انتفاخ مركزي كثيف، تحيط به أربع أذرع ملتفة نحو
الخارج وتطوّقه هالة أقل كثافة لا نستطيع مشاهدة الشكل الحلزوني، لأن النظام
الشمسي يقع في واحدة من هذه الأذرع الحلزونية وهي ذراع الجبّار (أو الذراع المحلية
كما تسمى أحيانا)، من موقعنا هذا، تحجب السُحُب الغبارية مركز المجرّة تماما على
نحو لا تعطي معه الخرائط البصرية سوى مشهد محدود للمجرّة الانتفاخ المركزي كرة
صغيرة وكثيفة نسبيا، تحتوي بشكل رئيسي على نجوم قديمة ذات أشعة حمراء وصفراء أما
الهالة فهي منطقة أقل كثافة وتحتوي على النجوم الأكثر قدما، بعض هذه النجوم قديم
قدم المجرة نفسها 15 بليون سنة ربما تحتوي الأذرع الحلزونية بشكل رئيسي على نجوم
زرقاء حارة وفتيّة وعلى سدم (سحب غاز وغبار تتكوّن فيها النجوم) المجرة هائلة
الاتساع تدور المجرة برمتها في الفضاء برغم أن النجوم الداخلية تنطلق بسرعة تفوق
سرعة النجوم الخارجية، أما الشمس، التي هي على ثلثي المسافة من المركز نحو الخارج
فإنها تكمل دورة واحدة حول المجرة كل 220 مليون سنة تقريبا.

 

السُدُم
والحُشود النّجميّة:

السّديمُ
سحابة من غبار وغاز تقع داخل مجرة تكون السُدُمُ بادية للعيان عندما يتوهج الغاز
الذي يكونها أو إذا عكست سحابتها ضوء النجوم أو حجبت الضوء الصادر عن أجسام أكثر
بعدا تتألق سدم الانبعاث لأن غازها يطلق ضوءا عندما يحفز من قبل إشعاع صادر عن
نجوم حارة وفتية أما سدم الانعكاس فتتألق لأن غبارها يعكس الضوء المنطلق من نجوم
تقع داخلها أو من حولها من جهة أخرى، تبدو السُدُم المظلمة بشكل صورة ظليّة لأنها
تحجب الضوء المنطلق من سُدُم متألقة أو من نجوم تقع خلفها ثمة أنماط من السدم
ترافق النجوم الميتة: السدم الكوكبية ومتخلفات المستعرات الفائقة (النجوم
المتفجرة) يتألف كلا النمطين من بقايا غلف غازية متمددة – السديم الكوكبي – غلاف
غازي انجرف بعيدا عن لب نجمي ميت أما متخلف المستعر الأعظم – فهو غلاف غازي منطلق
بعيدا عن لب نجمي بسرعة كبيرة إثر انفجار هائل، هو انفجار المستعر الأعظم نفسه
تتجمع النجوم غالبا في مجموعات تعرف بالحشود النجمية يمكن التمييز بين الحشود
النجمية المبعثرة التي تكون مجموعات سائبة، فيها بضعة آلاف من نجوم فتيّة نشأت في
السحابة نفسها ثم تفرق بعضها بعيدا عن بعضها الآخر والحشود النجمية الكروية –
المتراصة بكثافة، وهي على شكل مجموعات شبه كروية فيها مئات الألوف من النجوم
القديمة.

 

النجوم

النجوم
أجسام غازية حارّة ومتوهجة نشأت داخل سديم

تختلف
النجوم فيما بينها اختلافا شديدا من حيث الحجم والكتلة ودرجة الحرارة يتحدد لون
النجم بدرجة حرارته: أرفع النجوم درجة حرارة تكون زرقاء واخفضها حمراء كالشمس،
بدرجة حرارتها السطحيّة الخمسة آلاف الى الخمسمائة, تقع بين هاتين الدرجتين
الطرفيتين وتبدو صفراء اللون تنجم الطاقة المنطلقة من نجم متألق عن اندماج نووي
يقع في لب النجم. تتمثل أهم المجموعات بنجوم المتوالية الرئيسية (تلك التي تدمج
الهدروجين لتكون الهليوم) والنجوم العملاقة والنجوم فوق العملاقة والأقزام البيض.

 

النجوم
النيوترونية والثقوب السوداء:

تتكون
النجوم النيوترونية والثقوب السوداء من ألباب النجوم التي بقيت بعد انفجار على شكل
مستعرات عظمى

إذا
كانت كتلة اللب المتبقي تقع بين كتلة شمسية ونصف وثلاث كتل شمسية تقريبا فإنه
ينكمش ويكون نجما نيوترونيا، أما إذا كانت كتلته أكبر بكثير من ثلاث كتل شمسية
فإنه ينكمش ويصبح ثقبا أسود يبلغ قطر النجوم النيوترونية حوالي 10 كلم فقط

وهي
تتألف بكاملها تقريبا من جسيمات دون ذرية تسمى نيوترونات هذه النجوم هي من الكثافة
بحيث يزن ملء ملعقة شاي من مادتها حوالي بليون طن تقريبا تتم مراقبة النجوم
النيوترونية على شكل مصادر راديوية نابضة تدعى بلسارات، وهي تدعى كذلك لأنها تدور
حول محورها بسرعة مطلقة حزمتين موجتين تندفعان عبر السماء ويتم كشفها بشكل نباضات
pulses قصيرة ومن جهة أخرى، تتميز الثقوب السوداء بقوة جذبها التي تبلغ
حدا لا يمكن معه حتى للأشعة الضوئية أن تفلت منها، لذلك تبقى الثقوب السوداء
أجساما غير مرئية ومع ذلك، يمكن كشفها في حال وجود نجم مرافق قريب منها، ذلك أن
الثقوب السوداء تشد الغاز من النجم الآخر فينجذب إليها مشكلا قرص تنام يدوم حول
الثقب الأسود بسرعة كبيرة فترتفع درجة حرارته ويطلق طاقة إشعاعية خيرا، تدوم
المادة الغازية نحو الداخل وتعبر أفق الحدث – حدود الثقب الأسود – وتختفي بذلك
نهائيا من الكون المرئي.

 

بروج
السماء:

البروج
تكوينات نجمية جميلة نراها كل يوم في السماء في أماكن وأوضاع شتي، ليس من الضروري
أن يربطها أي علاقة فيزيائية

أي
أن أغلب هذه النجوم لا تكون في العادة متقاربة بل ولا تقع في مجموعة نجمية واحدة،
فبعض نجوم البرج الواحد قد تكون قريبة نسبيا من الأرض بينما يقع البعض الآخر على
مسافة بعيدة نسبيا. كل ما نعرفه عن نجوم البرج الواحد أنها

تبدو
من الأرض في نفس الاتجاه.

 

الأبراج
السماوية:

قسم
الفلكيون منذ قرون بعيدة الكرة السماوية إلى عدد من الكوكبات النجمية كي يسهل
عليهم تحديد مواقع الأجرام السماوية فمثلا، قسم العالم المسلم ” أبو الحسين
الصوفي ” في كتابه الشهير) صور الكواكب) الكرة السماوية إلى 48 كوكبة. وقدم
صورا دقيقة لهذه الكوكبات.

أما
في العصر الحديث، فقام ” الاتحاد الفلكي العالمي ” بتقسيم الكرة السماوية
إلى 88 كوكبة. والكوكبة عبارة عن: تجمع نجمي وهمي في السماء نشير هنا أن النجوم
التابعة لكوكبة معينة لا تشكل بالضرورة حشدا نجميا مترابطا بواسطة الجاذبية. فقد
تكون هذه النجوم التابعة لكوكبة معينة على مسافات متفاوتة من المشاهد. ولكن من
زاوية رؤيته يتوهم المشاهد أن هذه النجوم تشكل تجمعا نجميا. كذلك فإن النجوم
التابعة لكوكبة معينة غالبا ما تكون سرعتها الذاتية متفاوتة. مما يعني أنه بعد
مرور آلاف السنين قد يطرأ بعض التغير على أشكال هذه الكوكبات ومن بين الكوكبات
الثماني والثمانين هناك 12 كوكبة اشتهرت بين الناس باسم الأبراج. وهذه الأبراج ما
هي إلا الكوكبات التي تمر خلالها الشمس في رحلتها السنوية الظاهرة حول الأرض. إذ
أن للشمس مدارا ظاهريا حول الأرض يعرف بدائرة البروج. ولكن ما يغقله الكثيرون ومن
بينهم ما ينشر في الصحف والمجلات عن ” الحظ والأبراج ” أن عدد الأبراج
حاليا يساوي 13 وليس 12 كما هو شائع بين الناس والسبب في ذلك أن دائرة البروج ليست
ثابتة ولكنها تدور نتيجة لترنح محول دوران الأرض حول نفسها

لذلك
في عصرنا الحالي تمر الشمس خلال 13 منزلا أثناء رحلتها السنوية الظاهرية حول الأرض.
وهذا البرج الجديد يسمى ” الحوّاء والحيّة ” إضافة لهذا فإن تواريخ
الأبراج المألوفة بين الناس قد تغيرت أيضا لنفس السبب الذي سبق ذكره.. ويقارن لنا
الجدول التواريخ الحقيقية وفقا للعام 2000 مع التواريخ التقليدية المشهورة بين
الناس:

التاريخ
وفقا لسنة 2000 التاريخ التقليدي البرج

2/16
– 1/21 1/ 21 – 12/ 22 الجدي

3/11
– 2/17 2/21 – 1/ 22 الدلو

4/18
– 3/11 3/21 – 2/22 الحوت

5/13
– 4/18 4/21 – 3/22 الحمل

6/22
– 5/13 5/21 – 4/22 الثور

7/21
– 6/22 6/21 – 5/22 الجوزاء

8/10
– 7/21 7/21 – 6/22 السرطان

9/16
– 8/10 8/21 – 7/22 الأسد

10/31
– 9/16 9/21 – 8/22 العذراء

11/23
– 10/31 10/21 – 9/22 الميزان

11/29
– 11/23 11/21 -10/22 العقرب

12/18
– 11/29 الحوّاء

1/21
– 12/18 12/21 – 11/22 القوس

 

فمثلا
الشخص الذي ولد يوم 15 / 10 من المفترض أن يكون من برج الميزان. ولكن في الحقيقة
تكون الشمس يوم 15 / 10 في برج العذراء وليست في برج الميزان مما يعني أن شخصية
هذا الإنسان وفقا لما يقوله المشعوذون. الذين يؤمنون بالطالع يدعون أن هناك علاقة
بين شخصية الإنسان وبرجه. قد تغيرت في طرفة عين! فكيف لإنسان عاقل أن يصدق هذا
الهراء كما يبين لنا الجدول أن من ولد بين 29 / 11 و18 / 12 يتبع البرج الجديد
” الحوّاء ” ولكن المشعوذين الذين يدعون الدراية الفلكية ربما لم تصل
إليهم هذه المعلومات بعد

 

بروج
السماء:

قال
تعالى: (ولقد جعلنا في السماء بروجا وزيناها للناظرين) وقال سبحانه: (تبارك الذي
جعل في السماء بروجا وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا) في هاتين الآيتين يطلعنا المصور
البارئ على خاصية من خواص السماء الدنيا التي زينها الخلاق العظيم بالكواكب
والنجوم والمجرات ووصفها المصور في آية أخرى بالمصابيح (ولقد زينا السماء الدنيا
بمصابيح) وكلمة مصابيح تشمل كل الأجرام السماوية من نجوم ومجرات عديدة وتشير إلى الفائدة
التي تعود علينا من هذه الأجرام وهي إنارة ظلمة الليل وإضافة جمال هادئ إلى سكون
الليل وإلى جانب ذلك فهذه المصابيح رتبت في مجموعات لنهتدي بها في ظلمة الليل
الحالكة ولنتأملها بعمق ونجول فيها بنظراتنا مرة ومرات لنرى في كل مرة شكلا جديدا
أو برجا لم نره من قبل

والبروج
التي نعرفها اليوم هي مجموعات من نجوم ليس من الضروري أن يربطها أي علاقة فيزيائية.
أي أن أغلب هذه النجوم لا تكون في العادة متقاربة بل ولا تقع في مجموعة نجمية
واحدة. فبعض نجوم البرج الواحد قد تكون قريبة نسبيا من الأرض بينما يقع البعض
الآخر على مسافة بعيدة نسبيا كل ما نعرفه عن نجوم البرج الواحد أنها تبدو من الأرض
في نفس الاتجاه كما قسم القدماء السماء إلى بروج لسهولة الرجوع إليها ومعرفة
النجوم ما زال الفلكيون يستخدمون هذه البروج حاليا لتقسيم النجوم ولتحديد موقعها
بحيث يدخل كل نجم في برج واحد فقط وما زالت أهميتها عند الفلكيين وذلك بالرغم من
أن العابثين من المنجمين سولت لهم أنفسهم استخدام هذه البروج الجميلة في أطماع
رخيصة لابتزاز أموال البسطاء والجهلاء الذين يعتقدون أن مستقبلهم مكتوب في برج
معين. ومن العجيب حقا أن نرى في القرن العشرين من لا يزال يعتقد أن حركة النجوم
التي يستطيع العلم أن يحسبها بدقة متناهية قد تحمل إليه نبأ ثروة طائلة

هذه
هي البروج الي لفت الخالق نظرنا إلى جمالها في الآية الكريمة: (ولقد جعلنا في
السماء بروجا وزيناها للناظرين) ثم أخبرنا بفائدتها في التعرف على الجهات ودراسة
النجوم: (وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها في ظلمات البر والبحر) (وعلامات
وبالنجم يهتدون) وأخيرا أقسم بها ليعكس لنا أهميتها للإنسان منذ الأزل: (والسماء
ذات البروج)

توضيح..
النظرة الفلكية إلى الماضي لا إلى الحاضر؟:

إذا
رصدنا الشعرى اليمانية، وهو نجم يبعد عنا حوالي 50 مليون مليون ميلا فإننا نراه
حيث كان في الماضي منذ تسع سنوات فإن ضوءه ينتقل إلينا بسرعته الرهيبة في حوالى
ثماني سنوات ولو فرضنا مخلوقا عاقلا قريبا من الشعرى اليمانية يرصد شمسنا سيراها
بقعة صغيرة مضيئة لماعة كأي نجم آخر

عندما
ينظر علماء الفلك خلال مناظيرهم التي تتعمق في الكون لبلايين السنين الضوئية، فإن
الإشعاع الضوئى الذي يصل إلى مناظيرهم كل يحسب زمنه الذي يقطعه، فقد يقطعه في ألف
سنة أو أكثر أو أنقص فالنظرة الفلكية نظرة إلى الماضي لا إلى الحاضر من ذلك ثبت
صحة نظرية النسبية وقد تنبأت هذه النظرية بأشياء كثيرة, إن كل شيء يتحرك، ويحمل
زمنه معه، والزمن مرتبط بكل شيء يتحرك، فله زمنه فالصاروخ أسرع من الطائرة
والطائرة أسرع من القطار وهكذا

كيف
نعرف الأحداث هناك وقد يبعد الكوكب عنا ملايين البلاين من الأميال الضوئية؟

إن
من العجب العجاب أن تذيع السماء أنباءها بغير مخلوقات عاقلة ذكية. إن الذرات نفسها
هي التي تذيع أنباءها وتحكي لنا عما تتعرض له من إثارات ضاغطة أو حرارية أو حركيه

وعندما
تتعرض الذرات لما يثيرها تهتز اليكتروناتها المغنطيسية من مصادرها في كل أرجاء
الكون

السماء
تذيع أنباءها أن هناك عظمة قوية في هذا الكون الرهيب، لقد أخذنا منها جزءا وبقيت
أجزاء لم ننته من بحثها، أنها من خلق الله ومن أنها من خلق الله ومن أئه ونعمه
وقدراته التي لا تنتهي، قال تعالى: (ولو أن ما في الأرض من شجر أقلام والبحر يمده
من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله) سورة لقمان

إن
لكل نبأ من السماء موجة خاصة فعندما نتعرض الذرات الكونية لما يثيرها، تهتز
اهتزازات خاصة وتنتشر الموجات الكهرومغناطيسية من مصادرها في أرجاء السماوات تجري
فيها بسرعة الضوء، وعلى ذلك ففي إمكاننا ترجمة هذا الاهتزاز الكهرومغناطيسي إلى
لغة يمكن قراءتها، كما ترجمتها لفات الإشعاعات الضوئية وصدق الله تعالى حيث يقول: (قل
هل يستوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون والذين لا يعلمون..) فما أروع الكون الذي
نعيش فيه؟

والقرآن
الكريم أشار إلى هذه الأحداث الكونية. ففي تفسير القرطبي في قوله تعالى: (حتى إذا
فزع عن قلوبهم) – ص 5387، جزء / 14 ‘طبعة الشعب – رأي بعض المفسرين مستدلين بحديث
في صحيح الترمذي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أبي هريرة ” إذا قضى
الله في السماء أمرا ضربت الملائكة اجنحتها خضعانا لقوله كأنها سلسلة صفوان، فإذا
فزع عن قلوبهم، قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلى الكبير، وفي حديث آخر إن
الله إذا أراد أن يوحى بالأمر تكلم بالوحي أخذت السماوات منه رحبة أو رعدة شديدة
خوفا من الله تعالى..

 

الزمكان

في
بداية الثمانينات، كان حلم العلماء الأول هو بلوغ مرحلة، اعتبروها ذروة الاتصالات
والانتقالات في الكون، وأطلقوا عليها اسم ” الانتقال الآني ” ومصطلح
” الانتقال الآني ” هذا يعني الانتقال في التو واللحظة من مكان إلى آخر،
يبعد عنه بمسافة كبيرة أو بمعنى أدق الانتقال الآن وفورا

وهذا
الانتقال هو ما نراه في حلقات ” رحلة النجوم “.. تلك الحلقات
التليفزيونية الشهيرة، التي تحولت إلى سلسلة من أفلام الخيال العلمي الناجحة،
بالاسم نفسه، والتي نرى في كل حلقاتها شخصا على الأقل، يدخل إلى أنبوب زجاجي،
لينتقل بوساطة شعاع مبهر إلى أنبوب آخر، في مكان آخر

فكرة
مثيرة مدهشة، تختصر الزمان والمكان إلى أقصى حد ممكن، وككل فكرة مثلها، نجحت في
إثارة اهتمام وخيال العلماء، الذي يتعاملون مع كل أمر باعتباره ممكن الحدوث، لو
نظرنا إليه من زاوية ما وبينما اكتفى المشاهد العادي بالانبهار بالفكرة، أو
الاعتياد عليها، كل العلماء يكدون ويجتهدون، لإيجاد سبيل علمي واحد إليها وعدني
بأنك لن تشعر بالدهشة، والمفاجأة عندما أخبرك أنهم قد نجحوا في هذا، إلى حد ما.
نعم.. نجحوا في تحقيق ذلك ” الانتقال الآني ” في العمل، ولكن هذا لم
ينشر على نطاق واسع.. السؤال هو لماذا!؟! ما داموا قد توصلوا إلى كشف مذهل كهذا،
فلماذا لم ينشر الأمر باعتباره معجزة علمية جديدة، كفيلة بقلب كل الموازين رأسا
على عقب؟! والجواب يحوي عدة نقاط مهمة كالمعتاد فالانتقال الذي نجح فيه العلماء،
تم لمسافة تسعين سنتيمترا فحسب، ومن ناقوس زجاجي مفرغ من الهواء إلى ناقوس آخر
مماثل، تربطهما قناة من الألياف الزجاجية السميكة، التي يحيط بها مجال كهرومغنطيسي
قوي

ثم
ان ذلك الانتقال الآني، تحت هذه الظروف المعقدة، والخاصة جدا، لم ينجح قط مع أجسام
مركبة، أو حتى معقولة الحجم، كل ما نجحوا في هو نقل عملة معدنية جديدة، من فئة
خمسة سنتات أميركية من ناقوس إلى آخر.ثم انه لم يكن انتقالا آنيا على الإطلاق، إلا
لو اعتبرنا أن مرور ساعة وست دقائق، بين اختفاء العملة من الناقوس الأول، وحتى
ظهورها في الناقوس الثاني، أمرا آنيا! لذا، ولكل العوامل السابقة، اعتبر علماء
أوائل الثمانينات أن تجاربهم، الخاصة بعملية الانتقال الآني قد فشلت تماما ولكن
علماء نهاية التسعينات نظروا إلى الأمر من زاوية مختلفة تماما، فمن وجهة نظر بعضهم،
كان ما حدث انتقالا عبر ” الزمكان ” أو عبر الزمان والمكان معا، وليس
انتقالا آنيا بالمعنى المعروف ومن هذا المنطلق، أعادوا التجربة مرة آخرى ولكن من
منظور مختلف تماما، يناسب الغرض الذي يسعون إليه هذه المرة، ولتحقيق الغرض المنشود،
رفعوا درجة حرارة العملة المعدنية هذه المرة، وقاسوها بمنتهى الدقة، وبأجهزة حديثة
للغاية، وحسبوا معدلات انخفاضها، في وسط مفرغ من الهواء، ثم بدؤوا التجربة.وفي
البداية، بدا وكأن شيئا لم يتغير، قطعة العملة اختفت من الناقوس الأول ثم عادت إلى
الظهور في الناقوس الثاني, بعد ساعة وست دقائق بالتحديد، ولكن العلماء التقطوا
العملة هذه المرة، وأعادوا قياس درجة حرارتها بالدقة نفسها والأجهزة الحديثة نفسها
للغاية. ثم صرخوا مهللين. فالانخفاض الذى حدث، في درجة حرارة العملة المعدنية
الصغيرة، كان يساوي وفقا للحسابات الدقيقة، أربع ثوان من الزمن فحسب، وهذا يعني أن
فرضيتهم الجديدة صحيحة تماما. فتلك السنتات الخمسة الأميركية ق انتقلت ليس عبر
المكان وحده، ولكن عبر الزمان أيضا أو بالمصطلح الجديد، عبر الزمكان فعلى الرغمن
من أن الزمن الذي سجله العلماء فعليا، لانتقال تلك العملة، من ناقوس إلى آخر، هو
ساعة وست دقائق، إلا أن زمن الانتقال، بالنسبة لها هي، لم يتجاوز الثواني الأربع

انتصار
ساحق لنظري السفر عبر الزمن. ولكن يحتاج إلى زمن طويل آخر، لوضعه موضع الاعتبار،
أو حتى لوضع قائمة بقواعده، وشروطه، ومواصفاته. فالمشكلة، التي ما زالت تعترض كل
شيء هي أن تكل النواقيس المفرغة ما زالت عاجزة عن نقل جسم مركب واحد، مهما بلغت
دقته، أو بلغ صغره.. لقد حاول العلماء هذا، حاولوا وحالوا وفي كل مرة، كانت
النتائج تأتي مخيبة للآمال بشدة، فالجسم المركب الذي يتم نقله، تمتزج أجزاؤه
ببعضها البعض، على نحو عشوائي، يختلف في كل مرة عن الأخرى وليس كما يمكن أن يحدث،
لو أننا صهرنا كل مكوناته مع بعضها البعض، ولكنه امتزج من نوع عجيب، لا يمكن حدوثه
في الطبيعة، حيث تذوب الجزيئات في بعضها البعض، لتمنحنا في النهاية شيئا لا يمكن
وصفه، المزدوجه المتناقضة، التي تثير حيرة الكل بلا استثناء

إنه
ممكن ومستحيل في آن واحد، ممكن جدا، بدليل أنه يحدث من آن إلى آخر ومستحيل جدا،
لأنه لا توجد وسيلة واحدة لكشف أسرار وقواعد حدوثه في أي زمن. بل ولا توجد حتى
وسيلة للاستفادة منه. ولقد كان الأمر يصيب العلماء بإحباط نهائي، لولا أن ظهر
عبقري آخر، في العصر الحديث ليقلب الموازين كلها رأسا على عقب مرة أخرى انه ”
ستيفن هوكنج ” الفيزيائي العبقري، الذي وضع الخالق عز وجل قوته كلها في عقله،
وسلبها من جسده، الذي أصيب في حداثته بمرض نادر، جعل عضلاته كلها تضمر وتنكمش، حتى
لم يعد باستطاعته حتى أن يتحرك، وعلى الرغم من هذا فهو أستاذ للرياضيات بجامعة
” كمبردج ” البريطانية، ويشغل المنصب ذاته، الذي شغله ” اسحق نيوتن
” واضع قوانين الجاذبية الأولى منذ ثلاثة قرون

والعجيب
أن ستيفن هوكنج قد حدد هدفه منذ صباه، ففي الرابعة عشرة من عمرة, قرر ان يصبح
عالما فيزيائيا. وهذا ما كان. ولقد كشف ستيفن هوكنج عن وجود أنواع أخرى من الثقوب
السوداء، اطلق عليها اسم ” الثقوب الأولية ” بل اثبت ان تلك الثقوب تشع
نوعا من الحرارة، على الرغم من قوة الجذب الهائلة لها ومع كشوفه المتتالية, التي
قوبلت دوما باستنكار أولي, ثم انبهار تال، فتح هوكنج شهية العلماء، للعودة إلى
دراسة احتماليات السفر عبر ” الزمكان ” الكوني، لبلوغ كواكب ومجرات, من
المستحيل حتى تخيل فكرة الوصول إليها بالتقنيات المعروفة حاليا وهنا ظهرت إلى
الوجود مصطلحات وكشوف جديدة مثل انفاق منظومة الفضاء والزمن،والدروب الدوارة,
والنسيج الفضائي، وغيرها، وكل مصطلح منها يحتاج إلى سلسلة من المقالات لوصفه، وشرح
وتفسير أبعاده المعقدة، وأهمية المدهشة في عملية السفر عبر الزمن والمكان.. أو
الزمكان

وأصبح
ذلك المصطلح يضم قائمة من العلماء، إلى جوار ” ألبرت أينشتين “مثل
” كارل شفارتزشليد “و ” مارتن كروسكال ” و” كيب ثورن
” و” ستيفن هوكنج ” نفسه وبالنسبة للمعادلات الرياضية، مازال السفر
عبر الزمن ممكنا، وما زال هناك احتمال لأن يسير الزمن على نحو عكسي، في مكان ما من
الفضاء أو الكون، أو حتى في بعد آخر، من الأبعاد التي تحدث عنها ” أينشتين
” والآخرون وما زالت هناك عمليات رصد لأجسام مضادة تسير عكس الزمن، وتجارب
علمية معملية، تؤكد احتمالية حدوث هذا الأمر الخارق للمألوف، تحت ظروف ومواصفات
خاصة ودقيقة جدا وما زال العلماء يجاهدون ويعملون ويحاولون ولكن يبقى السؤال نفسه
حتى لحظه كتابة هذه السطور. هل يمكن أن تتحول قصة ” آلة الزمن ” يوما
إلى حقيقة؟! وهل يتمكن البشر اليوم من السفر عبر الزمكان إلى الماضي السحيق، أو
المستقبل البعيد؟ هل؟! من يدري؟! ربما

 

حقيقة
السفر في الزمان

هل
يمكننا أن نسافر إلى الماضي, أو نرحل إلى المستقبل? سؤالان أجابت عنهما أساطير
الشعوب وقصص الخيال العلمي. لكنهما لم يكونا أبدًا بعيدين عن اهتمام البحث العلمي
المتقدم.في عام 1971 قام العلماء بتجربة حول نسبية الزمان, فتم وضع أربع ساعات
ذرية من السيزيوم على طائرات نفاثة تقوم برحلات منتظمة حول العالم, في اتجاهات
شرقية وغربية. وبمقارنة الأزمنة التي سجلتها الساعات على الطائرات مع الزمن الذي
سجل بمرصد البحرية الأمريكية, وجد أن الزمن المسجل على الطائرات أبطأ منه على
الأرض بفارق ضئيل يتفق مع قوانين النسبية الخاصة. وفي عام 1976 وضعت ساعة
هيدروجينية في صاروخ وصل إلى ارتفاع 10000 كيلومتر عن سطح الأرض, حيث أصبحت الساعة
على الصاروخ في مجال جاذبي أضعف منه على سطح الأرض. وقورنت إشارات الساعة على
الصاروخ بالساعات على الأرض, فوجد أن الساعة على الأرض أبطأ منها على الصاروخ
بحوالي 4.5 جزء من عشرة آلاف مليون من الثانية, بما يتفق مع تنبؤات النسبية العامة
بدقة عالية. والساعة الهيدروجينية الحديثة تعمل بدقة يعادل فيها الخطأ ثانية واحدة
في كل ثلاثة ملايين سنة. وهذه القياسات تثبت – بلا شك – الظاهرة المعروفة (بتمدد)
الزمن, والتي تعد أهم تنبؤات النظرية النسبية. فالتجربة الأولى تثبت أن الزمن
(يتمدد) كلما ازدادت سرعة الجسم, أما التجربة الثانية فتثبت أن الزمن (يتمدد) إذا
تعرض الجسم لمجال جاذبي قوي. و(تمدد) الزمن في هذا السياق ليس مفهومًا فيزيائيًا
نظريًا خاصًا بالأجسام الدقيقة دون الذرية, وإنما هو (تمدد) حقيقي في الزمن الذي
يحيا فيه الإنسان. فلو زادت سرعة إنسان ما (في سفينة فضاء مثلا) إلى حوالي 87% من
سرعة الضوء, فإن الزمن يبطؤ لديه بمعدل50%. فلو سافر على السفينة لمدة عشرة أعوام
– مثلا – فسيجد ابنه المولود حديثًا قد أصبح عمره عشرين عامًا, أو أن أخيه التوأم
يكبره بعشرة أعوام. إن (تمدد الزمن) والسفر في الزمن, بهذا المعنى, هو حقيقة مثلما
أن الأرض كروية وأن المادة تتكون من ذرات وأن تحطيم الذرة يطلق طاقة هائلة. كما أن
السفر بسرعة تقترب من سرعة الضوء هو أمر ممكن فيزيائيا وتكنولوجيا, فقد اقترح أحد
العلماء تصميم سفينة فضائية تعتمد على محرك دمج نووي يستخدم المادة المنتشرة في
الفضاء كوقود, وأن يتم التسارع بمعدل 1ج (وهو معدل التسارع على الكرة الأرضية).
وفي تصميم كهذا يمكن أن تصل سرعة السفينة إلى سرعة قريبة من سرعة الضوء خلال عام
واحد, وبالتالي يبطؤ الزمن إلى حد كبير, وبالنظر إلى التطور المستمر للتكنولوجيا
حاليًا يصبح من المعقول تمامًا افتراض وصول تكنولوجيتنا في المستقبل إلى بناء مثل
هذه السفينة النجمية. ويرى عالم الفلك كارل ساجان أن هذا يمكن أن يحدث خلال عدة
مئات من السنين. وبناء على ذلك كون مجموعة من العلماء يرأسها الأمريكي كيب ثورن
والروسي إيجور نوفيكوف ما أسموه ب(كونسورتيوم) روسي – أمريكي لتحقيق تقنية تسمح
بتكوين آلة للسفر في الزمان.فماذا تعني هذه الحقائق بالنسبة لغير المتخصص في
الفيزياء? هل تعني أن مفهومنا (الطبيعي) عن الزمن قد تغير? وكيف يمكن أن يكون
العالم في ظل إمكان السفر عبر الزمان? وهل هذا مجرد خيال علمي? أم أنه يمكن أن
يحدث فعلاً في المستقبل? هذه ليست سوى بعض التساؤلات التي تفرضها تلك الحقائق
العلمية المحيرة

 

ما
الزمن?

لا
يمثل الزمن بالنسبة للإنسان العادي سوى تتابع المواقيت الناتج عن شروق الشمس
وغروبها وعن دوران الأرض حول الشمس, والقمر حول الأرض. أما الزمن عند العلماء فهو
مفهوم أساسي لابد منه لضبط التجربة العلمية. ففي عصر العلم الحديث أصبح من الضروري
طرح تصوّر للأسلوب العلمي يكفل إجراء التجربة العلمية بواسطة علماء مختلفين وتحقيق
النتائج نفسها, وذلك يستلزم وجود مقياس دقيق للزمن ومرجعية ثابتة له بالنسبة لجميع
العلماء. وكان هذا التصوّر هو التصوّر النيوتوني للزمن المطلق, فحسب اسحق نيوتن
(الزمان المطلق الحقيقي, الرياضي, ينساب من تلقاء نفسه وبطبيعته الخاصة, باطراد
دون علاقة بأي شيء خارجي, ويطلق عليه اسم الديمومة). وفي واقع الأمر كانت النظرة
النيوتونية للكون ذي الزمان والمكان المطلقين ناجحة في تفسير 99% من حقائق الكون,
وتمكنت من تحقيق تقدم كبير في العلم الحديث. ولكن مع تقدم العلم وزيادة دقة
الملاحظات تكشفت العديد من الظواهر التي أدت إلى الشك في الصحة المطلقة للنظرة
النيوتونية. فحسب قوانين نيوتن يجب أن تتغير سرعة الضوء بحسب سرعة واتجاه حركة
مصدره, ولكن العلماء اكتشفوا في تجربة مشهورة, هي تجربة (ميكلسون – مورلي) عام
1887, أن سرعة الضوء ثابتة بغض النظر عن سرعة مصدره وعن اتجاه حركته. كما تبين من
قياس حركة كواكب المجموعة الشمسية أنها تتفق مع نظرة نيوتن فيما عدا كوكب عطارد,
حيث وجد فرق ضئيل جدا بين حسابات ميكانيكا نيوتن وحركته في الواقع, بالإضافة إلى
هذا وذاك تعارضت ميكانيكا نيوتن مع نظرية جيمس كلارك ماكسويل عن الموجات
الكهرومغناطيسية والتي تتعامل مع الضوء على أنه موجات وعلى أن سرعته ثابتة. ولم
يكن هناك مفر من ظهور نظرية النسبية, فقدم ألبرت أينشتين نظرية النسبية الخاصة عام
1905 والنسبية العامة عام 1915.

 

انحناء
الفضاء والنسبية العامة

تعرف
الهندسة المستوية بالهندسة الإقليدية, نسبة إلى إقليدس الذي عاش حوالي عام 300ق.م
وبواسطة هذه الهندسة يمكن توصيف أي شكل هندسي بواسطة نظام الإحداثيات الكارتيزية,
أي استخدام الأسطح المستوية في توصيف الخطوط المنحنية والمجسمات الفراغية. والفضاء
طبقا لهذه الهندسة هو فضاء مستو. ولم تكن تلك هي الهندسة الوحيدة الممكنة, فقد طرح
لوباتشفسكي عام 1828 هندسة لاإقليدية ذات أسطح منحنية مفتوحة معتمدة على منحنى
القطع الزائد. ثم طرح برنارد ريمان عام 1850 هندسة لاإقليدية معتمدة على السطح
الكروي المنغلق, وطورها ويليام كليفورد عام 1870 وافترض احتمال أن يكون الفضاء
الكوني رباعي الأبعاد ينطوي على تشوّهات وتضاريس تشابه تضاريس سطح الأرض. ولم يكن
ينقص تصور كليفورد سوى التفسير الفيزيائي الصحيح حتى يتطابق مع نظرية النسبية
العامة, التي طرحت بعد 45 عاما. فالبعد الرابع في الفضاء لم يكن سوى الزمن
وتشوّهات الفضاء لم تكن سوى التأثيرات الجذبوية للأجسام.

وبتقديم
آينشتين لنظرية النسبية الخاصة عام 1905 والتي وضع فيها معادلات حركة الأجسام في فضاء
مستو رباعي الأبعاد, وبوجود الهندسة اللاإقليدية منذ زمن ثم طرحه لفكرة التواء
الزمان والمكان بتأثير الجاذبية, تكونت لدى آينشتين المادة الخام لنظرية متكاملة
للجاذبية يمكن أن تكون بديلاً لنظرية نيوتن. ولما لم يكن آينشتين بارعًا في
الرياضيات فقد لجأ إلى صديقه في الدراسة مارسيل جروسمان, وكان قد أصبح آنذاك
عميدًا لمعهد البوليتكنيك بزيوريخ, وكان بارعًا في الهندسة اللاإقليدية, ووجد الحل
في هندسة ريمان للأسطح المنحنية المغلقة. وقدمت الصورة النهائية للنظرية في ثلاث
جلسات في أكاديمية العلوم في برلين عام 1915, وطبعت عام 1916.وكان من أهم نتائج
النسبية العامة تغير نظرتنا إلى الكون, فالمكان والزمان ليسا خلفية ثابتة للأحداث,
وإنما هما مساهمان نشيطان في ديناميات الكون. والفكرة الأساسية هي أنها تضم (بعد)
الزمان إلى أبعاد المكان الثلاثة لتشكّل ما يسمى بمتصل (الزمكان). وتدمج النظرية
تأثير الجاذبية بأن تطرح أن توزيع المادة والطاقة في الكون (يحني) و(يشوه) الزمكان
بحيث أنه لا يكون مسطحا, ولما كان (الزمكان) منحنيا فإن مسارات الأجسام تظهر
منحنية, وتتحرك كما لو كانت متأثرة بمجال جذبوي. وانحناء (الزمكان) لا يؤدي فقط
إلى انحناء مسار الأجسام ولكنه أيضًا يؤدي إلى انحناء الضوء نفسه. وقد وجد أول
برهان تجريبي لذلك عام 1919 حينما تم إثبات انحناء الضوء الصادر من أحد النجوم عند
مروره بجوار الشمس بتأثير مجاله الجذبوي. وتم ذلك بمراقبة الموقع الظاهري للنجم
خلال كسوف الشمس ومقارنته بموقعه الحقيقي. فالزمكان ينحني بشدة في حضور الأجسام
ذات الكتلة الضخمة, ويعني ذلك أن الأجسام تنحرف في المكان أثناء الحركة وكذلك
تنحني في الزمان بأن تبطئ زمنها الخاص نتيجة للتأثير الجذبوي لتلك الكتلة. فإذا
تصوّرنا فضاء رباعي الأبعاد له ثلاثة أبعاد تمثل المكان وبعدا رابعا للزمان ورسمنا
خط الحركة المنحنية للجسم مع تباطؤ الزمن على المحور الرابع, ظهر لنا (الزمكان)
منحنيا بتأثير الكتلة الجاذبة.

 

الثقوب
السوداء

في
العام نفسه الذي ظهرت فيه النسبية العامة 1916 وطرح فكرة انحناء (الزمكان), أثبت
الفلكي الألماني كارل سفارتسشيلد أنه إذا ضغطت كتلة (ك) في حدود نصف قطر صغير بما
فيه الكفاية, فإن انحراف (الزمكان) سيكون كبيرا بحيث لن تتمكن أي إشارة من أي نوع
من الإفلات, بما فيها الضوء نفسه, مكونا حيّزا لا يمكن رؤيته, سمي فيما بعد (الثقب
الأسود). ويحدث ذلك عند انهيار نجم تتجاوز كتلته كتلتين شمسيتين, حيث ينضغط
ويتداخل بفعل قوته الجاذبة حتى تكون كل مادة النجم قد انضغطت في نقطة ذات كثافة
لامتناهية, تسمى نقطة التفرد الزمكاني. وأي شعاع ضوء (أو أي جسم) يرسل داخل حدود
الثقب الأسود, ويسمى أفق الحدث, يسحب دون هوادة إلى مركز الثقب الأسود. ومن
الناحية النظرية يبدو أنه عند الاقتراب من الثقب الأسود تتزايد انحناءة (الزمكان)
حتى تبلغ أفق الحدث, الذي لا نستطيع أن نرى ما وراءه. ورغم أن فكرة وجود نجم بهذه
المواصفات ترجع إلى العالم جون ميتشيل الذي قدمها في ورقة بحث عام 1783, إلا أن
مساهمة سفارتسشيلد تكمن في أنه قدم حلولا للمعادلات التي تصف انهيار النجم إلى ثقب
أسود على أساس نظرية النسبية. واتضح لاحقًا أن سفارتسشيلد لم يصل إلى حل واحد
للثقب الأسود, وإنما إلى حلين, وهو شيء يشابه الحل الموجب والحل السالب للجذر
التربيعي. فالمعادلات التي تصف الانهيار النهائي لجسم يقتحم الثقب الأسود تصف
أيضا, كحل بديل, ما يحدث لجسم يخرج من الثقب الأسود (يطلق عليه في هذه الحال
أحيانا (الثقب الأبيض)). وبذلك يبدو أننا إذا ما تابعنا انحناء الزمكان داخل الثقب
الأسود يبدو لنا وكأنه ينفتح مرة أخرى على زمكان آخر, فكأنما الثقب الأسود يربط
(زمكان) كوننا (بزمكان) مختلف تمام الاختلاف, ربما زمكان لكون آخر.

ولكن
المشكلة كانت في أن أي مادة تدخل مثل هذا الثقب الأسود ستسقط حتمًا في التفردية
المركزية لتنسحق بشكل يخرج عن فهمنا. ولكن مع تقدم الأبحاث وجدت هذه المشكلة حلا,
فقد ثبت أن كل الأجسام المادية في الكون تدور سواء كانت مجرات أو نجوما أو كواكب,
ومن ثم فإننا نتوقع أن تدور الثقوب السوداء بالمثل. وفي تلك الحال يمكن أن يدخل
جسم ما إلى الثقب الأسود ويخرج من الناحية الأخرى دون أن يمر بالمفردة ويتحطم,
وذلك بتأثير دوران الثقب الأسود. وفي عام 1963 نشر روي كير حلول آينشتين لمعادلات
المجال المتعلقة بالثقوب السوداء الدوّارة, وبينت أنه ينبغي أن يكون من الممكن من
حيث المبدأ الدخول إلى ثقب أسود دوار من خلال ممر يتجنب التفردية المركزية (نقطة
الانسحاق) ليظهر على ما يبدو في كون آخر, أو ربما في منطقة (زمكان) أخرى في كوننا
ذاته, ويتحول بذلك الثقب الأسود إلى ما يسمى بالثقب (الدودي). وبذلك تثير هذه
النتيجة بشكل قوي إمكان استخدام الثقوب السوداء بوصفها وسيلة للسفر إلى الماضي بين
أجزاء مختلفة من الكون والزمان.

 

وسائل
السفر في الزمان

إن
فكرة استخدام الثقوب السوداء في السفر عبر الزمان تعتمد على أنه من الممكن عندما
يحدث انحناء شديد (للزمكان) أن يحدث اتصال بين نقطتين متباعدتين في (الزمكان).
وبالتالي إذا تحقق مسار مغلق (للزمكان) يمكن العودة إلى نقطة البدء في الزمان
والمكان, أي السفر إلى الماضي. ويرى بعض العلماء أن السفر إلى الماضي يحدث حقا
ولكن على المستوى الميكروسكوبي, حيث تتكون ثقوب سوداء ميكروسكوبية نتيجة نشوء
مجالات تلقائية من الطاقة السلبية كأحد تأثيرات نظرية الكم. وفي هذه الثقوب تتردد
الجسيمات/الموجات دون الذرية بين الماضي والحاضر, ولكن هذه الثقوب لا تدوم إلا
لأجزاء ضئيلة جدًا من الثانية.وطرحت فيما بعد عدة أفكار للسفر عبر الزمان تعتمد
بشكل أو بآخر على فكرة المسار المغلق للزمكان. فطرح البعض الاعتماد على ما يسمى
(بالأوتار الكونية), وهي أجسام يفترض أنها تخلفت عن (الانفجار العظيم) لها طول
يقدر بالسنين الضوئية, ولكنها دقيقة جدا إلى حد انحناء (الزمكان) بشدة حولها. فإذا
تقابل وتران كونيان يسير أحدهما عبر الآخر بسرعة الضوء تقريبًا تكون منحنى مغلق
للزمكان يستطيع المرء اتباعه للسفر في الماضي. وقدم فرانك تبلر عام 1974 فكرة
للسفر عبر الزمان تعتمد على أن اسطوانة كثيفة الكتلة سريعة الدوران سوف تجر (الزمكان)
حولها مكونة مسارات زمنية مغلقة. وفي عام 1949 أثبت الرياضي الشهير كورت جودل أن
الكون يمكن أن يكون دوارًا, بمعدل بطيء جدا, وأنه يمكن أن يترتب على ذلك مسار مغلق
في الزمكان.أما كيب ثورن وزملاؤه فقد وضعوا تصميمًا لآلة للسفر في الزمن تعتمد على
تخليق ثقب دودي ميكروسكوبي في المعمل, وذلك من خلال تحطيم الذرة في معجل للجسيمات.
ثم يلي ذلك التأثير على الثقب الدودي الناتج بواسطة نبضات من الطاقة حتى يستمر
فترة مناسبة في الزمان, ويلي ذلك خطوة تشكيله بواسطة شحنات كهربية تؤدي إلى تحديد
مدخل ومخرج للثقب الدودي, وأخيرًا تكبيره بحيث يناسب حجم رائد فضاء بواسطة إضافة
طاقة سلبية ناتجة عن نبضات الليزر.وقد أدت تلك التصوّرات النظرية لإمكان السفر إلى
الماضي إلى مناقشة التناقضات الناتجة عن ذلك, كمثل أن يسافر المرء إلى الماضي
ليقتل جدته قبل أن تحمل بأمه, أو أن يؤثر على مسار التاريخ فيمنع الحروب مثلا..
إلخ. ورأى بعض العلماء أنه يمكن حل تلك المفارقات من خلال مفهوم المسارات
المتوازية للتاريخ بحيث يكون لكل إمكان مسار مستقل للأحداث. فيكون العالم بعد
تغيير أحداثه في الماضي عالمًا مستقلاً موازيًا. وفي الوقت الحالي لا تمثل تلك
المناقشات سوى أفكار تأملية فلسفية وليست علمية, فلم يسافر أحد إلى الماضي حتى
الآن. ويؤيد ستيفن هوكنج العالم المشهور بأبحاثه عن الثقوب السوداء ونشأة الكون
فكرة حدوث السفر في الماضي على المستوى الميكروسكوبي, ولكنه يرى أن احتمال أن يكون
هناك انحناء في الزمكان يكفي لوجود آلة للزمان تسمح بالسفر في الماضي هو صفر. ويرى
أن هذا يدعم ما يسميه (حدس حماية التتابع الزمني) الذي يقول إن قوانين الفيزياء
تتآمر لمنع الأشياء الميكروسكوبية من السفر في الزمان. ويرى بول ديفيز أن وجود جسر
للزمان ما هو إلا مفهوم مثالي لا يضع في حسبانه الموقف الفيزيائي اللا واقعي للثقب
الأسود في الكون, وأنه من الأرجح أن هذا الجسر المثالي, لابد أن يتحطم داخل الثقب
الأسود. ومع ذلك فإن ما يجري داخل الثقب الأسود سيظل مثيرًا للبحث العلمي والتأمل
العقلي, وأنه يستطيع أن يكشف لنا عن مزيد من جوانب الطبيعة التي يتسم بها الزمان.فالعلماء
في واقع الأمر يختلفون في تقدير إمكان السفر في الماضي, وإن كانت الغالبية ترى أن
هذا غير ممكن. ويذكر ستيفن هوكنج أن كيب ثورن يعتبر أول عالم جاد يناقش السفر في
الزمان كاحتمال عملي. وهو يرى أن ذلك له فائدة في كل حال, فعلى الأقل سيمكننا من
أن نعرف لم لا يمكن السفر في الماضي? وأن فهم ذلك لن يتأتى إلا بعد الوصول إلى
نظرية موحدة للكم والجاذبية (النظرية الموحدة للقوى), وسيظل تفسير ما يحدث للمادة
داخل الثقب الأسود أو في مسار زمكاني مغلق مبهمًا بالنسبة إلينا.

 

عودة
إلى انحناء الزمكان

كما
هو واضح فإن فكرة السفر في الماضي طبقا لنظرية النسبية تعتمد بصفة أساسية على
تكوين منحنى مغلق للزمكان يسمح بالعودة إلى نقطة البدء في الزمان والمكان. ولذلك
فمفهوم (الزمكان هو القضية الأساسية عند بحث نسبية الزمن والسفر في الماضي. فما هو
المعنى الواقعي للزمكان, وهل له وجود مستقل أم لا?تخبرنا فلسفة العلم المعاصرة أن
هناك نظرتين أساسيتين للمفاهيم والتصورات العلمية, الأولى أن هذه المفاهيم تعبر عن
حقائق عن العالم الخارجي, فالنموذج المعياري للذرة والكوارك والثقب الأسود ومنحنى
الزمكان هي حقائق عن العالم. أما النظرة الثانية فتخبرنا أن هذه المفاهيم ليست سوى
أدوات جيدة للتعامل مع العالم, ولا تعبر عن حقائق واقعية عنه. أو على الأقل هي
حقائق تقريبية عن العالم لا نضمن صحتها المطلقة ولكن نستخدمها لأنها تفيدنا في
التعامل مع العالم. ومفهوم (الزمكان) ينطبق عليه هذا الوصف نفسه, فهو ليس حقيقة من
حقائق العالم ولكنه أداة جيدة للتعامل معه. فالموجود على الحقيقة هو الأجسام التي
تتحرك في الفضاء, وقيمة مفهوم (الزمكان) هي في أنه يمكننا بفاعلية من توصيف هذه
الحركة بشكل دقيق.فإذا أخذنا ذلك في الاعتبار سنجد أن استحالة السفر في الماضي
ليست بسبب تواطؤ الطبيعة, كما ذهب هوكنج, ولا بسبب ما يترتب عليها من تناقضات في
التاريخ, كما رأى آخرون, وإنما بسبب التجاوز في استخدام مفهوم (الزمكان) كأداة
للنظر إلى العالم. ويتمثل هذا التجاوز في تحويل هذا المفهوم من مجرد تصور ملائم
لوصف حركة الأجسام إلى موضوع للبحث يتغير لينتج وقائع جديدة. وتحويل الأداة إلى
موضوع هو أمر غير صحيح, وإنما الصحيح هو أن يكون موضوع تصوراتنا هو الأجسام نفسها
حتى لو كان ذلك غير مباشر من خلال المفاهيم والأدوات العلمية. فالقول بانحناء
الزمكان هو قول مجازي يقصد به أن الأجسام تسلك في حركتها مسارا منحنيا بتأثير
جاذبية الأجسام حسب نظرية النسبية. ولكن ليس هناك في الحقيقة زمكان حتى ينحني.
ولذلك فالقول إن الزمكان ينحني حتى ينغلق على نفسه, إذا أخذ حرفيا, هو قول في
الواقع لا يعني شيئا, إذ مفهوم الزمكان ليس موضوعا. فإن شئنا اعتباره تعبيرا
مجازيا وجب تحويله إلى معنى مباشر مرتبط بحركة الأجسام. وفي هذه الحالة تكون أقصى
درجات انحناء الزمكان هي بمعنى الوصول إلى البطء في التغير في حركة الجسم حتى
التوقف النهائي عن الحركة, وهي حالة تتوقف عندها القوانين الطبيعية. فالحديث عما
يمكن أن يحدث عند هذه الحالة, والتي توصف مجازيا بانغلاق منحنى الزمكان, هو كمثل
الحديث عن الحالة عند بدء الكون. أما الحديث عما قد يحدث بعد دخول الجسم في حالة
انغلاق منحنى الزمكان فهو كمثل الحديث عما قد يكون قد حدث قبل بدء الكون, وهو حديث
لا يمكن أن يكون علميا بالمعنى التجريبي المعروف.

إن
الزمن هو التغير والسبب في شعورنا بانسياب الزمن هو الانتظام الكامن في الطبيعة
الذي يظهر في صورة انتظام للحركة. ويكون مقياس الزمن لجسم ما هو معدل (تغيره)
منسوبا لتغير جسم آخر منتظم (كدقات الساعة مثلا). وتخبرنا نظرية النسبية العامة
بأن الزمن الخاص بالجسم (أي معدل تغيره) يكون أبطأ إذا تحرك بسرعة أكبر أو إذا
تعرض لمجال جاذبي قوي, أي إذا تأثرت طاقته الكلية. وذلك في حين تخبرنا النظرية
المعيارية للذرة بأن مكونات الذرة, (وبالتالي كل الأجسام) تتراوح ما بين الحالة
الجسيمية والحالة الموجية. فإذا كان الزمن الخاص بالجسم هو معدل تغيره, فإن الارتباط
بين طاقة الجسم ومعدل تغيره, كما تخبرنا نظرية النسبية العامة, يكون أمرا مقبولا.
كما أن تأثر المسافات داخل الذرة (وبالتالي طول الجسم) بتغير طاقة الجسم يكون أمرا
مقبولا أيضا.فإذا اقتصر تصورنا على أن الزمن ليس إلا تعبيرا عن قياس معدل التغير
لجسم ما أصبح واضحا أن هذا التغير لا يمكن الحديث عنه بعد حدوثه كأنه موجود يمكن
الذهاب إليه (في الماضي). ولا يمكن أيضا الحديث عنه باعتباره موجودا في المستقبل
وأننا يمكننا الذهاب إليه. والسبيل الوحيد للحديث عنه هو باعتباره معلومات محفوظة
في الذاكرة لا تتمتع بأي وجود, مستقل لا في الماضي ولا في المستقبل. فواقع ان
(التغير) في ظروف معينة يمكن أن يكون أسرع منه في ظروف أخرى لا يعني أن الانتقال
من هذه إلى تلك ثم العودة يعني السفر إلى المستقبل إلا بمعنى مجازي. فالسفر على
متن سفينة فضاء تسير بسرعة تقترب من سرعة الضوء ثم العودة إلى الأرض بعد أن يكون
قد مر عليها عشرة آلاف عام مثلا لا يعني سوى أن التغير على متن السفينة أبطأ منه
على ظهر الأرض بهذه الفترة. والسبب في وجود هذا النوع من التصورات (مثل السفر إلى
الماضي والمستقبل) والمرتبطة بالنسبية العامة, هو أن النسبية العامة نظرية مرتبطة
بظواهر الأجسام فقط, وليست مرتبطة ببنية وجودها المادي, كما هي الحال في نظرية
الكم. فنسبية الزمن هي (ظاهرة) ولكن سببها المباشر المرتبط ببنية الوجود دون الذري
لا يزال مجهولا, وذلك بسبب غياب النظرية الموحدة للكم والجاذبية. وبسبب غياب هذه
النظرية تسود نظريات الخيال العلمي والتي لا ترقى لأن تكون نظريات علمية تجريبية,
وبسبب غياب هذه النظرية أيضا تختلف الآراء بين العلماء.فباعتبار أن الزمن هو
التغير وأنه ليس له وجود مستقل ولا لمنحنى الزمكان المغلق, فإنه لا يكون من معنى
للسفر إلى المستقبل إلا بمعنى مجازي. فنحن نسافر في المستقبل بمعدل يوم واحد كل
يوم, ونستطيع أن نسافر بمعدل أبطأ من ذلك إذا تحركنا بسرعة أكبر. أما بالمعنى
الحرفي الواقعي فنحن لا يمكننا السفر في الزمان لا في الماضي ولا حتى في المستقب

 

مقاييس
الزمن


أصغر وحدة زمنية علمية هي الأتو ثانية وهي تعادل واحدا على بليون بليون من
الثانية, أي يشيش ثانية.


الفمتو ثانية تعادل واحدا على مليون بليون من الثانية, أي 0, وهو الزمن الذي يجب
أن تصل إليه تقنيات التصوير بالليزر حتى يمكن رؤية الحالات الانتقالية للتفاعل
الكيميائي بين الذرات.


البيكو ثانية تعادل واحدا على مليون مليون من الثانية, أي ثانية, وهي أطول زمن
يمكن أن يستغرقه التفاعل الكيميائي.


الميكرو ثانية تعادل واحدا على مليون من الثانية, اي ويستغرق الانفجار الناتج عن
المفرقعات عدة ميكرو ثانية.


الثانية, وتستغرق دقة القلب في المتوسط ما يقرب من ثانية واحدة تتراوح عدد دقات
قلب الإنسان من بين 50 ومائة دقة في الدقيقة.


الساعة, وهي تساوي واحدا على أربعة وعشرين من الزمن اللازم لدورة الأرض حول نفسها
دورة واحدة. وفي الحضارات القديمة كان يتم تقسيم النهار إلى اثنتي عشرة ساعة
متساوية, وكان ذلك يؤدي إلى أن يتغير طول الساعة تبعا لفصول السنة.


تقسيم الزمن لأسابيع هو تقسيم تعسفي لا علاقة له بالطبيعة.


أساس نظامنا الحالي للوقت يعتمد على تعريف الثانية على أساس تردد ذبذبة ذرات
السيزيوم والذي تم التوصل إليه في المختبر القومي في تدينجتون بالقرب من لندن عام
1955.


أقدم نظام للتقويم هو من وضع المصريين القدماء, وقد أقاموا سنتهم على أساس رصد
النجوم, وبخاصة طلوع نجم (الشعري اليمانية) ونجم الكلب مع الشمس, وكان هذا عندهم
علامة على حلول السنة الجديدة. وحددوا المدة بين هذين الطلوعين الشمسيين بأنها 365
يوما قسموها إلى اثني عشر شهرا كل منها ثلاثون يوما, وإضافة خمسة أيام زائدة هي
أيام النسيء في آخر السنة.


جاء اشتقاق كلمة (ثانية) من التقسيم (الثاني) للساعة بستين قسما. ويكون التقسيم
الأول إلى دقائق (أي أجزاء دقيقة), والتقسيم الثاني دقائق.


الفترة الزمنية اليوم والتي تعادل دورة واحدة للأرض حول نفسها ليست ثابتة, فقوى
الجذب بين الأرض والقمر تؤدي إلى ظاهرة (التقاصر القرني), وهو ما يؤدي إلى إبطاء
معدل دوران الأرض بشكل متناه في الدقة حتى أن الأرض يمكن أن (تخسر) يوما تقريبا كل
7500 سنة. وتمكننا الساعات الهيدروجينية الحديثة بسهولة من تصحيح هذا الخطأ.

إضاءات


سرعة الضوء حوالي 300 ألف كيلومتر في الثانية الواحدة, والضوء هو الشيء الوحيد في
الكون الذي يعتبر مقياسا أساسيا لا يختل للطول والزمن على السواء.


المتر يعرف بأنه المسافة التي يقطعها الضوء في 0.000000333564095 ثانية كما يقاس
بساعة سيزيوم, ويساوي التعريف التاريخي للمتر في حدود علامتين على قضيب بلاتيني
معين محفوظ في باريس.


تحكم النسبية العامة الكون على المقياس الكبير (الماكرو) وتحكم نظرية الكم الكون
على المقياس الصغير (الميكرو), وليس لدينا حتى الآن نظرية موحدة للاثنين.


الثقب الأسود هو حسب تعريفه لا يبث أي ضوء, وبالتالي لا يمكن إدراكه مباشرة, ولذلك
تعتبر نظرية (الثقب الأسود) واحدة من عدد صغير جدا من الحالات في تاريخ العلم, حيث
تنشأ إحدى النظريات بشكل تفصيلي وحسب نموذج رياضي قبل أن يكون هناك أي برهان من
المشاهدات على صحتها.


يكاد يكون مؤكدا أن عدد الثقوب السوداء في الكون كبير جدا, وربما يكون أعظم كثيرا
من عدد النجوم المرئية, والتي تصل إلى مائة ألف مليون في مجرتنا وحدها.


الحسابات تقول إنه لكي ينحني الزمكان ليكون شكل الكون الحالي فإنك لا تحتاج لأكثر
من ثلاث ذرات من الهيدروجين في كل متر مكعب من الفضاء.


أقصى حد زمني يمكن الرجوع إليه فيزيائيا بعد نشأة الكون في (الانفجار العظيم) هو
1-ثانية, أي واحد مقسوما على عشرة ملايين بليون بليون بليون بليون من الثانية,
ويسمى هذا الزمن حاجز بلانك ويمثل الحد الأقصى لمعارفنا في الزمن.


افترض العلماء في القرن التاسع عشر أن هناك وسطا يحمل موجات الضوء, سمي (الأثير),
ثم تبين لاحقا إثر تجربة ميكلسون مورلي أن هذا الافتراض لا ضرورة له.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى